وزير لمدراء عامين: معظمكم يعتبر نفسه زعيماً يستقبل ويودّع ويشرب الشاي



شن أمس د. فؤاد عيسى الجوني وزير الصناعة هجوماً عنيفاً على مديري المؤسسات والشركات العامة التابعة للوزارة في اجتماع اعتبره الجوني الأول من نوعه ضم جميع المديرين وذلك من أجل مناقشة المشكلات التي تعاني منها الشركات والمؤسسات الصناعية.



وقال: إن معظمكم يعمل بعقلية الثمانينيات، وكأنه يعيش بشكل منعزل عن التطورات الحاصلة في سورية وفي العالم، وخاصة في مجالات التسويق والصيانة والتعاون بين الشركات التي يكمل عمل بعضها البعض الآخر، والبعثات التدريبية والهدر والإنتاج بالأساليب الحديثة والعمالة الفائضة والشركات وخطوط الإنتاج المتوقفة.


أمثلة بسيطة :‏


وقدّم وزير الصناعة أمثلة قال عنها إنها غيض من فيض المشكلات التي تعاني منها شركات الصناعة نتيجة للعقلية الإدارية القديمة التي تعملون بها، لافتاً إلى أن أحد المديرين يطالب الحكومة بتسويق إنتاج عام كامل لشركته، ومدير آخر شركته ملأى بالخردوات التي تعوق العمل ولا يقوم ببيعها إلى معمل حديد حماة بحسب ما وجهنا به، وآخر مصرّ على استمرار العمل على خطوط إنتاج رغم أن الخطوط الأخرى المكملة لعملها متوقفة، وكذلك معمل خميرة حلب المصرّ على تغليف إنتاجه بطريقة سيئة تؤدي إلى تلف الإنتاج وإصابة مواد التغليف والنقل بالتلوث ما يؤدي إلى زيادة خسائر المعمل دون اتخاذ إجراءات منتظرين وزير الصناعة حتى يأتي ويتخذ القرارات. ‏


وأضاف الجوني: أنا متأكد بأن نسبة كبيرة من المديرين ليسوا على علم بالقرارات والتعليمات والتوجيهات التي صدرت من وزارة الصناعة لتحسين الأداء رغم أن الوزارة عممتها على الجميع، وكذلك طلبنا من الجميع التقنين والحد من الهدر في مدخلات الإنتاج من مواد أولية وطاقة حتى أن هناك شركات وخطوط إنتاج متوقفة عن العمل تزايد فيها استهلاك الكهرباء والوقود والمياه بشكل لا يمكن تبريره إلا بالاستهتار من قبل المديرين العامين. ‏


نحن في عام 2010!


وأضاف وزير الصناعة سنقوم بتزويدكم بتعليمات عليكم فهمها وتطبيقها وتذكروا أنكم في العام 2010، وطلب إليهم الحديث للاستماع إلى مطالبهم مشيراً إلى أننا نعمل على تحويل مؤسساتنا إلى مؤسسات قابضة لكن طريقة عملكم لا تصلح لإنجاح هذا الموضوع، فهناك بعض المديرين الذين يعمدون إلى ترئيس عمال فئة ثانية على عمال من الفئة الأولى لاعتبارات شخصية. ‏


قمنا بالطلب من شركاتنا للتسجيل في غرف الصناعة المنتشرة بالمحافظات للتواصل مع التطورات الصناعية في القطاع الخاص والاستفادة منها، لكن معظمكم لم يستجب فكيف ستطورون آلية عملكم دون معرفة الأمور التي تحصل في بلدكم والتطورات العالمية، والآن تقدم إلى الوزارة دراسات جدوى اقتصادية لمشروعات تصل تكاليفها إلى مئات الملايين وعندما ننظر إلى المشروعات المشابهة في القطاع الخاص نجد أن تكاليفها في القطاع العام أضعاف مضاعفة عنها في القطاع الخاص وتقدم إلينا على أنها رابحة؟! ‏

