المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : روح الأنتصار



M-AraBi
03-04-2011, 09:50 AM
بقلم :يوسف بن صالح الهذلول



تُقارب المقارنة أحيانًا لغة الأرقام والإحصائيات..

الفتح الإسلامي رسول خير للأرض، ولِمن عليها، ولِمن سيمر يومًا فوقها، والجيوش الإسلامية رسّخت الكثير مما يدعو إليه الإسلام، ورعت وراعت الحقوق والحريات.

بالمقابل لو تأمّلت تاريخ أي غزو آخر وكيف تعامل مع جنوده أولاً، فضلاً عمّن سيقاتل ويغزو لوجد الكثير من المفارقات التي تجعل التنظير شيئًا، والواقع والتاريخ شيئًا آخر.

تأمّلٌ سريع لبعض أحداث التاريخ، وحديث الزمان عن تلك الأحداث، وشكر العدو لأولئك الغزاة، وكيف يُستقبل الجيش الإسلامي و يفتح له، بل ويطلب لفرض السيادة عليه!

المعاني الآنفة الذكر يستطيع القارئ لبعض الوقائع التاريخية القادمة الإسقاط عليها، والمصادقة على حقيقة الدعوات المثبتة لدى الإسلام، والمُدعاة لدى آخرين.

طُلقاء:

أسسها محمد عليه الصلاة والسلام، يوم أن اعتلى وعلا، وانتصر، وصارت رقاب من طردوه بين يديه، افتتح ثقافة الانتصار، وأسس لروح التعامل بعد الفوز. أطلقهم، وسرحهم، بل من أسلم منهم خصّهم بأعطيات حنين وبعطاء كاد يؤثر على قلوب من حوله.

وصايا للشجر قبل البشر!

وهذا الصديق -رضي الله عنه- يخاطب قادة الجيش بوصيّته المعروفة:

لا تخونوا ولا تغلوا، ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيرًا إلاّ لمأكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإن أكلتم منها شيئًا بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها.

مواكب الفتح:

و القصة الشهيرة في رحلة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من المدينة المنورة إلى بيت المقدس ليستلم مفاتيحها، و صورة الموكب -ملك وخادمه وراحلة- و العدل في الركوب، فكان عمر يركب مرة ويمسك الخادم بزمام الراحلة، ومن ثم يركب الخادم ويمسك عمر بزمام الراحلة!

و لما قدم عمر الشام عرضت له مخاضة، فنزل عن راحلته ونزع خفّيه، ثم أخذ بخطام راحلته وخاض المخاضة، فقال أبو عبيدة بن الجراح:

لقد فعلت يا أمير المؤمنين فعلاً عظيمًا عند أهل الأرض، نزعت خفيك وقدمت راحلتك، وخضت المخاضة.

فصكّ عمر بيده في صدر أبي عبيدة وقال:

أوه.. لو غيرك يقولها يا أبا عبيدة!

كنتم أقل الناس، وأذلّ الناس، فأعزكم الله بالإسلام، فمهما تطلبوا العزة بغيره يذلكم الله تعالى.

الخليفة والخدم!

عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثالث الخلفاء، يستيقظ من ليله، فيأخذ وضوءه ويتوضأ، دون أن يوقظ خادمًا نائمًا!

طلب منه أهله ألاّ يفعل ذلك وأن يوقظ الخدم لخدمته، فيرد عليهم: لا، لهم الليل يستريحون فيه؟

حُكم وحِكمة!

منطوق الإنسان يخبر ويدل على مخبره، وهنا أحد حكم علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو الذي أمسك بزمام شرف النسب، و الظفر بذات النسب، وختمها بالخلافة، فعند استشعار ما مضى وتأمل ما نقل عنه يتبين أن الدنيا كانت لا تتعدى في مخيلتهم كونها مرحلة وتنتهي، وأنها محك امتحان لا غير.

يُروى أنه قال:

"من نصّب نفسه للناس إمامًا، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلّم نفسه ومؤدّبها أحق بالإجلال من معلم الناس ومؤدبهم.

لأنسبنّ الإسلام نسبةٍ لم ينسبها أحد قبلي، الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل.

عظّم الخالق عندك يصغر المخلوق في عينيك.

سوسوا إيمانكم بالصدقة، وحصّنوا أموالكم بالزكاة، وادفعوا أمواج البلاء بالدعاء، المرء مخبوء تحت لسانه، هلك امرؤ لم يعرف قدره، الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم، وعلى كل داخل في باطل إثمان: إثم العمل به، وإثم الرضا عنه".

ويؤيد ما سبق:

لم يكن عليّ في قضائه يجامل ويحابي، ولا يميز عربيًا على أعجمي؛ فقد أتته امرأتان تسألانه، عربية ومولاة لها، فأمر لكل واحدة منهما بمكيال من طعام، وأربعين درهمًا، فأخذت المولاة الذي أُعْطيت وذهبت، وقالت العربية: يا أمير المؤمنين تعطيني مثل الذي أعطيت هذه وأنا عربية وهي مولاة؟ فقال لها عليّ: إني نظرت في كتاب الله عز وجل، فلم أر فيه فضلاً لولد إسماعيل على ولد إسحاق عليهما الصلاة والسلام.

بل لم يكن يجامل محبيه وأنصاره، فقد جاء جعد بن هبيرة إلى عليٍّ رضي الله عنهما، فقال: يا أمير المؤمنين، يأتيك رجلان أنت أحب إلى أحدهما من نفسه، أو قال: من أهله وماله، والآخر لو يستطيع أن يذبحك لذبحك، فتقضي لهذا على هذا؟

فلهزه (ضربه على صدره) عليّ رضي الله عنه، وقال: إن هذا شيء لو كان لي فعلت، ولكن إنما ذا شيء لله.

نفسية المُلك، وطبيعة النظرة بين الحاكم والمحكوم يجعل المتأمل يدرك حقيقة تناولهم لأمر الرفعة والخلافة والمُلك، لم يجعلوا -الخلافة والملك- خلفهم توجّههم، بل ساقوها أمامهم وكانوا خلفها، يضعون صلاحياتها في المكان المناسب.

ربط عجيب بين الأرض والسماء، جسد على الأرض، و أرواح ترقب السماء، لم تكن المناصب والأوضاع المرتفعة تقوى على نفوسهم. كان تصورهم لطبيعة مرحلة الأرض أكبر من أن يسيطر عليهم هاجس سلطوي مؤقت!

AHLA-DANA
03-04-2011, 05:14 PM
يعطيك العافية
جزاك ربي كل الخير
وجعلة في ميزان حسناتك
دمت بود

M-AraBi
03-05-2011, 02:35 AM
شكراً لك دانا على مروركم الذي أنار الموضوع

لك مني خالص الاحترم والتقدير

دمتي بحفظ الرحمن

ibrahem706
03-05-2011, 03:27 AM
عليهم رضوان الله
هؤلاء الصحابة فنحن اين منهم

اخي عربي شكرا على موضوعك الرائع
وتقبل مروري وتقييمي