









« نعم وكرامة. » فسمّى: دقّ صدره.
وضاقت الأموال فقصّر في إطلاق أموال أصحاب التفاريق والقوّاد القدماء ومن يجرى مجراهم، فشغبوا عليه وقصدوا المصلّى فأقاموا فيه وأخرجوا معهم أكثر القوّاد واستفحل أمرهم وبسطوا فيه ألسنتهم.
فأمره المقتدر بإطلاق أرزاقهم فاعتذر بقصور الأموال ونقصان الارتفاع، وذكر أنّ الأموال المستخرجة من ابن الفرات وأسبابه قد حصلت في بيت المال الخاصّة، وأنّه ليس ينفذ له صاحب بيت مال الخاصّة أمرا فيها، فأمر بإخراج خمسمائة ألف دينار من بيت مال الخاصّة لينفق في الجند المشغّبين.
وقلّد ديوان البريد بمدينة السلام والإشراف على الوزير وعلى الجيش وأصحاب الدواوين والقضاة وأصحاب الشرطة شفيع اللؤلؤيّ.
فلمّا رأى ابن ثوابة ضعف أمر الوزير تقرّب إلى المقتدر برقاع أوصلتها أمّ موسى يذكر فيها أنّه يستخرج من العمّال أموالا جليلة أهملها الخاقاني، وذكر أنّه يستخرج من محمّد بن عليّ الماذرائى وأخيه إبراهيم وحدهما سبعمائة ألف دينار. فخرج الأمر إلى الخاقاني بتقوية يد ابن ثوابة، ففعل ذلك واستخرج أموالا بالعسف، وتغلّب على الأمور، وكان يصرف عمّال الوزير ويولّى من يرى، وتوصّل الأشرار إلى كتب الرقاع على يد أمّ موسى إلى المقتدر يخطبون الأعمال ويتضمّنون الأموال. فخرج الأمر إلى الخاقاني بتقليدهم ذلك، فانتشر أمره وشاركه الأشرار في النظر واستخرجوا الأموال من كلّ وجه بكلّ عسف.
وكان حامد بن العبّاس قد تضمّن أعمال واسط ونواحيها أربع سنين فعمل الكتّاب له عملا وحصّلوا عليه في كلّ سنة مائتين وأربعين ألف دينار وألفين وأربعمائة كرّ بالمعدّل شعيرا للكراع في كلّ سنة يستوفى منه مع المال الذي ذكرنا مبلغه. وإنّما كان حامد ضمن على عبرة السنة المتقدّمة وزيادة يسيرة، وكان التقصير والإضاعة والتخليط يقع من الخاقاني.
وذلك أنّ الخاقاني كان يتقلّد في أيّام عبيد الله بن سليمان وما بعدها إلى وقت استتاره في أيّام وزارة ابن الفرات الأولى أعمال البريد والمظالم والخرائط بما سبذان. فلمّا ولى الوزارة تحيّر لقلّة الدربة ونقصان المعرفة بالأعمال، فشرع مونس في تقليد عليّ بن عيسى.
ودخلت سنة ثلاثمائة يرتأى المقتدر في إعادة ابن الفرات إلى الوزارة
ولمّا رأى المقتدر بالله اضطراب الأمور وفساد التدبير وانتقاض المملكة، شاور مونسا الخادم، وعرّفه أنّ الصورة تقود إلى ردّ أبي الحسن ابن الفرات وتقليده الوزارة.
وكان مونس مستوحشا من ابن الفرات لأمور حكينا بعضها في حكاية أمره مع سبكرى وتقريره أمر فارس ونقض ابن الفرات عليه.
فقال مونس للمقتدر بالله:
« إنّه يقبح أن يعلم أصحاب الأطراف أنّ السلطان صرف وزيرا ثم اضطرّ إليه وردّه بعد شهور من صرفه، ثم لا ينسبون ذلك إلّا إلى المطمع في ماله فقط. » وقال: إنّ كتّاب الدنيا الذين دبّروا المملكة دواوينها منذ أيّام المعتضد بالله، هما ابنا الفرات، وأبو العبّاس منهما قد مات، وتقلّد الآخر الوزارة إلى أن صرف عنها، ومحمّد بن يزداذ ومحمّد بن عبدون وقد قتلا في فتنة ابن المعتزّ، وعليّ بن عيسى بن داود بن الجرّاح، ولم يبق من يصلح لتدبير المملكة غيره.
