المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة



SHARIEF FATTOUH
07-19-2010, 06:26 PM
أسماء الله الحسنى – مقدمة 1: مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة ـ لفضيلة الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي .



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

7452

أيها الإخوة الكرام ، مع درس جديد من دروس أسماء الله الحسنى ، وفي هذا الدرس نتحدث بشكل عام عن مكانة أسماء الله الحسنى في الدعوة إلى الله .
1 – القوة الإدراكية في الإنسان :

بادئ ذي بدء ، لقد أودع الله في الإنسان قوة إدراكية ، وميّزه بهذه القوة عن بقية المخلوقات ، هذه القوة الإدراكية تستلزم طلب الحقيقة ، فقد خلق فيه حاجة عليا للمعرفة ، وما لم تلبَّ هذه الحاجة العليا ، وما لم يبحث الإنسان عن الحقيقة ، وما لم يبحث عن سر وجوده ، وعن غاية وجوده ، وعن أفضل شيء يمكن أن يفعله في وجوده فقد هبط عن مستوى إنسانيته ، هناك حاجات سفلى ، وحاجات دنيا ، وهناك حاجات عليا مقدسة .
فالله سبحانه وتعالى أودع في الإنسان هذه القوة كي تلبَّى ، لذلك الإنسان الذي يبحث عن الحقيقة ، والذي يتعرف إلى سر وجوده ، وإلى غاية وجوده هو إنسان لعله اقترب من أن يؤكد ذاته ، ويحقق وجوده في الأرض .
2 – أصلُ الدين معرفةُ الله :

النقطة الدقيقة أن أصل الدين معرفة الله ، وفضلً معرفة الله على معرفة خَلقه كفضل الله على خلقه ، وكم هي المسافة كبيرة جداً بين أن تعرف شيئاً من مخلوقات الله وأن تعرف خالق السماوات والأرض ، المسافة كبيرة جداً ، فعَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( فَضْلُ كَلَامِ اللَّهِ عَلَى كَلَامِ خَلْقِهِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ )) .


[ رواه الدارمي في سننه] .





والآن فضل معرفة الله على معرفة خلقه كفضل الله على خلقه ، فلذلك ما من معرفة تعلو على أن نعرف الله عز وجل :
(( ابن آدم اطلبني تجدني ، فإذا وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء)) .


[ ورد في الأثر ] .

أيها الإخوة الكرام ، لو أن طفلاً صغيراً قال : معي مبلغ عظيم ، كم نقدر هذا المبلغ ؟ نقدره مئتي ليرة مثلاً ، أما إذا قال مسؤول كبير في دولة عظمى : أعددنا مبلغاً عظيماً للحرب ، فإنك تقدره مئتي مليار ، الكلمة نفسها قالها طفل فقدرناها برقم ، وقالها إنسان آخر فقدرناها برقم ، فإذا قال خالق السماوات والأرض :


7453



( سورة النساء ) .

3 – لا شيء يعلو على مرتبة العلم :

لذلك لا شيء يعلو على مرتبة العلم ، وإذا أدرت الدنيا فعليك بالعلم ، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم ، وإذا أردتهما معاً فعليك بالعلم ، والعلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك ، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئاً ، ويظل المرء عالماً ما طلب العلم ، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل .
بالمناسبة ، طالب العلم يؤثر الآخرة على الدنيا فيربحهما معاً ، بينما الجاهل يؤثر الدنيا على الآخرة فيخسرهما معاًَ .
4 – معرفةُ الآمرِ قبل معرفة الأمر :

أيها الإخوة الكرام ، هناك نقطة دقيقة جداً ؛ يمكن أن تتعرف إلى الله ، ويمكن أن تضعف معرفتك بالله ، وتتعرف إلى أمره ونهيه ، لكن الحقيقة الصارخة أنك إذا عرفت الآمر ، ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، بينما إذا عرفت الأمر ، ولم تعرف الآمر تفننت في التفلت من الأمر .
كأنني وضعت يدي على مشكلة العالم الإسلامي الأولى ، الصحابة الكرام قلة ، وقد وصلت راياتهم إلى أطراف الدنيا ، لأنهم عرفوا الله ، وحينما اكتفينا بمعرفة أمره ، ولم نصل إلى معرفته المعرفة التي تحملنا على طاعته كما ترون حال العالم الإسلامي فإنانا لسنا ممكَّنين ، والله عز وجل يقول :

7455


( سورة النور)

