هذه نهاية من يلجأ للــ : اليمين الكاذب .. و أكل مال اليتامى !!







رغم حالته المادية الجيدة إلا أنه لم يستطع التخلي عن حبه الشديد للمال واللهاث وراء جمعه والتلذذ به دون أن ينفق منه حتى على ابنه

الوحيد الذي تخرج مهندساً وسافر للعمل في إحدى الدول العربية الخليجية.



ابتسمت الأيام لسعيد في الدولة الخليجية التي عمل فيها بعد الحرمان الذي عاناه بسبب بخل والده , فقد نجح بعمله وتزوج ابنة أحد المواطنين المقيمين في تلك الدولة ورزق منها بأطفال , وبعد سنوات من الغياب عن الوطن عاد بزيارة لبلده سوريا ومعه مال لابأس به ومعه زوجته


وأطفاله الثلاثة , ونزلوا ضيوفاً على والده الذي أبدى حفاوة بأحفاده وزوجة ابنه وأحسن وفادتهم وإكرامهم وسط استغراب ابنه الذي يعرف مرض البخل الذي يعاني منه والده .‏





اشترى سعيد بما جاء به من مال بعض العقارات لأنه لابد أن يعود للوطن ذات يوم , وصار ينفق على أسرته ووالده بسخاء خلال فترة إقامتهم في بيت والدهم , وخلال أيام الهناء هذه التي طالما افتقدها سعيد من والده اختلى والد سعيد بابنه مراراً في سهرات ليلية وأقنعه أن يوكله على العقارات التي اشتراها ليرعاها في غيابه .‏





تردد سعيد في البدء , فهو يعرف جشع والده , لكن والده استطاع إقناعه بأن يفعل خصوصاً وأنه – أي والد سعيد – يملك ما يكفي من المال ووريثه هو ابنه الوحيد , وهكذا كان سعيد مع والده ذات صباح في دائرة التوكيلات حيث أجرى سعيد لوالده وكالة مطلقة يحق له التصرف بموجبها بأملاكه تصرفاً مطلقاً , وسافر سعيد مع أسرته إلى مكان عمله بعد أيام .‏




بعد سفر سعيد مباشرة لم يستطع والده مقاومة مرض الجشع الذي يلازمه , فاستعمل الوكالة التي بحوزته وباع لنفسه العقارات التي اشتراها ابنه الذي تشاء الأقدار أن يموت بحادث سيارة بعد أيام من سفره لمكان عمله .‏




عادت زوجة سعيد مع أطفالها الثلاثة الصغار للوطن حاملة آلامها وقصدت والد زوجها ليجري لها عملية توريث أملاك زوجها لها ولأطفالها لتستطيع الإنفاق عليهم وتربيتهم من إيراداتها لكن الجشع الذي برز غولاً لا إنسانية فيه هذه المرة برز في نبرة والد سعيد ليصرخ :

- أية عقارات ؟! لقد باعني زوجك عقاراته وقبض ثمنها .. لا يوجد لكم عندي شيء .‏



صعقت زوجة سعيد من موقف عمها والد زوجها , وتدخل الكثيرون من أقربائها وأقرباء عمها لإقناعه بأن هذه الأموال أموال أيتام ولا

يجوز أكلها عليهم شرعاً , لكنه صمم على موقفه , فلم تجد الزوجة إلا أن توكل محامياً أوصل القضية للقضاء .‏



عبر جلسات متعددة أمام القاضي أصر والد سعيد على أن ابنه باعه العقارات وقبض ثمنها وأجرى له وكالة لينقل العقارات إلى اسمه ,

ولم يلن قلبه وهو يستمع لموعظة القاضي التي كان يكررها بأن الأمر يتعلق بأموال يتامى , ومن يأكل مال اليتيم يأكل في بطنه ناراً ,


وأخيراً لم يجد القاضي إلا أن يحلفه اليمين الحاسمة , وبكل وحشية الجشع لم يتردد بأن يحلف .. وحلف يميناً كاذبة , ورفعت الجلسة لموعد آخر للنطق بالحكم .


خرجت زوجة سعيد من قاعة المحكمة تجر أطفالها ودموعها , وخرج والد سعيد يجر انتصاره في الاستيلاء على أموال أحفاده اليتامى





وأمهم , وجلس مساء على عرش جشعه يخطط لبيع العقارات وتوسيع معمله بثمنها , ولكن في لحظة متأخرة من الليل أخرجه من تخطيطه هاتف من حارس المعمل يعلمه بأن المعمل قد احترق ورجال الإطفاء يحاولون السيطرة على النيران , وعندما خرج راكضاً من بيته باتجاه معمله سقط مغمياً عليه على درج البناية وأسرع الجيران لنقله إلى المشفى حيث تبين أنه قد دخل في غيبوبة سكر , وبعد خروجه من المشفى صارت نوبات داء السكري تأتيه باستمرار .‏



في جلسة النطق بالحكم كرر القاضي نصحه وموعظته لوالد سعيد بأن يراجع نفسه باليمين التي حلفها , وإن لم يكن له حق في العقارات



فليتراجع ويرجعها لأصحابها اليتامى , لكن غول الجشع كان يكبر في نفس والد سعيد , فلم يجد القاضي مستاء إلا أن يعلن بأنه سينطق بالحكم بوجود طرفي الدعوى , ولكن قبل أن ينطق القاضي بالحكم بثوان قليلة سقط والد سعيد مغشياً عليه , فأسرع طبيب صادف وجوده في المحكمة لإسعافه , لكن الطبيب بعد أن جس نبضه أعلن بأسف أن الرجل قد فارق الحياة .‏



رسم القاضي ابتسامة خفيفة على وجهه بعد أن أخرجوا جثة الرجل من قاعة المحكمة وقال لزوجة سعيد وأطفالها :‏


( سبق حكم الله حكم المحكمة .. مالكم يعاد إليكم شرعاً . لأن أحفاده هم ورثته , وسيرثون أيضاً كل أمواله .. ومن يتعظ !!..‏






قال الله تعالى :

( إن الذين يأكلون أموال اليتامى إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً ) .