"أفهم لماذا تحدد التقاليدُ العربيةُ موقعَ الفردوس المفقود في دمشق: ما من مكان على الأرض يمكن أن يذكّر بجنات عدن مثلها. السهل الواسع الخصيب، الفروع السبعة للنهر الأزرق الذي يرويها، الجبال الفخمة التي تحيط بها، البحيرات الرائعة التي تعكس السماء على الأرض، موقعها الجغرافي ، مناخها الكامل... كل شئ يشير إلى أن دمشق كانت من أوائل المدن التي عمّرها أبناء البشر، وإحدى المحطات الطبيعية للبشرية حين كانت تعيش حياة التنقل في الأزمنة الغابرة... إنها واحدة من تلك المدن التي كتبتها أصابع الرب على الأرض"
" أقتربُ... فإذا بعيني تستقر عبر فلقة الصخرة على أروع وأغرب مدى يمكن لبصر إنسان أن يقع عليه. تلك كانت دمشق وصحراؤها التي تمتد بلا حدود على مئات الأقدام تحت خطواتي. وقع نظري قبل كل شئ على المدينة التي كانت محاطة بالمرمر الأصفر والأسود تتنتشر فيها ما بين مسافة وأخرى أبراجَ مربعة تتوجها تيجان منحوتة، وتهيمن عليها غابة كاملة من المآذن من مختلف الأشكال والسواقي العديدة. كانت المدينة تمتد إلى ما لا نهاية في متاهة من البساتين المزهرة /.... / ثم كانت تعود إلى الظهور بعد ذلك على شكل بحيرات واسعة من البيوت، ضواحي وقرى ومتاهات من البساتين والحدائق والقصور والسواقي لا يمكن للعين تقفيها، إذ لا تترك سحراً إلا لتقع على سحر آخر
.

لامارتين