مسكنا لكل وجع طلاء وشربا، والشربة منه قدر عدسة ولا يزاد على دانقين إذا أخذ منه درهمان يف البرد قتل، ودرهم يبطل إذا شرب وحده. والفوّة تزرع بعلا وسقيا وهي ثلاثة أصناف، صنف نواره أصفر وهو الأكبر، وصنف نواره أبيض وورقه دقيق، وهو قليل، وصنف صغير دقيق الورق لا يعلو أكثر من إصبع وثمرته صغيرة اسمها نجوية وهي التي تصبغ بها الثياب وتنبت في البساتين وغيرها وتزرع بزرا أو عروقا أو أغراسا وتوافقها الأرض الرخوة والخصبة، والماء الكثير ينفعها لكن لا بد من حرث الأرض مرات وتزبيلها قبل زرعها وموعدها في آذار. ويزرع بزر الفوة كالحنطة، وتنبش إذا صارت طول صابع، وتُعطش حتى يبدو عليها الذبول، وتسقى بعد ذلك مرة في الأسبوع مدة الصيف وستغتني في الخريف عن الماء بالأمطار، وتحصد أطرافها العليا بعد إدراكها وذلك بعد عامين من زرعها، ومن أحب التعجيل فليقطع عروقها في أيلول وليقطع الضعاف الرقاق ثم يطمرها بالتراب فتنبت ثالثة وتتجدد وتترك عروقها الباقية في الأرض كل سنة وتعمر الفوة أعواما.
والحنَّا وتسمى أوقان لا تنبت في البلاد المفرطة في البرد. ويختلف نوعها بحسب البلدان ومناخها، فهي في البلاد الحارة الرطبة الهواء، تصير شجرا وتبقى خمسة عشر عاما، يقطف ورقها كل عام بطنا بعد بطن، ويتعهدها صاحبها بالزبل والسقي والرعايا كالكرم فتعود فتية، وتخلف أغصانا جددا وأوراقا، وكذلك هي في الحبشة، وأما في البلاد غير المفرطة البرد فيزرع بزرها في كل عام ويؤخذ ورقه فقط ولا يبزّر، وطريقة زرع بزرها ان ينقع في الماء يومين وليلتين وهو مصرور في خرقة ثم يعرك باليدين حتى يتقشر ويخرج من غلافه ويصير كبزر التين نقيا، ثم يوضع على قطعة من صوف بحيث لا يشمل إلا ثلثها ويعرض للشمس على لوح مائل لينزل منه الماء بعد أن يغطى بما بقي من قطعة الصوف لئلا ينفذ إليها حر الشمس فيجففها، ويرش أول الليل بالماء ويوقد تحته حتى يبقى دافئا وهكذا يعرض في النهار بعد رشه بالماء الفاتر للشمس وبالليل يدفأ بالنار ثم تحرث الأرض ثلاث مرات وتقلب، ويزرع مخلوطا بالطين الذي يخرج من الآبار ويسمى الحمأة، يعمل منها أحواض معتدلة مستوية لها أطراف واسعة وتزبل بزبل الآدمي اليابس أو زرق الحمام. يفرش البرز في الأحواض ثم يطلق عليها الماء حتى يمتلئ ويسقى ثمانية أيام متوالية، ثم ثلاثة أيام في الأسبوع فإذا صار بطول الإصبع ينقي من العشب ويسقى الماء مرتين في الأسبوع. فإذا صار نحو شبر يُنفش برفق ويذّر عليها زرق الحمام أو زبل آدمي جاف وعند تجفيفها توضع في الظل لأن الشمس تجعلها صفراء وتقلل من صبغها. ويرش الورق بقليل من الزيت وتخزن في الخوابي الجدد بعد أن تدق ناعما، وتسد رؤوس الخوابي بالجلود ويُطين عليها لاستعمالها عند الحاجة، والبزر يزرع في نيسان وأيار.
والزعفران ويسمى الجاري والكركم، وأصله بصل يزرع سقيا وبعلا ينبت في البلاد الباردة المعتدلة، ولا توافقه كثرة الماء ويغرس في أيار وحزيران، وينبت في تشرين الأول، ويخرج نواره قبل ورقه، ويتحطم ورقه في الحر، ويغرس في البساتين كالبصل والثوم، في حفر عمقها نحو ثلثي شبر، ويوضع بصله صفوفا ويكون بين البصلة والأخرى نحو ذراع، ويرد عليه التراب ويسقى بالماء كالبصل. وتنويره أول نزول الغيث، وفيه اسمانجوني اللون وفي وسطه شعرات حمر هي الزعفران، وورقه خيطان دقاق منبسطة يجمع قبيل المغرب ويعمل أقراصا توضع على ألواح لتجف في موضع لا ريح فيه. وقيل ترضّ شعراته ويجمع بعضه إلى بعض ويعمل أقراصا ويجفف على نار فحم هامدة في مقلاة جديدة فتشتد حمرته. وقيل إنه لا ينوّر حتى تكون زنة بصلته أوقية. وفي البعل تحرث له الأرض جيدا ثم يفتح فيها خطوط بالمحراث متباعدة يزرع فيها البصل ويرد عليه التراب، ويزرع في وقت السقي وتحت شجر الزيتون فيبقى أعواما ينوّر كل عام، وهو من الطيبات ولكن أصوله لا تؤكل، وأجود الزعفران الطري ذو اللون الحسن الشديد الحمرة الذكي الرائحة وعلى شعراته قليل بياض، وهو صحيح غير متفتت، وهو حار في الثالثة، يابس في الأولى، فيه قبض وهو محلل منضج.