ووصفه بالثقة والأمانة والديانة والنزاهة والصيانة والصناعة.
فأمره المقتدر بإنفاذ يلبق إليه ليحمله إلى الحضرة، وأظهر للخاقانى أنّه يحضره ليستخلفه لابنه عبد الله على الدواوين.
وكان الخاقاني يقول في مجلسه:
« إني قد كتبت بحمل عليّ بن عيسى إلى الحضرة لأستخلفه لعبد الله. » فلمّا كان يوم الاثنين لعشر خلون من المحرّم سنة إحدى وثلاثمائة ركب الخاقاني إلى دار السلطان، فقبض عليه وعلى ابنيه عبد الله وعبد الواحد وأبي الهيثم ابن ثوابة ويحيى بن إبراهيم المالكي وأحمد ومحمّد ابني سعيد الحاجبين وبنان وسعيد بن عثمان النفّاط واعتقلوا في يد نذير الحرمي. وكان سعيد بن عثمان النفّاط أحد من سعى للخاقانى في الوزارة، فقضى حقّه بأن قلّده أعمالا كثيرة جليلة.
وفي هذه السنة صرف عبد الله بن إبراهيم المسمعي عن أعمال المعاون بفارس وتقلّدهما بدر الحمامي وكان بدر يتقلّد أعمال المعاون بإصبهان فنقل إلى أعمال فارس وكرمان وقلّد مكانه عليّ بن وهسوذان الديلمي.
ودخلت سنة إحدى وثلاثمائة
وزارة أبي الحسن علي بن عيسى الوزارة
وفيها تقلّد أبو الحسن عليّ بن عيسى الوزارة وقت قدومه من مكّة وخلع عليه، وركب من دار السلطان إلى داره، وركب معه مونس الخادم وغريب الخال وسائر القوّاد والغلمان، وسلّم إليه في يوم الخلع محمّد بن عبيد الله الخاقاني وابناه، وجميع من سمّيتهم فيما تقدّم، فصادرهم مصادرات قريبة الأمر، واستخرج منهم جميع ما صادرهم عليه.
ثم أطلق الخاقاني إلى منزله، ووكّل به فيه، وصان حرمه أتمّ صيانة، وأوقع بأبي الهيثم ابن ثوابة مكروها.
ثم صار ينظر في أمر الأعمال في دار الوزارة بالمخرّم يبكّر إليها في كلّ يوم، ويعمل فيها إلى آخر أوقات صلاة العشاء الآخرة ثم ينصرف إلى داره.
وكتب إلى كلّ واحد من العمّال بما جرت العادة به من تشريف أمير المؤمنين إيّاه بالخلع، وردّ أمر الدواوين والمملكة إليه، ويقرّرهم على مواضعهم ويأمرهم بالجدّ والاجتهاد في العمارة، ويقول في آخر كتابه:
« وهذا عنفوان السنة وأوّل الافتتاح ووقت حموم الخراج، ولست أعلم ما يجب أن أطالبك به فاذكره وأخاطبك عليه، ولكني آمرك أن تحمل صدرا من المال يتوفّر مقداره، وتنفذ الرسائل بذلك مع الجواب عن كتابي هذا عند نظرك فيه وتكتب إليّ بشرح الحال في أمور نواحيك وتنفذ مواقفه نقف عليها وبها على موقع أثرك فيها ومخائل تدبيرك في توفيرها وتثميرها، وتتوقف عن إمضاء التسبيبات وما يجرى مجراها إلى أن ترد عليك كتبي وتوقيعاتى في استماراتك عمّا يكون عملك عليه، وتمكّن في نفسك أنّه لا رخصة عندي ولا هوادة في حقّ من حقوق أمير المؤمنين أغضى عنه، ولا درهم من ماله أسامح فيه ولا تقصير في شيء من أمور العمل أصبر لقريب أو بعيد عليه، ولا تكون بإظهار أثر جميل في ذلك أشدّ عناية منك بإنصاف الرعيّة والعدل عليها ورفع صغير المؤن وكبيرها عنها، فإني أطالبك بذلك كما أطالبك بتوفير حقوق السلطان وتصحيحها وصيانة الأموال وحياطتها. وتابع كتبك بما يكون منك وقتا وقتا لأعرفه إن شاء الله. » وقلّد بعد ذلك الدواوين جماعة وعزل جماعة، وفعل مثل ذلك بالعمّال، ونظر إلى من تعوّد اقتطاع الأموال السلطانية، وإقامة مروّات نفسه منها، وقصر في العمارة، واعتمد غيره، فعزل أمثال هؤلاء.
