إعلانات


في عام 1944 قامت الحكومة السورية الوطنية بتكليف المربي الكبير الأستاذ " ساطع الحصري" للعمل كمستشار لصياغة النظام التربوي والتعليمي في البلاد احدث تقريره المنشور في مجلة " الحديث " الحلبية عن إصلاح التعليم في سوريا أكبر الأثر في الدوائر الثقافية وبيئات التعليم .. .

أساتذة مدرسة المأمون بحلب في الاربعينات من القرن الماضي
جاء في التقرير :
مركزية التعاملات الادارية
إن البطء والتعقيد يهيمنان في معاملات دوائر المعارف بالرغم عن وفرة الموظفين فيها ، وأسباب ذلك تعود إلى اشتغال الرؤساء بإمور تافهة ، وإلى مركزية مفرطة وإلى عدم توزيع الأعمال بانتظام .
مثال ذلك تعيين خادم مكان سلف له في مدرسة ، فإنه يحتاج إلى إنهاء مدير المدرسة وموافقة المفتش فموافقة المحافظ ، فالوزراء فوزارة المالية ، فديوان المحاسبات فالنشر في الجريدة الرسمية .

أساتذة و طلاب المكتب السلطاني ( مدرسة المأمون لاحقا ) مطلع القرن العشرين
بطء و روتين المعاملات في وزارة المعارف
إن هيمنة ديوان المحاسبات على تعيينات وتنقلات موظفي الدولة هيمنة شلت الأمور وعقدت المصالح إلى درجة أن الموظف أحياناً لا يصله راتبه إلا بعد مباشرته بشهور أي إلى أن ينتهي أمر تدقيق تعينه من ديوان المحاسبات وينشر في الجريدة الرسمية أسلوب مضر جداً ؛ فما علاقة دفع استحقاق الموظف عن عمل قام به بتدقيق شروط تعينه وموافقتها للقوانين من قبل ديوان المحاسبات .
ولكن لا يسوغ أبداً تأخير استحقاقه عنه يوماً واحداً .
إن هذه الأساليب جعلت سلطة الرؤساء اسمية تقليدية غير حقيقية .
كما أنها تسبب اعتياد الموظفين على التراخي والإهمال والتطويل والتسويف في المعاملات فيرون في عملهم هذا حالة طبيعية وليس ذنباً يلامون عليه إن هذه الأساليب والأحوال تشابه ما كان عليه الحال في دور السلطان عبد الحميد قبل خمسين عاماً .
تحديد الملاك ( عدد الموظفين )
بما أن التفتيش لم يؤسس في المعارف على أسس متينة فإن معلومات الوزارة عن أعمال الأساتذة والمعلمين وعن مقدرتهم وميزاتهم انحصرت فيما يصل إلى علم الرؤساء بطريق الصدفة أو الظن والتخمين ، لهذا كان الواجب يقضي بأن يركن في التصنيف إلى التفتيش من قبل مفتشين قديرين .
إن نقل أستاذ اختصاصي بدرس أو فن من الفنون إلى وظيفة إدارية لهو خسارة عظمى للمعارف وغلطة كبرى يجب أن لا تقع فيها المعارف ، فيجب إبقاء الأستاذ أستاذا وترفيعه في الراتب كالمديرين ورجال الوظائف الإدارية .
لا وجود لدائرة تطوير المناهج
ليس في الوزارة دائرة علمية تشتغل بالكتب والمناهج والبرامج فجب تشكيلها لشدة الحاجة إليها.

