ربما لم يسمع الكثير من الناس بمصطلح المباني المريضة (Sick Building ) ولعل البعض يتساءل هل فعلا المباني تمرض ؟؟ وللإجابة علي هذا السؤال يجب أن نتعرف أولا علي تعريف تلك المباني. فنتيجة للتطور التكنولوجي في استخدام الأجهزة والمعدات الكيماوية المستخدمة في المنازل والمباني الإدارية والأسواق والتي يطلق عليها بشكل عام المباني المقفلة كانت النتيجة ظهور أمراض متنوعة تبعث علي القلق خصوصا الأمراض المستعصية التي لم تكن تعرف أسبابها لولا اهتمام الباحثين في هذا المجال وسميت بالأمراض المتعلقة بالمباني ( Sick Building Syndrome ).

فكثير من الناس يعتبرون تلوث الهواء الخارجي خطراً على صحتهم لكن لا يعلمون أن الهواء الداخلي أكثر خطراً لأن الناس يقضون بين 80 إلى 90% من وقتهم في بيئة داخلية. إن تلوث الهواء داخل المباني أصبح من الظواهر الملحوظة في المباني الحديثة التي تعتمد اعتمادا كلياً على التدفئة والتكييف بالوسائط الميكانيكية لذا نريد أن نلفت الانتباه إلى مخاطر المباني المحكمة الإغلاق المعتمدة كلياً على المكيفات لتحسين الهواء الداخلي على الصحة الفردية وقد وجد أن المباني التي تعتمد على التكييف الصناعي والمحكمة الإغلاق تتسبب في بعض الأمراض منها على سبيل المثال التهاب الجيوب الأنفية وأمراض الجهاز التنفسي والأعراض المشابهة للأنفلونزا والتوتر والإعياء المزمن والصداع المتكرر والدوار وصعوبة التكلم ونزيف الرئة وضعف الذاكرة والسمع وهذا بالإضافة إلى كون بيئة المباني مقفلة لا يتجدد فيها الهواء بصورة تضمن تنقية أجواء البيئة الداخلية الأمر الذي يساعد علي انتقال الفيروسات والبكتيريا من الشخص المصاب إلى الشخص السليم بواسطة أنظمة التهوية المستعملة في هذه المباني المقفلة.

وتتأثر جودة الهواء الداخلي بعدد من العوامل من بينها عدم تجدد الهواء بشكل كافي والتلوث الناتج عن مصادر داخلية مثل مخلفات عمليات الاحتراق بما فيها أول أكسيد الكربون ودخان التبغ والمركبات العضوية المتطايرة من مواد البناء ومكونات الأثاث والسجاد والغراء والدهانات الحديثة ومنتجات التنظيف والأوزون الناتج عن الأجهزة المكتبية الحديثة. وتشمل قائمة العناصر الملوثة الخارجية الأوزون وأول أكسيد الكربون والمواد المتطايرة الدقيقة التي تتسلل إلى داخل الوحدات السكنية عبر فتحات التهوية والأبواب والنوافذ بالإضافة إلى التلوث الميكروبي الناجم عن أنظمة التهوية.

ومن المؤشرات علي تلوث البيئة الداخلية للمباني الاحساس بالخمول والكسل والصداع وشم روائح غير مالوفة والاحساس بزيادة الرطوبة النسبية داخل المبني وتكثف قطرات من الماء علي زجاج النوافذ والحوائط وتواجد الاتربة علي الأثاث والمفروشات ونوافذ المبني وارتفاع درجة الحرارة او البرودة في المبني عن الحد المسموح والمقبول.

وتعتمد الحلول لهذه المشكلة على نوع الملوثات وهي تتعلق بتصميم المبنى ونظام التكييف والتهوية وتوصيف مواد البناء والتأثيث وبالتالي فإن أهم طرق المحافظة على نوعية هواء داخلي جيدة هي إلغاء مصدر التلوث أو تطويره والتوزيع المتقن للهواء الداخلي وتنظيف الهواء وإدخال الهواء الخارجي عبر منظومة تكييف الهواء (Fresh Air ) والامتناع عن التدخين للتقليل من احتمالات التعرض لغاز الرادون في حالة تواجده في المبني وتحسين جودة الطعام والشراب اليومي بحيث يحتوي وبصفة دائمة علي الخضراوات والفواكه الطازجة حيث ثبت أن الطعام الجيد يساعد علي مقاومة التعرض لغاز الرادون.