صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 41

الموضوع: تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثامن)

العرض المتطور


  1. #1
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    فكتب إليه عيسى بن موسى جوابها:
    بسم الله الرحمن الرحيم. لعبد الله عبد الله أمير المؤمنين من عيسى بن موسى. سلامٌ عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله؛ فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو؛ أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه ما أجمعت عليه من خلاف الحق وركوب الإثم في قطيعة الرحم، ونقض ما أخذ الله عليه من الميثاق من العامة بالوفاء للخلافة والعهد لي من بعدك، لتقطع بذلك ما وصل الله من حبله، وتفرق بين ما ألف الله جمعه، وتجمع بين ما فرق الله أمره، مكابرةً لله في سمائه، وحولًا على الله في قضائه، ومتابعة للشيطان في هواه، ومن كابر الله صرعه، ومن نازعه قمعه، ومن ماكره عن شيء خدعه، ومن توكل على الله منعه، ومن تواضع لله رفعه. إن الذي أسس عليه البناء، وخط عليه الحذاء من الخليفة الماضي عهدٌ لي من الله، وأمر نحن فيه سواء، ليس لأحد من المسلمين فيه رخصة دون أحد؛ فإن وجب وفاء فيه فما الأول بأحق به من الآخر، وإن حل من الآخر شيء فما حرم ذلك من الأول؛ بل الأول الذي تلا خبره وعرف أثره، وكشف عما ظن به وأمل فيه أسرع؛ وكان الحق أولى بالذي أراد أن يصنع أولًا، فلا يدعوك إلى الأمن من البلاء اغترار بالله، وترخيص للناس في ترك الوفاء؛ فإن من أجابك إلى ترك شيء وجب لي واستحل ذلك مني، لم يحرج إذا أمكنته الفرصة وأفتنته الرخصة أن يكون إلى مثل ذاك منك أسرع، ويكون بالذي أسست من ذلك أبخع. فاقبل العاقبة وارض من الله بما صنع، وخذ ما أوتيت بقوة، وكن من الشاكرين. فإن الله جل وعز زائدٌ من شكره، وعدًا منه حقًا لا خلف فيه؛ فمن راقب الله حفظه، ومن أضمر خلافه خذله؛ والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. ولسنا مع ذلك نأمن من حوادث الأمور وبغتات الموت قبل ما ابتدأت به من قطيعتي؛ فإن تعجل بي أمرٌ كنت قد كفيت مؤونة ما اغتممت له، وسترت قبح ما أردت إظهاره؛ وإن بقيت بعدك لم تكن أوغرت صدري، وقطعت رحمي؛ ولا أظهرت أعدائي في اتباع أثرك، وقبول أدبك، وعملٍ بمثالك.
    وذكرت أن الأمور كلها بيد الله؛ هو مدبرها ومقدرها ومصدرها عن مشيئته؛ فقد صدقت؛ إن الأمور بيد الله، وقد حق على من عرف ذلك ووصفه العمل به والانتهاء إليه. واعم أنا لسنا جررنا إلى أنفسنا نفعًا، ولا دفعنا عنها ضرًا، ولا نلنا الذي عرفته بحولنا ولا قوتنا؛ ولو وكلنا في ذلك إلى أنفسنا وأهوائنا لضعفت قوتنا، وعجزت قدرتنا في طلب ما بلغ الله بنا؛ ولكن الله إذا أراد عزمًا لإنفاذ أمره، وإنجاز وعده، وإتمام عهده، وتأكيد عقده؛ أحكم إبرامه، وأبرم إحكامه، ونور إعلانه، وثبت أركانه؛ حين أسس بنيانه؛ فلا يستطيع العباد تأخير ما عجل، ولا تعجيل ما أخر؛ غي أن الشيطان عدوٌ مضل مبين؛ قد حذر الله طاعته، وبين عداوته، ينزع بين ولاة الحق وأهل طاعته، ليفرق جمعهم، ويشتت شملهم، ويوقع العداوة والبغضاء بينهم، ويتبرأ منهم عند حقائق الأمور، ومضايق البلايا؛ وقد قال الله عز وجل في كتابه: " وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبيٍّ إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليمٌ حكيمٌ ". ووصف الذين اتقوا فقال: " إذا مسهم طائفٌ من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون "؛ فأعيذ أمير المؤمنين بالله من أن يكون نيته وضمير سريرته خلاف ما زين الله به جل وعز من كان قبله؛ فإنه قد سألتهم أبناؤهم، ونازعتهم أهواؤهم، إلى مثل الذي همّ به أمير المؤمنين؛ فآثروا الحق على ما سواه، وعرفوا أن الله لا غالب لقضائه؛ ولا مانع لعطائه؛ ولم يأمنوا مع ذلك تغيير النعم وتعجيل النقم؛ فآثروا الآجلة، وقبلوا العاقبة، وكرهوا التغيير، وخافوا التبديل؛ فأظهروا الجميل؛ فتمم الله لهم أمورهم، وكفاهم ما أهمهم، ومنع سلطانهم، وأعز أنصارهم، وكرّم أعوانهم، وشرّف بنيانهم؛ فتمت النعم، وتظاهرت المنن، فاستوجبوا الشكر، فتم أمر الله وهم كارهون. والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله.
    فلما بلغ أبا جعفر المنصور كتابه أمسك عنه، وغضب غضبًا شديدًا، وعاد الجند لأشد ما كانوا يصنعون؛ منهم أسد بن المرزبان وعقبة بن سلم ونصر بن حرب بن عبد الله؛ في جماعة؛ فكانوا يأتون باب عيسى، فيمنعون من يدخل إليه؛ فإذا ركب مشوا خلفه وقالوا: أنت البقرة التي قال الله: " فذبحوها وما كادوا يفعلون "، فعاد فشكاهم، فقال له المنصور:
    يا ابن أخي، أنا والله أخافهم عليك وعلى نفسي؛ قد أشربوا حب هذا الفتى؛ فلو قدمته بين يديك فيكون بيني وبينك لكفوا. فأجاب عيسى إلى أن يفعل.
    وذكر عن إسحاق الموصلي، عن الربيع، أن المنصور لما رجع إليه من عند عيسى جواب كتابه الذي ذكرنا، وقع في كتابه: " اسل عنها تنل منها عوضًا في الدنيا، وتأمن تبعتها في الآخرة ".
    وقد ذكر في وجه خلع المنصور عيسى بن موسى قولٌ غير هذين القولين؛ وذلك ما ذكره أبو محمد المعروف بالأسواري بن عيسى الكاتب، قال: أراد أبو جعفر أن يخلع عيسى بن موسى من ولاية العهد، ويقدم المهدي عليه، فأبى أن يجيبه إلى ذلك، وأعيا الآمر أبا جعفر فيه؛ فبعث إلى خالد بن برمك، فقال له: كلمه يا خالد؛ فقد ترى امتناعه من البيعة للمهدي؛ وما تقدمنا به في أمره؛ فهل عندك حيلة فيه، فقد أعيتنا وجوه الحيل، وضل عنا الرأي! فقال: نعم يا أمير المؤمنين، تضم إلى ثلاثين رجلًا من كبار الشيعة ممن تختاره قال: فركب خالد بن برمك، وركبوا معه، فساروا إلى عيسى بن موسى، فأبلغوه رسالة أبي جعفر المنصور؛ فقال: ما كنت لأخلع نفسي وقد جعل الله عز وجل الأمر لي؛ فأداره خالد بكل وجه من وجوه الحذر والطمع، فأبى عليه؛ فخرج خالد عنه وخرجت الشيعة بعده، فقال لهم خالد: ما عندكم في أمره؟ قالوا: نبلغ أمير المؤمنين رسالته ونخبره بما كان منا ومنه؛ قال: لا، ولكنا نخبر أمير المؤمنين أنه قد أجاب، ونشهد عليه إن أنكره، قالوا له: افعل، فإنا نفعل، فقال لهم: هذا هو الصواب، وأبلغ أمير المؤمنين فيما حاول وأراد.
    قال: فساروا إلى أبي جعفر وخالد معهم، فأعلموه أنه قد أجاب، فأخرج التوقيع بالبيعة للمهدي، وكتب بذلك إلى الآفاق؛ قال: وأتى عيسى بن موسى لما بلغه الخبر أبا جعفر منكرًا لما ادعي عليه من الإجابة إلى تقديم المهدي على نفسه، وذكره الله فيما قد هم به. فدعاهم أبو جعفر، فسألهم فقالوا: نشهد عليه أنه قد أجاب؛ وليس له أن يرجع؛ فأمضى أبو جعفر الأمر، وشكر لخالد ما كان منه؛ وكان المهدي يعرف ذلك له، ويصف جزالة الرأي منه فيه.
    وذكر عن علي بن محمد بن سليمان، قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن أبي سليم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: إني لأسير مع سليمان بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، وقد عزم أبو جعفر على أن يقدم المهدي على عيسى بن موسى في البيعة، فإذا نحن بأبي نخيلة الشاعر، ومعه ابناه وعبداه؛ وكل واحد منهما يحمل شيئًا من متاع، فوقف عليهم سليمان بن عبد الله، فقال: أبا نخيلة، ما هذا الذي أرى؟ وما هذه الحال التي أنت فيها؟ قال: كنت نازلًا على القعقاع - وهو رجل من آل زراره، وكان يتولى لعيسى بن موسى الشرطة - فقال لي: أخرج عني؛ فإن هذا الرجل قد اصطنعني، وقد بلغني أنك قلت شعرًا في هذه البيعة للمهدي، فأخاف إن يبلغه ذلك أن يلزمني لائمة لنزولك علي، فأزعجني حتى خرجت. قال: فقال لي: يا عبد الله؛ انطلق بأبي نخيلة فبوئه في منزلي موضعًا صالحًا، واستوص به وبمن معه خيرًا. ثم خبر سليمان بن عبد الله أبا جعفر بشعر أبي نخيلة الذي يقول فيه:
    عيسى فزحلفها إلى محمد ** حتى تؤدى من يد إلى يد
    فيكم وتغنى وهي في تزيد ** فقد رضينا بالغلام الأمرد
    قال: فلما كان في اليوم الذي بايع فيه ذكر عن حيان بن عبد الله بن حبران الحماني، قال: حدثني أبو نخيلة قال: قدمت على أبي جعفر، فأقمت ببابه شهرًا لا أصل إليه، حتى قال لي ذات يومٍ عبد الله بن الربيع الحارثي: يا أبا نخيلة، إن أمير المؤمنين يرشح ابنه للخلافة والعهد، وهو على تقدمته بين يدي عيسى بن موسى، فلو قلت شيئًا تحثه على ذلك، وتذكر فضل المهدي كنت بالحري أن تصيب منه خيرًا ومن ابنه، فقلت:
    دونك عبد الله أهلك ذاكا ** خلافة الله التي أعطاكا
    أصفاك أصفاك بها أصفاكا ** فقد نظرنا زمنًا أبكاكا
    ثم نظرناك لها إياكا ** ونحن فيهم والهوى هواكا
    نعم، فنستذري إلى ذراكا ** أسند إلى محمد عصاكا
    فابنك ما استرعيته كفاكا ** فأحفظ الناس لها أدناكا
    فقد جفلت الرجل والأوراكا ** وحكت حتى لم أجد محاكا
    ودرت في هذا وذا وذاكا ** وكل قول قلت في سواكا
    زور وقد كفر هذا ذاكا
    وقلت أيضًا كلمتي التي أقول فيها:
    إلى أمير المؤمنين فاعمدي ** سيري إلى بحر البحور المزبد
