والقرع وهو الدباء واليقطين وهو أنواع: منه الترابي المعرّق الأبيض القصير وهو أفضلها، ومنه الطويل، ومنه المستدير كالموزة، ومنه مستدير الأسفل طويل العنق أو قصيره، ومنه ما هو إلى الطول أميل وعنقه طويل وأعلاه مستدير أصفر من أسفله ومنه الهندي ويشبه ورقه ورق الخيار ونواره أصفر، وهو مدحرج أخضر، وفيه خطوط خضر وحمر، وهو صلب لا يؤثر فيه الظفر، ويزرع من أول كانون الأول إلى آخره، ويستر من الجليد، ويزرع بعلا بغير سقي من القيعان إذا كان صغيرا، وإذا كبر يسقى بالماء الكثير ولو مرة كل يوم وهو يحمل بطنا بعد بطن، وإذا نقع بزر القرع والبطيخ في ماء عرق السوس حفظها من الدود. ومن أحب الإسراع في إنبات القرع والبطيخ والقثاء يضع إناء فيه ماء أمام طرف كل قضيب نبت، ويكون بينه وبين طرف القضيب نحو خمسة أصابع مضمومة، فإنك تجده في غده قد وصل إليه الماء، فيبعد عن الإناء مقدار المسافة الأولى فإنه يصل إليك وذلك دأبه حتى يبلغ غايته فإذا فرغ الإناء من الماء تقلص عنه القضيب. وإن أردت أن يكثر حمل القرع والقثاء والخيار دون سقي كثير فاحفر في الأرض التي تريد زرع ذلك يفها حفرة عميقة واسعة، واجعل فيها حتى نصفها تبنا وحشيشا يابسا، ثم املأها ترابا ناعما وزبلا باليا خليطا وازرع تلك البزور واسقها بالماء فإنها تجود ويكثر حملها واسقها مرة واحدة، ويكون ذلك في أرض ماؤها قليل. وإن جاء مرا انزع جميع ما في ذلك المنبت صغيرها وكبيرها، ثم شق الأصل واحشه ملحا واربط عليه ببردي، وغطه بالتراب، فإنه يحمل قرعا حلوا. وكذا القثاء والعجور، وإن جعل الملح عند أصولها قبل أن تقوى أفسدها. وقيل القرع يزرع في السنة أربع مرات وهو بارد رطب في الثانية. وقال روفس: حار رطب، وعصارته مع دهن الورد تسكن وجع الأذن وهو يقطع العطش جدا ويلين البطن.
والبطيخ أنواع منه السكري وهو متوسط الحجم طويل العنق طيب الرائحة حلو الطعم عندما ينضج، والأصفر والعقابي وهو عظيم الحجم طويل العنق معوج طيب الرائحة حلو الطعم، والمرسيني وهو أغبر اللون كثير الشحم مفلطح الشكل، والحاسبي وهو الهوري نسبة إلى قرية وهو على شكل الكمثري لا عنق له قاعدته واسعة، ورأسه مخروطي الشكل، والجراري كأنه جرة، والسمرقندي مفلطح الشكل مدور، يميل باطنه إلى الحمرة، ومنه النفاح بالنون، لين اللحم طري القشر فوّاح ويسمى في الشام الشمام، ومنه الدراع ويشبه النفاح، وهو السندي، ومنه ما هو على شكل البط، له ذنب طويل معقف إلى جهة البطيخة يزيد على الذراع أو نحوه، وهو بمصر كثير، ويعرف بالعبدلاوي، منسوب إلى عبد الله بن طاهر أمير مصر من قبل خلفاء بغداد جلبه إلى مصر من بلاد العجم، ويؤكل أول ما يتكون كهيئة الخيار، ويسمى عجورا إلى أن يكبر ثم يسمى خرشا ويجنى وما زال فيه لون الخضرة، ويلف في أوراقه إلى أن يصفر، ويصير ناعما لا يتحمل وضع اليد عليه إلا بلطف وهو لذيذ وفي بعضه حلاوة، وتبريده في مصر مشهور، وبطيخ يشبه القثاء يسمى الشليق.
