طلب من فياض دعوة الأقارب للمشاركة في مراسم التشييع فيما يعد هو للجنازة
بدأت حلقات الحصار الأسود تضيق حولي حتى استحكمت ففي كل ركن ٍ لي ذكرى مع حبيبة رأيت الدنيا من خلالها يوم كنت أضع أول لبنات شخصيتي وفي كل زاويةٍ وكل شارع أذكر لحظة ود ووفاء حزنٌ وفرح
أحلامٌ ضيعنا سني شبابنا الأجمل نحلم بها رحيل مجد أحدث شرخاً عميقاً في ذاتي أدركت مداه يوم أفل وليد عائداً من حيث آتى بعد أن همس في أذني أن لا أحاول السباحة في بحر الذكريات ضد تيار الأيام التي ستعدو ربما من فوقي إن استطع الصمود
كان عرض السفر الذي رفضته قبل أيام لا يزال قائماً فانتهزتها فرصة للابتعاد عن الأجواء المشحونة بالحزن لعلي وهناك في بلاد الاغتراب أستطيع استعادة ثقتي بنفسي وتفاؤلي بالحياة
واجهت معارضة ً شديدة من والدتي خصوصاً بادئ الأمر ولكنها وبفضل مساندة أخي هادي رضخت ووافقت على سفري
خرجت من الشام ولم أخرج من أحزاني لم أخرج من غربتي بفقد حبيبتي وأصدقائي بل حملتها معي تاركاً حنان الوطن الدافئ لأسوح على أرصفة البرد في أسبانيا
صمت الضعف في رجلٍ هدته الأيام مبكراً صمتت القوة صمت كل شيء وسيطرت الوحدة على ذاتي فرحت أنغمس في العمل ما استطعت متجنباً أن أكون وحدي مع ذكرياتي بت أخاف من وسادتي والضوء الأزرق الخافت في غرفة نومي
وجدت مقهى دمشقي في قرطبة العرب فرحت أتردد عليه استنشق رائحة الشام من بين حبات الفول المدمس إن شئتِ
كنت أقضي الكثير من الساعات هناك أسمع فيروز الشرق مبحراً في ذكريات سويعات العشق التي أبتلعها القدر زمناً ولم يمسها حقيقة
وحيداً لم أجرب حتى التعرف على أحد رواد المقهى من العرب أو السوريين
كنت أسمع تعليقاتهم التي تصفني بالغرور والتعالي لكني لم أكو أحاول الدخول في أي جدل مع أحدهم
يومٌ ربيعيّ ٌ هادئ هدني فيه التعب بعد خمس ساعات قضيتها في شوارع غرناطة أمشط أروقت الطرقات جلست لمقعد خشبي في أحد القصور العربية الأندلسية العتيقة
فإذ بهر هرم يتمسح بي يدخل في معطفي طالباً الدفء ويخرج ـ يبدو أن له جدوداً عربية يشتم رائحتها في جسدي ـ
استفزني شابٌ يستند على حائط ارتفعت عليه لافتة تعرف عن القصر بأنه كان مسكن السلطان المنصور مؤسس دولة الموحدين في القرن الثالث عشر فبدأت أفتش بين الجدران بعيني عن ابن رشد لعلي أجده يخرج بتهافت الفلاسفة من شقوقها
كان الشاب يقف مستنداً على العود تقدمت نحوه وطلبت منه أن يقرضني عوده لدقائق