المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أنا هو



عاشق الوطنية
07-06-2010, 07:25 PM
كانت قبيل العصر مركبة تجري بمن فيها من السّفر ما بين منخفض و مرتفع عال ، و بين السّهل و الوعر و تخطّ بالعجلات سائرة في الأرض إسطارا و لا تدري كتبت بلا حبر و عزّ على الأقلام حرف دون ما حبر سيّارة في الأرض ما قتئت كالطّير من وكر إلى وكر تأبى و تأنف أن يلمّ بها تعب ، و أن تشكو سوى الزّجر حملت من الركاب كلّ فتى حسن الرّواء و كلّ ذي قدر يتحدّثون فذاك عن أمل آن ، و ذا عن سالف العمر يتحدّثون و تلك سائرة بالقوم لا تلوي على أمر فكأنّما ضربت لها أجلا أن تلتقي و الشمس في خدر حتى إذا صارت بداحية ممدودة أطرافها صفر سقطت من العجلات واحدة فتحطّمت إربا على الصّخر فتشاءم الركّاب و اضطربوا مما ألمّ بهم من الضّر و تفرّقوا بعد انتظامهم بددا و كم نظم إلى نثر و الشّمس قد سالت أشعّتها تكسو أديم الأرض بالتّبر و الأفق محمرّ كأنّ به حنقا على الأيّام و الدّهر قد كان بين الجمع ناهدة الثديين ذات ملاحة تغري تبكي بكاء القانطين و ما أسخى دموع الغادة البكر و قفت و شمس الأفق غاربة تذري على كالورد ، كالقطر شمسان لولا أنّ بينهما صلة لما بكتا من الهجر و تدير عينيها على جزع كالظّبي ملتفتا من الذّعر و إذا فتى كالفجر طلعته بل ربما أربى على الفجر وافى إليها قائلا عجبا ممّ البكاء شقيقة البدر ؟ قالت أخاف اللّيل يدهمني ما أوحش اظلماء في القفر ! و أشدّ ما أخشاه سفك دمي بيد الأثيم اللّصّ ذي الغدر " هنري " اللّعين و ما الفتى هنري إلاّ لبن أمّ الموت لو تدري رصد السبيل فما تمرّ به قدم و لا النسمات إذ تسري وا شقوتي إنّ الطريق إلى سكني على مستحسن النكر إنّي لأعلم إنّما قدمي تسعى حثيثا بي " القبر قال الفتى هيهات خوفك لن يجديك شيئا ربّة الطهر فتشجهي و عليّ فاتّكلي فأنا الذي يحميك من هنري قالت أخاف من الخؤون على هذا الشباب الناعم النّضر فأجابها لا تجزعي و ثقي أنّي على ثقة من النّصر عادت كأن لم يعرها خلل تخد القفار سفينة البرّ و اللّيل معتكر يجيش كما جاشت هموم النّفس في الصدر فكأنّه الآمال واسعة و البحر في مدّ و في جزر و كأنّ أنجمه و قد سقطت دمع الدّلال و ناصع الدّر و البدر أسفر رغم شامخة قد حاولت تطويه كالسّر ألقى أشعّته فكان لها لون اللّجين و لؤلؤ الثّغر فكأنّه الحسناء طالعة من خدرها أو دمية القصر و كأنّما جنح الظّلام جنى ذنبا فجاء البدر كالغدر و ضحت مسالك للمطيّة قد كانت شبيه غوامض البحر فغدت تحاكي السّهم منطلقا في جريها و الطيف إذ يسري و القوم في لهو و في طرب يتناشدون أطايب الشّعر حتى إذا صارت بمنعرج و قفت كمنتبه من السّكر فترجّلت " ليزا " و صاحبها و مشت و أعقبها على الأثر و استأنفت تلك المطيّة ما قد كان من كرّ و من فر مشت المليحة و هي مطرقة ما ثمّ من تيه و لا كبر أنّى تتيه و قد أناخ بها همّ و بعض الهمّ كالوقر لم تحتسي خمرا و تحسبها ممّا بها نشوى من الخمر في غابة تحكي ذوائبها في لونها و اللّف و النّشر ضاقت ذوائبها فما انفجرت إلاّ لسير الذّئب و النمر كاللّيلة الليلاء ساجية و لربّ ليل ساطع غرّ قد حاول القمر المنير بها ما حاول الإيمان في الكفر تحنو على ظبي و قسورة أرأيتم سرين في صدر ؟ صقر وورقاء ، و من عجب أن تحتمي الورقاء بالصّقر هذا و أعجب أنّها سلمت منه على ما فيه من غدر ظلّت تسير و ظلّ يتبعها ما نمّ من إثم و لا وزر طال الطريق و طال سيرها لكنّ عمر اللّيل في قصر حتّى إذا سفر الصّباح و قد رفع الظّلام و كان كالسّتر و الغاب أوشك أن يبوح بها و به ، بلا حذر ، إلى النّهر نظرت إليه بمقلة طفحت سحرا ووجه فاض بالبشر قالت له لم يبق من خطر جمّ نحاذره و لا نذر أنظر فإنّ الصّبح أوشك أن يمحو ضياء الأنجم الزّهر و أراه دبّ إلى الظّلام فهل هذا دبيب الشّيب في الشّعر و أسمع ، فأصوات الطيور علت بين النّقا و الضال و السّدر ؟ قال الفتى أو كنت في خطر ؟ قالت له عجبا ألم تدر ؟ فأجابها ما كان في خطر من كان صاحبه الفتى هنري فتقهقرت فزعا فقال لها لا تهلعي واصغي إلى حرّ ما كنت بالشّرير قطّ و لا الرّجل الذي يرتاح للشّرّ لكنّني دهر يجوز على دهر يجوز على بني الدّهر بل إنّني خطر على فئة منها على خطر ذوي الضّر قتلوا أبي ظلما فقتلهم عدل و حسبي العدل أن يجري لا سلم ما بيني و بينهم لا سلم بين الهرّ و الفأر سيرون في الموت منتقما لا شافع في الأخذ بالثّأر تالله ما أنساك يا أبتي أبدا و لا أغضي على وتر قالت لقد هيّجت لي شجنا فإليك ما قد كان أمري بعث المليك إلى أبي فمضى و أخي معا توّا إلى القصر فإذا أبي في القبر مرتهن و إذا أخي في ربقة الأسر يا ساعديّ بترتما ويد الدهر الخؤون أحق بالبتر نابي و ظفري بتّ بعدكما وحدي بلا ناب و لا ظفر و يلاه من جور الزّمان بنا و الويل منه لكلّ مغترّ و كأنّنا و الموت يرتع في أرواحنا مرعى و مستمري لما انتهت و إذا به دهش حيران كالمأخوذ بالسّحر شاء الكلام فناله خرس كلّ البلاغة تحت ذا الحصر و كذلك الغيداء أذهلها ميل إلى هذا الفتى الغرّ قالت أخي و الله و اقتربت و إذا به ألقى عباءته برح الخفاء بها عن الجهر صاحت أخي فيكتور وا طربي روحي ، شقيقي ، مهجتي ، ذخري و تعانقا ، فبكى فرحا إنّ البخار نتيجة الحرّ و تساقطت في الخدّ أدمعها كالقطر فوق نواضر الزّهر ...
قل للألي يشكون دهرهم لا بدّ من حلو و من مرّ صبرا إذا جلل أصابكم فالعسر آخره إلى اليسر