    أنت الذي يا بن سمي أحمد ** ويا بن بيت العرب المشيد
    بل يا أمين الواحد المؤبد ** إن الذي ولاك رب المسجد
    أمسي ولي ععهدها بالأسعد ** عيسى فزحلفها إلى محمد
    من قبل عيسى معهدًا عن معهد ** حتى تؤدي من يد إلى يد
    فيكم وتغنى وهي في تزيد ** فقد رضينا بالغلام الأمرد
    بل قد فرغنا غير أن لم نشهد ** وغير أن العقد لم يؤكد
    فلو سمعنا قولك امدد امدد ** كانت لنا كدعقة الورد الصدي
    فبادر البيعة ورد الحشد ** تبين من يومك هذا أو غد
    فهو الذي تم فمامن عند ** وزاد ما شئت فده يزدد
    ورده منك رداءً يرتد ** فهو رداء السابق المقلد
    قد كان يروى أنها كأن قد ** عادت ولو قد فعلت لم تردد
    فهي ترامي فدفدًا عن فدفد ** حينًا، فلو قد حان ورد الورد
    وحان تحويل الغوى المفسد ** قال لها الله هلم وارشدي
    فأصبحت نازلةً بالمعهد ** والمحتد المحتد خير المحتد
    لم يرم تذمار النفوس الحسد ** بمثل قرم ثابت مؤيد
    لما انتحوا قدحًا بزند مصلد ** بلوا بمشزور القوي المستحصد
    يزداد إيقاظًا على التهدد ** فداولوا باللين والتعبد
    صمصامةً تأكل كل مبرد.
    قال: فرويت وصارت في أفواه الخدم، وبلغت أبا جعفر، فسأل عن قائلها، فأخبر أنها لرجل من بني سعد بن زيد مناة، فأعجبه، فدعاني فأدخلت عليه؛ وإن عيى بن موسى لعن يمينه، والناس عنده، ورءوس القواد والجند، فلما كنت بحيث يراني، ناديت: يا أمير المؤمنين، أدنني منك حتى أفهمك وتسمع مقالتي فأومأ بيده، فأدنيت حتى كنت قريبًا منه، فلما صرت بين يديه قلت - ورفعت صوتي - أنشده من هذا الموضع، ثم رجعت إلى أول الأرجوزة؛ فأنشدتها من أولها إلى هذا الموضع أيضًا، فأعدت عليه حتى أتيت على آخرها، والناس منصتون، وهو يتسار بما أنشده، مستمعًا له؛ فلما خرجنا من عنده إذا رجلٌ واضعٌ يده على منكبي، فالتفت فإذا عقال بن شبة يقول: أما أنت فقد سررت أمير المؤمنين؛ فإن التأم الأمر على ما تحب وقلت، فلعمري لتصيبن منه خيرًا وإن يك غير ذلك، فابتغ نفقًا في الأرض أو سلمًا في السماء. قال: فكتب له المنصور بصلة إلى الري، فوجه عيسى في طلبه، فلحق في طريقه، فذبح وسلخ وجهه. وقيل: قتل بعد ما انصرف من الري؛ وقد أخذ الجائزة. وذكر عن الوليد بن محمد العنبري أن سبب إجابة عيسى أبا جعفر إلى تقديم المهدي عليه كان أن سلم بن قتيبة قال له: أيها الرجل بايع، وقدمه على نفسك، فإنك لن تخرج من الأمر؛ قد جعل لك الأمر من بعده وترضي أمير المؤمنين. قال: أوترى ذلك! قال: نعم، قال: فإني أفعل؛ فأتى سلم المنصور فأعلمه إجابة عيسى، فسر بذلك وعظم قدر سلم عنده. وبايع الناس للمهدي ولعيسى بن موسى من بعده. وخطب المنصور خطبته التي كان فيها تقديم المهدي على عيسى، وخطب عيسى بعد ذلك فقدم المهدي على نفسه، ووفى له المنصور بما كان ضمن له. وقد ذكر عن بعض صحابة أبي جعفر أنه قال: تذاكرنا أمر أبي جعفر المنصور وأمر عيسى بن موسى في البيعة وخلعه إياها من عنقه وتقديمه المهدي، فقال له رجل من القواد سماه: والله الذي لا إله غيره؛ ما كان خلعه إياها منه إلا برضًا من عيسى وركونٍ منه إلى الدراهم، وقلة علمه بقدر الخلافة، وطلبًا للخروج منها؛ أتى يوم خرج للخلع فخلع نفسه؛ وإني لفي مقصورة مدينة السلام؛ إذ خرج علينا أبو عبيد الله كاتب المهدي، في جماعة من أهل خراسان، فتكلم عيسى. فقال: إني قد سلمت ولاية العهد لمحمد ابن أمير المؤمنين، وقدمته على نفسي، فقال أبو عبيد الله: ليس هكذا أعز الله الأمير؛ ولكن قل ذلك بحقه وصدقه؛ وأخبر بما رغبت فيه؛ فأعطيت، قال: نعم، قد بعت نصيبي من تقدمة ولاية العهد من عبد الله أمير المؤمنين لابنه محمد المهدي بعشرة آلاف ألف درهم وثلاث مائة ألف بين ولدي فلان وفلان وفلان - سماهم - وسبعمائة ألف لفلانة امرأة من نسائه - سماها - بطيب نفسٍ مني وحب، لتصيرها إليه، لأنه أولى بها وأحق، وأقوى عليها وعلى القيام بها؛ وليس لي فيها حق لتقدمته، قليل ولا كثير؛ فما ادعيته بعد يومي هذا فأنا فيه مبطل لا حق لي فيه ولا دعوى ولا طلبة. قال: والله وهو في ذلك؛ ربما نسى الشيء بعد الشيء فيوقفه عليه أبو عبيد الله؛ حتى فرغ، حبًا للاستيثاق منه. وختم الكتاب وشهد عليه الشهود وأنا حاضر؛ حتى وضع عليه عيسى خطه وخاتمه، والقوم جميعًا؛ ثم دخلوا من باب المقصورة إلى القصر. قال: وكسا أمير المؤمنين عيسى وابنه موسى وغيره من ولده كسوة بقيمة ألف ألف درهم ونيف ومائتي ألف درهم.
رد مع اقتباس رد مع اقتباس  


