المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هاملت



سارة
03-04-2011, 08:37 PM
هاملت






الفصل الأول
المنظر الأول
لإفريز أمام القلعة
( فرانسيسكو في مرقبه، يدخل برناردو)


برناردو : من هنــاك ؟
فرانسيسكو : بل أجبني أنت ، قف وأنبئ عن نفسك !
برناردو : عاش الملك !
فرانسيسكو : برناردو ؟
برناردو : أجل .
فرانسيسكو : حضرت في موعدك بغية الدقة .
برناردو : دقت الساعة الثانية عشرة فانطلق إلى فراشك يا فرانسيسكو .
فرانسيسكو : لك الشكر على هذا الإخلاص . إن البرد قارس وقلبي متعب عليل .
برناردو : هل ساد الهدوء أثناء رقابتك ؟
فرانسيسكو : لم تتحرك فأرة واحدة .
برناردو : إذن طاب ليلك . إذا قابلت هواشيو ومرسيلوس فقل لهما ان يسرعا . إنهما زميلاي في المراقبة .
فرانسيسكو : كأني أسمعهما قادمين . قفوا . من هنـــاك؟

يدخل هوراشيو ومرسيلوس
هوراشيو : صديقان للوطن .
مرسيلوس : ومن رعايا ملك دانمركة .
فرانسيسكو : إذن طابت ليلكمـا .
مرسيلوس : وداعا أيها الجندي الأمين . من بديلك في المراقبة .

يخرج
فرانسيسكو : حل برناردو محلي .
مرسيلوس : مرحبا برناردو !
برناردو : قل : أهذا هو هوراشيو ؟
هوراشيو : قطعة منه .
برناردو : مرحبا بهوراشيو ومرحبا بمرسيلوس .
مرسيلوس : ترى هل ظهر ذلك الشيء مرة أخرى في هذه الليلة ؟
برناردو : لم أر شيئا قط .
مرسيلوس : يزعم هوراشيو أن هذا كله من تخيلاتنا .
ويأبى أن يصدق نبأ ذلك المنظر المخيف ، الذي شهدناه مرتين .
لهذا توسلت إليه أن يصحبني
لكي يرقب معنا دقائق هذا الليل
حتى إذا ما عاد الشبح للظهور
استطاع أن يؤمن بما رأته أعيننا
ولعله أن يتحدث إليه .
هوراشيو : دع هذا السخف فإن شيئا لن يظهر
برناردو : فلتجلس برهة ، ودهنا مرة أخرى نهاجم أذنيك
التين حصنتهما بحيث لا تنفد إليهما قصتنا
وما شهدناه كلانا ليلتين .
هوراشيو : حسنا ، فلنجلس ونستمع لما يحدثنا به برناردو .
برناردو : في الليلة الماضية قد مال ذلك النجم بعينه
إلى الغرب من القطب وهو يسري في فلكه
لكي يضيء ذلك الجزء من السماء الذي يتوهج فيه الآن
إذا بي و بمرسلوس ، حين دقت الساعة الواحدة ..
مرسيلوس : صه . اقطع حديثك !
انظر من أين يعود مرة أخرى !

يدخل الشبح
برناردو : إنه يتخذ نفس الصورة . صورة الملك الراحل .
مرسيلوس : إنك من أهل العلم . تحدث يا هوراشيو .
برناردو : أليس شديد الشبه بالملك . تأمل يا هوراشيو .
هوراشيو : يشبهه جدا : إن قلبي يخفق رعبا ودهشة .
برناردو : إنه يريد أن يتحدث إليه .
مرسيلوس : سائله يا هوراشيو .
هوراشيو : من انت يامن اغتصبت هذه الساعة من الليل ؟
كما اغتصبت القوام والجميل والزي العسكري
الذي كان يرفل فيه من قبل جلالة ملك دانمركة الدقيق ؟
أستحلفك بحق السماء أن تتكلم .
مرسيلوس : بدا عليه الاستياء
ربناردو : انظر كيف يتراجع مبتعدا .
هوراشيو : قف ! تكلم ، تكلم ! إني أدعوك أن تتكلم .

