








· ندى – الأردن :
كلّ من كتب بالسياسة من الشعراء له قصائد ودواوين في الغزل .. لماذا لم يكتب أحمد مطر في هذا المجال، بالرغم من أنه مجال يستهوي كلّ الشعراء ؟
- نعم .. أنا على علم بأنّ لكلّ الشعراء دواوين في الغزل، وهذا هو بالضبط ما طمأنني على أنّ ثغورنا "العاطفية" ليست مكشوفة أمام جحافل "العاذلين" والحمد لله، وأنّ مخزوننا من القلوب المشكوكة بالسهام كفيل بأن يُعيل "لواعج غرامنا" لألف سنة مقبلة، على الأقل .
وإذا أضفت إلى هذا كون أمننا الداخلي مستتباً ومضبوطاً مثل "العقال" ببركة الآلاف المؤلفة من "ضبّاط" الإيقاع، فسيكون من الطبيعي أن يداخلني اليقين بأن الجهاد على تلك الجبهة قد أصبح، بالنسبة لي "فرض كفاية"، مما يمنحني عذراً واسعاً للانصراف إلى حجرة رغائبي الذاتية دون خشية من "عاذل" أو "رقيب" !
لطالما واجهت هذا السؤال، يا ندى، ولطالما أبديت حجتي جاهداً، لكن دون جدوى. لقد تقطّعت أنفاسي من الشرح، ولم ينقطع السؤال عن الدوران .
إذا ظنّ أحد أنني لم أعرف الحب فهو مخطئ إلى أبعد حد، وإذا اعتقد أحد أنني لا أجيد صياغة الغزل فهو أكثر خطأً من سابقه .
خلاصة الأمر هي أنّ لي قلباً مفعماً بالعواطف المشبوبة، لكنه لا يعرف الكذب مطلقاً . ولذلك فإنني سأكون مستحقاً للعنته إذا حاولت إقناعه بضرورة إقامة معرض لصباباتي، فيما هو يرى، بأمّ فؤاده، أنّ بيتنا بمن فيه وما فيه، سابح في الحريق .
لا أنكر على غيري أن يفعل ذلك، فلكلٍّ شأنه، لكنني هنا أتحدث عن نفسي كحالة خاصة أعرفها جيداً، وأعرف أنها لا تعمل بنظام المناوبة، وأعرف أنّ الهم الذي يشغلها يجعلها تخجل حتى من تناول وجبة الطعام، فما بالك بالغناء في المأتم !
قبل أربعة عشر عاماً، حين واجهت هذا السؤال بكثافة عاتية، نشرت قصيدة ( أعرف الحبّ .. ولكن ) في مجلة (الناقد) اللندنية، في محاولة مني لتعميق الردّ على السؤال بكتابة شعرية، تبدي حججي واضحةً، وتثبت، في الوقت نفسه، أنني لست عاجزاً عن الطراد في هذا الميدان.
وقد مهّدت لتلك القصيدة بمقدمة نثرية قلت فيها:" إنّ كثيراً من الناس الذين يقرؤون شعري، والقارئات بصفة خاصة، يسألني عن أسباب أزمة شعر الحب عندي، أو أزمة نشره، ولا أنسى أنّ نزار قبّاني قد أخذ عليّ ، أكثر من مرّة، أن أدفن نفسي حياً، وأنشغل بالحرب دون الحب. وقد أزعجه أن يذهب شبابي دون أن أخوض في هذا اليم الساحر، فأستحضر في النفس الأمّارة..كلّ شياطين وملائكة الشعر.
وإنّي لأجيب في كلّ مرة، لكنً السؤال يعود إليّ دائماً كخيط المطاط، حتى تعبت "
ولقد ذهب الشباب ولم يذهب السؤال، برغم أن المصائب هي الأخرى لم تذهب، بل تراكمت وباضت وفرّخت، وسدّت منافذ الأنفاس .
هل أفهم أنّ كلّ جهود "الإغاثة الغزلية" قد أخفقت في إمدادكم بما تحتاجون، حتى لم يعد أمامكم إلاّ انتظار المَدد منّي؟!
ابشروا، إذن، سوف لن أتأخر إلاّ بضعة عُمر .
سأقـدِمُ إليكم، حالما أنتهي من البكاء على القتلى في جميع بقاع أوطاننا المستقلة عن نفسها. وإذا كنت سأتأخر قليلاً فلأنني سأنشغل، لبعض الوقت، بدفن كرامة أمّة كاملة لا تزال جثتها مرمية على رصيف شارع (الفيديو كليب) .
وللمناسبة.. هناك أربعة عشر مليون أفريقي، نصفهم من الأطفال، مهددون بالموت الحتمي جوعاً، في غضون الأيام الخمسين المقبلة .
تسلّوا بالفرجة عليهم، إلى حين وصولي… لن أتأخّر .
عفوا تعف نساؤكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا))
حمل toolbar alexa لتصفح أسرع و حماية أكبر
يداً بيد نبني سورية الغد
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)