وصف الأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، يوم الجمعة، اللحظة التي تعيشها مصر بتنحي الرئيس مبارك عن الحكم بـ "التاريخية"، وذلك نتيجة "الثورة البيضاء"، في وقت لم يوضح محمد البرادعي قراره عما إذا كان ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وذلك في أحدث ردود الأفعال على إعلان نبأ تنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن السلطة.

وذكرت تقارير إعلامية متطابقة أن موسى أوضح أن اللحظة التي تمر بها مصر تعتبر لحظة تاريخية، وربما الدائرة أوسع من ذلك بكثير، على حد تعبيره، مضيفا أنه يتطلع للمستقبل، و"بناء توافق رأي عن مصر المستقبل، حيث فتحت نوافذ كثيرة وفرص واسعة أمام الشعب المصري بعد هذه الثورة البيضاء".
ولفت موسى إلى أنه "أمامنا وقت قصير لبناء توافق وطني للرأي في الإجراءات القادمة حتى نسي نحو بناء هذا البلد بناءا جديدا"، معبرا عن تقديره بثورة "شباب مصر، التي لم يكن لها قائد ولا زعيم بل أهداف أجمع عليها كل من كان في الشارع والميدان والبيوت".
في سياق متصل، أشار البرادعي إلى أن هذا اليوم يعد أعظم يوم في حياته، حين أعلن نائب الرئيس المصري عمر سليمان تنحي الرئيس مبارك وتسليمه السلطة للجيش، مضيفا "أتطلع لفترة انتقالية تشهد تقاسم السلطة بين الجيش والشعب".
ونقلت وكالة الأنباء البريطانية (رويترز) عن البرادعي قوله "انتظرنا هذا اليوم لعقود، ونتطلع جميعا للعمل مع الجيش للاعداد لانتخابات حرة ونزيهة"، إلا أنه قال في رد على سؤال عما إذا كان سيترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة ،قال البرادعي المسألة ليست في ذهني وعشت ما يكفي وأنا سعيد بأن أرى مصر حرة.
وكان نائب الرئيس المصري عمر سليمان أعلن في وقت سابق يوم الجمعة تنحي مبارك عن السلطة في مصر، وتوكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإدارة شؤون البلاد، في بيان مقتضب، بث على التلفزيون المصري، وذلك استجابة لضغط الاحتجاجات الشعبية العارمة، التي تواصلت في مصر لليوم الثامن عشر على التوالي.
وقبل إعلان تخلي مبارك عن السلطة، تظاهر مئات آلاف المصريين في مدن الإسكندرية والسويس والمنصورة والعريش وأسيوط والمحلة وطنطا ودمنهور ودمياط والزقازيق وبورسعيد وكفر الشيخ وبني سويف وسوهاج وقنا وغير ذلك، للمطالبة مجددا برحيل مبارك، رافضين الاكتفاء بتفويضه صلاحياته إلى نائبه عمر سليمان وتعهدات الجيش بـ "ضمان" تنفيذ الإصلاحات السياسية التي وعد بها الرئيس المصري.
وشهد ميدان التحرير بالقاهرة والمحافظات المصرية مظاهرات مليونية مطالبة برحيل مبارك وسط استمرار تدفق مئات آلاف المتظاهرين إلى عموم المدن المصرية، لليوم الثامن عشر على التوالي، في إطار ما سموه "جمعة التحدي".
كما أصدر المجلس العسكري الأعلى المكلف بإدارة شؤون البلاد، بعد تنحي مبارك، البيان رقم 3، والذي قال فيه إنه "ليس بديلا عن الشرعية التي يرتضيها الشعب المصري"، مضيفا أن "المجلس يتدارس إجراءات تحقيق آمال الشعب"، ووجه "تحية شكر إلى الرئيس السابق حسني مبارك لموقفه الوطني في الحرب والسلم"، على حد تعبيره، موضحا أنه "سيصدر بيانات يحدد فيها الخطوات المقبلة".
وجاء تنحي مبارك استجابة للضغوط الشعبية العارمة، والتي خرجت للجمعة الثالثة على التوالي، رافضة الخطاب الذي ألقاه أمس، والمتضمن التزامه بتعهداته حتى الانتخابات الرئاسية القادمة في أيلول، مطالبة بتخليه الفوري عن السلطة.
وقالت وسائل إعلام متعددة إن "الاحتفالات تعم مصر، وخاصة ميدان التحرير في العاصمة المصرية القاهرة، بعد إعلان سقوط نظام حسني مبارك".
وشهدت شوارع المدن المصرية منذ 25 كانون الثاني الماضي احتجاجات شعبية استجابة لدعوات أطلقتها حركة 6 أبريل للتظاهر للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، على خلفية ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وسوء الأوضاع المعيشية في مصر،
وأدت المظاهرات، في الأيام العشرة الأولى منها، إلى مقتل أكثر من 300 شخص وجرح الآلاف، وفقا للأمم المتحدة، وذلك في اشتباكات مع قوى الأمن، التي حاولت قمعها بالقوة، قبل أن يتدخل الجيش لبسط الأمن والسيطرة على البلاد، لتتخذ التظاهرات بعد ذلك طابعا سلميا إلى حد كبير.
يشار إلى أن الإطاحة بالرئيس حسني مبارك جاءت لتنهي نحو 30 عاما من حكمه لمصر، حيث تولى المنصب في عام 1981، إثر اغتيال الرئيس السابق أنور السادات، بعدما كان يشغل منصب نائبه.