يخرج الشبح
مرسيلوس : لقد ولى ولم يرد أن يجيب .
برناردو :ما خطبك يا هوراشيو ؟ أراك ترتعد وقد علاك الشحوب
أليس هذا أكثر من مجرد وهم أو خيال
ما رأيك فيه الآن ؟
هوراشيو : اقسم أمام الله أني ما كنت لأصدق هذا .
لولا ما شهدته عيناي في رؤية صادقة وحس سليم .
مرسيلوس : ألأا تراه شبيها بالملك ؟
هوراشيو : كما تشبه أنت نفسك
إن ذلك الدرع هو بعينه الذي كان يرتديه
وهو يقاتل ملك النرويج الطموح
وقد أبدى مثل هذا العبوس مرة حين احتدم النضال .
وأخذ يصرع البولنديين الذي كانوا يركبون المزالق .
والقاهم فوق الجليد . إن هذا لأمر عجيب
مرسيلوس : وقد حدث هذا مرتين من قبل في نفس الساعة الكئيبة
رايناه يتجول بخطاه العسكرية
أثناء قيامنا بالمراقبة .
هوراشيو : لست أعرف لي رايا خاصا أسير بمقتضاه
ولكن يخيل إلي بوجه عام
أن هذا نذير بانفجار غريب في دولتنا
مرسيلوس : حسنا ، أجلي اذن وقل لي الآن
وأنت العليم بالامور : لم كل هذا السهر
والمراقبة الدقيقة البالغة منتهى الشدة
يضطلع بها كل ليلة رعية هذه البلاد ؟
ولماذا تصب كل يوم مدافع من النحاس
وتجلب الاسلحة من السوق الاجنبية
ولماذا يسخر صناع السفن للعمل الشاق كل يوم
لا فرق بين الآحاد وغيرها من الايام ؟
ما الخطر الداهم الذي استوجب هذه العجلة الحامية
التي تضطرنا لأن نصل عمل الليل بالنهار ؟
من يستطيع أن يخبرني بسر هذا العمل ؟
هوراشيو : أنا أستطيع . أو على الأل\قل سمعت أحاديث يهمس بها ،
إن ملكنا الراحل الذي ظهرت لنا صورته منذ قليل
تحداه للقتال فيما مضى فورتنبراس ملك نروج .
وقد دفعه إلى ذلك ما انطوى عليه من حسد وكبرياء .
فلم يلبث فورتنبراس هذا أن خر صريعا

سارة
03-04-2011, 08:38 PM
بيد ملكنا الباسل هملت (1)
الذي يعرف بسالته جميع سكان المعمورة
وخسر القتسل بذلك حياته
وخسر معها تلك الأراضي التي كان يملكها
وقد آلت كلها للفائز المنتصر
طبقا لاتفاق قانوني مكتوب ومحتوم
كما ان ملكنا من ناحيته
كان قد جنب من أملاكه جزءا يعادل أملاك فورتنبراس
ليكون من نصيبه لو كتب له هو النصر
هكذا استولى ملكنا بمقتضى هذا الاتفاق على أراضيه
والآن ظهر فورتنبراس الصغير ، الجرئ المتهور
وأخذ يحشد على حدود نروج ، وفي غيرها من الجهات
عصابات من الافاقين والمتشردين
يسوقهم نظير القوت ، إلى مشروع
ينطوي على الجرأة والإقدام
وما هذا المشروع كما يبدو جليا لرجال حكومتنا
سوى أن يستردوا منا بالقوة القاهرة
وبشروط ملؤها البطش والجبروت
تلك الأراضي التي فقدها والده
على النحو الذي أشرت إليه
ذلك ما يبدو لي انه السبب الاكبر لهذه الاستعدادات .
وهو السر في تكليفنا هذه الرقابة الساهرة
والدافع الاكبر لكل ما يسود البلاد من حركة ونشاط.
لرناردو : يخيل إلي أن الأمر لا يعدو ما ذكرت
وهو ما يتفق مع ظهزر هذا الشبح الرهيب
مدججا بالسلاح أثناء سهرنا في صورة الملك الراحل
إنه أمر كان ولا يزال يسبب هذه الحروب .
هوراشيو : أمر صغير لكنه يقلق البال كالقذى في العين .
لقد حدثت في روما ابان مجدها وازدهارها أحداث
قبيل الساعة التي لقي فيها يوليوس قيصر مصرعه
إذا خلت المقابر من ساكنيها وانطلق الموتى في شوارع روما
وعليهم أكفانهم يصيحون ويهذون
وبدت في السماء أنجم بأذناب النار
وتساقط الندى دما قانيــا .
وانتابت الشمس كوارث وخسف القمر الكوكب الندي
الذي يعتمد عليه نبتون في عزه وسلطانه (2)
واعتراه الوهن مش شدة الخسوف حتى كاد ان يفني
وهكذا تسبق النذر قبل حلول الخطوب
كأنها طلائع تسبق الأقدار
وتمهد السبيل لما يليها من نوائب
كذلك تظهر الارض والسماء الخوارق
لسكان هذا الاقليم وللمواطنين جميعا