وأما البطيخ الهندي وهو الرقي ويسمى البطيخ الأخضر، وهو أنواع، منه ما بزره أسود اللون، وهو شديد الخضرة إلى سواد، ومنه ما برزه أحمر قان وخضرته مائلة إلى صفرة، ومنه المخطط الحبشي، وبزره مختلف، منه الأسود والأحمر والبنفسجي والأصفر، ومنه الصيفي، وهو بمصر كثير جدا، ومنه الصواصلي، وهو من بطيخ مصر ويكبر جدا، ثم يصير لحمه ماء، وهو شديد الحلاوة طيب الرائحة لذيذ جدا، وبزره أبيض، ودائره أسود، وهو في الشام كثير، ويقال أن بزرته جلبت من بلاد العجم، ومنه نوع مستطيل حلو مخطط وأخضر، يسمى النموس، ومنه نوع مستطيل حامض شديد الحموضة، وهو دواء ضد التهاب الصفراء. ومنه ما لونه لون القرع، وفيه الحلو وغيره، وهو يطفيء العطش ويرطب، يأكلونه دواء للمحموم. وسائر أنواع البطيخ تزرع بعلا وسقيا، وكلما حرك التراب تعجل النضج، وأنواع البطيخ تحب الماء إلا السكري. فإن الماء يقلل حلاوته، وتوافقه الأرض المعتدلة، ولا يجود في الندية ولا الباردة، وأحسنها شطوط الأنهار. وإذا نقع بزره أو برز القرع ونحوهما في ماء عرق السوس. ثم زرع سلم من الدود.
وإن أردت التبكير بالبطيخ أو القثاء أو الخيار، فازرع في الشتاء أربع حبات أو خمسا في تراب طيب مخطوط بزبل طري في إناء مثقوب وانضحه بماء ساخن، فإذا نبت وكان الوقت شمسا وصحوا، أخلاجه وعرضه للمطر الخفيف، واذا إلى الماء ينضح عليه، وإذا كان الشتاء قويا ضعه في مكان دافئ تفعل به حتى يحين أوان الغرس فإذا علق ونبت وقوي فاقطع من أطراف قضبانه، فإنه أسرع لإدراكه وإطعامه، وكذا يعمل في القثاء والخيار والباذنجان. وقيل إن جعل في وسط المطبخة أو المقتاة أو المبقلة عظم رأس حمار أهلي نفعها وعجل في إنباتها. وقيل مما يفسد به البطيخ أن يرش عليه شيء من الخل، وإن دخلت امرأة حائض المطبخ أو المقتاة فسد ثمرها وصار طعمه مرا. ويجود البطيخ في الرمل الندي المخلوط ترابا لأن عروقه تنفذ فيه، وهو نبات قمري يزرع في زيادة ضوئه، ويوافقه بعر الغنم وزرق الحمام، والدم ينمي البطيخ ويكثر حمله إذا مزج بالماء مناصفة وصبت في أصول نباته بعد النبش، ثم يعطش قليلا، ثم يسقى فيكبر حمله وتزكو حلاوته. وتنفعه مجاورة الباذنجان وشجر التوت والمشمش والسدر، وتضره مجاورة الخوخ، حتى قالوا: أنه يحدث فيه مرارة، وتضره مجاورة الزيتون، وإذا زرع بزر بطيخ في جمجمة إنسان ودفن في الأرض وتعهده بالسقي فإنه يحمل بطيخا يزيد في ذكاء المرء وإن زرع في جمجمة حمار فإن بطيخه يبلد آكله، ويعمي قلبه وينسيه حتى لا يذكر شيئا البتة ويقال أن مما ينفع البطيخ وينميه ويحليه ويبعد عنه الآفات أن يرمز ويطبل ويتغنى في وسطه، ولا يؤكل البطيخ والعسل معا فإنه يضر ولا مع اللبن فإنه يصير في المعدة سما قاتلا، ولا يؤكل البطيخ على جوع شديد، ولا يؤكل وحده ويؤكل مع الخبز الخمير خاصة. ولا يؤكل التوت الشاشي معه، والبطيخ الأصفر أجوده السمرقندي وهو بارد في أول الثانية، رطب في آخرها، وقيل حار، وهو يدور البول ويزيل الكلف والبهق.