نحن كما في الآية الكريمة ، وهذا هو الواقع المرّ ، نحن لسنا مستخلَفين ، ولسنا ممكَّنين ، ولسنا آمنين ، والكرة في ملعبنا ، لأنه :

7458


( سورة مريم)

إذاً : الفرق واضح بين الرعيل الأول من الصحابة الكرام الذين عرفوا الله ، وطبقوا منهجه ، فاستحقوا وعود الله عز وجل ، وكما تعلمون جميعاً زوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين .
على كلٍّ ؛ قضية العلم واسعة جداً ، قال بعض العلماء : هناك علم بخلقه ، يعني عندنا واقع ، والعلم وصف ما هو كائن ، هناك ظواهر فلكية ، علم الفلك ، ظواهر فيزيائية ، علم الفيزياء ظواهر كيميائية ، علم الكيمياء ، ظواهر نفسية علم نفس ، ظواهر اجتماعية علم الاجتماع ، فالعلم مختص بما هو كائن ، وهو علاقة مقطوع بها بين متغيرين ، تطابق الواقع ، عليها دليل ، هذا هو العلم .
5 – العلم بخَلقه أصلُ صلاح الدنيا ، والعلمُ بأمْره أصل صلاح الآخرة :

لكن هناك شيء آخر ، هناك علم بأمره ، العلم بخَلقه من اختصاص الجامعات في العالم ، أية جامعة تذهب إليها فيها كليات العلوم ، والطب ، والهندسة ، والصيدلة ، وما إلى ذلك ، هذا علم بخلقه ، والعلم بخلقه أصل صلاح الدنيا ، والمسلمون مفروض عليهم فرضاً كفائياً أن يتعلموا هذه العلوم كي يكونوا أقوياء ، لذلك العلم بخلق الله أصل في صلاح الدنيا ، أما العلم بأمره فأصل في العبادة ، قال تعالى :


7459



( سورة الذاريات ) .





7460








1 – تعريف العبادة :

والعبادة طاعة طوعية ، ممزوجة بمحبة قلبية ، أساسها معرفة يقينية ، تفضي إلى سعادة أبدية .
2 – الكليات الثلاث في العبادة :

هذا التعريف فيه كليات ثلاث ، فيه كلية معرفية ، وكلية سلوكية ، وكلية جمالية :
الكلية السلوكية هي الأصل ، وما لم يستقم المسلم على أمر الله فلن يستطيع أن يقطف من الدين شيئاً ، هذه الكلية السلوكية .
المؤمن ملتزم ، المؤمن مقيَّد بمنهج الله عز وجل ، المؤمن في حياته منظومة قيم ، عنده فرض ، عنده واجب ، عنده سنة مؤكدة ، سنة غير مؤكدة ، مباح ، مكروه تنزيهاً ، مكروه تحريماً ، حرام ، العلم بأمره أصل في قبول العبادة .
3 – العبادات شعائرية وتعاملية :

بالمناسبة العبادة واسعة جداً ، هناك عبادة شعائرية ، وهناك عبادة تعاملية ، العبادات الشعائرية منها الصلاة والصوم لا تصح ، ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، لذلك قال بعض العلماء : " ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام ، وقد ورد في بعض الأحاديث الشريفة :
(( والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا )) .


[ الترغيب والترهيب عن ابن عباس بسند ضعيف]

SHARIEF FATTOUH
07-19-2010, 06:32 PM
7445

هناك علم بخلق الله ، والمسلمون مدعوون إلى طلب هذا العلم ، بل هو عليهم فرض كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الكل ، وهو أصل في صلاح الدنيا ، بينما العلم بأمره أن تعرف الحلال والحرام ، أن تعرف أحكام التعامل التجاري ، أحكام التعامل اليومي ، هذه كلها من أحكام الفقه ، ولا بد من أن يتعرف الإنسان إليها ، لتأتي حركته في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل .

إنك بالاستقامة تسلم ، لأنك تطبق تعليمات الصانع ، وما من جهة في الأرض أجدر من أن تتبع تعليماتها إلا الجهة الصانعة ، لأنها الجهة الخبيرة وحدها :


7446



( سورة فاطر الآية : 19 ) .

العلم بأمره فرض عين على كل مسلم ، العلم بخَلقه فرض كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الكل ، بينما العلم بأمره فرض عيني على كل مسلم ، كيف تعبد الله ؟ من أجل أن تعبده لا بد من أن تعرف أمره ونهيه ، فالعلم بخلقه من أجل صلاح الدنيا ، ومن أجل قوة المسلمين ، وعلم بأمره من أجل قبول العبادة .