ثم عمر الثغور والبيمارستانات وأدرّ الأرزاق لمن ينظر فيها وأزاح علل المرضى والقوّام، وعمر المساجد الجامعة، وكتب إلى جميع البلدان بذلك ووقّع إلى العمّال به، وكتب إلى العمّال في أمر المظالم كتابا نسخته:
« بسم الله الرحمن الرحيم، سبيل ما يرفعه إليك كلّ واحد من المتظلمين قبل النوروز من مظلمته، ويدّعى أنّه تلف بالآفة من غلّته، أن تعتمد في كشف حاله على أوثق ثقاتك وأصدق كفاتك حتى يصحّ لك أمره، فتزيل بالظلم فيه، فترفعه وتضع الإنصاف موضعه، وتحتسب من المظالم بما يوجب الوقوف عليه حسبه، وتستوفى الخراج بعده، من غير محاباة للأقوياء ولا حيف على الضعفاء، فاعمل فيما رسم لك ما يظهر ويذيع ويشتهر ويشيع، ويكون العدل به على الرعيّة كاملا، والإنصاف لجميعهم شاملا، إن شاء الله. » وكتب في إسقاط مال التكملة بفارس كتابا وفي جميع ما يشبه ذلك كتابا مشهورة مستحسنة.
فساس أبو الحسن عليّ بن عيسى الدنيا أحسن سياسة، ورسم للعمّال الرسوم الجميلة وأنصف الرعيّة، وأزال السنن الجائرة، ودبّر أمر الوزارة والدواوين وسائر أمور المملكة بكفاية تامّة، وعفاف وتصوّن وديانة، ونظر في المظالم وأبطل المكس بمكّة، والتكملة بفارس وسوق بحر بالأهواز، وجباية الخمور بديار ربيعة فبانت بركته على الدنيا، وعمر البلاد وتوفّر الارتفاع، واستقام أمر السلطان وعادت هيبة الملك، وصلح أمر الرعيّة.
ثم أسقط عليّ بن عيسى الوزير أكثر ما زاده الخاقاني في وزارته في دواوين الجند وإقطاعاتهم، وكانت هذه الزيادة قد لحقت القوّاد وسائر أصناف الجند، ولحقت الخدم والحاشية وجميع الكتّاب والمتصرّفين، وكانت كثيرة.
فلمّا أسقطها عاداه أكثر الناس وشنّعوا عليه بالضيق والشحّ وقطع الأرزاق، وإنّما اضطرّ إلى ذلك لمّا رأى نفقات السلطان زائدة على دخله زيادة مفرطة تحوج إلى هدم بيوت الأموال وصرفها في نفقات يستغنى عنها.
مناظرة بين علي بن عيسى وابن الفرات
وحكى ثابت بن شيبان عن عليّ بن عيسى أنّه قال: كنت عملت عملا لارتفاع المملكة وما عليّ من الخرج، فكان الخرج زائدا على الدخل بشيء كثير، فقال لي ابن الفرات يوما بعد صرفه إيّاى وقد أخرجت إليه في دار السلطان ليناظرني:
« أبطلت الرسوم وهدمت الارتفاع » فقلت له:
« أيّ رسم أبطلت؟ »
قال: « المكس بمكة والتكملة بفارس. » فقلت: « وهذا وحده أبطلت؟ وقد أبطلت أشياء كثيرة فمنها ومنها - وعددت أشياء مبلغ جميعها خمسمائة ألف دينار في السنة - ولم أستكثر هذا المقدار في جنب ما حططته عن أمير المؤمنين من الأوزار وغسلت به عن دولته من الدرن والعار ولكن انظر مع ما حططت وأبطلت إلى ارتفاعي وارتفاعك ونفقاتى ونفقاتك. » قال ثابت: فقلت: « فبأيّ شيء أجابك؟ » فقال: « خرج الخادم ففرّق بيننا قبل أن يجيب. » قال: وحدّثني أحمد بن محمّد بن سمعون وكان ينظر في أعمال النهروانات، قال:
« مسحنا على الناس غلّاتهم فإذا بعض التّنّاء قد ذهب إلى باب الوزير عليّ بن عيسى ونحن لا نعلم، فتظلّم أنّا زدنا عليه في مساحة قراح له، فلم نشعر بشيء إلّا وقد جاءنا عامل يعرف بابن البدّال ومعه فوج من مسّاح بادوريا وفرسان ورجّالة، فلم نشكّ في أنّه صارف لنا، فقال لي صاحبي:
أحبّ أن تتلقاه وتتنسّم الخبر. ففعلت وتلقيته وعرفت خبر المتظلّم، فعرّفت صاحبي ذلك، فقال لي:
« لا تدرى كيف جرى أمر مساحته؟ » فقلت: « لا. » قال: « فاخرج حتى تواقف وتجتهد. » قال: فخرجت ومعي مسّاح البلد الذين مسحنا بهم واستقصيت معهم، وما زلت ألطف إلى أن تقرّرت المساحة، وكنّا مسحنا القراح باثنين وعشرين جريبا فخرجت مساحته احدى وعشرين جريبا وقفيز، فاحتججت بأنّ القراح مسح وفيه غلّة قائمة ومسح في هذا الوقت بعد الحصاد، وليس بمنكر أن يكون بين المساحتين في الحالتين هذا المقدار وانصرف ابن البدّال. وورد عليه كتاب عليّ بن عيسى بالصواعق في الإنكار والتوعّد، بأنّه إن وقف على أنّ أحدا من الرعية حيف عليه في معاملة أو مساحة فعل وصنع.
قال: فما جسرنا أن نستقصى على أحد في معاملة، فلمّا كان في السنة القابلة زاد الارتفاع في العشرة ثلاثة لأنّ الخبر انتشر بالعدل وقيل: قد رفع الحيف والظلم فنشط الناس للازدياد من العمارة وفعل مثل ذلك في المظالم.
وحكى ابن المشرف أنّ بعض عمّال بادوريا طالب بالخراج وبقايا عليهم وحبس أهله فصبروا على الحبس فقيّدهم فصبروا على القيد ولم يجسر أن يوقع بهم خوفا من عليّ بن عيسى، فكتب بحضرتهم إلى عليّ بن عيسى يضرّبه عليهم غاية التضريب ويقول:
« إنّ هؤلاء قوم يدلّون بالجلد، وعليهم أموال وقد ألطّوا وصبروا على الحبس والقيد، ومتى لم تطلق اليد في تقويمهم واستخراج المال منهم كسروه وتأسّى بهم أهل السواد فبطل الارتفاع والوزير أعلى عينا وما يراه. » قال القوم: فجزعنا وخفنا أن يطلق يده فينا فيتلفنا لما كان في نفسه علينا، وهممنا بأن نذعن له. ثم اجتمع رأينا على التوقّف إلى أن يرد الجواب. قال: فورد وإذا هو قد وقّع بخطّه على ظهر الرقعة:
« إخراج - عافاك الله - دين وليس يجب فيه غير الملازمة فلا تتعدّ ذاك إلى غيره، والسلام. » قالوا: ففرّج عنّا وأدّينا الصحيح ممّا علينا. فلمّا كانت السنة القابلة زاد ارتفاع بادوريا في العشرة اثنين وزرعنا حتى السطوح ثقة بالعدل والإنصاف.
تزوير توقيعات الوزير المصروف
ولمّا صرف أبو عليّ الخاقاني عن الوزارة أكثر الناس التزويرات عليه وعرضت توقيعاته على عليّ بن عيسى، فأنكرها وجمعها وأنفذ بها إلى أبي عليّ الخاقاني وقال:
« أنظر في هذه التوقيعات وعرّفنى الصحيح منها والباطل الذي زوّر عليك. » واتفق أن حضر رسوله وأبو عليّ الخاقاني يصلّى. فوضع الرسول التوقيعات بين يدي أبي القاسم ابنه وأدّى الرسالة، فأخذ أبو القاسم يميّزها ويفرد الصحيح منها، فأومأ إليه أبوه بالتوقّف فتوقّف، فلمّا فرغ من الصلاة أخذها فتصفّحها، ثم خلطها ودفعها إلى الرسول وقال:
« تقرأ على الوزير السلام وتعرّفه أنّ هذه التوقيعات كلّها صحيحة وأنا أمرت بها فما رأيت أن تمضيه أمضيته وما رأيت إبطاله أبطلته. » فلمّا انصرف الرسول قال لابنه:
« يا بنيّ، أردت أن تبغضنا إلى الناس بلا معنى ويكون الوزير قد التقط الشوك بيدك؟ نحن قد صرفنا فلم لا تتحبّب إلى الناس بإمضاء كل ما زوّر علينا، فان أمضاه كان الحمد لنا والضرر عليه، وإن أبطله كان الحمد لنا والذمّ له. » فاستحسن الناس هذا الفعل من أبي عليّ، إلّا أنّ عليّ بن عيسى تذمّم إلى الخلق من الخاصّة والعامّة والحاشية بإسقاطه الزيادات التي صارت عند أصحابها كالأصول واطّراحه النفقات التي تعود بتمزيق الأموال بغير فائدة، فثقلت وطأته وكره الناس أيّامه وقصدوا التشنيع عليه، وثلبوه عند المقتدر بالله، وسعى قوم لأبي الحسن ابن الفرات في الوزارة.
