حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: وحدثني بعض أهل العلم أن الصلاة حين افترضت على رسول الله ص، أتاه جبرئيل وهو بأعلى مكة، فهمز له بعقبه في ناحية الوادي، فانفجرت منه عين، فتوضأ جبرئيل عليه السلام، ورسول الله ص ينظر إليه ليريه كيف الطهور للصلاة، ثم توضأ رسول الله ص كما رأى جبرئيل عليه السلام توضأ، ثم قام جبرئيل عليه السلام، فصلى به وصلى النبي بصلاته. ثم انصرف جبرئيل عليه السلام، فجاء رسول الله ص خديجة، فتوضا لها يريها كيف الطهور للصلاة؛ كما أراه جبرئيل عليه السلام، فتوضأت كما توضأ رسول الله ص، ثم صلى بها رسول الله ص كما صلى به جبرئيل عليه السلام، فصلت بصلاته.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا هارون بن المغيرة وحكام بن سلم، عن عنبسة، عن أبي هاشم الواسطي، عن ميمون بن سياه، عن أنس بن مالك، قال: لما كان حين نبىء النبي ، وكان ينام حول الكعبة، وكانت قريش تنام حولها، فأتاه ملكان: جبرئيل وميكائيل، فقالا: بأيهم أمرنا؟ فقالا: أمرنا بسيدهم، ثم ذهبا ثم جاءا من القبلة، وهم ثلاثة، فألفوه وهو نائم، فقلبوه لظهره، وشقوا بطنه، ثم جاءوا بماء زمزم، فغسلوا ما كان في بطنه من شك أو شرك أو جاهلية أو ضلالة، ثم جاءوا بطست من ذهب، ملئ إيمانًا وحكمة، فملىء بطنه وجوفه إيمانًا وحكمة، ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فاستفتح جبرئيل، فقالوا: من هذا؟ فقال: جبرئيل؛ فقالوا: من معك؟ فقال: محمد، قالوا: وقد بعث؟ قال: نعم، قالوا: مرحبًا، فدعوا له في دعائهم، فلما دخل؛ فإذا هو برجل جسيم وسيم، فقال: من هذا يا جبرئيل؟، فقال: هذا أبوك آدم، ثم أتوا به إلى السماء الثانية، فاستفتح جبرئيل، فقيل له مثل ذلك، وقالوا في السموت كلها كما قال وقيل له في السماء الدنيا، فلما دخل، إذ برجلين، فقال: من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال: يحيى وعيسى ابنا الخالة، ثم أتى به السماء الثالثة، فلما دخل إذا هو برجل، قال: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا أخوك يوسف، فضل بالحسن على الناس، كما فضل القمر ليلة البدر على الكواكب، ثم أتى به السماء الرابعة، فإذا هو برجل، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا إدريس، ثم قرأ: " ورفعناه مكانًا عليًا "، ثم أتى به السماء الخامسة، فإذا هو برجل، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا هارون، ثم أتى به السماء السادسة، فإذا هو برجل فقال: من هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا موسى، ثم أتى به إلى السماء السابعة، فإذا هو برجل، فقال: من هذا يا جبرئيل؟ قال: هذا أبوك إبراهيم، ثم انطلق إلى الجنة، فإذا هو بنهر أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، بجنبتيه قباب الدر، فقال: ما هذا يا جبرئيل؟ فقال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، وهذه مساكنك، قال: وأخذ جبرئيل بيده من تربته، فإذا هو مسك أذفر، ثم خرج إلى سدرة المنتهى وهي سدرة نبق أعظمها أمثال الجرار، وأصغرها أمثال البيض، فدنا ربك عز وجل: " فكان قاب قوسين أو أدنى "، فجعل يتغشى السدرة من دنو ربها تبارك وتعالى، أمثال الدر والياقوت والزبرجد واللؤلؤ ألوان. فأوحى إلى عبده، وفهمه وعلمه وفرض عليه خمسين صلاة، فمر على موسى، فقال: ما فرض على أمتك؟ فقال: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك، فإن أمتك أضعف الأمم قوة، وأقلها عمرًا؛ وذكر ما لقي من بني إسرائيل، فرجع فوضع عنه عشرًا، ثم مر على موسى، فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف؛ كذلك حتى جعلها خمسًا، قال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف، فقال: لست براجع؛ غير عاصيك؛ وقذف في قلبه ألا يرجع، فقال الله عز وجل: " لا يبدل كلامي، ولا يرد قضائي وفرضي "، وخفف عن أمتي الصلاة لعشر. قال أنس: وما وجدت ريحًا قط ولا ريح عروس قط، أطيب ريحًا من جلد رسول الله ص؛ ألزقت جلدي بجلده وشممته.