وقدّم الجوني أمثلة عن بعض دراسات الجدوى (الرابحة) مثل دراسة قدمت لتنفيذ أدوات الري بالتنقيط وبيّنت أنها مجدية وتكلفتها تتراوح بين 600 – 700 مليون ليرة في حين أن اتحاد الفلاحين ينفذ المشروع نفسه بتكلفة لا تتجاوز 250 مليوناً، وكذلك دراسة لإجراء تعديلات في اسمنت عدرا بينت الدراسة أنها تكلف 2.2 مليون يورو في حين أنها نفسها كلفت لدى القطاع الخاص 1.5 مليون دولار، وعندما قدمنا هذه الفروق إلى الجهات التي عرضت دراسات الجدوى الاقتصادية سحبت هذه المشروعات دون أي تعليق منها أو تفسير عن سبب اختلافات الكلف. ‏


وطلب الجوني من جميع المديرين الاستفادة من أجهزة الكمبيوتر وتوفر الإنترنت من أجل تطوير أداء مؤسساتهم وشركاتهم وليس من أجل التسلية والأمور التي لا تمت إلى عملهم بصلة وعليهم أن يهتموا باللغة الأجنبية حتى يتواصلوا مع التطورات العالمية. ‏


التسويق والإعلان :


ونوّه الجوني إلى أن الكثير من الشركات تعاني من مشكلة في موضوع التسويق لمنتجاتها رغم أن ذلك موضوع مهم حيث يتوجب معرفة إمكانية التسويق للمنتج قبل المباشرة به، فهناك منتجات عديدة في القطاع العام بمواصفات عالية وبأسعار تقل عن أسعار المنتجات المنافسة في القطاع الخاص لكن المستهلك السوري لا يعرفها، مع تأكيدنا أن بند التسويق والدعاية لا يستخدم لتقديم هدايا إلى المسؤولين والمقربين، وكذلك يجب ألا يتم في وسائل إعلام غير مقروءة، مؤكداً أن الوزارة ستدقق اعتباراً من بداية العام القادم في بند التسويق والإعلام وستحاسب المقصرين مع العلم أن الوزارة مستعدة لتقديم كامل التسهيلات في هذا المجال، كما أن لدى مؤسساتنا وشركاتنا مراكز بيع في أماكن جيدة لكنها غير معروفة للمستهلك السوري بسبب سوء الإدارة في هذه المراكز وعدم النظافة وغياب المسؤولين عنها بشكل مستمر، طالباً من الجميع الاهتمام بشكل ونظافة مراكز البيع والاهتمام بالزبون وكذلك تقديم إعلانات واضحة وجذابة تبين أسعار المنتجات، فالمواطن السوري مازال لديه ثقة بمنتجات القطاع العام، لكن طريقة إدارتكم تقلل من هذه الثقة عاماً بعد عام، لذلك فالمطلوب منكم زيادة ثقة المستهلك بمنتجاتنا والاهتمام بخدمات ما بعد البيع لأن لديكم الكوادر اللازمة لذلك، ولا مانع لدينا من أن يكون هامش الربح لديكم قليلاً إذا قمتم بالتسويق الجيد، واهتموا بتطوير منتجاتكم وأشكالها لأن بعض منتجاتنا تحافظ على شكلها منذ أكثر من عشرين عاماً. ‏


الصيانة والتدريب ‏ :