  • #2
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر الخبر عن سبب عزل المنصور عمر بن حفص عن السند وتوليته إياه إفريقية واستعماله على السند هشام بن عمرو

    وكان سبب ذلك - فيما ذكر علي بن محمد بن سليمان بن علي العباسي عن أبيه - أن المنصور ولى عمر بن حفص الصفري الذي يقال له هزارمرد السند - فأقام بها حتى خرج محمد بن عبد الله بالمدينة وإبراهيم بالبصرة، فوجه محمد بن عبد الله إليه ابنه عبد الله بن محمد الذي يقال له الأشتر، في نفر من الزيدية إلى البصرة، وأمرهم أن يشتروا مهارة - خيل عتاق بها - ويمضوا بها معهم إلى السند ليكون سببًا لهم إلى الوصول إلى عمر بن حفص؛ وإنما فعل ذلك به لأنه كان فيمن بايعه من قواد أبي جعفر، وكان له ميل إلى آل أبي طالب، فقدموا البصرة على إبراهيم بن عبد الله، فاشتروا منها مهارةً - وليس في بلاد السند والهند شيء أنفق من الخيل العتاق - ومضوا في البحر حتى صاروا إلى السند، ثم صاروا إلى عمر بن حفص، فقالوا: نحن قوم نخاسون، ومعنا خيل عتاق، فأمرهم أن يعرضوا خيلهم، فعرضوها عليه؛ فلما صاروا إليه، قال له بعضهم: أدنني منك أذكر لك شيئًا، فأدناه منه، وقال له: إنا جئناك بما هو خير لك من الخيل، وما لك فيه خير الدنيا والآخرة، فأعطنا الأمان على خلتين: إما أنك قبلت ما أتيناك به، وإما سترت وأمسكت عن أذانا حتى نخرج من بلادك راجعين. فأعطاهم الأمان، فقالوا: ما للخيل أتيناك؛ ولكن هذا ابن رسول الله عبد الله بن محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن، أرسله أبوه إليك قد خرج بالمدينة، ودعا لنفسه بالخلافة، وخرج أخوه إبراهيم بالبصرة وغلب عليها، فقال: بالرحب والسعة، ثم بايعهم له، وأمر به فتوارى عنده، ودعا أهل بيته وقواده وكبراء أهل البلد للبيعة، فأجابوه، فقطع الأعلام البيض والأقبية البيض والقلانس البيض، وهيأ لبسته من البياض يصعد فيها إلى المنبر، وتهيأ لذلك يوم خميس؛ فلما كان يوم الأربعاء إذا حراقة قد وافت من البصرة، فيها رسول لخليدة بنت المعارك - امرأة عمر بن حفص - بكتاب إليه تخبره بقتل محمد بن عبد الله، فدخل على عبد الله فأخبره الخبر، وعزاه، ثم قال له: إني كنت بايعت لأبيك، وقد جاء من الأمر ما ترى. فقال له: إن أمري قد شهر، ومكاني قد عرف، ودمي في عنقك؛ فانظر لنفسك أودع. قال: قد رأيت رأيًا ههنا ملك من ملوك السند، عظيم المملكة، كثير التبع؛ وهو على شركة أشد الناس تعظيمًا لرسول الله ؛ وهو رجل وفي، فأرسل إليه، فاعقد بينك وبينه عقدًا، وأوجهك إليه تكون عنده؛ فلست ترام معه. قال: افعل ما شئت؛ ففعل ذلك؛ فصار إليه، فأظهر إكرامه وبره برًا كثيرًا؛ وتسللت إليه الزيدية حتى صار إليه منهم أربعمائة إنسان من أهل البصائر؛ فكان يركب فيهم فيصيد ويتنزه في هيئة الملوك وآلاتهم، فلما قتل محمد وإبراهيم انتهى خبر عبد الله الأشتر إلى المنصور؛ فبلغ ذلك منه، فكتب إلى عمر بن حفص يخبره بما بلغه، فجمع عمر بن حفص قرابته، فقرأ عليهم كتاب المنصور يخبرهم أنه إن أقر بالقصة لم ينظره المنصور أن يعزله، وإن صار إليه قتله، وإن امتنع حاربه. قال له رجل من أهل بيته: ألق الذنب علي، واكتب إليه بخبري، وخذني الساعة فقيدني واحبسني؛ فإنه سيكتب: احمله إلي؛ فاحملني إليه، فلم يكن ليقدم علي لموضعك في السند، وحال أهل بيتك بالبصرة. قال: إني أخاف عليك خلاف ما تظن، قال: إن قتلت أنا فنفسي فداؤك فإني سخي بها فداء لنفسك؛ فإن حييت فمن الله. فأمر به فقيد وحبس، وكتب إلى المنصور يخبره بذلك؛ فكتب إليه المنصور يأمره بحمله إليه؛ فلما صار إليه قدمه فضرب عنقه، ثم مكث يروي من يولي السند! فأقبل يقول: فلان فلان؛ ثم يعرض عنه؛ فبينا هو يومًا يسير ومعه هشام بن عمرو التغلبي، والمنصور ينظر إليه في موكبه، إذ انصرف إلى منزله، فلما ألقى ثوبه دخل الربيع فآذنه بهشام. فقال: أولم يكن معي آنفًا! قال: ذكر أن له حاجة عرضت مهمة. فدعا بكرسي فقعد عليه، ثم أذن له، فلما مثل بين يديه قال: يا أمير المؤمنين؛ إني انصرف إلى منزلي من الموكب، فلقيتني أختي فلانة بنت عمرو، فرأيت من جمالها وعقلها ودينها ما رضيتها لأمير المؤمنين، فجئت لأعرضها عليه؛ فأطرق المنصور، وجعل ينكت الأرض بخيزرانة في يده، وقال: اخرج يأتك أمري؛ فلما ولى قال: يا ربيع؛ لولا بيت قاله جرير في بني تغلب لتزوجت أخته وهو قوله:
    لاتطلبن خئولة في تغلب ** فالزنج أكرم منهم أخوالا
    فأخاف أن تلد لي ولدًا، فيعير بهذا البيت؛ ولكن اخرج إليه، فقل له: يقول لك أمير المؤمنين:
    لو كانت لك لله حاجة إليه لم أعدل عنها غير التزويج؛ ولو كانت لي حاجة إلى التزويج لقبلت ما أتيتني به؛ فجزاك الله عما عملت له خيرًا، وقد عوضتك من ذلك ولاية السند. وأمره أن يكاتب ذلك الملك؛ فإن أطاعه وسلم إليه عبد الله بن محمد، وإلا حاربه. وكتب إلى عمر بن حفص بولايته إفريقية. فخرج هشام بن عمرو التغلبي إلى السند فوليها، وأقبل عمر بن حفص يخوض البلاد حتى صار إلى إفريقية، فلما صار هشام بن عمرو إلى السند كره أخذ عبد الله، وأقبل يري الناس أنه يكاتب الملك ويرفق به، فاتصلت الأخبار بأبي جعفر بذلك؛ فجعل يكتب إليه يستحثه، فبينا هو كذلك إذ خرجت خارجة ببعض بلاد السند، فوجه إليهم أخاه سفنجا، فخرج يجر الجيش بجنبات ذلك الملك؛ فبينا هو يسير إذ هو برهج قد ارتفع من موكب، فظن أنه مقدمة للعدو الذي يقصد، فوجه طلائعه فرجعت، فقالت: ليس هذا عدوك الذي تريد؛ ولكن هذا عبد الله بن محمد الأشتر العلوي ركب متنزهًا يسير على شاطئ مهران، فمضى يريده، فقال له نصاحه: هذا ابن رسول الله ، وقد علمت أن أخاك تركه معتمدًا، مخافةً أن يبوء بدمه، ولم يقصدك، إنما خرج متنزهًا، وخرجت تريد غيره. فأعرض عنه، وقال: ما كنت لأدع أحدًا يحوزه، ولا ادع أحدًا يحظى بالتقرب إلى المنصور بأخذه وقتله. وكان في عشرة، فقصد قصده، وذمر أصحابه، فحمل عليه، فقاتله عبد الله وقاتل أصحابه بين يديه حتى قتل وقتلوا جميعًا، فلم يفلت منهم مخبر، وسقط بين القتلى، فلم يشعر به. وقيل: إن أصحابه قذفوه في مهران لما قتل، لئلا يؤخذ رأسه؛ فكتب هشام بن عمرو بذلك كتاب فتح إلى المنصور، يخبره أنه قصده قصدًا. فكتب إليه المنصور يحمد أمره، ويأمره بمحاربة الملك الذي آواه؛ وذلك أن عبد الله كان اتخذ جواري، وهو بحضرة ذلك الملك، فأولد منهن واحدة محمد بن عبد الله - وهو أبو الحسن محمد العلوي الذي يقال له بن الأشتر - فحاربه حتى ظفر به، وغلب على مملكته وقتله، ووجه بأم ولد عبد الله وابنه إلى المنصور، فكتب المنصور إلى واليه بالمدينة، يخبره بصحة نسب الغلام، وبعث به إليه، وأمره أن يجمع آل أبى طالب، وان يقرا عليهم كتابه بصحة نسب الغلام، ويسلمه إلى أقربائه. وفي هذه السنة قدم على المنصور ابنه المهدي من خراسان، وذلك في شوال منها - فوفد إليه للقائه وتهنئة المنصور بمقدمه عامة أهل بيته، من كان منهم بالشام والكوفة والبصرة وغيرها، فأجازهم وكساهم وحملهم، وفعل مثل ذلك بهم المنصور، وجعل لابنه المهدي صحابة منهم، وأجرة لكل رجل منهم خمسمائة درهم.
    ذكر خبر بناء المنصور الرصافة