قال أبو جعفر: ثم اختلف السلف فيمن اتبع رسول اله ص وآمن به وصدقه على ما جاء به من عند الله من الحق بعد زوجته خديجة بنت خويلد، وصلى معه.
فقال بعضهم: كان أول ذكرٍ آمن برسول الله ص وصلى معه وصدقه بما جاءه من عند الله علي بن أبي طالب عليه السلام.
ذكر بعض من قال ذلك ممن حضرنا ذكره
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا إبراهيم بن المختار، عن شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: أول من صلى علي.
حدثنا زكريا بن يحيى الضرير، قال: حدثنا عبد الحميد بن بحر، قال: أخبرنا شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر، قال: بعث النبي ص يوم الاثنين، وصلى علي يوم الثلاثاء.
حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة، عن زيد بن أرقم، قال: أول من أسلم مع رسول الله ص علي بن أبي طالب. قال: فذكرته للنخعي، فأنكره، وقال: أبو بكر أول من أسلم.
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا حمزة رجلًا من الأنصار، يقول: سمعت زيد بن أرقم، يقول: أول رجل صلى مع رسول الله ص علي عليه السلام.
حدثنا أحمد بن الحسن الترمذي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا العلاء، عن المنهال بن عمرو، عن عبادة بن عبد الله، قال: سمعت عليًا يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب مفترٍ، صليت مع رسول الله ص قبل الناس بسبع سنين.
حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا سعيد بن خثيم، عن أسد بن عبدة البجلي، عن يحيى بن عفيف، عن عفيف، قال: جئت في الجاهلية إلى مكة، فنزلت على العباس بن عبد المطلب، قال فلما طلعت الشمس وحلقت في السماء وأنا أنظر إلى الكعبة، أقبل شابٌ، فرمى ببصره إلى السماء، ثم استقبل الكعبة، فقام مستقبلها، فلم يلبث حتى جاء غلام، فقام عن يمينه. قال: فلم يلبث حتى جاءت امرأة، فقامت خلفهما، فركع الشاب، فركع الغلام والمرأة، فرفع الشاب فرفع الغلام والمرأة، فخر الشاب ساجدًا فسجدا معه، فقلت: يا عباس، أمر عظيم! فقال: أمر عظيم! أتدري من هذا؟ فقلت: لا، قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، ابن أخي. أتدري من هذا معه؟ قلت: لا، قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عبد المطلب، ابن أخي. أتدري من هذه المرأة التي خلفهما؟ قلت: لا، قال: خديجة بنت خويلد، زوجة ابن أخي، وهذا حدثني أن ربك رب السماء، أمرهم بهذا الذي تراهم عليه، وايم الله ما أعلم على ظهر الأرض كلها أحدًا على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة.
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثنا محمد ابن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن أبي الأشعث الكندي، من أهل الكوفة، قال: حدثني إسماعيل بن إياس بن عفيف، عن أبيه، عن جده، قال: كنت امرأ تأجرًا، فقدمت أيام الحج، فأتيت العباس، فبينا نحن عنده إذ خرج رجلٌ يصلي، فقام تجاه الكعبة، ثم خرجت امرأة فقامت معه تصلي، وخرج غلام فقام يصلي معه، فقلت: يا عباس، ما هذا الدين؟ إن هذا الدين ما أدري ما هو؟ قال: هذا محمد بن عبد الله، يزعم أن الله أرسله به، وأن كنوز كسرى وقيصر ستفتح عليه، وهذه امرأته خديجة بنت خويلد آمنت به، وهذا الغلام ابن عمه علي بن أبي طالب، آمن به. قال عفيف: فليتني كنت آمنت يومئذ فكنت أكون أربعًا! حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل وعلي بن مجاهد، قال سلمة: حدثني محمد بن إسحاق، عن يحيى بن أبي الأشعث - قال أبو جعفر: وهو في موضع آخر من كتابي عن يحيى بن الأشعث - عن إسماعيل بن إياس بن عفيف الكندي - وكان عفيف أخا الأشعث بن قيس الكندي لأمه، وكان ابن عمه - عن أبيه عن جده عفيف، قال: كان العباس ابن عبد المطلب لي صديقًا، وكان يختلف إلى اليمن، يشترى العطر فيبيعه أيام الموسم؛ فبينا أنا عند العباس بن عبد المطلب بمنى، فأتاه رجل مجتمع، فتوضأ فأسبغ الوضوء، ثم قام يصلي، فخرجت امرأةً فتوضأت وقامت تصلي ثم خرج غلام قد راهق، فتوضأ، ثم قام إلى جنبه يصلي، فقلت: ويحك يا عباس! ما هذا؟ قال: هذا ابن أخي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، يزعم أن الله بعثه رسولا، وهذا ابن أخي علي بن أبي طالب قد تابعه على دينه، وهذه امرأته خديجة ابنة خويلد، قد تابعته على دينه. قال عفيف بعد ما أسلم ورسخ الإسلام في قلبه: يا ليتني كنت رابعًا!