يعود الشبح
ولكن مهلا انظرا ، انظرا من أين يرجع مرة أخرى !
سأعترض طريقه وإن كان في ذلك حتفي . قف ايها الخيال !
إذا كان لك صوت وتستطيع النطق
فتحدث إلي
وإذا كان هنالك خير نعمله
فيه راحة لك وثواب لي
فتحدث إلي
وإذا كنت عليما بما قدر لوطنك من خطب
وامكننا أن نتفاداه إذا عرفناه
فتكلم
وإذا كنت في حياتك قد جمعت مالا ودفنت كنزا في بطن الثرى
بعد ان اغتصبته ظلما وبغيا
ومن أجل ذلك تهيم الأرواح قلقة بعد الموت كما يزعمون
فتكلم يصيح الديك .
قف ويحك وتكلم . أوقفه يا مرسيلوس!
مرسيلوس : هل أطعنه برمحي
هوراشيو افعل ، إذا ابى أن يقف
برناردو : إنه ها هنــا
هوراشيو ها هنـا .

يخرج الشبح
مرسيلوس : انصرف . لقد أسأنا إليه بأن أظهرنا له العنف
وهو يبدو في مثل هذا الجلال
إنه كالهواء لطفا فلا نستطيع امساكه
وما ضرباتنا إلا عبث يستحق السخرية
برناردو : كان يهم بالكلام عندما صاح الديك .
هوراشيو : ثم مضى سريعا كمن أتى ذنبا . تلبية لنداء رهيب
وقد سمعت أن الديك للصباح بمثابة البوق
فهو الذي يوقظ إله النهار
بحنجرته ذات الصوت العالي المديد
فلا تكاد الارواح تسمع صوت هذا النذير
حتى تعود مسرعة إلى مستقرها
سوااء أكان مسراها في البحار أم في النار
ام كانت تجول في الارض ام في الجو
ولا شك ان فيما رأيناه الساعة
شاهد بصدق هذا القول
مرسيلوس : لقد تلاشى عندما صاح الديك
ويزعمون أنه عندما يجيء الأوان
لإحياء ذكرى مولد سيدنا المسيح
لا ينقطع الديك عن الغناء طول الليل
ومن أجل ذلك لاتبرح الأرواح مستقرها
ويكون الليل كله أمنا وكواكبه لا تتصادم
والعفاريت لا تؤذي أحدا والساحرات يبطل سحرهن
لأن الزمان كله يمن وبركة .
هوراشيو : سمعت هذا أيضا وأصدقه بعض التصديق
لكن انظر الى مطلع الفجر مرتديا كساءه الأحمر
وهو يطل من فوق الندى المتساقط على ذلك الكثيب الشرقي
لقد آن لنا أن ننهي رقابتنا
ومن راي أن ننقل إلى هملت الشاب ما شهدناه الليلة
فلعمري إن هذا الشبح الأبكم أمامنا . سيتحدث إليه
هل توافقان على أن نطلعه على هذا الأمر
لما نكنه له من الحب ولما يمليه علينا الواجب
مرسيلوس : أجل لعمري ، وإني لأعلم المكان الملائم
الذي نستطيع أن نلقاه فيه اليوم .
المنظر الثاني
قاعة حجرة استقبال في القلعة
( يدخل الملك والملكة وهاملت ، و بولونيوس ولايرتس و فولتمند و كرنيلوس وبعض الأشراف والحاشية )


الملك : على الرغم من موت أخينا العزيز هاملت
ما برحت ذكراه ماثلة في خاطرنا
وإننا جديرون أن تمتلئ قلوبنا حزنا وكمدا
وأن تنقبض مملكتنا كلها
كأنها جبهة غضنتها الكآبة
فإن العقل لم يزل يكافح الطبع
حتى أصبحنا نفكر بحزن يخالطه الحزم

سارة
03-04-2011, 08:39 PM
والشعور بالواجب الملقى علينا
لهذا اتخذنا زوجا تلك التي كانت من قبل لنا أختا
واليوم أصبحت ملكة تشاركنا السلطان والحكم
في هذه الدلوة المحاربة
فعلنا ذلك فرحين ، فرحا تشوبة الأحزان
وبعينين إحداهما ضاحكة . والأخرى باكية
فكان السرور وسط المأتم . والاسى يغشى العرس
وقد تساوى الفرح والكدر في كفتي الميزان
وفي هذا كله لم نقصر في استشارتكم
فكان رأيكم الراجح دائما مؤيدا لنا في هذا الأمر
وقد أدليتم بكل حرية فلكم جميعا شكرنا
أنتقل الآن إلى ما تعرفونه من أمر الفتى فورتنبراس
الذي صور له الوهم أن بنا ضعفا أو عجزا
أو أن دولتنا اعتراها الاضطراب والارتباك
بعد وفاة اخينا العزيز الراحل
وقد قوى هذا الوهم عنده ما يحلم به من غنم
فلم يلبث أن أخذ يضايقنا برسائله
ويطالبنا فيها بتسليم تلك الأراضي
التي نزل عنها أبوه . طبقا للحق والقانون
والت إلى أخينا الشهم الهمام ، هذا ما كان من أمره
أما نحن فحسبنا في هذا الاجتماع
أن نعرض لأمر واحد ، لدينا كتاب أعددناه
لكي نرسله إلى ملك نروج ، عم الفتى فورتنبراس
وهو الآن من الضعف لا يفارق فراشه
ولا يكاد يعلم شيئا مما يضمره ابن أخيه
نطالبه في كتابنا أن يوقف تهور الفتى وعدوانه .
فإن الجنود الذي جندهم ، على اختلاف وحداتهم وأسلحتهم
هم جميعا من رعاياه ، فهلم يا كرنيلوس الطيب
وأنت أيضا يا فولتمند فني مرسلكما
فتحملا تحيتي هذه إلى ملحك نروج الشريخ
ولا أخولكما أية سلطة شخصية اخرى للمفاوضة مع الملك فوق ما تسمح به النصوص الواضحة الوافية
الوداع إذن وليكن اسراعكما دليل اخلاكصما للواجب

