بعد حوالي ستة أشهر إلىسنة.
والهيكل العظمي يتلاشى بدوره ويعود إلى مكوناته الأساسية
مع مرور الزمن إلا جزء اً صغيراً منه اسمه عجب الذنب ذكره
لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم –
في أكثر من حديث شريف
قبل اكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان
حيث قال :
"إن في الإنسان عظماً لا تأكله الأرض أبد اً،منه يُرَكب الخلق يوم القيامة .
قالوا أي عظم هو يا رسول الله؟ قال عجب الذنب "
وقد حاول العلماءشرقاً وغرباً صهر هذا الجزء من عظم الإنسان
أو إذابته بالأحماض القوية أو تكسيره، فلم يستطيعوا
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم –
فهو كما وصفه ربه:
" وَمَا يَنطِقُ عَن الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى "
بعد الوفاة مباشرة يبدأ التفسخ البسيط فتظهر رائحة خفيفة لايدركها الإنسان ولكنها جاذبة للحشرات وخاصة إناث الذباب فتسرع لتضع بيوضها الصغيرة دون أن يراها الإنسان في الفتحاتالطبيعية التي يمكن أن تصل إليهاكالمنخرين والفم وزاوية العين
وطيات الجلد في الرقبة وأحياناً المناطق التناسلية تضع آلاف البيوض الصغيرة
ثم لا تلبث أن تفقس وتظهر يرقات صغيرةعديدة بيضاء لا يتعدى طول الواحدة مليمتر اً واحداً ثم تتغذى علىخلايا الجثة لتصبح حشرات بالغة طول الواحدة سنتمتر اً واحداً
ثم تضع بيوضاً جديدةوهكذا أجيال عديدة من اليرقات والديدان بحيث أنك في لحظة ما، لا ترى إلا كومةً من الديدان تُغطي الجثة وتتراكم فوقها بل فوق بعضها لتتلاشى هي والميكروبات التي فسخت الجثة من داخلها والغريب أن هذه اليرقات والميكروبات التي كانت بالملياراتعلى الجثة وبداخلها، تتلاشى وتختفي كلياً بعد تحلل الجثةوتفسخها لأنها يأكل بعضها بعضاً ومن يبقى أخيراً منها يموت من قلة الطعام فيتحلل بفعل أنزيمات خاصة موجودة داخل خلاياها فسبحان من خلقها وهداها لوظيفتها وسبحان من قهر الكبيروالصغير من مخلوقاته بالموت والفناء هذه هي القاعدة ا لخالدة
والسنة الربانية في هذه الحياة التيتحكم جميع المخلوقات وخاصة أكرمها وهم البشر
فكل إنسان مهما كانت حياته منعمة ومهما قدمت له من عيش رغيد وفرصالراحة والصحة والعناية إلا أن الموت آتيه لا محالة
" كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعونَ"
كتاباً مؤجلا حتى يستوفي كلٌ حصته وما قسمه الله له في هذهالحياة.فمهما كانت منزلته في الدنيا فقيراً أو غنياً صغيراً أو كبيراً
أميراً أو حقيراً أبيض أو أسود ذكراً أو أنثى
فنهايته إلى الحفرة
ليدخل في مرحلة حياتية جديدة
هي حياة البرزخ
فيكون فيها تبعاً لعمله في الدنيا
إما في روضة من رياض الجنة
أو في حفرة من حفر النار