كن مـع الله تـرى الله معـك
من ديوان الحقائق ومجموع الرقائق للشيخ عبد الغني النابلسي



كن مـع الله تـرى الله معـك واترك الكـل وحـاذر طمعـك
والزم القنـع بمـا أنـت لـه في جميع الكون حتـى يسعـك
بالصفا عن كدر الحـس فغـب واطرح الأغيار واترك خدعـك
لا تموّه بك واطلب منـك مـا فرّ من يـوم بشـأن ضيعـك
نورك الله بـه فكـن مشرقـا واحذر الاضداد تطفي شمعـك
ثم ضـع نفسـك بالـذل لـه قبل أن النفس قهـرا تضعـك
واعبد الله بكشـف واصطبـر وعلى الكشف توقـى جزعـك
لا تقـل لـم يفـتـح الله ولا تطلب الفتـح وحـرّر ورعـك
كيفما شـاء فكـن فـي يـده لـك ان فـرّق أو ان جمعـك
في الورى ان شاء خفضا ذقته واذا شـاء عليـهـم رفـعـك
واذا ضـرك لا نـافـع مــن دونـه والضـرّ لا ان نفـعـك
واذا اعطـاك مــن يمنـعـه ثم مـن يعطـي اذا مامنعـك
لـيـس يوقـيـك أذاه أحــد وان استنصـرت فيـه شيعـك
انمـا أنـت لـه عبـد فكـن جاعلا في القرب منـه ولعـك
فز بوصـل ان تـراه واصـلا واقبـل القطـع اذا ماقطـعـك
كلمـا نابـك أمـر فثـق بـه واحترز للغير تشكـو وجعـك
لا تؤمـل مـن سـواه أمـلا انما يقيـك مـن قـد زرعـك
ليت لو تشعر ماذا كنـت مـن قبل مامولى الموالي اخترعـك
كنت لا شيء وأصبحـت بـه خير شيء بشـرا قـد طبعـك
تابعـا كـن دائمـا أنـت ولا تتمنـى أنـه لــو تبـعـك
لمتى تبني كنيسـات الهـوى كسر الصلبان واهجـر بيعـك
ودع التدبير فـي الامـر لـه واصنع المعروف مع من صنعك
واحتفظ حرمة مـن يبصـر ان رمت فعلا أو تنـادى سمعـك
وهـو الله الـذي جـلّ فـي عقل خف من عـدم مبتدعـك
كن به معتصمـا واسلـم لـه لا تعاند فيـه واهجـر بدعـك
هـذه ملـة طـه خـذ بـهـ لا تطع عنهـا قصـورا دفعـك