لازالت صورة ذلك الرجل التونسي التي تكرر عرضها في قناة الجزيرة وهو يمسح على رأسه الذي اشتعل شيباً وهو ينادي لقد هرمنا....

هكذا مرت السنوات، منذ وعد بلفور وبداية دخول هذا الجسم الغريب إلى جسد الأمة العربية ونحن نحلم بذلك اليوم الذي سنتمكن فيه من طرد الغزاة الصهاينة وتحرير أرضنا المقدسة.

مع إشراقة كل يوم كان يولد أمل جديد، ليأتي المساء فيضيع ذلك الأمل، ثم ليأتي الليل فنجلس ونتفكر كيف استنزفت خيرات أمتنا وطاقاتها !!، كيف هدر وقتها وضاع شبابها!.

كان المفكرون يمضون الكثير من الأوقات في التحليل والاستفسار عن أسباب نهوض جميع الأمم في الوقت الذي لازلنا فيه نحن نتهاوى.

شاء القدر أن نحصل في عام 2011 على إجابات على تساؤلاتنا ؟ لماذا لم نحرر فلسطين؟ لماذا نحن متفرقون ؟ لماذا نحن متخلفون ؟ ولماذا ولماذا ؟؟

ليأتينا الجواب عندما رأينا كيف يتعامل هؤلاء الحكام مع إرادة شعوبهم، فقد أصابتنا الدهشة من تعامل نظام زين الدين بن علي مع شعبه ثم شعرنا بالكارثة بعدما رأينا كيف تعامل نظام حسني مبارك مع شعبه واليوم نحن نعيش بفاجعة عندما نشاهد كيف يستقدم القذافي جنود المرتزقة ليبيد شعبه ويدمر بلده.

لقدر رأينا كيف تعامل هؤلاء السفلة مع مطالب شعوبهم ولو عدنا إلى المطلب الأول وربما الأوحد للشعب العربي والذي هو تحرير فلسطين لفهمنا اليوم لماذا لم نحرر فلسطين حتى الآن.

يا لأسفي على دماء شبابنا، يا لحزني كيف خابت آمال الأمهات اللواتي قدمن فلذة أكبادهن من أجل نصرة قضيتنا وتحرير مقدساتنا....

أذكر عندما قررت قوات التحالف تتزعمها القوات الأمريكية غزو العراق، رفعنا أكفنا مبتهلين إلى الله بالدعاء لنصرة أهلنا في العراق، وعندما حصلت المفاجأة وسقطت بغداد "خيانة" بشكل مذهل، سقطت معها أكفنا المرفوعة فكتبت قصيدة بعنوان هل توقفتم عن الدعاء، سأنسخ بعضاً منها هنا:

ماذا سنقول لأجيال تأتي؟ كيف سنغسل عار الزعماء ؟

أهم زعماء حقا ؟؟ أم الذي قد حل بنا ذلك البلاء؟

وأي مستقبل نرجوا؟ وكيف سننظر في أعين البسطاء؟

كيف هدرت طاقاتهم وكيف صار بينهم وبين السرور جفاء !!

لايدرون خيانة أم غدرا ولايعرفون من أين البلاء جاء !!

بآمال كبيرة أيدوا وصفقوا إلى أن صاروا هم البؤساء

لم يدركوا أن هناك من يحضّر لأبنائهم الشقاء

فذاك حسبوه خالدا وهذا صلاح الدين وتلك هي الغرة الشيماء

رأوهم في قممهم كيف يلتقطون الصور شامخين أجلاء

استبشروا خيرا وتسابقوا يتابعون نشرات الأنباء

لا خبراً سعيداً ، ضاعت الآمال فباشروا بهم استهزاء

لا عملاً مفيداً ، كلام معسول، هكذا النبأ من المصدر جاء

متى يفيقون من غفوتهم ويتفلـّتون من سحرها عزيزتهم الفاتنة الشقراء

متى سيتعلمون أين ومتى تطيّر الحمامة البيضاء

ضعفت الهمة وتقاعس جميعنا دونما استثناء

حتى من الدعاء يئسوا وظنوا أنها خابت كل أساليب الرجاء

لم يعد الحلم بغد أفضل متاح ولا أمل في العيش بهناء

لم تعد أحلامنا تجرؤ أن تزهر ونحن نرويها بمالح الماء