تعد مبادرات التعلم المعرفي، والتقييس والاعتمادية، والمحتوى السمعي البصري التي يطلقها الفريق الوطني للمحتوى الرقمي العربي يوم الأربعاء القادم برعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية في مركز رضا سعيد بجامعة دمشق خطوة أولى باتجاه استراتيجية شاملة لصناعة المحتوى الرقمي العربي.
وتهدف المبادرات إلى وضع اللبنات الأساسية في صناعة رائدة للمحتوى الرقمي العربي ودعم الاستثمار فيها على نحو يسهم في النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة حيث ترتبط هذه المبادرات بنموذج اعمال يرتكز إلى مفهوم الاقتصاد القائم على المعرفة.
وعن مبادرة المحتوى السمعي البصري يقول المهندس نبيل الدبس معاون وزير الإعلام عضو لجنة النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة في سورية ومنسق المبادرة أن النجاح الذي حققته الدراما التلفزيونية السورية والنجاحات الأخرى في الأغنية والموسيقا والسينما ووجود الخبرات والتجربة الغنية إضافة إلى العديد من مشاريع الرقمنة والأرشفة للمحتوى السمعي البصري في كثير من الجهات العامة والخاصة تمثل الحافز الأساسي وراء هذه المبادرة التي ستكون قادرة على نقل هذه النجاحات إلى المستوى الرقمي المعرفي وبالتالي إلى لغة العصر والاستعداد للمستقبل مؤكداً أن مستقبل السمعي البصري هو في الانترنت والوسائل الاتصالية الرقمية بمختلف حواملها.
وأضاف الدبس ..ستكون هذه المبادرة إطاراً يجمع الانتاج الوطني الحالي والمستقبلي في صيغة تشاركية وتكاملية تستقطب إبداع المنتجين في القطاعين العام والخاص وتؤهل لصناعة قوية وفق أسس معيارية، وعبر صيغ استثمارية ونموذج أعمال واضح يغطي حاجة السوق العربية والمحلية وسوق الاغتراب، ويحضر للمستقبل كما يحقق لأصحاب المصلحة طموحاتهم في هذا المجال، ويغني المحتوى الرقمي العربي وحضور اللغة العربية على شبكة الإنترنت.
وحول أهمية مبادرة التقييس والاعتمادية في دعم صناعة المحتوى الرقمي العربي اشار المهندس فراس حمادة منسق المبادرة إلى أن أي صناعة تحتاج إلى مجموعة من المعايير والمقاييس لكي تؤدي دورها الاقتصادي والتنموي في تقديم منتجات قابلة للاستخدام من قبل الزبائن وتحقق العائدية المرجوة من عملية الاستثمار في تلك الصناعة وفق السوق التنافسية، لذلك كان لابد لمثل هذه الصناعة الناشئة التي تزود محتوى رقميا عربيا من حصولها على معايير قياسية للعمل وقابلة للتطوير قبل إنتاج هذا المحتوى وتقديمه للزبائن وذلك لتحقيق النتائج الثقافية والاقتصادية والتطور المجتمعي المرجو من انتشار محتوى عربي محلي معرفي وتشاركي.
وعن دور هذه المبادرة في تحفيز صناعة المحتوى يضيف أن صناعة محتوى رقمي عربي معياري يتطلب تضافر جهود أصحاب المصلحة والمستفيدين لتحقيق نتائج اقتصادية مربحة لكلا الطرفين المصنع والزبون مما يعني ابتكار نماذج عمل لصناعة هذا المحتوى قابلة للحياة والتطور في بيئة تنافسية كسوق الإنترنت والأجهزة النقالة وتلك التقنيات الحديثة التي تتطور مع الزمن ثم وضع نماذج العمل هذه ضمن أطر اقتصادية وثقافية ذات أبعاد تنموية لكل من الاقتصاد المحلي والمجتمع لتحقيق تطور استراتيجي لدى الانتقال لمجتمع واقتصاد المعرفة.
ولفت إلى أن المبادرة ستتيح وفق مشاريعها الثلاثة إمكانية تطوير نظام معلوماتي وإداري لإدارة المحتوى وصناعته ضمن نماذج عمل قياسية تمر ضمن مراحل عمل هذه الصناعة من المواد الأولية المتمثلة بالمحتوى ثم الموارد البشرية التي تقوم على هذه الصناعة من إعلاميين وتقنيين ومتصفحين إلى عمليات تزويد وتقديم هذا المحتوى إلى المستفيد والمتلقي النهائي.