والكمون منه بري ومنه بستاني، وأصنافه الأسود اللون والأصفر الفارسي، والنبطي الموجود كثيرا، وهو الشامي، والكرماني والأصفر أقوى من الشامي، وكله يزرع سقيا وبعلا، ولا يحب الأشجار ولا القرب منها، ولا يسقى كثيرا بل يسقى مرتين أو ثلاثا، ويزرع في كانون الثاني بعد حرث الأرض وتزبيلها ويكون ذلك مع سكون الريح، ويحرك مع التراب ويسقى مرة واحدة باعتدال فإذا جف أعيد سقيه حتى ينبت، فإذا نبت رفع وامتلأ بزره، وينفض حبه نفضا وهو حار يابس في الثالثة، يقتل الدود، ويطرد الريح، ويحلل، والإكثار منه يصفر اللون أكلا وطلاء للجلد من خارج، وهو يدمل الجراحات، ويقطع الرعاف مسحوقا مع خل، وقيل من خزن في بيت فيه كمونا اصفر لونه، وإن بخر به لم يقربه البق. وإن دق وذر على قرية النمل لم يخرجن.
والكاشم وهو الانجدال الرومي، وأجوده الأصفر الطري الكبير الورق، ويشبه في قوته الكمون، ويزرع كما يزرع الكمون، وهو حار في وسط الثالثة، ويزره وأصله مسخن، وهو يطرد الرياح، ويفتح الانسداد ويساعد على الهضم، ويقوي المعدة، ودرهم منه تقضي على الديدان في الجسم.
والكراوياء برية وبستانية وزهرهما أبيض فتنجب وتنبت في الأرض الرطبة الكثيرة الرمل، وتغرس نقلا أيضا فتنجب وتنبش أرضها، وإذا عطشت تسقى مرة حتى تنوّر فيقطع عنها الماء، وهي تحمل بطونا، ويداس نباتها بالأقدام ويرض ساقها كما يفعل بالبصل والشلجم، ويبسط عليها الزبل وتسقى، فإنها يتجدد نباتها ويقوى ويزهر كله في وقت واحد. وأجود البستاني الجديد وهو حار يابس في الثالثة، وقيل في الثانية يطرد الرياح، وينفع من الخفقان، ويقتل الديدان، ويدر البول، وينفع من المغص الشديد، وأكثر ما يؤخذ منه درهم.
والقردمانا هي الكراويا البرية وزرعها كزرع الأنيسون من حيث السقي ونحوه. وأجودها الحديد الأصفر الطويل الممتلئ، وهي حارة يابسة في الثالثة، تنقي الصدر، وتنفع من السعال في البرد، وتنفع من المغص والدوران والقولنج ووجع الكلى وعسر البول، وتنفع من لدغ العقرب وسائر ما ينهش وأكثر ما يؤخذ منها مثقال. والأنيسون هي الحبة الحلوة، وبزر الرازيانج الرومي، والكمون الأبيض، وقيل هو البسباس الشامي، وهو بستاني بري، يزرع بعلا وسقيا، توافقه الأرض الرطبة، ويزرع من كانون الثاني حتى آخر نيسان، ويجمع حبه في آب، ويوافقه السقي الكثير بالماء والنبش، وينقى من العشب ويسقى مرتين في الأسبوع حتى يظهر نواره، ثم يقطع عنه الماء. والأنيسون يدفع مضرة السموم أكلا، وهو حار يابس في الثالثة.
والرازيانج، ويسمى النافع والشمر والشومر، وهو بري وبستاني، وأجوده البستاني الطري، والبري حار يابس في الثالثة، والبستاني حار في الثانية، وورقه حار في الأولى، وبزره وعروقه حارة في الثالثة. ويزرع في آذار وأيلول، وهو طيب حلو مرارة لذيذة، وينبت وحده في الأرض الطيبة، ولكن الذي ينبت فيه بالقلاحة يكون أقوى وأكبر وأغزر، وهو يزيد في اللبن، وينفع المعدة، ويفتح الانسداد، ويحد البصر وخصوصا سمغه. والهوام ترعى بزور الرازيانج ليقوى بصرها، والحيات تحك به أعينها إذا خرجت من مكامنها بعد الشتاء.