7447


لكن بقي العلم به ، العلم بأمره وبخلقه يحتاج إلى مدارسة ، إلى مدرس ، إلى كتاب ، إلى وقت ، إلى مطالعة ، إلى مذاكرة ، إلى مراجعة ، إلى أداء امتحان ، إلى نيل شهادة ، ولكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة .

أنت حينما تلتزم ، وحينما تأتي حركتك في الحياة مطابقة لمنهج الله عز وجل عندئذ يتفضل الله علينا جميعاً فيمنحنا وميضاً من معرفته جل جلاله ، فلذلك العلم بخلقه يحتاج إلى مدارسة ، وعلم بأمره يحتاج إلى مدارسة أيضاً والعلم بخلقه وبأمره أصل في صلاح الدنيا ، ومن أجل قوة المسلمين ، والثاني أصل في قبول العبادة ، لكن العلم به يحتاج إلى مجاهدة ، فبقدر ما تضبط جوارحك ، بقدر ما تضبط حركاتك وسكناتك ، بقدر ما تضبط تطلعاتك وبيتك وعملك ، بقدر ما يتفضل الله عليك بأن يمنحك شيئاً من معرفته .


7448
الحقيقة نحن أمام طرق ثلاثة سالكة :

الطريق الأولى : النظرُ في الآيات الكونية :



أول بند آياته الكونية ، قال تعالى :
7449




( سورة آل عمران ) .

لذلك من أجل أن نعرف الله عز وجل لا بد من أن نتفكر في مخلوقاته ، والآية واضحة جداً ، وفيها إشارة دقيقة إلى أن المؤمن يتفكر في خلق السماوات والأرض تفكراً مستمراً ، والفعل المضارع ( يتفكرون ) يدل على الاستمرار ، فمن أجل أن أعرف الله ينبغي أن أتفكر في مخلوقاته .

هذا الكون أيها الإخوة الكرام ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله ، وقد قيل : الكون قرآن صامت ، والقرآن كون ناطق ، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي .

أول شيء ، هناك آيات كونية تحتاج إلى تفكر ، الآيات الكونية نتفكر بها ، وهذا طريق آمن ، لأن كل ما في الكون يعد مظهراً لأسماء الله الحسنى ، وهذا موضوع الدرس الأول .

ترى في الكون رحمة ، إذاً : الله رحيم ، ترى في الكون حكمة ، إذاً : الله حكيم ، ترى في الكون قوة ، الله قوي ، ترى في الكون غنى الله غني ، فكأن الكون مظهر لأسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى ، هذا طريق إلى معرفة الله .

بالمناسبة في القرآن الكريم ألف وثلاثمئة آية تتحدث عن الكون .

أيها الإخوة الكرام ، بربكم إن قرأت آية فيها أمر ، تقتضي هذه الآية أن تأتمر ، وإن قرأت آية فيها نهي ، تقتضي هذه الآية أن تنتهي ، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل الجنة تقتضي هذه الآية أن تسعى لدخول الجنة ، وإن قرأت آية فيها وصف لحال أهل النار تقتضي هذه الآية أن تتقي النار ، ولو بشق تمرة ، وإن قرأت قصة أقوام سابقين دمرهم الله عز وجل تقتضي هذه الآية أن نتعظ ، وأن نبتعد عن كل عمل يفعله هؤلاء .

الآن السؤال : وإذا قرأت آية فيها إشارة إلى الكون ، إلى خلق الإنسان ، ماذا تقتضي هذه الآية ؟ تقتضي هذه الآية أن تفكر في خلق السماوات والأرض .

أيها الإخوة الكرام ، ألف وثلاث مئة آية في القرآن الكريم تتحدث عن الكون ، وخلق الإنسان ، والآية مرة ثانية أرددها على مسامعكم :

SHARIEF FATTOUH
07-19-2010, 06:38 PM
7450


( سورة آل عمران ) .
هذا طريق سالك إلى الله ، وهو التفكر في خلق السماوات والأرض ، وهو طريق سالك وآمن ومثمر .
الطريق الثانية : النظرُ في أفعالِ الله تعالى :

هناك طريق آخر ، قال تعالى :
7451



( سورة النحل ) .
الآن الطريق الثاني في معرفة الله : أن تنظر في أفعاله ، الله عز وجل فعّال لما يريد ، وأفعاله متعلقة بالحكمة المطلقة ، وقد قال بعض العلماء : كل شيء وقع أراده الله ، وكل شيء أراده الله وقع ، وأراده الله متعلقة بالحكمة المطلقة ، والحكمة المطلقة متعلقة بالخير المطلق .
بالمناسبة ، هناك آيات كونية هي خَلقه ، وهناك آيات تكوينية هي أفعالُه ، وهناك آيات قرآنية كلامُه ، إذاً : طريق معرفة الله التفكر في آياته الكونية خلقه ، والنظر في آياته التكوينية أفعاله ، ثم تدبر آياته القرآنية .
ابن آدم اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتُك فاتك كل شيء ، وأنا أحب إليك من كل شيء .


