قيل لُقس بن ســاعـدة: ما أفضلالمَعرِفة ؟ قال معرفة الرجل نفْســه ؛ قـِيل له : فـمـا أَفضـلُ العِـلْم ؟ قال : وقوف المرء عـند عـِلْـمه ؛ قِيل له: فما أفضلُ المروءة ؟ قال: استبقاءُ الرجل ماءوجهه.
وقال الـحســن: الـتـقـْدِيـر نِـصــف الكـَســب ، والـتـؤدة نِـصـفالـعـقـل ، و حسن طـَلـب الحاجة نِصف العـِلْـم .
وقالوا: لا عقـلَ كالتدبير ،ولا ورع كالكف ، ولا حسب كحسن ا لخلق ، ولا غِنى كرِضا عن اللّه ، و أَحق ما صبرعليه ما ليس إلى تغييره سبيل.
وقالوا: أفـضــل البر الرحمة ، ورأْس المودةالاسترســا ل ، ورأس العـقـوق مكاتمة الأَدنين ، ورأْس العـقـْل الإصابةبالظن.
وقالوا: التفكًر نور ، والغفلة ُ ظلْمة ، و الجهالة ضـلالة ، والعِلمحـيـاة ، و الأول سابق ، والآخِر لاحِق ، والسعِيد من وعِظ بـغـيـره.
حدث أبوحاتم قالِ: حدثني أبو عبيدة قال: حدثني غير واحد من هـوازِنَ من أولي العِلم ، وبعضهم قد أدرك أبوه الجاهلية "أو جده"، قالوا: اجتمع عامر بن الظرِب العـدواني ، وحممة بن رافعِ الدوسي - ويزعـم النـسـاب أنّ ليلى بنت الظَّرب ُأم دوس ، وزينب بنتالظرب ُأم ثقيف "وهو قَيـسـي " – عند مـلـك من ملوك حِمـيـر ، فقال : تـسـاءَ لاحتى أَسـمع ما تقولان. فقال عامر ُ لحممة: أين تحِب أن تكون أياديك ؟ قال: عند ذيالرثْية العـدِيـم ، وعند ذي الخلّة الكَريم ، واُلمعسِر الغريم ، و اُلمستضعفالهضِيم. قال: مـن أحق الناس بالمقْـت ؟ قال: الفَقِير اُلمختال ، والضعيف الصوال ،و العـيي القوال ، قال : فمـن أَحق الناس بالمنع ؟ قال: الحَرِيص الكاند ،واُلمستميد الحاسد ، واُلملْحِف الواجِد. قال: فمن أجد ر الناس بالصـنـيعة ؟ قال: من إذا أعطى شــكر ، وإذا منِع عـذر ، وإذا مـطِـل صـبـر، وإذا قـدم العـهـد ذكَر . قال: من أكرم الناس عِـشـــرة ؟ قال: من إذا قَـرب مـنـح ، "وإذا بـعـد مدح" ، وإذاُ ظلم صـفَـح، وإذا ضويق سمح .
قال: مـن ألأم الناس؟ قال: من إذَا سأل خضع، وإذاسئل مـنع، وإذا مـلـك كَـنـع، ظاهِره جـشـع ، و باطنه طَبع. قال: فمن أحـلـم الناس؟قال: من عـفـا إذا قَدر ، وأجملَ إذا انتصر ، ولم تطْغِه عِزة الظَّفر. قال: فمنأحزم الناس ؟ قال: مـن لا أَخذ رقاب الأمور بيديه ، و جـعـل العواقب نصب عـيـنـيـه، ونـبـذ التهيب دبـر ُأذنيه. قال: فمن أَخر ق الناس ؟ قال: من ركِب الْخِطا ر ،واعتـسـف العِـثَار ، و أَسرع في البِدار قبلَ الاقتِدار. قال: من أَجود الناس؟قال: من بذل المجـهـود ، ولم يأس على المعهود. قال: من أَبلغ الناس ؟ قال: منجـلَّى المعنى المزِيز بالّلفظ الوجيز، وطَبـق المفْصل قبل التحزيز. قال: من أنعمالناس عـيـشـاً؟
قال : من تحلَّى بالعفاف، ورضي بالكَفاف ، و تجاوز ما يخاف إلىما لا يخاف. قال: فمن أشقى الناس ؟ قال: من حسد على النعم ، وسخِط على القِسم ،واستشعر الندم ، على فوت ما لم يحتم. قال: من أغنى الناس ؟ قال: من آســتـشـعـرالياس ، وأظْهر التـجـمـل للناس ، واستكثر قليلَ النـعـم ، ولم ِ يـســـخـط علىالقِسم. قال: فمن أحكم الناس ؟ قال: من صـمـت فادكر ، ونـظـر فاعتبر ، و وعِـظفازدجـر. قال: من أَجهل الناس ؟ قال: من رأى ا لخرق مغـنـما ، والتجاوز مغـرما .
وقال أبو عبيدة: الخَلة: الحاجة، وا ُ لخلَّة : الصداقة . والكاند : الذييـكفر النـعـمـة ، والكنود: الكفـور، واُلـمـسـتمِيد: مثل اُلـمـسـتـمـِيـر، وهواُلمستعطِي . ومنه اشتقاق المائدة. لأنهـا تـمـاد. وكـَنـع: تـقَـبـض ؟ يقال منه : تـكـَنـع جـِلْـده ، إذا تقَبض. يريد أنه مـمـسك بخـيـل. والجَـشــع: أسوأ الحِرص. والطَّبع" الدنس .
