









والثالث وهو الأهم ثمن التخلص من هذا النوع من النفايات من الدولة. وأشارت التقارير التي درست بعض النقاط التي وضعت لاعادة التصنيع الالكتروني داخليا أن تكلفة جمع النفايات واعادة تصنيعها في مركز «سان خوسي» بكالفورنيا تفوق تكلفة تصديرها 10 اضعاف.
ويعلم الامريكان والدول الصناعية الكبرى جيدا أن اعادة تصنيع النفايات الالكترونية مهما بلغت فوائدها المادية تظل مخاطرها الصحية والبيئية تفوق هذه الفوائد. فضلا عن صعوبة استخراج المعادن النفيسة المأمولة عن المكونات الاخرى وتكون عملية الفصل اكثر تكلفة.
تبريرات واهية
ويجب التذكير هنا انه في ظل وجود أسواق رخيصة لاعادة تصنيع النفايات الالكترونية آسيوياً مقارنة بالسوق الامريكي لن تكون هناك خطوات جادة تهدف الى تنظيم هذا النوع من العمل بفرض قيود حازمة من اجل مناخ عملي آمن لسلامة العامل والبيئة.
وقد دار نقاش على مستوى عالمي مع بعض الجهات الأمريكية المسؤولة كشف عن الوجه الحقيقي وراء اصرار الولايات المتحدة على تصدير النفايات. وكان هدف أمريكا المعلن لم يكن سوى تبرير واه لتصدير هذه النفايات الى الدول النامية هو الارتقاء بمستوى هذه الدول في مجال الصناعة والخدمات. إلا أن القليل من التساؤل يؤكد هشاشة هذا الادعاء وهي: هل تملك الدول النامية البنية التحتية التي تمكنها من مضاهاة الدول المتقدمة في مجال التقنية؟.
هل تصلح البنية التحتية لحماية حقوق العمال والبيئة في الدول النامية؟. هل توجد بالدول النامية حماية كافية لحقوق المواطن الصحية والبيئية والملكية تؤكد حمايتها من الاضرار؟.
وتوظف الحكومة الأمريكية جميع انظمتها وتقنيتها الحديثة لرصد ملايين تعاملات الاستيراد والتصدير التي تمر عبر حدودها وفقا لنظم التنسيق العالمي التي تضم نحو 8000 فئة منتجة ولكن ليس من بينها واحدة تضم النفايات الالكترونية أو مخلفات حاسب آلي. وظل سيل جريان النفايات الالكترونية في اتجاه واحد وذلك بسبب الصمام القوي المدعوم من قبل القوة الشرائية العكسية.
واشارت الدراسات إلى أن أعداد الحاسبات الآلية التي وجدت طريقها إلى اعادة التصنيع في العام 2002م بالولايات المتحدة بلغ حجمها 75 ،12 مليون جهاز توجهت 2 ،10 مليون منها إلى آسيا أي 85% من اجمالي العدد. والغريب في الأمر ان جهات الاختصاص والحكومة الأمريكية لا تعلم شيئا عن هذه التفاصيل ولم تعر الأمر اهتماماً بأجراء أية دراسة فيما يتعلق بهذا النوع من التجارة والتصدير الضار.
الصين
في ديسمبر من عام 2001م أجرت شبكة فعاليات باسيل (ban) تحت غطاء منظمة السلام الأخضر القانوني في الصين وهونغ كونغ تحقيقا للوقوف على مجريات أعمال إعادة تصنيع النفايات الإلكترونية المصدرة إلى الصين. وبعد جولة ميدانية مكثفة دامت ثلاثة أيام أجرى خلالها الباحثون لقاءات وتصوير فوتوغرافي وتصوير فيديو مع أخذ عينات من التربة والمياه بالقرب وفي مناطق الفعاليات بقصد تحليلها. كانت النتيجة مثيرة للاندهاش بالرغم من جهلنا التام بالعدد الفعلي لمراكز معالجة النفايات الإلكترونية بالمنطقة إلا أن ما شاهدناه كان كافيا للتأكد من خطورة هذا العمل فبعد أن يتم الفرز والتقطيع والجمع يقوم العمال وغالبيتهم من القرى المحيطة بمراكز النفايات بحرق ما تبقى.
تصبح الحالة الصحية لهؤلاء العمال يرثى لها فمعظمهم مصاب بأمراض الرئة والكلى والأمراض الجلدية المزمنة نتيجة استنشاقهم اليومي لهذا المناخ الملوث فضلا عن تناول الأكل والمياه في بيئة غير صالحة تماما.
وباء حقيقي
أما الشيء الذي يثير التساؤل حقا هو أن جميع مواقع النفايات الالكترونية تقع في مناطق قروية بسيطة يعيش أهلها في ظروف اقتصادية قاسية. فمثلا نجد «غوياو» التي كان معظم سكانها يعيشون على زراعة الارز في السابق وكانت من انقى المناطق مناخا أصبحت حاليا ومنذ العام 1995م من اكبر مكبات النفايات في العالم وهذا بفضل السعي الحثيث من قبل الأهالي لبلوغ الحياة المدنية الصناعية ومفارقة حياة الزراعة الفقيرة.
وبالرغم من قصر مدة هذه الفعاليات بتلك المنطقة إلا أن مياه المنطقة أصبحت غير صالحة للشرب تماما وصار أهالي المنطقة يجلبون المياه يوميا بالشاحنات من مدينة «نينجنج» التي تبعد عن «غوياو» نحو 30 كيلومترا.
وقد قدرت السلطات الصينية حجم عمالة لإعادة تصنيع النفايات الالكترونية في «غوياو» وحدها بنحو 00 ،100 شخص يتزايد عددهم يوميا. إلا ان حجم النفايات في تلك المنطقة غير محدد كونه في حركة دائمة. و«غوياو» هي مثال بسيط لكثير من المناطق والقرى الصينية الأخرى الكثيرة التي فقدت شكلها المعهود وباتت تنام على جبال من النفايات الخطرة والتي هددت الزرع والضرع ولوثت الماء والهواء خلال 7 أعوام فقط وجعلت من تلك المنطقة وباء صحيا حقيقيا ولا تصلح للعيش بها.
باكستان
وفي باكستان لنأخذ مدينة كرا تشي مثلا وليس حصرا حيث نجد فيها «شير شاه» أكبر سوق للأدوات المستعملة التي تصل إلى البلاد عبر التهريب أو الطرق المشروعة.
وفيها تتوفر جميع أنواع الأجهزة الكهربائية والالكترونية وقطع الغيار والحاسبات الآلية المعاد تأهيلها للاستخدام ليعاد توزيعها إلى بقية المدن الباكستانية الأخرى. وتخدم «شير شاه» كسوق مفتوح لا تسيطر عليه الحكومة بأي حال من الأحوال. وتكثر فيها مستودعات النفايات الضخمة التي تأتي من معظمدول العالم. إضافة إلى أمريكا نجد نفايات الكترونية تأتي من دول مثل: استراليا واليابان وانجلترا
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)