المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عيوب تصميمية تعوق تطور الويب العربي



ABDULLAH JANEM
04-03-2010, 12:58 PM
أستطيع أن أقول إن العالم العربي يعاني من عيوب عدة تتراوح بين خفيفة وخطيرة في مجال تصميم الويب، وما لم نتخلص من تلك العيوب ونقوم باللّحاق بالركب ومواكبة التوجهات العصرية فسوف نبقى قابعين في الخلف، وهذا ما لا ينبغي أن يكون، وهو ما يجب نبذه والتنكب عنه. أطلقت كلمة “تصميم” وأعني التصميم بمفهومه الشامل. فليس التصميم هو الشكل الجميل والألوان المتناسقة والجذابة فحسب، بل يشمل كذلك بناء واجهة المستخدم بشكل يضمن “سهولة الاستخدام – Usability” و “إمكانية الوصول – Accessibility” وغير ذلك مما سنتعرض له في ثنايا الموضوع.
يجب أن أشير إلى أن فئة من المواقع العربية بدأت تسير في الاتجاه الصحيح، وبعض المصممين العرب في الفترة الأخيرة أصبح لديهم الوعي الكافي بالمعايير المتبعة وبما يجري في إطار تصميم المواقع في العالم.
سأذكر فيما يلي بعض العيوب التي أرى أنها خطيرة ويجب التخلص منها

أولاً: البعد عن تقنية (صفحات الأنماط التعاقبية) Cascading Style Sheets المعروفة اختصاراً بـ CSS

وهي كما تعلمون لغة تصميم مهمة ورئيسية تدعمها المتصفحات الكبرى بشكل كبير ولا أعتقد أن موقعاً حديثاً يفضَّل أن يتم بناؤه بدونها، لكن هناك فجوة بين المصمم العربي وبين تقنية الـ CSS تتمثل في عدة أمور:
1- قلة استخدام الـ CSS: المواقع العربية تفوتها الاستفادة من كثير من خصائص الـ CSS ربما نتيجة للجهل بها أو عدم تعلمها، فمصمموا المواقع العربية مستمسكون بوسائل تقليدية أصبحت “ملغاة – deprecated” -كما يقال عنها اصطلاحاَ- وبعضها قد عفا عليه الدهر ويجب تركه فقد استبدل بوسائل أخرى. دعونا نضرب أمثلة لذلك.
أ- استخدام الجداول (Tables) في تكوين وبناء الصفحات:
في التسعينيات من القرن الماضي (تعمدت استخدام هذا اللفظ) عندما كنت أصمم أول موقع لي كنت أستخدم الجداول في تصميم الصفحات وكنت أحذو حذو المواقع العملاقة كموقع السي ان ان حيث إنني كنت أتعلم لغة HTML عن طريق دراسة وتحليل صفحات تلك المواقع، فكانت المواقع جميعها تستخدم طريقة الجداول، لسبب بسيط، أنها هي الطريقة الوحيدة الفعالة لتقسيم صفحات الويب آنذاك. وكنت أتساءل؛ ألا توجد طريقة أفضل وأكثر ملاءمة لبناء الصفحات؟ وكما توقعت، ومع تقدم عجلة التقنية المستمر ظهرت الـ CSS كلغة متكاملة للقيام بكل ما هو شكلي في صفحات الويب، وبدأ المصممون هجرة اللاعودة إلى الـ CSS تاركين وراءهم وسائل تكاد تنقرض الآن في العالم المتطور ومن أهم وأعظم ماتركوه هو استخدام الجداول في بناء صفحات الويب، حيث انحصراستخدامها فقط في جدولة بعض المعلومات داخل الصفحة، وهو الاستخدام الافتراضي للجدول.
أما نحن في العالم العربي فما زلنا في ضلالنا القديم، فما أكثر استخدام الجدوال في بناء المواقع العربية الصغيرة منها والكبيرة، البسيطة والمعقدة، الحكومية وغير الحكومية، القديمة والحديثة، المشهورة وغيرها، باختصار إن لم يكن الكل فجل المواقع العربية تستخدم هذه الطريقة القديمة وكأننا غارقين في سبات عميق لا أدري متى سنصحو منه.
ب- استخدام بعض تعليمات HTML وخصالها التي اندثرت ولم تعد تستخدم:
جاءت الـ CSS بخصائصها المتكاملة لتحل محل الكثير من تعليمات HTML المستخدمة في التنسيق، حيث أُلغيت تلك التعليمات ولم يعد استخدامها محبذاً “deprecated”. منها تعليمة font لتنسيق الخط، والتي ما زالت بعض المواقع العربية تستخدمها. واستمرار العرب في استخدام هذه التعليمات والخصال الملغاة يعكس لنا درجة من الإعراض عن تلك التقنية الأحدث والأسهل والأفضل التي تسمى CSS.
2- استخدام الـ CSS بشكل غير عملي: فالتوجه الصحيح السائد الآن في تصميم صفحات الويب هو فصل التصميم أو (الستايل) عن المحتوى، إذ إن كود الـ CSS كاملاً يحبذ أن يكون في ملف منفصل يتم ربطه بصفحة المحتوى. ألاحظ في المواقع العربية عدم الإكتراث لذلك بل هناك ميل إلى استخدام الـ CSS ضمنياً مع المحتوى. وهذا من شأنه أن يعقد عملية التحديث أو التعديل في صفحات الموقع خاصة إذا كان الموقع كبيراً.
ثانياً: الجهل بمواصفات ومعايير شبكة الويب:


