المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الآثار النفسية للاغتراب على الطفل،وكيفية تهيئته



سارة
01-12-2011, 11:35 PM
الآثار النفسية للاغتراب على الطفل،وكيفية تهيئته ومناقشته في ماينتظره من تغيير في المكان!!

تواجه الأسرةالعربية في بلاد الإغتراب تحديّات جمّة، يتمثّل أبرزها في التكيّف وإيجاد التوازنبين ما تحمله من عادات وتقاليد وقيم ومبادئ تتوارثها جيلاً بعد جيل وبين تلكالسائدة في الموطن الجديد.

تبدو تهيئة الطفل نفسياً، قبل الشروع في هذاالقرار، خطوةً أساسيةً وهامّةً يجري خلالها إطلاع الطفل على قرار الإنتقال إلى بلدآخر، بالأسلوب الذي يتناسب وسنّه. وفي هذا الإطار، تشدّد الدكتورة كلاّب على ضرورةتجنّب أن يكون هذا الأمر مفاجئاً، بل يجب مدّ الطفل بمعلومات وافرة وواضحة عن البلدالجديد من خلال الصور أو الفيديو، وشرح الأسباب التي دفعتهم إلى القيام بهذهالخطوة، وتبيان حسناتها ونتائجها الإيجابية. كما ينبغي مناقشة الوضع الذي ستكونعليه أحوال الأسرة هناك، ونمط عيشها وطريقة تواصلها مع البلد الأم ومع الأصدقاءوالأقارب.

الآثارالنفسيّة:يشكّل الاغتراب نقلةً جوهرية في حياة الأسرة وتغييراً في نمط عيشهاوتفاصيل يوميّاتها، فكيف يواجه الطفل هذا التغيير، وخاصة افتقاده للوجوه والأشياءالتي أحبّها وتعلّق بها؟

ممّا لا شك أنّ ردات فعل الأطفال تتفاوت تجاههذا الأمر، كلّ بحسب سنّه وطبيعته وأسلوب تربيته والمحيط الذي نشأ فيه. فالطفل الذيلم يتجاوز عمره 3 سنوات يعتبر الأمر سهلاً، إذ لم يكن قد نسج علاقات وصداقات بعد،وحيث أنه لم يتعرف في هذه السن المبكرة سوى على والديه وإخوته. في المقابل، يشعرالطفل الذي يتراوح عمره ما بين 4 و6 سنوات بوطأة الاغتراب، إذ يفتقد الجوّ الحميمالذي كانت عائلته الكبيرة (الوالدان، الأجداد، الأعمام، الأخوال، الخالات...) تحيطهبه، إذ يشكّلون جميعاً مصادر أساسية يستمدّ منها الحب والأمان، ويحظى باهتمامهمورعايتهم. وقد يترجم الطفل هذا الحرمان إلى حالة من الحداد الموقتة، تصاحبها أعراضجانبيّة تتمثّل في: الامتناع عن اللعب، وفقدان الشهية، واضطرابات في النوم، وبكاءوعزلة. وفي هذه الحالة، يجدر بالأهل اصطحاب ما يمكنهم من أغراض وأشياء شخصيّة تتعلقبالطفل كان قد اعتاد على وجودها والتفاعل معها (ألعاب، وسائد، قصص...) للتخفيف منحدة شعوره بفقدان العناصر المألوفة لديه والمحبّبة إليه.


ولعلّ الشعور بالغربة والصدمة يكون أشدّ وقعاً على المراهق المغترب، إذ يجدنفسه مضطراً إلى التخلّي عن مجموعة لا بأس بها من الأصدقاء والأماكن والعادات التياتخذت مكانةً هامّةً في ذاكرته ووجدانه. ففي البداية، يعيش غربةً نفسيّةً داخليةً،فقد تغيّر عالمه الخاص بجميع عناصره، مما يولّد لديه شعوراً بالصدمة ما يلبث أنيتبدّل أمام حتمية التأقلم والاندماج، فيميل إلى التماهي مع أقرانه خشيةً من العزلةوالتهميش، بعد رحلة مريرة من البحث عن هويته. وفي هذه المرحلة، يضجّ في رأسه سؤالهامّ: من أنا؟ لشعوره بأنه مجرد رقم في هذا المجتمع الغريب الذي لا يمتّ إليهبصلة.


التكيّفوالاندماج:تساهم عوامل عدّة في تحقيق الاندماج في المجتمع الاغترابي، منبينها طبيعة الشخص وبنيته النفسية وميوله الإجتماعية وقدرته على التواصل والتفاعلمع المحيطين به ونمط عيشه وأسلوب والديه المرن والمنفتح في تربيته... في حين يصعبعلى الطفل الذي ينشأ في جو من العزلة الإجتماعية التأقلم بيسر وسهولة، علماً بأنملكة التكيّف والتأقلم تختلف من شخص إلى آخر.

وقد تشهد مرحلةاندماج المراهق في مجتمعه الجديد بعض الاضطرابات والصراعات مع والديه، لما تحمله منعادات وسلوكيات قد تتناقض مع مجموعة القيم والمفاهيم التي نشأ عليها الأهل. وهنا،يجدر بالوالدين تفهّم ابنهما وما يشهده من تطورات وتغييرات
على هذا الصعيد، وإسداء النصح والإرشادات إليه،بعيداً عن التصلّب والتعنّت، مع اعتماد الحوار والنقاش أسلوباً في حل ما يواجهونهمن تحديات ومشكلات.

خطوات هامّة:يخشى عدد من المغتربين ضياعهوية أبنائهم وفقدانهم السبل والرغبة في التواصل مع باقي أفراد عائلتهم الكبيرة فيالوطن الأم. وللحفاظ على الروابط بين المغترب وموطنه الأوّل، دون أن يعوق ذلك مسألةالاندماج والتكيّف، ينصح الأهل باتباع التالي:

?الحرص على إيجاد التوازنبين ثقافة البلد المضيف وتلك السائدة في الوطن الأم، بحيث تحافظ العائلة على منظومةالقيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية بدون تعنّت أو تزمّت أو تقوقع داخل مجموعاتعاجزة عن الإندماج مع محيطها الجديد، والبحث عن قواسم مشتركة مع هذا المجتمع، رغمظواهر الإختلاف والتباين. فالحق في الإختلاف والتنوّع مشروع ولا يحول دون التأقلموالإندماج.

?التحدّث باللغة الأم حفاظاً على الهوية، وتعزيزاً للشعور بالإنتماء إلى بلديحمل حضارة وتاريخاً، إذ أن للطفل جذوراً وأصولاً ستشكل لاحقاً أساساً يبني عليه. فمن لا تاريخ له لا حاضر أو مستقبل له.

?الإطلاع على ثقافاتمتنوّعة ومختلفة هو مصدر غنى حضاري وثقافي، مما يتيح للطفل تكوين شخصيّة ثرية منحيث التجارب والخبرات، وكلّما تعدّدت مصادر معرفته كلّما تمتّع بنضج ووعي وتوسّعتآفاقه ومداركه.