ويرى الدكتور خليل عجمي منسق مبادرة التعلم المعرفي أن المبادرة تهدف إلى إطلاق حوار بناء بين أصحاب المشاريع والأفكار في جميع الجهات والمؤسسات المعنية بعملية التعليم من مدارس وجامعات ومراكز بحوث ومؤسسات تعليمية وذلك لتأسيس شراكات فيما بينهم في مشاريع وأعمال تسعى إلى توفير المعارف التي تنتجها عملية التعليم والتعلم في المنطقة العربية بأنواعها المختلفة رقمياً.
وأضاف نتوقع ربط المبادرة بمشاريع رقمية تعليمية أكاديمية وغير أكاديمية توفر موارد تعليمية عربية تلبي حاجات واهتمامات جميع شرائح المجتمع وتعتمد مبادئ التعلم مدى الحياة والتعلم وفق الحاجة لكافة المهن والاختصاصات والأغراض التنموية.
وأكد الدكتور عمار خير بك رئيس الفريق الوطني للمحتوى الرقمي العربي أن إطلاق المبادرات هو مقدمة للعمل الفعلي في مجال المحتوى الرقمي حيث ستكون عملية الإطلاق بمثابة الإعلان الذي يسبق مرحلة النقاشات والاتفاقات والأخذ باقتراحات أصحاب المصلحة المتمثلين بجهات القطاع العام والقطاع الخاص والخبراء والأكاديميين والمجتمع الأهلي.
ويرى خير بك أن ورشة الإطلاق ستتيح للمهتمين الإعلان عن تفاعلهم مع هذه المبادرات ليتم بعدها مباشرة إجراء اللقاءات بين الفريق والجهات المهتمة للوصول إلى تفاهمات تتوضح من خلالها المهام المشتركة وتتوزع الأدوار وصولاً إلى نموذج تنسيق وتعاون متكاملين بين كل الجهات الفاعلة في أي مجال من المجالات المطروحة حيث ستطرح نتائج هذه التفاهمات في المؤتمر الوطني الثاني لصناعة المحتوى الرقمي العربي المتوقع انعقاده الصيف المقبل لتبدأ بعدها عمليات التنفيذ.
ولفت الإعلامي حسين الإبراهيم أمين سر الفريق الوطني للمحتوى الرقمي العربي إلى أن الهدف الأساسي الذي يسعى إليه الفريق من خلال هذه الورشة هو التواصل مع أصحاب المصلحة سواء في الموءسسات الحكومية أم في شركات القطاع الخاص بما فيها الشركات المعنية بموضوع المحتوى الرقمي وشركات البرمجة والحاضنات التقانية والجامعات.
وأوضح الإبراهيم أن هذه المبادرات هي البداية لمشاريع مستقبلية تحتاج إلى مدد زمنية تصل إلى عدة سنوات لكنها في النهاية تمثل طموحات الشباب وتطلعاتهم للتعامل مع التقانات الحديثة ومكونات مجتمع المعرفة مضيفاً ان الورشة ستكون بمثابة إطار للحوار بين المعنيين بصناعة المحتوى الرقمي العربي للوصول إلى شراكات بين جميع الأطراف بما يحقق التنسيق والتكامل بين المشاريع من جهة وبين إمكانات الانتاج والتسويق المحلي والعربي من جهة أخرى.
يذكر أن فريق المحتوى الرقمي العربي ينبثق عن لجنة النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة في سورية والمشكلة بالقرار الجمهوري رقم 28 تاريخ 11/8/2009 تتويجا لما خرج به المؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي بدمشق الذي عقد في حزيران 2009 و تلبية لمشروع عربي تقدمت به سورية إلى القمة العربية في دمشق 2008 والدوحة 2009 حيث أقرته وبدأت بتنفيذه.
ويضم الفريق خبراء وأكاديميين ومن مهامهم دراسة موضوع المحتوى الرقمي العربي في اطار مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة وترابطه مع المكونات الأخرى للمشروع و حصر المشاريع والمبادرات والخطط لتحديد ما يرتبط بصناعة المحتوى على المستوى الوطني والمستوى العربي ووضع آليات تنفيذ المشاريع والمبادرات والخطط المرتبطة بصناعة هذا المحتوى في سورية وتحديد أولوياتها إلى جانب متابعة تنفيذ توصيات المؤتمر الوطني الأول لصناعة المحتوى الرقمي العربي واعتماد وثائقه كمرجعيات عمل لها والتحضير للمؤتمرات الوطنية اللاحقة واقتراح استراتيجية وطنية لتنمية هذه الصناعة.