هناك هيئة تسمى رابطة الشبكة المعلوماتية العالمية World Wide *** Consortium (http://www.w3c.org.ma/) وتعرف اختصاراً بـ W3C، وهي معنية بوضع معايير شبكة الويب، وقد ساهمت بعمق في تطوير الشبكة المعلوماتية منذ تأسيسها في 1994م. وتعرِّف الرابطة مهمتها بـ “إيصال الشبكة المعلوماتية إلى أقصى إمكانياتها”، إذن تلك هي مهمتها باختصار، وما أسماها من مهمة. لكن ومع أهمية هذه المهمة، إذا لم تتجاوب معها جميع الأطراف الأخرى فلن يتحقق الهدف المنشود، وأعني بالأطراف الأخرى المتصفحات الكبرى من جهة، ومصممي الويب من جهة أخرى وحتى مستخدمي الشبكة باختيارهم للمتصفحات التي تدعم معايير W3C من جهة ثالثة.
نحن في العالم العربي نعوق بل نعطل الشبكة المعلوماتية العربية من الوصول إلى أقصى إمكانياتها، ببساطة بسبب جهل المصممين أو تجاهلهم لتلك المعايير، وبسبب إصرار المستخدم العربي (عن جهل) على استخدام المتصفحات القديمة الغير متوافقة مع تلك المعايير (وهذا ما سأتطرق له في فقرة منفصلة في الأسفل).
قد يسأل سائل: فيم تتمثل الفائدة الناتجة من الالتزام بمعايير رابطة W3C؟
إن أخذ المصمم بهذه المعايير يساهم في عدة أمور من أهمها:
جعل امتيازات شبكة الويب (من نشر المعرفة والتواصل بين البشر) في متناول جميع الأفراد، كيفما كانت نوعيات أجهزتهم و برامج حاسبهم أو البنية التحتية للشبكة المتوفرة لديهم، و مهما كانت لغتهم الأصلية أو ثقافتهم أو مكانهم الجغرافي أو قدرتهم الجسدية أو الذهنية.


ثالثاً: تصميم مواقع تعمل مع متصفح إنترنت إكسبلورر فقط دون الأخذ في الإعتبار مسألة التوافق مع المتصفحات الأخرى

نعم، يحظى المتصفح إنترنت إكسبلورر من مايكروسوف بالحصة الأكبر من الاستخدام في الوطن العربي، ولكن في المقابل فإن المتصفحات الأخرى كـ FireFox و Chrome و Opera تجد اقبالاً متزايداً في المنطقة العربية، لذلك فإنه من المحبذ تصميم مواقع متوافقة مع جميع المتصفحات السابقة بالإضافة إلى متصفح safari، خاصة وأن تلك المتصفحات هي أكثر توافقاً مع معايير W3C وأكبر دعماً لها من المتصفح إكسبلورر الذي هو دائماً متثاقل في دعم المعايير وهو يحاول اللّحاق بالمتصفحات الأخرى.
إن تصميم مواقع متوافقة فقط مع متصفح إنترنت إكسبلورر يحد من وصولها إلى كل المستخدمين في حين أن تصميم مواقع متوافقة مع المتصفحات الأخرى يعتبر دعماً لها و يشجع المستخدم العربي لاستخدام تلك المتصفحات المتطورة، وحينها سيسهل علينا النهوض بالويب العربي.
رابعاً: المستخدم العربي والمتصفح إكسبلورر