    وفي هذه السنة ابتدأ المنصور ببناء الرصافة في الجانب الشرقي من مدينة السلام لابنه محمد المهدي.
    ذكر الخبر عن سبب بنائه ذلك له
    ذكر عن أحمد بن محمد الشروي، عن أبيه، أن المهدي لما قدم من خراسان أمره المنصور بالمقام بالجانب الشرقي، وبنى له الرصافة، وعمل لها سورًا وخندقًا وميدانًا وبستانًا، وأجرى له الماء؛ فكان يجري الماء من نهر المهدي إلى الرصافة.
    وأما خالد بن يزيد بن وهب بن جرير بن خازم، فإنه ذكر أن محمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس حدثه، أن أباه حدثه، أن الراوندية لما شغبوا على أبي جعفر وحاربوه على باب الذهب، دخل عليه قثم بن العباس بن عبيد الله بن العباس - وهو يومئذ شيخ كبير مقدم عند القوم - فقال له أبو جعفر: أما ترى ما نحن فيه من التياث الجند علينا! قد خفت أن تجتمع كلمتهم فيخرج هذا الأمر من أيدينا، فما ترى؟ قال: يا أمير المؤمنين، عندي في هذا رأي إن أنا أظهرته لك فسد، وإن تركتني أمضيته، صلحت لك خلافتك، وهابك جندك. فقال له: أفتمضي في خلافتي أمرًا لا تعلمني ما هو! فقال له: إن كنت عندك متهمًا على دولتك فلا تشاورني، وإن كنت مأمونًا عليها فدعني أمضي رأيي. فقال له: فأمضه. قال: فانصرف قثم إلى منزله، فدعا غلامًا له فقال له:
    إذا كان غدًا فتقدمني، فاجلس في دار أمير المؤمنين؛ فإذا رأيتني قد دخلت وتوسطت أصحاب المراتب، فخذ بعنان بغلتي، فاستوقفني واستحلفني بحق رسول الله وحق العباس وحق أمير المؤمنين لما وقفت لك، وسمعت مسألتك وأجبتك عنها؛ فإني سأنتهرك، وأغلظ لك القول، فلا يهولنك ذلك مني، وعاودني بالقول وبالمسألة، فإني سأشتمك، فلا يروعنك ذلك، وعاودني بالقول والمسألة، فإني سأضربك بسوطي، فلا يشق ذلك عليك، فقل لي: أي الحيين أشرف؟ اليمن أم مضر؟ فإذا أجبتك فخلي عنان بغلتي وأنت حر.
    قال: فغدا الغلام، فجلس حيث أمره من دار الخليفة، فلما جاء الشيخ فعل الغلام ما أمر به مولاه، وفعل المولى ما كان قاله له، ثم قال له: قل، فقال: أي الحيين أشرف؟ اليمن أم مضر؟ قال: فقال قثم: مضر كان منها رسول الله ، وفيها كتاب الله عز وجل، وفيها بيت الله، ومنها خليفة الله. قال: فامتعضت اليمن إذ لم يذكر لها شيء من شرفها؛ فقال له قائد من قواد اليمن: ليس الأمر كذلك مطلقًا بغير شرفة ولا فضيلة لليمن، ثم قال لغلامه: قم فخذ بعنان بغلة الشيخ، فاكبحها كبحًا عنيفًا تطأ من به منه، قال: ففعل الغلام ما أمره به مولاه حتى كاد أن يقعيها على عراقيبها، فامتعضت من ذلك مضر، فقالت: أيفعل هذا بشيخنا! فأمر رجل منهم غلامه، فقال: اقطع يد العبد، فقام إلى غلام اليماني فقطع يده، فنفر الحيان، وصرف قثم بغلته، فدخل على أبي جعفر، وافترق الجند، فصارت مضر فرقة، واليمن فرقة، والخرسانية فرقة، وربيعة فرقة، فقال قثم لأبي جعفر: قد فرقت بين جندك، وجعلتهم أحزابًا كل حزب منهم يخاف أن يحدث عليك حدثًا، فتضربه بالحزب الآخر، وقد بقي عليك في التدبير بقية، قال: ما هي؟ قال: اعبر بابنك فأنزله في ذلك الجانب قصرًا، وحوله وحول معك من جيشك معه قومًا فيصير ذلك بلدًا، فإن فسد عليك أهل هذا الجانب ضربتهم بأهل ذلك الجانب، وإن فسد عليك أهل ذلك الجانب ضربتهم بأهل هذا الجانب، وإن فسدت عليك مضر ضربتها باليمن وربيعة والخرسانية، وإن فسدت عليك اليمن ضربتها بمن أطاعك من مضر وغيرها.
    قال: فقبل أمره ورأيه، فاستوى له ملكه؛ وكان ذلك سبب البناء في الجانب الشرقي وفي الرصافة وأقطاع القواد هناك.
    قال: وتولى صالح صاحب المصلى القطائع في الجانب الشرقي، ففعل كفعل أبي العباس الطوسي في فضول القطائع في الجانب الغربي، فله بباب الجسر وسوق يحيى ومسجد خضير وفي الرصافة وطريق الزواريق على دجلة مواضع بناء، بما استوهب من فضل الإقطاع عن أهله، وصالح رجل من أهل خراسان.
    وفي هذه السنة جدد المنصور البيعة لنفسه ولإبنه محمد المهدي من بعده، ولعيسى بن موسى من بعد المهدي على أهل بيته في مجلسه في يوم جمعة؛ وقد عمهم بالإذن فيه؛ فكان كل من بايعه منهم يقبل يده ويد المهدي، ثم يمسح على يد عيسى بن موسى ولا يقبل يده.
    وغزا الصائفة في هذه السنة عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمد.
    أمر عقبة بن سلم