كورليوس وفولتمند : سندي في هذا وفي غيره ما نحسه من واجب مقدس .
الملك : ليس لدينا شك . وداعا .

يخرجــان
والآن يا لايرتس ما خطبك ؟
ذكرت أن لك مطلبا ، فما هو يا لايرتس
إنك لن تتقدم باي طلب معقول لملك دانمركة
ويذهب صوتك هباء . ما الذي تريده يا لايرتس
مما لا أتردد في منحك إياه دون أن تسألني ؟
إن الرأس ليس أكثر اتصالا بالقلب
ولا الفم أشد حاجة إلى اليد
من حاجة عرش دانمركة واعتماده على أبيك .
ما الذي تبغيه يا لايرتس؟

لايرتس : مولاي ذا الهيبة والجبروت .
أبغي عطف مولاي وإذنه بأن أعود إلى فرنسا
لقد عدت منها إلى دانمركة عن رغبة صادقة
في أن أؤدي واجبي في تتويجكم
ولكني أعترف أنني بعد أداء هذا الواجب
أخذ فكري ورغبتي يتجهان نحو العودة إلى فرنسا
فألتمس من جلالتكم العذر والمغفرة
الملك : هل نلت الإذن من ابيك ؟ ما قولك يا بولونيوس .
بولونيوس : لقد استطاع يا مولاي أن ينتزع مني الموافقة بمشقة
بعد أن أطال الرجاء والاحاح
فاضررت أخيرا إلى الموافقة كارها لرغبته .
فألتمس منك أن تمنحه الإذن بالرحيل .
الملك : لتنعم بساعات عمرك با لايرتس . أوقاتك كلها لك .
فأنفقها فيما توحي فاضررت أخيرا إلى الموافقة كارها لرغبته .
فألتمس منك أن تمنحه الإذن بالرحيل .
الملك : لتنعم بساعات عمرك با لايرتس . أوقاتك كلها لك .
فأنفقها فيما توحي إليك به شمائلك وميولك .
والآن يابن العم . يا ولدنا هملت
هاملت ( لنفسه ) ما أقربنا نسبا وابعدنا سببا
الملك : ما بال السحب لاتزال تغشى محياك ؟
هملت : كلا يا مولاي بل تغمرني الشمس بأكثر مما أطيق
الملكة : أي هاملت انزع عنك ثياب الحداد المظلمة .
ودع عينيك تنظر إلى ملك دانمركة نظرة الصديق
لا تلبث إلى الأبد مطرقا بعينيك .
تبحث عن والدك الشريف في أديم القرى .
وإنك لتعلم أنه من المقرر المألوف .
أن كل حي مصيرة الموت
ولابد أن تسلمه الحياة الدنيا إلى الحياة الابدية
هملت : أجل يا مولاتي . إنه ال مفر
الملكة : إذا كان الامر كذلك . فلماذا تظهر
أن له تأثيرا خاصا عندك
هاملت : لا تقولي يظهر يا مولاتي . فإنه الواقع .
وانا لا أعرف التظاهر .
وليس الأمر مجرد ارتدائي العباءة السوداء ، أيتها الأم الطيبة
فلا الملابس المألوفة ذات اللون الأسود الحالك
ولا التنهدات المتصاعدة ولا الزفرات المتلاحقة
كلا ولا النهر المنهمل متفقدا من العين .
ولا الحزن الممض الذي يعلو المحيا .
ليس هذا كله ولا ساءر الشارات الدالة على الحداد
بالامور التي تستطيع أن تصف حالي وصفا صادقا
إنها أشياء يجوز أن تنعت حقا بأنها " تظهر "
لأنها تنطوي على أعمال يصطنعها أي إنسان
ولكن لدي في أعماق نفسي شيء
تعجز المظاهر عن محاكاته
فما هي إلى كساء واردية تكسو الأحزان .