وقشره إذا ألصق على الجبهة منع الأمراض عن العين. والبطيخ الأخضر وهو الرقي، والهندي، أجوده الحلو المائي، وهو بارد رطب في الثالثة، ينفع من الأمراض الحادة والحميات المحرقة، ويسكن العطش وتناوله مع السكنجبين يدر البول ويغسل المثانة، وماؤه مع السكر يبرد الجوف لكنه سيئ الهظم، ويضر الكبار وأصحاب الأمزجة الباردة.
والباذنجان أنواع: منه الفارسي الحلو، والمصري ولون ثمره أبيض وزهره فرفري، والشامي ولون ثمره فرفري، وزهره أزرق إلى حمرة، وبلدي أسود رقيق الغلاف، وزهره فرفري، وقرطبي أكحل وزهره فرفري، ومنه الرقيق الطويل المتوسط في الغلظ والرقة، ومنه المدور المفلطح الكبير وزرع أنواعه كلها سواء فهو يزرع من أول كانون الآخر إلى آخر آذار، وهو من بقول القبط، ولا يوافقه البرد، ويوافقه الماء الحلو الكثير، ولا يحمل ان سقي بغيره. والشمس المعتدلة الحرارة تفيده جدا. ويزرع بزره في آخر كانون الأول والثاني وشباط، وتخلط بزرته بالزبل البالي، وينقل في نيسان، ويسقى المنقولة اثر زراعته بالماء العذب حتى يرتوي ويكرر ذلك ثلاث مرات بين كل سقية يومان ويعطش، ثم يسقى وإن اشتد وقوي يبالغ في نبشه ويعطش، ثم يسقى ثلاث مرات في الأسبوع ولا تهز شجرته عند قطع ثمرته، وتجنى ثمرته بحديد قاطع، وإن أخذت باذنجانة ناضجة وقور شحمها من داخل ووصعت في حفرة وطمرت بالتراب جاء الباذنجان كبيرا ويكون ذلك من آخر شباط حتى آخر آذار. ويسقى ويزبل قليلا عقب زرعه. والباذنجان ينشأ في الحر ويموت بريح الجنوب والشرقي ويضعف بالشمالية والغربية، ويحذر من أكل الباذنجان في الربيع والخريف ويؤكل في الصيف والشتاء.
والباذنجان يبقى في الأرض الحارة عدة سنين، ويصير شجرا كل شجرة منه كشجرة الخوخ، لا سيما في أرض مصر والحجاز، ولكنه إذا عتق في الأرض غلظ جلده ولا يؤكل إلا مقشرا، وهكذا استعماله في مصر دائما، ولا يكاد ينقطع منها. والباذنجان حار يابس في الثانية وفيه غلظ، وقيل بارد يابس إذا خلا من المرارة، والمر منه حار يابس بلا خلاف. وهو يولد السوداء ويفسد الدم واللون، ويورث الكل والبثور والبواسير والسرطانات والجذام والصداع، وأكثر هذه المضار تختص بباذنجان العراق، لأنه كثير المرارة يلسع اللسان وإذا أكل نيئا عسر هضمه والمطبوخ سريع الهضم، وما يطبخ منه بالخل والكراويا يقوي الشهوة إلى الطعام كما يقوي المعدة، وأنفعه ما نقع في الماء والملح، ثم يسلق ويصب عنه ماؤه ويطبخ بالدهن الكثير، وأردأ مستحضراته المشوي.
والكرب أنواعه كثيرة، منها البستاني، ومنها البحري، ومنها البري، ومنها كرنب الماء، والبري أكثر مرارة ولسعا. ومنها النبطي الصغير، وهو أجودها ويزرع في حزيران وتموز، وأفضل أوقاته زمن البرد والجليد، فإنه يأتي حلوا طيبا، أما في زمن الحر فيكون حارا. ويقال أن بزر الكرنب إذا عتق أربعة أعوام وزرع، تحول شلجما، فإن زرع بزر هذا الشلجم نبت كرنبا وقد جرب. والكرنب لا يحتمل الزبل ويزبل بالرماد وحده، ولا تقربه امرأة حائض في مغرسه فيفسد، وهو حار في الأولى يابس في الثانية، وقيل في الأولى، وقيل أنه بارد وقيل مختلف المزاج.