إن من أهم مظاهر تخلف الويب العربي، هو المستخدم العربي نفسه، حيث إن النسبة الأكبرمن المستخدمين يتصفحون الشبكة عن طريق المتصفح إنترنت إكسبلورر، ومع أن لهذا المتصفح عدة إصدارات حديثة، إلا أننا في الوطن العربي وبكل أسى مازلنا وبنسبة كبيرة عالقين في ظلام الماضي السحيق حيث الإصدارة رقم 6 والتي تعد في العالم أسوأ متصفح خرج إلى النور، فهو أزلي لا يمت بصلة لتقنيات الويب الحديثة المتجددة كل يوم، بل ويقل فيه الأمان بشكل مخيف.
قبل عدة أسابيع أرسلت قوقل رسالة إلى جميع مستخدميها تنوه إلى أنها ستتوقف عن دعم إنترنت إكسبلورر الإصدارة 6 في جميع منتجاتها (مواقعها)، وفي وقت يرى فيه بعض الغربيين أن تقام مراسم تشييع جنازة إنترنت إكسبلورر 6 حيث إن استخدامه شبه توقف، يتعيين على المصمم العربي أن يبني مواقعه الحديثة في عام 2010 بشكل يتوافق مع متصفح كان صدوره قبل تسع سنوات (2001)، إذن فهو مرغم على التنازل بدرجة كبيرة عن تقنيات التصميم الحديثة. ياللأسف.
خامساً: التصميم بدون المواصفات التي تضمن سهولة الاستخدام وإمكانية الوصول

هذه الفقرة مرتبطة تماماً بالفقرات السابقة، فإذا تخلصنا من النقاط الأربع التي سبقت حصلنا على ما نريد. إذن فالأمر مرتبط كذلك بالمعايير. إن من صفات المصمم العربي أنه لا يولي تلك المعايير والتوجهات المعمول بها عالمياً اهتماماً كبيراً، فيكون تصميم المواقع محض تجربة شخصية، وربما تكون تلك التجربة فقيرة وهزيلة فينتج لنا موقع صعب الاستخدام، صعب التصفح، تختلط فيه الروابط الخارجية بالداخلية، والإعلانات بمواضيع محلية، ويشتت الانتباه أكثر مما يشده، وينفر الزائر أكثر مما يجذبه.
أما مسألة إمكانية الوصول Accessibility فتكاد تنعدم تماماً وتتمثل في الأتي:


أي فرد لا يستخدم المتصفح إنترنت إكسبلورر في تصفحه للويب العربي سيجد صعوبات في الوصول إلى مايريد، ويشترك المطورون مع المصممين في هذا الخطأ الشائع.
محركات البحث لن تفلح في الوصول إلى المحتوى العربي بشكل دقيق وكامل، مما يعوق وصول المستخدم العربي إلى المعلومات بسهولة وبدقة.
ذوي الاحتياجات الخاصة لا حظ لهم البتة في تصفح الويب العربي إلا بمساعدة غيرهم، فالمعايير التي نتغاضى عنها هي التي تضمن تصميم مواقع يسهل على ذوي الاحتياجات الخاصة الوصول إليها وإلى ما بها من معلومات بدون صعوبات.

وأخيراً: ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو الفرق الشاسع الذي أجده بين الشبكة المعلوماتية العربية والشبكة المعلوماتية العالمية (الغربية خاصة)، وهو لأمر محزن، مع وجود عيوب لم أتطرق إليها واكتفيت بالأهم. ولكن هناك أمل في أن يتغير هذا الواقع إلى الأفضل، فكما ذكرت في المقدمة فإن هناك مجموعة من المصممين في العالم العربي لديهم الوعي الكافي بما ذكر في الموضوع، ومشاركة هؤلاء مالديهم من خبرات مع مجتمع الإنترنت عن طريق المدونات التي تزداد يوماً بعد يوم سيساهم بلا شك في نشر الوعي وبالتالي في تقدم الشبكة إلى الأفضل.

ديما سلوم
04-03-2010, 01:00 PM
شكرا استاذ عبد الله والحمد لله على السلامة

ABDULLAH JANEM
04-03-2010, 01:10 PM
مشكورة ديما لمروررك اللطيف