لشاعر جمال بن حويرب المهيري.. الشباب ثروة الأمة وعلى الباغي تدور الدوائر




الشبابُ ثروةُ الأمَّة

شعر جمال بن حويرب المهيري



ألا إنمــا الـــدنيا ليـــــالٍ نعـــــدُّها

وآمـــــالنا فـــــيها تزيدُ عـنِ العـــدِّ

وأنعامُ ربي سابغــــاتٌ على الورى

فمن جاحدٍ قاسٍ ومنْ حامدٍ عبدِ

وليـــس لعبـــــــدٍ ههنا منْ ولايةٍ

ولكنهـــــا الأقدارُ تجري على عمْدِ

ومن جدَّ لم يدركْ ولو غذَّ مُسرعاً

إذا لم يوفقـــــهُ الإلهُ مـــــــع الجَدِّ

حظوظُ الورى شتَّى وحظُّك كاملٌ

وإنْ أنتَ لمْ تشغلْ فؤادكَ بالكدِّ

وربي عــــدْلٌ في عــطــاياهُ كلِّــــها

فرزقُ الذي يُعطي كرزقِ الذي يُكدي

فيا أيها الإنســـــانُ ما لكَ خائفٌ

كأنـَّــــكَ والأفكارَ في مــــعْشرٍ لُدِّ




أرحْ نفْسكَ الحيرى وإياكَ والهوى

وإياكَ منْ ظُلمِ الحقيقةِ والصـــــدِّ

وإياكَ منْ ظلمِ العبــــــادِ فـــــإنَّهُ

وبالٌ وإنْ أمهلتَ بلْ مهلكٌ مُردي

وليس كمثل الظلم يبعث بالأسى

ويأذنُ بالتــــدميرِ منــــهُ وبالهــــــدِّ


ألم يقرءِ التـــــــاريخَ منْ كانَ غافلاً

فيستيقظَ الإنسانُ منْ سكرةِ العندِ

وفي الأرضِ ما يغنيكَ عنْ كلِّ موقظٍ

تأملْ تجدْ واســـــألْ هديتَ إلى الرُّشدِ



ولا تحســـبنَّ الملــــــكَ غنـــماً وراحــةً

إذا أنتَ لم تشــــــملْ بلادكَ بالسعْدِ


وليسَ الذي يسعى لإســــــعادِ شعبهِ

كمثلِ الذي يطغى على النَّاسِ بالجندِ

وجنـــــــدكَ أمـــنٌ للبلادِ وأهــــــلها

إذا سُلِّطوا آذنتَ ملكــــــكَ بالضدِّ


ويا أيــــها الطـــَّاغي أأنــــتَ مخـــــــلَّدٌ

فتفرحَ بالطغيانِ أمْ ليسَ منْ خُلْدِ

فإنْ كنتَ لا تدري فهذي قبورهمْ

ملوكُ الورى صاروا إلى ظُلَمِ اللحْدِ

وهذي عروشٌ قد تهاوتْ عنِ العلا

فمنْ هالكٍ مُردى ومنْ هاربٍ فرْدِ



ولو عـــــدلوا كانوا شموسـا لأهلهمْ

ولو سمعوا قولَ النصيحِ منَ الودِّ

ولو أنهمْ قاموا بإرضاءِ شعـــــبهمْ

لفُدُّوا بأرواحٍ وســــادوا بلا حــــدِّ




وإنْ قلتَ إنَّ العدلَ ليس حقيقةً

وليس لظلمِ الناسِ في الحكمِ منْ بُدِّ

أقولُ بإنَّ العدلَ أصلٌ وفــــــــرعهُ

حضاراتُ قامـــــتْ بالعلومِ وبالجدِّ

فكانوا منارَ الناسِ شرقاً ومــــغرباً

وجاؤا بما يُزهي البــــــلادَ بلا ندِّ

فلما طغــــوا فيها أُزيـــــلوا وزلزلوا

وصاروا أحـــاديثاً إلى آخـرِ العهد





ومنْ قالَ إنَّ الغربَ منْ بعدِ ظلمةٍ

سيبني حضـــــــاراتٍ ويعلو معَ المجدِ

ولكنهم بالعـــــدل ســـادوا وأسّسوا

أســــاسَ المعالي منْ مُجدٍّ ومنْ مُجدِ

وما ينفعُ التعـــــــليمُ والقلبُ خائفٌ

وما ينفعُ التعـــــميرُ والناسُ في جُهدِ



وقدْ يقعُ الظلمُ المســــــئ بمعــــــشرٍ

ولكنْ بأرضِ العدْلِ يفنى معَ النَّقدِ

بلادٌ عــــــلى روحِ العدالةِ أســـستْ

تُضاهي جباهَ السُّحبِ في القربِ والبعدِ

وما دولة القــــــــانون الا دعــــــــايةٌ

إذا لم تُحرّرْ في القـــضاءِ وفي العقْدِ


وحريُّةُ الإنسانِ أعــــــلى ركــــــيزةٍ

إذا لم تخالفْ في الطريقةِ والقصــــــدِ

وليس الذي يأتي به الغـــــــربُ كلِّهِ

صحيحٌ فشذَّبْ بالشريعةِ ما يُردي



وقالوا بإنَّ الغربَ صـــــــعبٌ لحاقهُ

ونحتاجُ مدّاً م الســــــــــماءِ على مَدِّ

وهذي قرونٌ بيننا قـــــــدْ تصرّمتْ

ندبُّ وهمْ نحو التــــــــــقدّمِ في شدِّ

نريدُ قــــــروناً مثلـــهمْ ومــــــدافعاً

تدكُّ حصونَ الجهلِ والذلِّ والوجْدِ

أقولُ لهمْ ما الصينُ أفضلُ منزلاً

وسيئولُ واليابانُ والنَّمـــر الهندي

ألستمْ ترونَ العلم يبعــــــثُ أمّةً

ويُعلي الورى بعدَ المذلةِ والفــــقدِ

وما جامعاتُ القوم الا معـــــابدٌ

لكلِّ عليمٍ بالمعــــــارفِ كم يهدي

وكم أنفقوا في البحثِ حتى تمكنوا

فثروتهمْ في البحثِ أغلى منَ النقدِ



أفيقوا أفيــقوا فالـــزمانُ مُــــــروِّعٌ

بني العرب وابنوا بالعلومِ التي تُجدي

فلولاكمُ ما كانَ في الغـــــــــربِ عالمٌ

ولولاكمٌ أمسوا على صُحُفِ العُمْدِ

وصــــــفركمُ والجبــــرُ كانَ مُعــــــلمِّاً

ولولاهما هذهِ الحضارةُ في المهدِ

وقـــــــدْ يجمعُ اللهُ العروبةَ بالعُلا

وبالعلمِ نحيي ما تبقى من الوعدِ

ونبــــني اتحادا بالتقـــــــدّمِ مثــــلما

بنوهُ وإنا كمْ نعــــــيدُ وكم نبــــدي


يهنيونَ دينَ اللهِ وهو مُـــــــؤسسٌ

لهمْ كلَّ عـــــلمٍ والشماتةُ قدْ تُعدي

أليسَ يرونَ الشــــــيبَ يهدمُ فيهمُ

وأمتنا فيهــــا الشـــــــبابُ بلا عدِّ

هم الحلمُ والآمـــــالُ والمجــــــدُ والعلا

وهم ثروةٌ منْ قبلِ هذا ومنْ بعدِ