القبض على الحسين بن منصور الحلاج بالسوس
وفي هذه السنة قبض على الحسين بن منصور الحلّاج بالسوس، وأدخل بغداد مشهّرا على جمل، وكان حمل إلى عليّ بن أحمد الراسبي، فحمله عليّ إلى الحضرة، فصلب وهو حيّ، وصاحبه وهو خال ولده معه في الجانبين جميعا، وحبس الحلّاج وحده في دار السلطان وظهر عنه بالأهواز وبمدينة السلام أنّه ادّعى أنّه إله وأنّه يقول بحلول اللاهوت في الأشراف من الناس.
حوادث أخرى
وفيها أطلق الوزير أبا عليّ الخاقاني وأزال عنه التوكيل.
وفيها مات عليّ بن أحمد الراسبي بدور الراسبي، وتقدّم مونس الخادم بمشورة عليّ بن عيسى لقبض أمواله، وكتب إلى النعمان بن عبد الله بالمصير إليه والاجتماع معه على ذلك، فكتب أنّه حصّل منها نحو ألف ألف دينار.
وفيها خلع على الأمير أبي العبّاس بن المقتدر بالله، وقلّد أعمال الحرب بمصر والمغرب واستخلف له على مصر مونس الخادم.
وقلّد الأمير على ابن المقتدر بالله الصلات وأعمال المعاون والأحداث والحرب بكور الريّ ودنباوند وقزوين وزنجان وأبهر والطرم.
وفيها ورد الخبر بقتل إسماعيل بن أحمد صاحب خراسان على شاطئ نهر بلخ، قتله غلمانه، وقام مقامه أبو الحسن نصر ابنه، فنفذ العهد إليه من المقتدر بالله والكتاب بتقليده خراسان مكان أبيه.
قتل أبي سعيد الجنابى
وفيها ورد الخبر بأنّ خادما لأبي سعيد الجنّابى الحسن بن بهرام المتغلّب على هجر قتله. ثم إنّ ذلك الخادم خرج بعد قتله مولاه، فدعا رجلا من رؤساء أصحابه وقال:
« السيد يدعوك. » فلمّا دخل قتله وما زال يفعل ذلك بواحد واحد إلى أن قتل أربعة من الرؤساء. ثم دعا بالخامس فأحسّ الخامس بالقتل، فصاح وأطلع النساء عليه وصحن، فقبض على الخادم قبل أن يقتل الخامس. وقتل الخادم وكان صقلابيا وقد كان أبو سعيد عهد إلى ابنه سعيد فلم يضطلع بالأمر فغلبه أخوه الأصغر أبو طاهر سليمان بن الحسن.
وقد كان القرامطة وافوا إلى باب البصرة في سنة تسع وتسعين ومائتين، وكان المتقلّد لأعمال المعاون بالبصرة محمّد بن إسحاق بن كنداجيق وكان يوم جمعة والناس في الصلاة، فصاح الصائح: « القرامطة القرامطة. »
فخرج إليهم الموكّلون بالباب فوجدوا فارسين قد نزل أحدهما عند الميل، فنظر إليه البوّابون جالسا متّكئا قد وضع إحدى رجليه على الأخرى والآخر بإزائهم فصاحوا به، وبدر إليه رجل من الخول، فطعنه القرمطي وقتله وتراجعوا، فبكى أخوه فقالوا له:
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)