الملك : إن واجبات الحداد التي تفي بها لوالدك يا هملت
لتنم عن روح كريمة وطبع حميد
ولكنك تعلم في غير شك ان أباك فقد اباه
وذلك الأب فقد والده ايضا
ولابد للخلف أن يقيم مراسم الحداد فترة من الزمن
وفاء بحق الاباء على البنين
غير ان الإصرار على الحزن والإمعان فيه
خطة تنطوي على العناء البعيد عن الإيمان
إنه حزن لا يتسم بالشهامة والرجولة .
ويكشف عن إرادة عاصية لاحكام السماء
وقلب غير عامر بالإيمان وعقل ساخط ضجر .
وينم عن فهم ساذج لم يثقف .
لماذا تعترض بحماسة وتذهب نفسنا حسرات
على امر نعلم أنه لا مفر منه
وانه أكثر شيوعا وانتشارا من أي شيء نعرفه .
وان هذا المسلك لإثم في حق السماء
وإثم في حق الموتى ، وإثم في حق نظام الكون

سارة
03-04-2011, 08:39 PM
وهو أمر بادي السخف في نظر العقل
الذي يقرر دائما ان موت الآباء أمر شائع
ولطالما نادى العقل منذ أول ميت إلى آخر من لقي حتفه اليوم :
" هــذا مــا لابد منه ..."
لهذا نرجوك ان تطرح هذه الاحزان التي لا تجدي
واعتبرنا لك بمثابة الوالد . وليعلم العالم كله
أنك أدنى الناس لوراثة عرشنا .,
وان ما نكنه لك من الحب المجيد
لا يقل عما يكنه صدر الوالد البر بولده
أما رغبتك في أن تعود إلى الدراسة في وتنبرج
فإنه مخالف أشد المخالفة لإرادتنا
وإنا لنرجوك أن تغير رأيك وتظل هنا
وتنعم وتسهد برعايتنا وعنايتنا
وأنت أسمى حاشيتنا مقاما ، وقريبنا وابننا

الملكة : لا تضيع توسلات أمك يا هاملت
أرجوك أن تبقى معنا ، ولا تذهب إلى ويتنبرج .
هاملت : سأفعل كل ما في وسعي لإطاعتك يا مولاتي .
الملك : حبذا هذا من رد ينطوي على المحبة والحسن .
فلتكن كمثلنا في دانمركة (1) هلمي بنا يا سيدتي
إن هذا القبول الرقيق الذي أبداه هاملت عن رضا
ليملأ قلبي ابتساما ، فما أجدر ملك دانمركة اليوم أن يحتفل به .
لا يتناول أقداح الراح في خفة ومرح .
بل تندفع معها المدافع الضخمة حتى تبلغ السحاب .
فتردد السماء صدى احتفال الملك وشكره .
بصوت عال كأن الرعد القاصف . هلموا بنـــا .
يخرج الجميع ما عدا هاملت
هاملت : ليت هذا الجسد الصلب الشدي التجلد ، يذوب .
ويتحلل حتى يستحيل ندى !
أو ليت الإله الأبدي لم بقض قضاءه الصارم
بتحريم الإقدام على قتل المرء نفسه
رحماك اللهم . لشد ما تبدو وتقاليد هذا العالم
بالية عتيقة ، لا تستساغ ولا تجدي نفعا
فما أحقر الدنيا ! وإن هي إلا حديقة
لم تستأصل حشائشها الضارة فنمت واستكملت بذورها
فانتشر فيها كل ما في الطبيعة من نبات وحشي غليظ
حتى استولى عليها واستأثر بهـــا
أيمكن ان يصل الأمر إلى هذا الحد . ولما يمض شهران على موته
بل اقل من شهرين وكان ملكــا .. أي ملك
لو قورن بهذا لكان مثل هيبريون إذا قورن بالتيس (2)
لشد ما كان يحب أمي حتى يأبى على نسيم السماء
أن يلامس وجهها بخشونة . فيا للسماء ويا للأرض .
هل أظل ذاكرا كل هذا ؟ لقد كانت تتشبث به هي تعانقه
وكان غرامها ينمو ويزداد
بما يتغذى به من حبه ووفائه
ومع ذلك لم يكد بمضي الشهر – ليتني أكف عن التفكير في هذا الأمر .
ايها الضعف ، إنك خليق أن تسمى امرأة (3)
بعد شهر صغير وقبل ان يبلى النعلان
اللذان سارت بهما وراء نعش والدي المسكين
وهي تسكب الدمع مدرارا . كما فعلت نيوبي (4)
ثم هي بعد ذلك – حتى هي !- تبركت اللهم
إن الحيوان الذي يعوزه العقل والتفكير
لخليق أن يكون حداؤه اطول – ثم تتزروج عمي .
عمي . شقيق أبي . وليس بينه وبين أبي من الشبه
أكثر مما بيني وبين هرقل (5) تزوجته في غضون الشهر .
تزوجت قبل أن يشفى محاجرها الملتهبة
من الدمع الكاذب الذي ذرفته
فيالها من سرعة تنطوي على الإثم
إذ تمضي بمثل تلك العجلة إلى فراش دنس خبيث
إن هذا الشر لا يمكن أن يؤدي إلى خير
لكن تحطم ايها القلب فلابد ان ألزم الصمت .
يدخل هوراشيو وبرناردو ومرسيلوس