فلو شاهدت عيناك من حسننا الذي رأوه لـــما وليت عنا لغيرنا


و لــو سمعت أذناك حسن خطابنا خلعت عنك ثياب العجب و جئتنا


ولـــو ذقت من طعم المحبة ذرة عذرت الذي أضحى قتيلاً بحـبنا


ولو نسمت من قربنا لك نسمـــة لمت غريباً و اشتياقاً لقربنـــا




***




7454




أيها الإخوة الكرام ،


7456




( سورة الرعد الآية : 28 ) .
في القلب فراغ لا يملأه المال ، ولا تملأه المتع ، ولا تملأه القوة ، نحن بحاجة إلى الإيمان ، لأن الله عز وجل يقول :


7457




( سورة طه ) .
الإنسان مجبول على حب وجوده ، وعلى جب سلامة وجوده ، وعلى حب كمال وجوده ، وعلى حب استمرار وجوده ، سلامة وجوده أساسها تطبيق منهج الله ، وكمال وجوده أسها القرب من الله عز وجل ، واستمرار وجوده أساها تربية الأولاد كي يكون هذا الابن استمراراً لأبيه .

SHARIEF FATTOUH
07-19-2010, 06:43 PM
7461
ـ مساحة العقيدة :

7463

أيها الإخوة الكرام ، إذا : يمكن أن نرمز إلى الإسلام بمثلث فيه أربع مساحات ، المساحة الأولى : مساحة العقيدة ، وأخطر شيء في الإسلام العقيدة ، لأنها إذا صحت صح العمل ، وإذا فسدت فسد العمل .
بالمناسبة ، الإسلام يقدم للإنسان تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة للكون والحياة والإنسان ، لمجرد أن تقرأ القرآن الكريم فأنت أمام منظومة تصورات عميقة ودقيقة ومتناسقة ، تعرف سر الحياة الدنيا ، لماذا أنت في الدنيا ؟ ما حكمة المرض ؟ ما حكمة المصائب ؟ لماذا هناك موت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ماذا قبل الموت ؟ من أين جئت ؟ وإلى أين أنا ذاهب ؟ ولماذا عندك أمن عقائدي ؟
لذلك إذا شرد الإنسان عن الله ، وتوهم أفكاراً معينة ، وآمن بها قد يفاجأ مفاجأة صاعقة ، أن هذه الأفكار غير صحيحة ، أما حينما يؤمن بالله ، ويؤمن بمنهجه ، والمنهج يقدم له تفسيراً عميقاً دقيقاً متناسقاً لحقيقة الكون ، ولحقيقة الحياة الدنيا ، ولحقيقة الإنسان عندها يفلح .
فلذلك في هذا المثلث المساحة الأولى مساحة العقائد ، لذلك الخطأ في الميزان لا يصحح ، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر ، أفضل ألف مرة أن تقع في خطأ في مفردات المنهج من أن تقع في خطأ في أصل التصور ، فالميزان غير منضبط لو استخدمته مليون مرة فالوزن غير صحيح ، أما إذا كان منضبطاً ، وأنت أخطأت بقراءة الرقم فهذه مرة واحدة ، فالخطأ في الميزان لا يصحح ، بينما الخطأ في الوزن لا يتكرر .
لذلك أفضل ألف مرة أن نخطئ في الوزن من أن نخطئ في الميزان ، فالمساحة الأولى في المثلث هي مساحة العقيدة ، فإن صحت صحّ العمل ، وإن فسدت فسد العمل ، وما من انحراف في السلوك إلا بسبب انحراف في العقيدة ، ولو أن العقيدة لا يتأثر بها السلوك فاعتقد ما شئت ، ولكن ما من خطأ في العقيدة إلا وينعكس خطأ في السلوك .
للتقريب : أحياناً يخطئ الطيار في تحديد الهدف في الجو بميليمتر واحد ، هذا الميليمتر في الجو ينقلب في الأرض إلى كيلو متر ، فالخطأ في العقيدة له آثار سيئة جداً ، لذلك يجب أن تصح عقائدنا ، والإنسان بحاجة إلى أن يراجع ما يعتقد ، أحياناً يعتقد شيئا غير صحيح ، خرافة أحياناً ، شيئا شاع بين الناس ، فلابد من بحث في العقيدة ، والشيء الدقيق أن الله لو قبِل من إنسان عقيدة تقليداً لكان كل الضالين في الأرض مقبولين عند الله ، لكن لأن الله عز وجل يقول :
7462