والشونيز وهو حبة البركة منه بستاني ومنه بري وهو الحبة السوداء، توافقه الأرض الرطبة. وزرعه في شباط وآذار ونيسان، ولا يسقى كثيرا في صغره فإذا كبر سقي بكثرة. وإذا نما نبته واشتد يقطع عنه الماء وينقى من عشبه، ويسقى مرتين في الأسبوع. قال الكندي: الإكثار منه يقتل. وهو حريف حار، يابس في الثالثة، مقطع للبلغم طار للرياح نافع من الانتفاخ والزكام وخصوصا إذا أخذ مقليا، ودخانه تهرب منه الهوام ومقدار ما يؤخذ منه درهم. وقال ابن زهير: من خواصه أنه إذا أخذ من الشونيز والحرمل مقدار دانق من كل منهما ومن المصطكي نصف دانق، ودهن به بين المتحابين تقاطاعا وضد ذلك إذا أخذ منه دانقان ومن البلسان نصف دانق، ومن قشور الراسن نصف دانق ثم جعل في طعام متى حلَّت فيمن يأكله روحانية المحبة، وطبيخه بالخل ينفع من وجع الأسنان مضمضة.
والحرف وهو حب الرشاد يزرع سقيا وبعلا، وهو أنواع، ويزرع في شباط وآذار ونيسان، ويقلع إذا نما واستوى في أيار، وإذا دخن به طرد الهوام، وهو حار يابس في الثالثة. وقيل في الرابعة، وهو منضج ينشف قيح الجوف وإذا شرب ماؤه أو طلي به أمسك الشعر المتساقط وينفع من الورم البلغمي والدمامل إذا نقع مع ماء وملح كما ينفع من الجرب المتقرح ويطرد الدود. والخردل بري وبستاني وأجوده الكبير الجديد الأحمر ويجود في الأرض الخصبة ولكن كثرة الماء تضره وهو لا يسقى أكثر من مرتين أو ثلاث فقط، ويزرع مع الخيار على السقي، وبزره ان جعل في لحم أو عدس أو حمص أو ماش وما أشبه ذلك من الحبوب واللحوم نضج سريعا، وإن أكثر منه أفسدها، وإن نقل ثلاث مرات في شتاء معتدل عظمت شجرته، وبقيت السنة والسنتين ويزبل ويسقى، وبزره إذا سحق وذر على الخل حفظه من الدود وأبعد عنه الفساد وحفظ حموضته، وهو حار يابس في الرابعة ويقطع البلغم، والبري منه ينفع من داء الثعلب ومقدار ما يؤخذ منه مثقالان، وأغصان الخردل وورقة يؤكلان.
والكزبرة ويقال كسفرة، تزرع بعلا وسقيا في الفصول كلها، ويكثر تزبيلها في البرد الشديد، وتزرع في تشرين الأول وتسقى حتى تنبت وتشتد، ثم يقطع عنها السقي، وتنقى من عشبها وتترك حتى تعطش، وتسقى مرة في الأسبوع، وإن نقلت الكزبرة تكبر وتجود، وتبقى في الأرض سنين كثيرة وتزبل كل سنة، وهي باردة في آخر الأولى يابسة في الثانية. ويقو بقراط: ان فيها حرارة وبرودة، وهي تزيل رائحة البصل ولثوم إذا مضغت رطبة أو يابسة، كما أنها تمنع البخار م الرأس، والرطب منها، يمنع الرعاف واليابس منها يمنع من القيء والجشأ الحامض بعد الطعام.
واللفت وهو الشلجم بالشين المعجمة والمهملة ومنه بري وبستاني وهو أنواع: الرومي الطويل، والمحرج، والمدور الشامي، والأبيض المصري وهو يزرع مرتين في السنة ربيعا وصيفا، ويزرع بعلا وسقيا، ولا يحتاج إلى زبل وقلة السقي تنفعه وزرعه من أول أيلول حتى أول تشرين الثاني، وهو حار في الثانية رطب في الأولى. والجزر بستاني وبري، ومنه ذكر يعسلج ويزرع من آب حتى أيلول وينبت في البرد والربيع، ولا يوافقه الحر، ويزرع بزره وتعمق حفره ليمتد ويطول ويغلظ، وبعد نباته يعطش، ثم يسقى مرة في الأسبوع بالعشي، وهو صنفان، أحمر وهو طيب الطعم رطب، وأصفر إلى خضرة وهو أغلظ يغذي البدن، ويؤكل نيئا ومطبوخا، وهو أخف وأنفع وأطيب، وهو يفرح النفس، ويدر البول وينعشه الماء البارد ونزول الثلج عليه يقويه، ويعمل منه خبيص مع العسل أو الدبس أو السكر وهو لذيذ حبا. ويؤكل الجزر مكان الخبز فيقوم مقامه ويصنع منه خبز بأن يقطع ويجفف ويخلط ببعض الدقيق ويخبز، وخبزه طيب صالح يغذي البدن، والبري منه أقرب إلى الدواء من الغذاء، والبستاني غذاء مفيد، وهو حار في أول الثانية، رطب في الأولى يليًّن المعدة ويدر البول، والمربا منه ينفع من الاستسقاء مقو للظهر والصدر.