









وكذلك الأمة المشتراة إذا وطئها ثم استحقت لم يلزمه المهر لأنه دخل على أن يطأها مجانا بخلاف الزوج فإنه دخل على أن الوطءفي مقابلةالمهر ولكن لا يلزمه إذا استحقت إلا المسمى وعلى هذا فليس للمستحق أن يطالب المغرور لأنه معذور غير ملتزم للضمان وهو محسن غير ظالم فما عليه من سبيل وهذا هو الصواب فإن طالبه على القول الآخر رجع على من غره بما لم يلتزم ضمانة خاصة ولا يرجع عليه بما التزم غرامته
فإذا غرم المودع أو المتهب قيمة العين والمنفعة رجع على الغار بهما وإذا غرم المستأجر ذلك رجع بقيمة العين دون قيمة المنفعة إلا أنه يرجع بالزائد على المسمى حيث لم يلتزم ضمانه وإذا ضمن وهو مشتر أو مستعير قيمة العين والمنفعة رجع بقيمة المنفعة دون قيمة العين لكنه يرجع بما زاد على الثمن المسمى
والمقصود: أن هذا المشتري متى خاف أن يطالب بقيمة المنفعة إذا استحق عليه المبيع فالحيلة في تخلصه من ذلك: أن يستأجر منه الدار أو الأرض سنين معلومة بأجرة مسماة ثم يشتريها منه بعد ذلك ويشهد عليه أنه أقبضه الأجرة فمتى استحقت العين وطولب بعوض المنفعة طالب هو المؤجر بما قبضه من الأجرة لما ظهرت الإجارة باطلة
المثال الرابع عشر: إذا وكله أن يزوجه امرأة معينة أو يشتري له جارية معينة ثم خاف الموكل أن تعجب وكليه فيتزوجها أو يشتريها لنفسه فطريق التخلص من ذلك في الجارية، أن يقول له: ومتى اشتريتها لنفسك فهي حرة ويصح هذا التعليق والعتق وأما الزوجة: فمن صحح هذا التعليق فيها كمالك وأبي حنيفة نفعه وأما على قول الشافعي وأحمد فإنه لا ينفعه
فطريق التخلص: أن يشهد عليه أنها لا تحل له وأن بينهما سببا يقتضي تحريمها عليه وأنه متى نكحها كان نكاحه باطلا
فإن أراد الوكيل أن يتزوجها أو يشتريها لنفسه ولا يأثم فيما بينه وبين الله تعالى فالحيلة: أن يعزل نفسه عن الوكالة ثم يعقد عليها لنفسه ولو عقد عليها لنفسه كان ذلك عزلا لنفسه عن الوكالة
فإن خاف أن لا يتم له ذلك بأن يرفعه إلى حاكم حنفي يرى أنه لا يملك الوكيل عزل نفسه في غيبة الموكل فأراد التخلص من ذلك فالطريق في ذلك: أن يشتريها لنفسه بغير جنس ما أذن له فيه فإنه إذا اشتراها لنفسه بجنس ما أذن له فيه تضمن ذلك عزل نفسه في غيبة موكله وهو ممتنع فإذا اشتراها بغير الجنس حصل الشراء له ولم يكن ذلك عزلا
المثال الخامس عشر: إذا وكله في بيع جارية ووكله آخر في شرائها فإن قلنا: الوكيل يتولى طرفي العقد جاز إن يكون بائعا مشتريا لهما وإن منعنا ذلك فالطريق: أن يبيعها لمن يستوثق منه أن يشتريها منه ثم يشتريها لموكله فإن خاف أن لا يفي له المشتري الذي توثق منه فالحيلة أن يبيعه إياها بشرط الخيار فإن وفى له بالبيع وإلا كان متمكنا من الفسخ
المثال السادس عشر: لا يملك خلع ابنته بصداقها فإن ظهرت المصلحة في ذلك لها فالطريق: أن يتملكه عليها ثم يخلعها من زوجها به فيكون قد اختلعها بماله والصحيح: أنه لا يحتاج إلى ذلك بل إذا ظهرت المصلحة في افتدائها من الزوج بصداقها جاز ذلك وكان بمنزلة افتدائها من الأسر بمالها وربما كان هذا خيرا لها
المثال السابع عشر: إذا وكله أن يشتري له متاعا فاشتراه ثم أراد أن يبعث به وإليه فخاف أن يهلك فيضمنه الوكيل فطريق التخلص من ذلك: أن يستأذن الوكيل أن يعمل في ذلك برأية ويفوض إليه ذلك فإذا أذن له فبعث به فتلف لم يضمنه
المثال الثامن عشر: إذا أراد أن يسلم وعنده خمر أو خنازير وأراد أن لا يتلف عليه فالحيلة: أن يبيعها لكافر قبل الإسلام ثم يسلم ويكون له المطالبة بالثمن سواء أسلم المشتري أو بقي على كفره نص على هذا أحمد في مجوسي باع مجوسيا خمرا ثم أسلما يأخذ الثمن الذي قد وجب له يوم باعه