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا عيسى بن سوادة بن الجعد، قال: حدثنا محمد بن المنكدر وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وأبو حازم المدني، والكلبي، قالوا: على أول من أسلم. قال الكلبي: أسلم وهو ابن تسع سنين.
حدثنا ابن حميد؛ قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان أول ذكرٍ آمن برسول الله ص، وصلى معه وصدقه بما جاءه من عند الله، علي بن أبي طالب؛ وهو يومئذ ابن عشر سنين، وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب عليه السلام، أنه كان في حجر رسول الله ص قبل الإسلام.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: فحدثني عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج، قال: كان من نعمة الله على علي بن أبي طالب، وما صنع الله له وأراده به من الخير، أن قريشا أصابتهم أزمة شديدة، وكان أبو طالب ذا عيالٍ كثير؛ فقال رسول الله ص للعباس عمه - وكان من أيسر بني هاشم: يا عباس؛ إن أخاك أبا طالب كثير العيال، وقد أصاب الناس ما ترى من هذه الأزمة، فانطلق بنا فلنخفف عنه من عياله؛ آخذ من بنيه رجلا، وتأخذ من بنيه رجلًا، فنكفهما عنه. قال العباس: نعم، فانطلقا حتى أتيا أبا طالب، فقالا: إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه، فقال لهما أبو طالب: إذا تركتما لي عقيلًا فاصنعا ما شئتما، فأخذ رسول الله ص عليا فضمه إليه، وأخذ العباس جعفرًا فضمه إليه، فلم يزل علي بن أبي طالب مع رسول الله ص حتى بعثه الله نبيًا، فاتبعه علي فآمن به وصدقه، ولم يزل جعفر عند العباس حتى أسلم واستغنى عنه.
حدثنا بن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: فحدثني محمد بن إسحاق، قال: وذكر بعض أهل العلم أن رسول الله ص كان إذا حضرت الصلاة، خرج إلى شعاب مكة، وخرج معه علي بن أبي طالب مستخفيًا من عمه أبي طالب وجميع أعمامه وسائر قومه، فيصليان الصلوات فيها؛ فإذا أمسيا رجعًا، فمكثا كذلك ما شاء الله أن يمكثا. ثم إن أبا طالب عثر عليهما يومًا وهما يصليان، فقال لرسول الله ص: يا بن أخي، ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال: أي عم، هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله، ودين أبينا إبراهيم - أو كما قال - بعثني الله به رسولًا إلى العباد، وأنت يا عم أحق من بذلت له النصيحة، ودعوته إلى الهدى، وأحق من أجابني إليه، وأعانني عليه - أو كما قال. فقال أبو طالب: يا بن أخي؛ إنى لا أستطيع أن أفارق دينى ودين آبائي وما كانوا عليه؛ ولكن والله لا يخلص إليك بشيء تكرهه ما حييت.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني محمد بن إسحاق، قال: وزعموا أنه قال لعلي بن أبي طالب: أي بنى، ما هذا الدين الذي أنت عليه؟ قال: يا أبه، آمنت بالله وبرسوله وصدقته بما جاء به، وصليت معه لله. فزعموا أنه قال له: أما إنه لا يدعوك إلا إلى خير، فالزمه.