أصبحت مطرحاً في معشرٍ جهلوا حقً الأديب فباعوا الرأس بالذَّنب

والناسُ يجمعهم شملٌ، وبينهمُ في العقل فرقٌ وفي الآداب والحسبِ

كمثلِ ما الذَّهبِ الإبريز يشركه في لونهِ الصُّفر، والتفضيل للذهبِ

والعودُ لو لمْ تطبْ منه روائحه لم يفرق الناسُ بين العود والحطبِ

في المقامِ لذي عقلٍ وذي أدبِ من راحةٍ فدعِ الأوطان و اغتربِ

سافـر تجـد عوضـاً عمـَّن تفارقــهُ وانصبْ فإنَّ لذيذ العيش في الَّنصب

إنـي رأيتُ وقـوفَ المـاء يفســدهُ لإن سـاحَ طابَ وإن لم يجـر لم يطب

والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يصب

والشمس لو وقفت في الفلكِ دائمةً لملَّها الناسُ من عجم ومن عرب

والتِّبر ُ كالترب ملقى في أماكنه والعودُ في أرضه نوعً من الحطب

فـإن تغـرَّب هـذا عـزَّ مـطلبــهُ وإن تغـرَّب ذاك عــزَّ كــاذهـب

لمَّا عفوتُ ولم أحقد على أحدٍ أرحتُ نفسي من همَّ العداواتِ

لأني أحيَّي عدوِّي عندَ رؤيته لأدفع َ الشَّــرَّ عنـي بالتحيـاتِ

وأظهرُ البشرَ للإنسانِ أبغضهُ كما إن قد حشى قلبي محبَّاتِ

الناسُ داءٌ ودواءُ الناسِ قربهم وفي اعتزالهمُ قطعُ المودَّاتِ

يا لهفَ نفسي على مالٍ أفرقهُ على المقليـن من أهـل المروءاتِ

إنَّ اعتذاري إلى من جاء يسألني ليس عندي لمن إحدى المصيباتِ

قالوا سكتُّ وقد خوصمتُ قلتُ لهم إنَّ الجواب َ لبابِ الشرِّ مفتاحُ

والصمَّتُ عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفُ وفيه أيضاً لصونِ العرضِ إصلاح

أما ترى الأسدَ تخشى وهي صامتة؟ والكلبُ يخسى لعمري وهو نباحُ

ليتَ الكلابَ لنا كانت مجاورةً وليتنا لا نرى مماً نرى أحدا

إن الكلاب َ لتهدى في مواطنها والخلق ليس بهاد شرهم أبدا

فاهرب بنفسك واستأنس وحدتها تبق سعيدا إذا ما كنت منفردا

إني صحبتُ أناساً مالهم عددُ وكنتُ أحسبُ أني قد ملأتُ يدي

لمَّ بلوتُ أخلائي وجدتهمُ كالدَّهرِ في الغدرِ لم يبقوا على أحدِ

إن غبتُ فشرُّ الناس يشتمني وإن مرضتُ فخيرُ الناسِ لم يعدِ

وإن راوني بخير ساءهم فرحي وإن رأوني بشر سرهم نكدي

يا من يعانقُ دنيا لا بقاءَ لها يمسي ويصبحُ في دنياهُ سفَّارا

هلا تركتَ لذي الدنيا معانقــةً حتى تعانقَ في الفردوسِ أبكارا

إن كنت تبغي جنانَ الخلد تسكنها فينبغي لكَ أن لا تأمنَ النَّارا

كلُّ العلومِ سوى القرآنِ مشغلةً إلاَّ الحديثَ وعلمَ الفقهِ في الدِّينِ

العلمُ ما كانَ فيه: قالَ، حدثنا وما سوى ذاكَ وسواسُ الشَّياطينِ


وقال =


جنونكَ مجنونٌ فلستُ بواحدٍ طبيباً يداوي من جنونِ جنونِ

أهينُ لهم نفسي لأكرمها بهم ولا تكرمُ النَّفسُ التي لا تهنها

ما تمَّ حلمٌ ولا علمٌ بلا أدبٍ ولا تجاهلَ في قومٍ حليمانِ

وما التجاهلُ إلا ثوبُ ذي دنس وليس يلبسهُ إلا سفيهانِ