اساتذة و طلاب مدرسة " شمس المعارف " بحلب في العشرينات من القرن الماضي
دائرة الاحصاء بياناتها غير واقعية
إن أمور الإحصاء في دائرة الإحصاء مهملة جداً يجب تنظيمها .
طرق التعليم منسوخة عن الطريقة الفرنسية مع عيوبها
على الهيئة العلمية المبحوث عنها أعلاه أن تكون من ذوي ثقافات مختلفة لا أن تنحصر في فئة معينة حيث أن وجهة المعارف فيما مضى كانت متجهة لجهة واحدة هي الطريقة اللاتينية .
وأن معظم المثقفين تخرجوا من المعاهد الفرنسية ، فأصبحت الثقافة محتكرة لم تفسح مجالاً لتكوين نظام تعليمي وتثقيفي خاص بالبلاد ، بل سارت سياسة المعارف العامة على أساس تقليد النظم الفرنسية تقليد أعمى ، أنا لا أنكر مزايا الثقافة الفرنسية ، ولكن يوجد في نظمها نقائص أيضاً يشتكي منها الفرنسيون أنفسهم .
إن نظم المعارف في مملكة ما إنما تؤسس على تقاليد اجتماعية ملية ، تاريخية ، تلاءم تلك المملكة ، فتطبيقها عيناً في مملكة أخرى ربما أضر بصالح تلك المملكة ، فيجب الاستفادة من كل نظام يتلاءم مع مصلحة بلادنا ، فيؤخذ من نظام التعليم الفرنسي ، والانكليزي ، والأمريكاني والتركي وسواهم ما يفيد امتنا ويتلاءم مع أوضاعها .
واقع التفتيش التعليمي
لا يوجد في الوزارة دائرة خاصة لتنظيم أعمال المفتشين ولتوجيهها ؛ ولتدقيق تقاريرهم وتتبع التدابير المتخذة بشأن تلك التقارير .
إن التفتيش مهمل وخاصة في مدارس القرى . إن المدارس التجهيزية لم تفتش إلا في المناسبات، أو على أثر حادثات ، وذلك في كل بضع سنين مرة .
فيجب إصلاح التفتيش الموجود ، وإحداث تفتيش التجاهيز المفقود ، وذلك بتعيين مفتشين اختصاصيين لكل نوع من الدروس التي تدرس في المدارس الثانوية . يجب تعيين مفتش للرياضة ومفتش للرسم وللموسيقى أيضاً .
يجب وضع نظام للتفتيش وجعل دائرة تفتيش يرأسها رئيس مفتشين توجه أعمال المفتشين وتوضع لهم الخطط والأساليب المفيدة في مهمتهم .
ولزوم اتخاذ القاعدة الآتية أساس لذلك وهي :
" كل مفتش معلم صالح وليس كل معلم صالح مفتشاً "
ولزوم إجراء فحوص علمية وعملية لمنح شهادة التفتيش لراغبين في سلك التفتيش .
إن لائحة التفتيش الحالية ليست كافية ولا وافية بالمرام ، فيجب تحويرها وتعديلها لأنها لا تساعد على تكوين فكرة عن حالة المدرسة بهيئتها المجموعة ، بل هي تبحث عن كل معلم على حدة ، فهي ناقصة من هذه الناحية .
وكذلك فهي تخلط حاجة المدرسة من تعمير وترميم ولوازم مع اقتراحات متعلقة بالتدريس وبالمعلمين ، في حين أن كلا من هذه الأمور تعود لمراجع غير مراجع الأخرى ولجهة غير جهة الثانية .
فيجب أن يخصص لكل مدرسة ثلاثة أنواع من التقارير : تقرير عام عن المدرسة ، وتقرير عن المدير والإدارة ، وتقرير شخصي عن كل معلم على حدة .

طلاب مدرسة الصنائع النسائية بحلب لصاحبتها السيدة فائقة المدرس في عشرينات القرن الماضي
معالجة اسباب الرسوب في الفحوص العامة معالجة فعلية
إن كثرة الراسبين في الفحوص العامة لما يلفت الأنظار ويحير الأفكار .
فيجب التمحيص عن أسباب الكثرة في الرسوب هل هي من نقص في التدريس أو من اختلاف فيه عن المناهج ، أم من صعوبة الأسئلة .
تحديد الأهداف المرجوة من التعليم في المدارس والغاية منها
لم تبحث أنظمة المعارف عن الأهداف والغايات المتوخاة من المدارس الابتدائية ، إنما في الأنظمة الموضوعة سنة 935 أشير إلى أن الغاية من المدارس الابتدائية هي الحصول على الشهادة هو الهدف الأصلي من الدراسة والتحصيل .
ولا شك أن هذا خطأ عظيم وخطل كبير ، غير أن اللجان التي تشكلت سنة 937 في عهد الحكم الوطني الأول أدركت أن للتعليم والتحصيل غاية أسمى من ذلك وأعلى ، فذكرت هذه الغاية خلال تفصيل بعض المواد في البرامج والمناهج .
نقائص المناهج الدراسية
إن تخصيص 55 دقيقة لكل درس هي مدة طويلة يجب تقصيرها إلى 45 دقيقة.
ثم إن مواد وأبحاث كل درس في هذه المدارس كثيرة بالنسبة للساعات المخصصة ، مع ضرورة تكثير ساعات التاريخ والأخلاق والرياضة والأشغال والرسم .
أما اللغة الأجنبية فيجب تقويتها في المدارس الثانوية، وذلك لتقوية الثقافة .
ويمكن تأسيس دروس ليلية لتعليم اللغة المذكورة لمن سوف لا يدرس في المدارس الثانوية .

يتبع