هوراشيو : حييت ايها المولى !
هاملت : يسرني أن أراكم في صحة وعافية .
أهذا هوراشيو أم تخدعني الذاكرة .
هوراشيو : بل هو بعينه وخادمك الخاضع دائما !
هاملت : بل انت صديقي الكريم / وحبذا لو تبادلنا هذا الاسم (6)
وماذا تفعل بعيدا عن جامعة ويتنبرج ؟
اهذا مرسيلوس ؟
مرسيلوس : مولاي الكريم .
هاملت : إن سروري لرؤيتك كبير .. (لبرناردو ) عم مساء!
ولكن ماذا تصنع بعيدا عن جامعة ويتنبرج ؟
هوراشيو : نزعة على الهرب من المدرسة ، ايها المولى الكريم .
هاملت : إني لن أدع عدوك يقول هذا عنك .
كذلك لن أسمح أن تجشم أذني مالا تحتمل
إذ تطلب منها أن تصدق اتهامك لنفسك .
لست أنت الذي يهرب من المدرسة
فما الذي جاء بك إلى غلسيونر ؟
سأعلمك كيف تشرب الكؤوس المترعة قبل أن تفارقنا

هوراشويو : حضرت يا مولاي لأحضر جنازة أبيك .
هاملت : أستحلفك بالله يا زميلي في الدراسة ألا تسخر مني
إنك ما جئت إلا لتشهد زواج أمي .
هوراشيو : حقا يا مولاي . لقد تلاه مباشرة .
هاملت : ذلك لأجل الاقتصاد يا هوراشيو
فإن اللحوم التي شويت لأجل المناحة
قدمت باردة على موائد العرس .
أهون علي أن ألقى ألد اعدائي في السماء
من ان اشهد ذلك اليوم يا هوراشيو
ابي .. لكأني أرى أبي الآن !
هوراشيو : أين يا مولاي ؟!
هاملت : أراه بعين خيالي . مرتسما في ذهني .
هوراشيو : لقد رايته مرة من قبل ياله من ملك جليل !
هاملت : كان من جميع الوجوه مثال الرجولة الكاملة .
هيهات أن ارى له شبيها بعد اليوم
هوراشيو : إني رايته مساء أمس يا مولاي ؟
هاملت : رايت من ؟
هوراشيو : رايت مولاي والدك الملك .
هاملت : والدي الملك ؟
هوراشيو : اجعل دهشتك ممزوجة بالانتباه إلي
حتى اقص عليك نبأ هذه المعجزة
وهذان السيدان شاهدان علي
__________________
هاملت : أسمعني بربك .
هوراشيو : في ليلتين اثنتين كان هذان السيدان : مرسيلوس وبرناردو
يؤديان مهمة الرقابة وسط الليل البهيم المنتشر
فحدث ذلك اللقاء الرهيب إذ بدا لهما شبح يشبه أباك
مدججا بالسلاح من رأسه إلى أخمص قدمه
وجعل يسعى أمامهما في مظهر جده . وفي بطء ووقار
مشى ثلاث مرات أمام أعينهما الممتلئة فوعا ودهشة

سارة
03-04-2011, 08:40 PM
لا يكاد يبعد عنهما بأكثر من طول مخصرته
فذاب كل ممنهاما وجلا حختى صار كالعجين
وعقد الرعب لسانهما فلم ينبسا بكلمة
ثم قصا على هذه القصة في فرق وتكتم شديد
فصاحبتهما في الرقابة في الليلة الثالثة
وإذا بالشبح يعود للظهور وفق ما ذكراه
سواء من حيث الموعد أو صروة الشبح
كل ما شاهدته مصدقا لكل كلمة قيلت
إني أعرف أباك من قبل
وليست يداي هاتين اكثر تشابها وتماثلا منه بالشبح

