وفود عبد المسيح على سطيح جرير بن حازم

عن عكرمة ابن عباس قال‏:‏ لما كان ليلة ولد النبي (ص) ارتج إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة فعظم ذلك على أهل مملكته فما كان أوشك أن كتب إليه صاحب اليمن يخبره أن بحيرة ساوة غاضت تلك الليلة وكتب إليه صاحب السماوة يخبره أن وادي السماوة انقطع تلك الليلة وكتب إليه صاحب طبرية أن الماء لم يجر تلك الليلة في بحيرة طبرية وكتب إليه صاحب فارس يخبره أن بيوت النيران خمدت تلك الليلة ولم تخمد قبل ذلك بألف سنة‏.‏ فلما تواترت الكتب أبرز سريره وظهر لأهل مملكته فأخبرهم الخبر فقال الموبذان‏:‏ أيها الملك إني رأيت تلك الليلة رؤيا هالتني قال له‏:‏ وما رأيت قال‏:‏ رأيت إبلاً صعاباً تقوم خيلاً عراباً قد اقتحمت دجلة وانتشرت في بلادنا قال‏:‏ رأيت عظيماً فما عهدك في تأويلها قال‏:‏ ما عندي فيها ولا في تأويلها شيء ولكن أرسل إلى عاملك بالحيرة يوجه إليك رجلاً من علمائهم فإنهم أصحاب علم بالحدثان فبعث إليه عبد المسيح بن نفيلة الغساني فلما قدم عليه أخبره كسرى الخبر فقال له‏:‏ أيها الملك والله ما عندي فيها ولا في تأويلها شيء ولكن جهز إلى خال لي بالشام يقال له سطيح قال‏:‏ جهزوه فلما قدم على سطيح وجده قد احتضر فناداه فلم يجبه وكلمه فلم يرد عليه فقال عبد المسيح‏:‏ أصم أم يسمع غطريف اليمن يا فاصل الخطة أعيت من ومن أتاك شيخ الحي من آل سنن أبيض فضفاض الرداء والبدن رسول قيل العجم يهوي للوثن لا يرعب الوعد ولا ريب الزمن فرفع إليه رأسه وقال‏:‏ عبد المسيح على جمل مشيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح بعثك ملك بني ساسان لارتجاج الإيوان وخمود النيران ورؤيا الموبذان رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد اقتحمت في الواد وانتشرت في البلاد‏.‏ يا عبد المسيح إذا ظهرت التلاوة وفاض وادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة وظهر صاحب الهراوة وخمدت نار فارس فليست بابل للفرس مقاماً ولا الشام لسطيح شاما يملك منهم ملوك وملكات عدد سقوط الشرفات وكل ما هو آت آت‏.‏ ثم قال‏:‏ إن كان ملك بني ساسان أفرطهم فإن ذا الدهر أطوار دهارير منهم بنوا الصرح بهرام وإخوته والهرمزان وسابور وسابور فربما أصبحوا منهم بمنزلة يهاب صولهم الأسد المهاصير والناس أولاد علات فمن علموا أن قد أقل فمحقور ومهجور والخير والشر مقرونان في قرن فالخير متبع والشر محذور ثم أتى كسرى فأخبره فغمه ذلك‏.‏ ثم تعزى فقال‏:‏ إلى من يملك منا أربعة عشر ملكاً يدور الزمان‏.‏ فهلكوا كلهم في أربعين سنة‏.‏
الوفود على رسول الله

وفود همدان على النبي (ص)قدم مالك بن نمط في وفد همدان على رسول الله (ص) فلقوه مقبلاً من تبوك فقال مالك بن نمط‏:‏ يا رسول الله نصية من همدان من كل حاضر وباد أتوك على قلض نواج متصلة بحبائل الإسلام لا تأخذهم في الله لومة لائم من مخلاف خارف ويام وشاكر‏.‏ عهدهم لا ينقض‏.‏ عن سنة ما حل ولا سوداء عنقفير ما أقام لعلع وما جرى اليعفور بصلع‏.‏ فكتب إليهم النبي ‏:‏(ص) هذا كتاب من محمد رسول الله إلى مخلاف خارف وأهل جناب الهضب وحفاف الرمل مع وافدها ذي المشعار مالك بن نمط ومن أسلم من قومه أن لهم فراعها ووهاطها وعزازها ما أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة يأكلون علافها ويرعون عفاها لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة ولهم من الصدقة الثلب والناب والفصيل والفارض الداجن والكبش الحوري وعليهم الصالغ والقارح‏.‏
وفود النخع على النبي

قدم أبو عمرو النخعي على النبي (ص)فقال‏:‏ يا رسول الله إني رأيت في طريقي هذه رؤيا رأيت أتاناً تركتها في الحي ولدت جدياً أسفع أحوى فقال رسول الله(ص) ‏:‏ هل لك من أمة تركتها مصرة حملاً قال‏:‏ نعم تركت أمة لي أظنها قد حملت قال‏:‏ فقد ولدت غلاماً وهو ابنك قال‏:‏ فما له أسفع أحوى قال‏:‏ ادن مني فدنا منه‏.‏ فقال‏:‏ هل بك برص تكتمه قال‏:‏ نعم والذي بعثك بالحق نبياً ما رآه مخلوق ولا علم به قال‏:‏ فهو ذلك‏.‏ قال‏:‏ ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان قال‏:‏ ذلك ملك العرب عاد إلى أفضل زيه وبهجته‏.‏ قال‏:‏ ورأيت عجوزاً شمطاء تخرج من الأرض قال‏:‏ تلك بقية الدنيا‏.‏ قال‏:‏ ورأيت ناراً خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عمرو ورأيتها تقول‏:‏ لظى لظى بصير وأعمى أطعموني آكلكم آكلكم أهلككم وما لكم‏.‏ فقال النبي (ص)‏:‏ تلك فتنة في آخر الزمان‏:‏ قال‏:‏ وما الفتنة يا رسول الله قال‏:‏ يقتل الناس إمامهم ثم يشتجرون اشتجار أطباق الرأس - وخالف رسول الله (ص) بين أصابعه - يحسب المسيء أنه محسن ودم المؤمن عند المؤمن أحلى من شرب الماء‏.‏ وفود كلب على النبي (ص) قدم قطن بن حارثة العليمي في وفد كلب على النبي (ص) فذكر كلاماً فكتب هذا كتاب من محمد رسول الله لعمائر طلب وأحلافها ومن ظأره الإسلام من غيرها مع قطن بن حارثة العليمي فإقامة الصلاة لوقتها وإيتاء الزكاة لحقها في شدة عقدها ووفاء عهدها بمحضر شهود من المسلمين‏:‏ سعد بن عبادة وعبد الله بن أنيس ودحية بن خليفة الكلبي‏.‏ عليهم في الحمولة الراعية البساط الظؤار في كل خمسين ناقة غير ذات عوار والحمولة المائرة لهم لاغية وفي الشوي الوري مسنة حامل أو حائل وفيما سقى الجدول من العين المعين العشر من ثمرها مما أخرجت أرضها وفي العذي شطره بقيمة الأمين فلا تزاد عليهم وظيفة ولا يفرق يشهد الله تعالى على ذلك ورسوله‏.‏ وكتب ثابت بن قيس بن شماس‏.‏