والقنبيط نوعان: صنوبري مجتمع ملفوف ومفرق رأسه إلى أغصان كثيرة، ويؤكل رأسه الذي فوق ساقه، وقد يكبر جدا، ومن أراد أن يشده ويحفظ لونه فليدهنه بالزيت قبل أن يزرعه، أو يغرقه بالعسل ثم يزرعه، أو في الزيت والعسل جميعا ثم يزرعه، وينقظ عليه من الزيت والعسل الذي أخرجه منه ثم يغطيه بالتراب، فإنه يصلحه ويدفع عنه الآفات كلها. ومن أراد أن يكبر حجمه يكشف أصوله ويغطى بروث البقر ثم بالتراب ويسقى. وزرعه في نيسان، وينعشه الماء الكثير والهواء البارد، واذا تعفن تولد منه الوزغ والبق ويؤذيه زبل الناس لكن ينفعه بولهم وبول الخيل والبغال والحمير وأمثالها. وأجوده الغصن الأصفر يفتح الانسداد، وهو غليظ يغلظ الدم ويحدث انتفاخا في نواحي الجنب، وينبغي أن يسلق جيدا ويؤكل بالدهن الكثير واللحم السمين، وبالخل والتوابل الحارة.
والخسر منه بري ومنه بستاني، ومنه طويل الورق حادها، وقصير الورق عريضها، وهو بقل الربيع، وإذا أدركه حر الهواء صار مرا، وتؤكل فروعه وأصوله، ومنه له ساق، ومنه ليس له ساق، ويطول وينبت له ورق على قضبان طولها نحو ذراع. ويحمل في رأسه وعاء كبيرا فيه بزر كثير، وإذا كبر صار مرا وتولد فيه اللبن وهو يضعف بدن آكله، ويؤكل مطبوخا ونيئا، وهو يطفئ العطش ويبرد الجوف. والمسلوق أسرع انهضاما وأكثر تغذية، وتوافقه الأرض السمينة والماء الحلو، وإن جعل بزره في قطعة أترج ثم زرعت تلك القطعة بما فيها كان للخسر رائحة زكية كالأترج، وقيل يزرع في آذار وينقل غرسه فيجود ويقوي وهو يحتاج للتزبيل الدائم وإن أردت أن يبيض من غير نقص في كعمه، فانثر على وجهه كل ثلاثة أيام شيئا من زبل جاف. وإن أردت أن يلتف ورقه ويكبر ولا يطول فانقله بأصله فاذا بلغ طول شبر فاحفر عن أصله حتى تبدو عروقه وضع عليها روث البقر الرطب ثم غطها واسقه واتركه حتى يشتد ويخرج أصله ويظهر فوق الأرض قدر ثلاثة أصابع مبسوطة، فاكشف عن أصله وشق الظاهر منه بسكين حديد وضع بقدر الشق قطعة من خزف الجرار ثم غطه بالتراب واسقه، فإن تلك الخرفة تزيد في أصله وعرضه. وإن حصدت أوراقه مستوية قبل قلعه للأكل بيومين، عظم أصله وطاب طعمه. وهو بارد في الثالثة. وأجوده البستاني الطري الأصفر العريض الورق. ومن منافعه قطع العطش، وإذهاب السهر، ومطبوخه يزيد في الجسم والباه وألبان النساء المرضعات وبزره يفعل ضد ذلك، وورقه مع الخل يسكن لهب الصفراء ووضع ورقة تحت وسادة المريض وعند رجليه دون أن يشعر ينومه، وهو نافع من اختلاف المياه، وغير المغسول منه أقل توليدا للرياح وهو سريع الهضم ودوام أكله يشعف العين ويظلمها. والخس يقطع شهو الجماع لا سيما بزره.