هاملت : ولكن أين حدث هذا ؟
مرسيلوس : فوق الافريز يا مولاي الذي كنا نراقب منه
هاملت : ألم تتحدثوا اليه
هوراشيو : فعلت يا مولاي ولكنه لم يرد بكلمة !
ومع ذلك خيل غليي أني رايته يرفع راسه ويهم بتحريكه كأنما يريد أنيتكلم وفي نلك اللحظة صاح الديك الفجر بصون عال
فلم يلبث أن تراجع مسرعا عند سماع صوته
هاملت : إن هذا لأمر عجيب
هوراسيو إنه الحق أيها المولى المبجل حق ثابت كوجودي الآن بين يديك
وقد رأينا من واجبنا المفروض عليك
أن ننبئك بما جرى
هاملت : صدقتم صدقتم يا سادة ، ولكن هذا الأر يقلقني ، وهل تقومان بالرقابة الليلة

مرسيلوس وبرناردو : أجل يا مولاي .
هاملت : هل أنتما نسلحان
مرسيلوس وبرناردو : نعم يا مولاي
هاملت / قلتما في شكة تامة من السلاح .
مرسيلوس وبرناردو : من الرأس إلى أخمص القدم
هاملت : إذن لم تبصرا وجهه ؟
مرسيلوس وبرناردو : بلى . فقد كان رافعا خوذته .
هاملت : هل كان يبدو عابسا ؟
هوراشيو : كان منظره أدنى إلى الحزن من منه إلى الغضب
هاملت : أكان شاحبا أم ثائر أحمر الوجه .
هورتشيو : كتن شديد الشحوب .
هاتملت : أكان يحدق فيكما بعينيه .
هوراشيو : أشد التحدق .
هاملت : وددت لو كت حاضرا
هوراشيو : إذن لدهشت اشد الدهشة .
هاملت : هذا هو الارجح . وهل مكث طويلا .
هوراشيو : بمقدرا ما يعد المرء بائة بسرعة معتدلة
مرسيلوس وبرناردو : بل أطول من ذلك .
هوراشيو : في الليلة التي شهدتها لم يمكث طويلا .
هاملت ك وهل طغا الشيب على لحيه .
هوراشيو : كانت كما عهدتها سوداء تخللها شعيرا فضية
هاملت : سأتولى الرقابة الليلة لعله يدلج مرة أخرى
هوراشيو : أؤكد أنه سيفعل
هاملت : لئن بدا الشبح في صورة والدي الكريم لاكلمنه
ولو فغرت جهنم فاها
لتأمرني بالصمت
ورجائي منكم جميعا
إذا كنتم كتمتم سر المنظر إلى هذه الساعة
أن تستمروا في الكتمان وعليكم أن تتناولوا بأذهانكم لا بالسنتكم
كل ما عساه أن يجري هذه الليلة
سأوفيكم جزاء إخلاصكم . طابت ليلتكم .
سأزوركم ما بين الحادية والثانية عشرة على الإفريز .
الجميع : كلنا طوع أمر ك يا مولاي
هاملت / أبادلكم المحبة والود
يخرجون إلا هاملت :
روح أبي . مدججا بالسلاح . هذا لا ينذر بخير
واكبر ظني أن خيانة قد ارتكبت . ليت الليل يقبل
فاهدئي يا نفس حتى يحن الليل . ولا بد للشرور أ ن تظره
وتتكشف للعيون . وإن أطبقت عليها الأرض .


المنظر الثالث
حجرة في منزل بولونيوس
يدخل لايرتس وأوفيليا


لايرتس : لقد حملت أمتعتي إلى السفينة . فوداعا !
وأستحلفك يا أختاه ألا تغفلي عن الكتابة
كلما كانت الريح مواتية والسفن تجري كعادتها
أوفيليا ك وهل تشك في ذلك ؟
لايرتس : أما هاملت وما أبداه نحوك من عطف قليل
فاتبري ذلك عرضا زائلا ونزوة من نزوات الشباب
زهرة من البنفسج تنبت في أوائل الربيع
فهي يانعة لكنها زائلة
عطرة لكن ليس لها بقاء
أريجها وازدهارها لدقيقة واحدة لا اكثر
أوفيليا : أليست أكثر من ذلك ؟
لايرتس : لو تعتبيرها أكثر من ذلك ، فإن الطبيعة حين تنمو
لا يتمثل النمو في الجذع والعضلات وحدها
لأن الجسم إذا كبر نمت معه ملكات العقل والروح
ومن الجائز أنه الآن يضمر لك الحب !
ولا تدنس نواياه الطيبة وصمة أو خديعة .
ولكن لابد لك أن تحذري
فإنه في علو مكانه لا يملك أرادته
إنه هو نفسه عبد خاضم لكل ما يميله عليه كرم محتده
لا يستطيع أن يختار وفق هواه .
كما يفعل الناس
فعلى اختياره تتوقف سلامة الدولة وسعادتها
لذلك كان من الواجب أن ييكون اختياره محدودا
بما تملي عليه التقاليد التي تفرضها دولة
مكانه منها مكان الرأس من الجسم
فإذا قال لك إنه يهواك
فخليق بعقلك الصادق أن يصدقه
بمقدار ما يتيح له مكانه ومركز الخاص أن يقرن قوله بالفعل .
وهذا لا يعدو ما يقرره الرأي العام في مملكة دانمركة
فعليك إذن أن تقدري ما يلحق شرفك من الاذى
إذا اسرفت في تصديق ما تسمعين من أناشيد غرامه
فإما ان يتعزى قلبك عن فقده
أو تفتحي كنوز حسنك الطاهر لرغباته الجامحة
احذري هذا الحب يا أوفيليا . احذريه يا أختاه
ولا تسلمي قيادك للحب يذهب بك كل مذهب
بل كوني دائما بنجوة من سهام الهوى ومن أخطاره
إن الفتاة الشديدة الضن بحسنها . لو كشفت عن جمالها للقمر
لكان ذلك منها غاية الاسراف
لأن الفضيلة نفسها لا تسلم من ألسنة السوء
والآفات كثيرا ما تصيب نبات الربيع الغض