المثال التاسع عشر: إذا كان له عصير فخاف أن يتخمر فلا يجوز له بعد ذلك أن يتخذه خلا فالحيلة: أن يلقي فيه أولا ما يمنع تخمره فإن لم يفعل حتى تخمر وجب عليه إراقته ولم يجز له حبسه حتى يتخلل فإن فعل لم يطهر لأن حبسه معصية وعوده خلا نعمة فلا تستباح بالمعصية
المثال العشرون: إذا كان له على رجل دين مؤجل وأراد رب الدين السفر وخاف أن يتوى ماله أو احتاج إليه ولا يمكنه المطالبة قبل الحلول فأراد ان يضع عن الغريم البعض ويعجل له باقيه فقد اختلف السلف والخلف في هذه المسألة فأجازها ابن عباس وحرمها ابن عمر وعن أحمد فيها روايتان أشهرهما عنه: المنع وهي اختيار جمهور أصحابه والثانية: الجواز حكاها ابن أبي موسى وهي اختيار شيخنا
وحكى ابن عبد البر في الاستذكار ذلك عن الشافعي قولا وأصحابه لا يكادون يعرفون هذا القول ولا يحكونه وأظن أن هذا إن صح عن الشافعي فإنما هو فيما إذا جرى ذلك بغير شرط بل لو عجل له بعض دينه وذلك جائز فأبرأه من الباقي حتى لو كان قد شرط ذلك قبل الوضع والتعجيل ثم فعلاه بناء على الشرط المتقدم صح عنده لأن الشرط المؤثر في مذهبه: هو الشرط المقارن لا السابق وقد صرح بذلك بعض أصحابه والباقون قالوا: لو فعل ذلك من غير شرط جاز ومرادهم الشرط المقارن
وأما مالك فإنه لا يجوزه مع الشرط ولا بدونه سدا للذريعة وأما أحمد فيجوزه في دين الكتابة وفي غيره عنه روايتان واحتج المانعون بالآثار والمعنى
أما الآثار: ففي سنن البيهقي عن المقداد بن الأسود قال: أسلفت رجلا مائة دينار ثم خرج سهمي في بعث بعثه رسول اللهفقلت له: عجل تسعين دينارا وأحط عشرة دنانير فقال: نعم فذكرت ذلك لرسول الله
فقال: أكلت ربا مقداد وأطعمته وفي سنده ضعف
وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه: قد سئل عن الرجل له الدين على رجل إلى أجل فيضع عنه صاحبه ويعجل له الآخر فكره ذلك ابن عمر ونهى عنه
وصح عن أبي المنهال أنه سأل ابن عمر رضي الله عنهما فقال: لرجل علي دين فقال لي: عجل لي لأضع عنك قال: فنهاني عنه وقال: نهى أمير المؤمنين يعني عمر أن يبيع العين بالدين
وقال أبو صالح مولى السفاح واسمه عبيد: بعت برا من أهل السوق إلى أجل ثم أردت الخروج إلى الكوفة فعرضوا علي أن أضع عنهم وينقدوني فسألت عن ذلك زيد بن ثابت فقال: لا آمرك أن تأكل هذا ولا تؤكله رواه مالك في الموطأ
وأما المعنى: فإنه إذا تعجل البعض وأسقط الباقي فقد باع الأجل بالقدر الذي أسقطه وذلك عين الربا كما لو باع الأجل بالقدر الذي يزيده إذا حل عليه الدين فقال: زدني في الدين وأزيدك في المدة فأي فرق بين أن تقول: حط من الأجل وأحط من الدين أو تقول: زد في الأجل وأزيد في الدين
قال زيد بن أسلم: كان ربا الجاهلية: أن يكون للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الحق قال له غريمه: أتقضي أم تربي فإن قضاه أخذه وإلا زاذه في حقه وأخر عنه في الأجل رواه مالك
وهذا الربا مجمع على تحريمه وبطلانه وتحريمه معلوم من دين الإسلام كما يعلم تحريم الزنى واللواطة والسرقة
قالوا: فنقص الأجل في مقابلة نقص العوض كزيادته في مقابلة زيادته فكما أن هذا ربا فكذلك الآخر
قال المبيحون: صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان لا يرى بأسا أن يقول: أعجل لك وتضع عني وهو الذي روى أن رسول اللهلما أمر بإخراج بني النضير من المدينة جاءه ناس منهم فقالوا: يا رسول الله إنك أمرت بإخراجهم ولهم على الناس ديون لم تحل فقال النبي
: ضعوا وتعجلوا قال أبو عبد الله الحاكم: هو صحيح الإسناد
قلت: هو على شرط السنن وقد ضعفه البيهقي وإسناده ثقات: وإنما ضعف بمسلم بن خالد الزنجي وهو ثقة فقيه روى عنه الشافعي واحتج به وقال البيهقي: باب من عجل له أدنى من حقه قبل محله فوضع عنه طيبةبه أنفسهما وكأن مراده أن هذا وقع بغير شرط بل هذا عجل وهذا وضع ولا محذور في ذلك
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)