( سورة محمد ) .
لا تقبل العقيدة من المؤمن إلا تحقيقاً ، قضية التقليد مرفوضة ، لأن الله عز وجل يقول :
7462


( سورة محمد ) .
2 ـ مساحة العبادة :
7464

المساحة الثانية في المثلث مساحة العبادات ، والأصل في العبادات الحظر ، ولا تشرع عبادة إلا بالدليل القطعي والثابت ، لأن العبادات قربات إلى الله ، والله عز وجل يقول :
7465


( سورة الذاريات ) .
والعبادة علة وجودنا ، بل هي سر وجودنا ، لكن لهذه العبادة مفهومات دقيقة جداً ، ولها مفهومات واسعة .
العبادة تدور مع الإنسان حيثما دار في كل أوقاته ، وفي كل أحواله ، وفي كل شؤونه فلذلك ، المساحة الثانية العبادات .

SHARIEF FATTOUH
07-19-2010, 06:50 PM
7467
أخطر ما في الموضوع أن العبادات الشعائرية لا تقبل ولا تصح إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، لذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( أَتَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا لَهُ دِرْهَمَ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ ، قَالَ : الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ يَأْتِي بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ )) .


[ مسلم عن أبي هريرة ]

هذه الصلاة .
الصوم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ )) .
(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )) .


[ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة] .





الحج :
(( من حج بمال حرام ، ووضع رجله في الركاب ، وقال : لبيك اللهم لبيك ينادى أن : لا لبيك ، ولا سعديك ، وحجك مردود عليك )) .


[ ورد في الأثر ]

الزكاة ، قال تعالى :
7468


( سورة التوبة الآية : 53 ) .


شهادة أن لا إله لا الله :
(( من قال : لا إله إلا الله بحقها دخل الجنة ، قيل : وما حقها ؟ قال : أن تحجزه عن محارم الله )) .
[ الترغيب والترهيب عن زيد بن أرقم بسند فيه مقال كبير ]

فالعبادات الشعائرية كالصلاة والصوم لا تصح ولا تقبل إلا إذا صحت العبادات التعاملية ، فلذلك المساحة الأولى مساحة العقائد ، والمساحة الثانية مساحة العبادات .
3 ـ مساحة المعاملات :

والمساحة الثالثة مساحة المعاملات ، سيدنا جعفر رضي الله عنه حينما لما سأله النجاشي عن الإسلام ماذا قال ؟ قال :
(( أَيُّهَا الْمَلِكُ ، كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ ، يَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ ، فَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ لِنُوَحِّدَهُ ، وَنَعْبُدَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَانِ ، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ ، وَالْكَفِّ عَنْ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ ، وَنَهَانَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ، وَقَوْلِ الزُّورِ ، وَأَكْلِ مَالَ الْيَتِيمِ ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ )) .
[ أحمد عن أم سلة ]

إذاً : الإسلام مجموعة قيم أخلاقية ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام :
(( بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ )) .
[ متفق عليه عن ابن عمر ]

الإسلام بناء أخلاقي ، والعبادات الخمس أركان الإسلام ، لذلك قالوا : الإيمان هو الخَلق ، ومن زاد عليك في الخُلق زاد عليك في الإيمان .
أول مساحة العقائد ، الثانية العبادات ، الثالثة المعاملات :
ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد الإسلام .
والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافي في مسجدي هذا .
4 ـ مساحة الأخلاق :

المساحة الأخيرة مساحة الأخلاق :
7469
ما لم تكن متمسكاً بمكارم الأخلاق ، ما لم يكن منصفاً ، ما لم يكن متواضعاً ، ما لم يكن رحيماً فكأنك لن تقطف ثمار هذا الدين .
http://www.nabulsi.com/text/02akida/6names-hamd/names-01a_files/image023.gif

أيها الإخوة الكرام ، هذا تقديم وتمهيد لموضوع أسماء الله الحسنى ، يقول الله عز وجل :
7470
[ سورة طه ]
7471




( سورة الأعراف )

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
(( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا ، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )) .


[ متفق عليه ]

وهاتان الآيتان وهذا الحديث نشرحهما إن شاء الله في درس قادم .

والحمد لله رب العالمين