والاعتساف: ركوب الطريق على غير هِداية ، وركو ب الأمر علىغير مـعـرفة. والمَزيز: من قولهم: هذا أمز من هذا ، أي أفضل منه وأزيد. واُلمـطـبـقمن السيوف: الذي يصيب المفاصل لا يجاوزها.
وقال عمرو بن العاص: ثلا ٌ ث لا أناةفيهن: اُلمبادرة بالعمل الصالح ، ودفْن الميت ، وتزويج الـكـفء.
وقالوا: ثلاثةلا يندم على ما سلف إليهم: الله عز و جلّ فيما عمل له ، والمَولى الشـكور فيما ُأسـدى إليه ، والأر ض الكَريمة فيما بذر فيها.
وقالوا : ثلاثة لا بقاء لها: ظِلُّ الغـمـام ، و صـحـبـة الأشرار ، والـثـًنـاء الـكـاذب .
وقالوا: ثلاثة لاتكون إلاّ في ثلاثة: الـغـِنـى في النـفـس ، والـشــرف في الـتـواضع ، والكرم فيالتـقـوى .
وقالوا ثلاثة لا تـعـرف إلا عند ثلاثة ذو الـبـأس لا يعرف إلاّ عنداللقاء ، وذو الأمانة لا يعرف إلا عند الأخذ و العطاء ، والإخوان لا يعرفون إلا عندالنوائب .
وقالوا: مـن طلب ثلاثة لم يـسـلـم من ثلاثة: مـن طلب المالَ بالكيمياءلم يسلم من الإفلاس ، ومـن طلب الدين بالفَلْسفة لم يـسـلـم من الزندقة ، ومـن طلبالفِقه بغرائب الحديث لم يـسـلـم من الكَذِب.
وقالوا: عليكم بثلاث: جالِسواالكبراء ، و خالطوا الحكماء ، وسائلوا الـعـلـمـاء.
وقال عـمــر بن الخطّابرضوان الله عليه: أخو ف ما أخاف عليكم شح مطاع ، وهوى مـتـبع ، وإعجاب المرء بنفسه .
واجتمعت علماء الـعــرب والعجم على أربع كلمات: لا تحمل على ظـَنـك ما لاتطيق، ولا تعـمـل عملاً لا ينـفـعـك ، ولا تـغـتـر بامرأة ، ولا تـثـِق بمال و إنكـثـر .
وقال الرياحـي فيِ خطبته باْلـمـِربـد: يا بني رِياح ، لا تحـقِـرواصـغـيـراً تأخذون عنه ، فإني أخذ ت من الثعلب روغانه ، و من القِرد حِكايته ، و منالـسـنـور ضـرعـه ، ومن الكلب نصرته ، و من ابن آوى حذَره ؛ و لقد تعلَمت من القَمرســيـر اللَّيل ، و من الشـمـس ظهور الحيِن بعـد الحين.
وقالوا: ابـن آدم هوالعالَم الكَبير الذي جـمع الله فيه العالَم كلّه ، فكان فيه بـسـالـة اللَّيث ،وصبر الْحِمار ، وحِرص الخترير ، وحـذَر الغــراب ، و روغان الثّعلب ، وضـرعالســنـور ، و حِكاية القِرد ، و جـبـن الصــفـْرِد.
ولما قَـتـل كِسري بزرجمهروجد في مِنـطـقـتـِهِ مكْتوباً: إذا كان الغدر في الناس طِباعاً فالثقة بالناس عجز،وإذا كان القَدر حقَّاً فالْحِرص باطل ، وإذا كان المَوت راصداً فالطمأنينةحمق.
وقال أبو عمرو بن العلاء: خذ الخَير من أَهـلـه ، ودع الشر لأهله.
وقالعـمـر بن الخطاب رضي الله عـنـه: لا تـنـهـكوا وجـه الأرض فإن شـحـمـتها فيوجـهـها.
وقال: بِع الحـَيـوان أحسن ما يكون في عـيـنـك .
وقال: فَرقوا بينالمَنايا ، واجعلوا من الرأس رأسين ، ولا تـلـبـثـوا بـِدرا مـعـجـزة.
وقالوا: إذا قَدمت اُلمصيبة ترِكت التعزية ، وإذا قَـدم الإخاء سمج الثَّناء.
وفي كتابللهند: ينبغي للعاقل أن يدع التماس ما لا سبِيل إليه ، لئلاّ يعد جاهلاً ، كرجلأراد أن يجري السفن في البر والعـجـلَ في البـحـر ، وذلك ما لا سـبـيـلَ إليه .
وقالوا: إحسان اُلمسيء أن يكف عنك أذاه ، وإساءُة اُلمحسن أن يمنعكجدواه.
وقال الحسن البصري: اقدعـوا هذه النفوس فإنها ُ طلعة ، وحادِثوهابالذِّكر فإنها سريعة الدثور ، فإنكم إلاّ تقْدعوها تترع بكم إلى شر غاية.
يقول: حادثوها بالحكمة كما يحادث السيف بالصقال ، فإنها سريعة الدثور يريد الصدأ الذييعرض للسيف ؛ واقدعوها: من قدعت أنف الجمل ، إذا دفعته فإنها ُ طلَعة ، يريدمتطلّعة إلى الأشياء.
قال أردشير بن بابك: إن للآذان مجة ، وللقلوب ملَلا ،ففَرقوا بين الحكمتين يكن ذلك اسـتـِجـمـامـاً