    وفيها شخص عقبة بن سلم من البصرة واستخلف عليها ابنه نافع بن عقبة إلى البحرين، فقتل سليمان بن حكيم العبدي وسبى أهل البحرين، وبعث ببعض من سبى منهم وأسارى منهم إلى أبي جعفر، فقتل منهم عدة ووهب بقيتهم للمهدي. فمن عليهم وأعتقهم؛ وكسا كل إنسان منهم ثوبين من ثياب مرو.
    ثم عزل عقبة بن سلم عن البصرة؛ فذكر عن إفريك - جارية أسد بن المرزبان - أنها قالت: بعث المنصور بن المرزبان إلى عقبة بن سلم إلى البحرين حين قتل منهم من قتل، ينظر في أمره، فمايله ولم يستقص عليه، ووري عنه؛ فبلغ ذلك أبا جعفر، وبلغه أنه أخذ منه مالًا، فبعث إليه أبا سو يد الخراساني - وكان صديق أسد - وأخاه فلما رآه مقبلًا على البريد فرح، وكان ناحية من عسكر عقبة، فتطاول له، وقال: صديقي. فوقف عليه فوثب ليقوم إليه، فقال له أبو سويد " بنشين بنشين "، فجلس فقال له: أنت سامع مطيع؟ قال: نعم، قال: مد يدك، فمد يده فضربها فأطنها، ثم مد رجله، ثم مد يده ثم رجله حتى قطع الأربع، ثم قال: مد عنقك فمد فضرب عنقه. قالت إفريك: فأخذت رأسه فوضعته في حجري، فأخذه مني فحمله إلى المنصور. فما أكلت إفريك لحمًا حتى ماتت.
    وزعم الواقدي أن أبا جعفر ولى معن بن زائدة في هذه السنة سجستان. وحج بالناس في هذه السنة محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
    وكان العامل على مكة والطائف محمد بن إبراهيم، وعلى المدينة الحسن بن زيد، وعلى الكوفة محمد بن سليمان بن علي، وعلى البصرة جابر بن طلبه الكلابي، وعلى قضائها سوار بن عبد الله، وعلى مصر يزيد بن حاتم.
    ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين ومائة

    ذكر الخبر عن الأحداث التي كانت فيها

    فمن ذلك ما كان من قتل الخوارج فيها معن بن زائدة الشيباني ببست سجستان.
    فيها غزا حميد بن قحطبة كابل، وكان المنصور ولاه خراسان في سنة اثنتين وخمسين ومائة.
    وغزا - فيما ذكر - الصائفة عبد الوهاب بن إبراهيم ولم يدرب.
    وقيل إن الذي غزا الصائفة في هذه السنة محمد بن إبراهيم.
    وفيها عزل المنصور جابر بن توبة عن البصرة، وولاها يزيد بن منصور.
    وفيها قتل أبو جعفر هاشم بن الأشتاخنج، وكان عصي وخالف في إفريقية، فحمل إليه هو وابن خالد المرور وذي، فقتل ابن الأشتاخنج بالقادسية، وهو متوجه إلى مكة.


  • #3
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    وحج بالناس هذه السنة المنصور؛ فذكر أنه شخص من مدينة السلام في شهر رمضان ولا يعلم بشخوصه محمد بن سليمان، وهو عامله على الكوفة يومئذ، ولا عيسى بن موسى ولا غيرهما من أهل الكوفة حتى قرب منها.
    وفيها عزل يزيد بن حاتم عن مصر ووليها محمد بن سعيد.
    وكان عمال الأمصار في هذه السنة هم العمال في السنة الخالية إلا البصرة فإن عاملها في هذه السنة كان يزيد بن منصور، وإلا مصر فإن عاملها كان في هذه السنة محمد بن سعيد.
    ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمن ذلك تجهيز المنصور جيشًا في البحر لحرب الكرك، بعد مقدمة البصرة، منصرفًا من مكة إليها بعد فراغه من حجه، وكانت الكرك أغارت على جدة، فلما قدم المنصور البصرة في هذه السنة جهز منها جيشًا لحربهم، فنزل الجسر الأكبر حين قدمها - فيما ذكر -. وقمته هذه البصرة القدمة الآخرة.
    وقيل إنه إنما قدمها القدمة الآخرة في سنة خمس وخمسين ومائة، وكانت قدمته الأولى في سنة خمس وأربعين ومائة، وأقام بها أربعين يومًا، وبنى بها قصرًا ثم انصرف منها إلى مدينة السلام.
    وفيها غضب المنصور على أبي أيوب المورياني، فحبسه وأخاه وبني أخيه: سعيدًا ومسعودًا ومخلدًا ومحمدًا، وطالبهم. وكانت منازلهم المناذر وكان سبب غضبه عليه - فيما قيل - سعي أبان بن صدقة كاتب أبي أيوب إليه.
    وفي هذه السنة قتل عمر بن حفص بن عثمان بن أبي صفرة بإفريقية، قتله أبو حاتم الأباضي وأبو عاد ومن كان معهما من البربر، وكانوا - فيما ذكر - ثلاثمائة ألف وخمسين ألفًا، الخيل منها خمسة وثلاثون ألفًا، ومعهم أبو قرة الصفري في أربعين ألفًا، وكان يسلم عليه قبل ذلك بالخلافة أربعين يومًا.
    وفيها حمل عباد مولى المنصور وهرثمة بن أعين ويوسف بن علوان من خراسان في سلاسل، لتصبهم لعيسى بن موسى.
    وفيها أخذ المنصور الناس بلبس القلانس الطوال المفرطة الطول، وكانوا - فيما ذكر - يحتالون لها بالقصب من داخل، فقال أبو دلامة:
    وكنا نرجى من إمام زيادة ** فزاد الإمام المصطفى في القلانس
    تراها على هام الرجال كأنها ** دنان يهود جللت بالبرانس
    وفيها توفي عبيد بن بنت أبي ليلى قاضي الكوفة، فاستقضي مكانه شريك بن عبد الله النخعي.
    وفيها غزا الصائفة معيوف بن يحيى الحجوري، فصار إلى حصن من حصون الروم ليلًا، وأهله نيام، فسبى وأسر من كان فيه من المقاتلة، ثم صار إلى اللاذقية المحترقة، ففتحها واخرج منها ستة آلاف رأس من السبي سوى الرجال البالغين.
    وفيها ولى المنصور بكار بن مسلم العقلي على أرمينية وحج بالناس في هذه السنة محمد بن أبي جعفر المهدي.
    وكان على مكة والطائف يومئذ محمد بن إبراهيم، وعلى المدينة الحسن بن زيد بن الحسن، وعلى الكوفة محمد بن سليمان، وعلى البصرة يزيد بن منصور، وعلى قضائها سوار وعلى مصر محمد بن سعيد.
    وذكر الواقدي أن يزيد بن منصور كان في هذه السنة والي اليمن من قبل أبي جعفر المنصور.
    ثم دخلت سنة أربع وخمسين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمن ذلك خروج المنصور إلى الشام ومسيره إلى بيت المقدس وتوجيهه يزيد بن حاتم إلى أفريقية في خمسين ألفًا - فيما ذكر - لحرب الخوارج اللذين كانوا بها، الذين قتلوا عامله عمر بن حفص. وذكر انه أنفق على ذلك الجيش ثلاثة وستين ألف ألف درهم.
    وفي هذه السنة عزم المنصور - فيما ذكر - على بناء مدينة الرافقة، وذكر عن محمد جابر، عن أبيه أن أبا جعفر لما أراد بناءها، امتنع أهل الرقة، وأرادوا محاربته، وقالوا: تعطل علينا أسواقنا وتذهب بمعايشنا، وتضيق منازلنا؛ فهم بمحاربتهم، وبعث إلى راهب في الصومعة هنالك، فقال له: هل لك علم بأن إنسانًا يبني هاهنا مدينة؟ فقال: بلغني أن رجلًا يقال له مقلاص يبنيها، فقال: أنا والله مقلاص.
    وذكر محمد بن عمر أن صاعقةً سقطت في هذه السنة في المسجد الحرام فقتلت خمسة نفر.
    وفيها هلك أبو أيوب المورياني وأخوه خالد، وأمر المنصور موسى بن دينار حاجب أبي العباس الطوسي بقطع أيدي بنس آخى أبي أيوب وأرجلهم وضرب أعناقهم؛ وكتب بذلك إلى المهدي، ففعل ذلك موسى وأنفذ فيهم ما أمره به.
    وفيها ولي عبد الملك بن ظبيان النميري على البصرة.
    وغزا الصائفة في هذه السنة زفر بن عاصم الهلالي فبلغ الفرات.
    وحج بالناس في هذه السنة محمد بن إبراهيم، وهو عامل أبي جعفر على مكة والطائف.
    وكان على المدينة الحسن بن يزيد، وعلى الكوفة محمد بن سليمان، وعلى البصرة عبد الملك بن أيوب بن ظبيان. وعلى قضائها سوار بن عبد الله وعلى السند هشام بن عمرو، وعلى إفريقية يزيد بن حاتم، وعلى مصر محمد بن سعيد.
    ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائة

    ذكر الخبر عن الأحداث التي كانت فيها

    فمن ذلك افتتاح يزيد بن حاتم إفريقية وقتله أبا عاد وأبا حاتم ومن كان مع واستقامت بلاد المغرب، ودخل يزيد بن حاتم القيروان.
    وفيها وجه المنصور ابنه المهدي لبناء مدينة الرافقة، فشخص إليها، فبناها على بناء مدينته ببغداد في أبوابها وفصولها ورحابها وشوارعها وسور سورها وخندقها، ثم انصرف إلى مدينته.
    وفيها - فيما ذكر محمد بن عمر - خندق أبو جعفر على الكوفة والبصرة، وضرب عليهما سورًا، وجعل ما أنفق على سور ذلك وخندقه من أموال أهله. وعزل فيها المنصور عبد الملك بن أيوب بن ظبيان عن البصرة، واستعمل عليها الهيثم بن معاوية العتكي، وضم إليه سعيد بن دعلج، وأمره ببناء سور لها يطيف بها، وخندق عليها من دون السور من أموال أهلها، ففعل ذلك.
    وذكر أن المنصور لما أراد الأمر ببناء سور الكوفة وبحفر خندق لها، أمر بقسمة خمسة دراهم، على أهل الكوفة، وأراد بذلك علم عددهم؛ فلما عرف عددهم أمر بجبايتهم أربعين درهمًا من كل إنسان، فجبوا، ثم أمر بإنفاق ذلك على سور الكوفة وحفر خندق لها، فقال شاعرهم:
    يا لقومي ما لقينا ** من أمير المؤمنينا
    قسم الخمسة فينا ** وجبانا الأربعينا
    وفيها طلب صاحب الروم الصلح إلى المنصور؛ على أن يؤدي إليه الجزية.
    وغزا الصائفة في هذه السنة يزيد بن أسيد السلمي وفيها عزل المنصور أخاه العباس بن محمد عن الجزيرة، وغرمه مالًا، وغضب عليه وحبسه، فذكر عن بعض بني هاشم، أنه قال: كان المنصور ولى العباس بن محمد الجزيرة بعد يزيد بن أسيد، ثم غضب عليه فلم يزل ساخطًا عليه حتى غضب على بعض عمومته من ولد علي بن عبد الله بن عباس أما إسماعيل بن علي أو غيره فاعتوره أهله وعمومته ونساؤهم يكلمونه فيه، وضيقوا عليه فرضي عنه، فقال عيسى بن موسى: يا أمير المؤمنين؛ إن آل علي بن عبد الله - وإن كانت نعمك عليهم سابغة - فإنهم يرجعون إلى الحسد لنا؛ فمن ذلك أنك غضبت على إسماعيل بن علي منذ أيام، فضيقوا عليك. وأنت غضبان على العباس بن محمد، منذ كذا وكذا، فما رأيت أحدًا منهم كلمك فيه. قال: فدعا العباس فرضي عنه.
    قال: وقد كان يزيد بن أسيد عند عزل العباس إياه عن الجزيرة، شكا إلى أبي جعفر العباس، وقال: يا أمير المؤمنين؛ إن أخاك أساء عزلي، وشتم عرضي، فقال له المنصور: اجمع بين إحساني إليك وإساءة أخي يعتدلا، فقال يزيد بن أسيد: يا أمير المؤمنين؛ إذا كان إحسانكم جزاء إساءتكم، كانت طاعتنا تفضلًا منا عليكم.
    وفيها استعمل المنصور على حرب الجزيرة وخراجها موسى بن كعب.
    وفي هذه السنة عزل المنصور عن الكوفة محمد بن سليمان بن علي، في قول بعضهم، وأستعمل مكانه عمرو بن زهير أخا المسيب بن زهير.
    وأما عمر بن شبة فإنه زعم أنه عزل محمد بن سليمان عن الكوفة في سنة ثلاث وخمسين ومائة، وولاها عمرو بن زهير الضبي أخا المسيب بن زهير في هذه السنة. قال: وهو حفر الخندق بالكوفة.
    ذكر الخبر عن سبب عزل المنصور محمد بن سليمان بن علي