سارة
03-04-2011, 08:41 PM
قبل أن تزهر أغصانه وتتفتح براعمه
كذلك تتسلط الآفات السامة على الشباب
وهو في فجر الحياة وريعانها
احترسي إذن فإن السلامة في الحذر
والشباب كثيرا ما يثور بنفسه دون أن يتعرض له أحد
أوفيليا : سأعي هذا الدرس الطيب وألتزم مضمونه
وأجعله الرقيب على فؤادي . وأنت أيها الأخ
لا تكن مثل بعض القساوسة المنافقين
يريك الواحد منهم الطريق الوعر الشائك إلى افلجنة
بينما هو يسلك مسلك المستهتر المغرور
ويمشي في طريق العبث وسط الورود والرياحين
دون ان يبالي بمواعظه او نصائحه
لايرتس : لا تخشي علي شيئا يا أختاه .
لقد ـاخر موعد سفري ، وهذا أبي أقبل
يدخل بولونيوس
إن البركة المزدوجة . تجلب السعادة المزدوجة
وقد سمحت الفرصة بأن تباركني مرة أخرى
بولونيوس : أما زلت هنــا يا لايرتس ، هلم ويحك إلى السفينة
إن اتلرياح ملأت جوانح شراعك
إنهم في انتظارك وها أنذا أباركك
يضع رأسه على رأس لايرتس
وإليك هذه النصائح القلائل فانقشها في ذاكرتك (1)
لا تبح لسانك بمكنون صدرك
ولا تعجل بتنفيذ راي لم يتم نضجه
كن متوددا إلى الناس ، ولكن إياك أن تكون مبتذلا
وإن كان لك أصدقاء وبلوتهم وخبرتهم
فضمهم إلى نفسك بأطواق الفولاذ
أما الرفيق الغر الذي لم تهذبه السنون
فلا تتعب كفك بمصاحبته والاحتفاء به
حاذر أن تشتبك في عراك ، ولكن قدر إن اشتبكت
فاحتمله ، حتى يتقيك الخصم ويخشاك
أعر سمعك لكل الناس ولكن لا تسمع صوتك إلا للقليل منهم .
أنصت إلى دعوى كل إنسان ولكن لا تتسرع في الحكم
لتكن ثيابك أغلى ما يختمله جيبك
لكنها يجب أن تمتاز بذوق رزين . ثمينة ولكن بعيدة عن الفخفخة
فكثيرا ما ينبئ عن المرء مظهره .
و÷ل فرنسا من ذوي المكانة والجاه
يمتازون بخاصة بحسن اختيارهم وسخائهم في هذا الأأمر .
لا تكن مدينا ولا دائنا ولا متعلقا بالمال .
فكثيرا ما يسبب الدين فقد المال والصديق
والاستدانة تفل شبا الاقتصاد
ولكن قبل كل شيء كن صادقا مع نفسك
وسيتبع ذلك – كما يتبع الليل النهار-
أنك لن تستطيع أن تكذب أحدا من لناس
الوداع ! دع بركتي تثبت نصائحي في قلبك .
لايرتس : إني بكل خضوع ألتمس عذر مولاي
بولونيوس : حان وقت الرحيل فانطلق فإن خدمك في انتظارك .
لايرتس : وداعا يا أوفيليا . واذكري جديا ما قلته لك .
أوفيليا : أنه في ذاكرتي وعليه قفل متين
وسيظل مفتاحه معك .
لايرنتس : الوداع
يخرج لايرتس