أصبحت وحيداً يا ابنتي في غرفتي مقعداً أتقيئ أحزاني منتظراً الموت وأراه في عيون كل من حولي شفقة ًعلى حالي ورثاءً لمآلي
كنت أشهر بالذنب تجاهك وأنا أراكي أمامي غضةً طرية تستبشرين بالدنيا دونما أن تعلمي وأنتِ بنت الأيام أن السنين ستحملك لكِ جرحاً غائراً قد لا تسامحينني عليه أبداً
لذاك قررت أن أكتب لكِ مشروع الاعتذار هذا علكِ تلتمسين لي ما يريحني في قبري من مغفرة وتقدير للظروف التي أحاطت بي
كتبت وحاولت أن أكون دقيقاً محاولاً استحضار كل ذكرياتي ـ وأعزيني إن فاتني شيء فالمرض يأخذ حقه مني يوماً بعد يوم بل دقيقة ً بعد دقيقةـ
تأزمت حالتي كثيراً وصار عصياً علي أن أخفي آلامي أو تحملها دون أن أحقن بالمهدئ المركز في اليوم ثلاث مرات
وبات السر يجثم على صدري كجبل ففكرت أن أطلع عمكِ هادي على الحقيقة لكني تراجعت وأنا العالم لمقدار الحب الذي يكنه لي
وهادي أيضاً عاطفيّ ٌ جداً يصعب عليه إخفاء أحزانه وهذا ما سيفضح أمري ويهدم كل ما حاولت بنائه
ولم يكو وليد أحسن حالاً منه , فقررت أن استعين بأحمد فهو من جهة طبيب وسيساعدني ومن جهةٍ أخرى هو لا يعرف الكثير عن ماضي أحزاني وهذا ما سيجعل وقع المأساة عليه أخف
وهذا ما فعلته فعلاً ,صعق بادئ الأمر وآثر الابتعاد لكنه عاد بعد يوم ٍ واحد ليعودني بل يلازمني معظم الوقت
لم يدم ذاك طويلاً بعض شهر وشكوك هادي تحوم حولي والأم تحس وتخفي أحزانها ونغزات القلب المولد على ولدها فلذة كبدها في سويداء القلب
أذكر ذاك اليوم جيداً الواحدة بعد منتصف ليل الأحد الرابع عشر من أيلول للعام الأخير
كنا قد أدركنا في المذكرات الساعة التي نعيشها الآن وصار لزاماً علي تناول دواءٍ جديد عبارة عن قطرات خمس تذاب في كأس ماء إن ذادت قد تفتك بجملة العصبية مما يؤدي إلا انفجار في الدماغ
أعطاني أحمد أول جرعة من ذاك الدواء وقال لي أنه قد لا يتمكن من المجيء في الغد لكن الدواء سيدفعني للنوم معظم ساعات النهار وهو وعدني أن يأتي في المساء
لم يأتي في ذاك المساء لكنني كنت قد أعددت نفسي لأي طارئ وملأت كوباً بالدواء حسب الوصفة تحسباً لنوبة صداع قوية عندما ينتهي مفعول الدواء
بعد أن انتهيت بعجز من صلاة العشاء التمست المذكرات فلم أجدها لا بد أن فضول أحمد دفعه لقراءتها كاملة
اقتحمت نوبة صداع ٍ قوية ٍ رأسي كانت قوية أكثر من أي نوبةٍ سبقتها وأقسى من أن يتحملها آدمي