وبيّن الجوني أنه كلما قامت الشركة بشراء آلة أو خط إنتاج جديد فإنها ترسل مجموعة من الموظفين لمعرفة طبيعة الآلة وكيفية تركيبها وتشغيلها وصيانتها ونحن لسنا ضد هذا الموضوع، لكن معظم المرسلين يعتبرون أن ذلك من أجل السياحة وتحقيق المكاسب المادية، لذلك عندما يحصل أي عطل تراسلنا الشركات من أجل الاستعانة بخبير أجنبي، مع أننا أرسلنا أشخاصاً للتدرب في بلد المنشأ حتى يقوموا بهذا وحتى يدربوا غيرهم، كما أن معظم الشركات لا تحتفظ بالكاتلوكات مع أنها يجب أن تعتبر وثائق سرية يحتفظ بها وتستخدم عند الحاجة، لذلك يجب أن تهتموا بوجود فرق صيانة تحافظ على الآلات بشكل دائم. ‏


التجديد والتبديل ‏ :


وفي مجال تجديد وتبديل خطوط الإنتاج والآلات بيّن الجوني أن لدينا معامل قديمة تطلب استبدال آلاتها بشكل كامل وهذا أمر مستحيل وغير مجدٍ اقتصادياً، لذلك على مدير الشركة أن يعرف نقاط الضعف في خطوط إنتاجه وآلاته وأن يعمل على صيانتها أو استبدالها بشكل يحسّن الأداء، فمثلاً كابلات دمشق عمرها خمسون عاماً لكنها مازالت تنتج وتنافس وتربح لأن مديريها الذين تعاقبوا عليها جددوا خطوط إنتاجها وأقاموا لها الصيانة بشكل مستمر، كما أنه تتوافر شركات محلية تنتج آلات وخطوط إنتاج بمواصفات عالمية لكنكم مصرّون على استيرادها من الخارج فلماذا؟!. ‏


الهدر والعمالة الفائضة ‏:


وطالب الجوني الجميع بالانتباه إلى موضوع الهدر في مدخلات الإنتاج فهناك شركات لديها مخازين لقطع غيار هائلة لآلات تم تنسيقها، كما أن البعض منها يستقدم مواد أولية بشكل كبير ما يزيد من التكاليف علينا في مجال التخزين، علماً أنه يمكنها التعاقد مع موردين لتوريد المواد الأولية على مدار العام، كما يتوجب عليكم الأخذ بآراء عمالكم المتواجدين على خطوط الإنتاج لأنهم يمكن أن يعرفوا أموراً أكثر منكم في مجال الإنتاج، ويتوجب عليكم وضع بطاقات إنتاج وأن تعرفوا نسب الهدر لديكم وأنا أشك بأن أحدكم يعلم ما هي نسبة الهدر في معمله، وأن معظمكم يعتبر نفسه (زعيماً) يستقبل ويودّع ويشرب الشاي والقهوة دون عمل، وهذه ليست الإدارة. ‏

وبيّن الجوني أن الجميع مطالبون بالقيام بأبحاث علمية تطبيقية وأن أي عمل من هذا النوع يزيد من الإنتاجية ويحسن نوعيتها سيكافئ ويدعم، مشيراً إلى أن جميع الشركات تتحدث عن موضوع العمالة الفائضة وعندما تقدمنا لهم بطلب تحديد هذه العمالة لم يردنا أي جواب، مع أن بعض المديرين يطلبون عمالاً لنقصهم على الخطوط الإنتاجية وهذا بسبب تحويل الكثير منهم إلى العمل الإداري، لذلك سنقوم بجولات تفتيشية حتى نتأكد من أن العمال يعملون على خطوط الإنتاج وليسوا إداريين أو يأخذون رواتبهم دون عمل أو دوام، كما أن الكثير منكم يراسلوننا لأخذ رأي الوزارة في موضوعات تقع ضمن صلاحياتهم حتى يزيحوا المسؤولية عن أنفسهم، وبالتالي فنحن لسنا بحاجة إلى من لا يتحمل المسؤولية. ‏

وأكد الجوني أن الشركات المتوقفة عن الإنتاج لن تستمر على وضعها ويتوجب على مديريها تقديم اقتراحات حتى يشغلوا آلاتهم وعمالهم كل ثلاثة أشهر وإلا سيتم تغييرهم. ‏


جريدة تشرين