    ذكر أن محمد بن سليمان أتى في عمله على الكوفة بعبد الكريم بن أبي العوجاء - وكان خال معن بن زائدة - فأمر بحبسه. قال أبو زيد: فحدثني قثم بن جعفر والحسين بن أيوب وغيرهما أن شفعاءه كثروا بمدينة السلام، ثم ألحوا على أبي جعفر، فلم يتكلم فيه إلا ظنين، فأمر بالكتاب إلى محمد بالكف عنه إلى أن يأتيه رأيه، فكلم ابن أبي العوجاء أبى الجبار - وكان منقطعًا إلى أبي جعفر ومحمد ثم إلى أبنائهما بعدهما - فقال له: إن أخرني الأمير ثلاثة أيام فله مائة ألف، ولك أنت كذا وكذا، فأعلم أبو الجبار محمدًا، فقال: أذكرتنيه والله وقد كنت نسيته؛ فإذا انصرفت من الجمعة فأذكرنيه. فلما انصرف أذكره، فدعى به وأمر بضرب عنقه، فلما أيقن أنه مقتول، قال: أما والله لئن قتلتموني لقد وضعت أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال، وأحل فيها الحرام؛ والله لقد فطرتكم في يوم صومكم، وصومتكم في يوم فطركم، فضربت عنقه.
    وورد على محمد رسول أبي جعفر بكتابه: إياك أن تحدث في أمر ابن أبي العوجاء شيئًا، فإنك إن فعلت فعلت بك وفعلت يتهدده. فقال محمد للرسول: هذا رأس ابن أبي العوجاء وهذا بدنه مصلوبًا بالكناسة، فأخبر أمير المؤمنين بما أعلمتك؛ فلما بلغ الرسول أبا جعفر رسالته، تغيظ عليه وأمر بالكتاب يعزله وقال: والله لهممت أن أقيده به، ثم أرسل إلى عيسى بن علي فأتاه، فقال: هذا عملك أنت! أشرت بتولية هذا الغلام، فوليته غلامًا جاهلًا لا علم له بما يأتي؛ يقدم على رجل يقتله من غير أن يطلع رأيي فيه، ولا ينتظر أمري! وقد كتبت بعزله؛ وبالله لأفعلن به ولأفعلن يتهدده، فسكت عنه عيسى حتى سكن غضبه، ثم قال: يا أمير المؤمنين؛ إن محمدًا إنما قتل هذا الرجل على الزندقة، فإن قتله صوابًا فهو لك، وإن كان خطأ فهو على محمد، والله يا أمير المؤمنين لئن عزلته على تفية ما صنع ليذهبن بالثناء والذكر، ولترجعن القالة من العامة عليك. فأمر بالكتب فمزقت وأقر على عمله. وقال بعضهم: إنما عزل المنصور محمد بن سليمان عن الكوفة لأمور قبيحة بلغته عنه، اتهمه فيها؛ وكان الذي أنهى ذلك إليه المساور بن سوار الجرمي صاحب شرطة، وفي مساور يقول حماد.
    لحسبك من عجيب الدهر أني ** أخاف وأتقي سلطان جرم
    وفي هذه السنة أيضًا عزل المنصور الحسن بن زيد عن المدينة، واستعمل عليها عبد الصمد ابن علي. وجعل معه فليح بن سليمان مشرفًا عليه. وكان على مكة والطائف محمد بن إبراهيم ابن محمد، وعلى الكوفة عمرو بن زهير، وعلى البصرة الهيثم بن معاوية، وعلى إفريقية يزيد بن حاتم، وعلى مصر محمد بن سعيد.
    ثم دخلت سنة ست وخمسين ومائة

    ذكر الخبر عن الأحداث التي كانت فيها

    ذكر الخبر عن مقتل عمرو بن شداد

    فمن ذلك ما كان من ظفر الهيثم بن معاوية عامل أبي جعفر على البصرة بعمرو بن بن شداد عامل إبراهيم بن عبد الله على فارس، فقتل بالبصرة وصلب.


  • #4
    مغترب ذهبي
    الحالة : عاشق الوطنية غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2010
    رقم العضوية: 464
    الدولة: سوريا
    الإهتمامات: الرياضة , الصداقة والغناء
    السيرة الذاتية: أحب سوريا و لا تسألني كيف أو لماذا
    العمل: على باب الله
    العمر: 36
    المشاركات: 11,254
    الحالة الإجتماعية: اعزب و الله يبعت بنت الحلال
    معدل تقييم المستوى : 483
    Array

    ذكر الخبر عن سبب الظفر به
    ذكر عمر أن محمد بن معروف حدثه، قال: أخبرني أبي، قال: ضرب عمرو بن شداد خادمًا له، فأتى عامل البصرة - إما ابن دعلج، وإما الهيثم بن معاوية - فدله غليه، فأخذه فقتله وصلبه في المربد في موضع دار إسحاق بن سليمان. وكان عمرو مولى لبني جمح، فقال بعضهم: ظفر به الهيثم بن معاوية وخرج يريد مدينة السلام، فنزل بقصر له على شاطئ نهر يعرف بنهر معقل، فأقبل بريد من عند أبي جعفر، ومعه كناب إلى الهيثم بن معاوية بدفع عمرو بن شداد إليه، فدفعه الهيثم إليه، فأقدمه البصرة، ثم أتى به ناحية الرحبة، فخلا به يسائله، فلم يظفر منه بشيء يحب علمه، فقطع يديه ورجليه، وضرب عنقه وصلبه في مربد البصرة.
    وفي هذه السنة عزل المنصور الهيثم بن معاوية عن البصرة وأعمالها، واستعمل سوار بن عبد الله القاضي على الصلاة، وجمع له القضاء والصلاة. وولى المنصور سعيد بن دعلج شرط البصرة وأحداثها.
    وفيها توفي الهيثم بن معاوية بعد ما عزل عن البصرة فجأة بمدينة السلام، وهو على بطن جارية له، فصلى عليه المنصور، ودفن في مقابر بني هاشم.
    وفي هذه السنة غزا الصائفة زفر بن عاصم الهلالي.
    وحج بالناس في هذه السنة العباس بن محمد بن علي.
    وكان العامل على مكة محمد بن إبراهيم، وكان مقيمًا بمدينة السلام، وابنه إبراهيم بن محمد خليفته بمكة؛ وكان إليه مع مكة الطائف. وعلى الكوفة عمر بن زهير، وعلى الأحداث والجوالي والشرط وصدقات أرض العرب بالبصرة سعيد بن دعلج، وعلى الصلاة بها والقضاء سوار بن عبد الله، وعلى كور دجلة والأهواز وفارس عمارة بن حمزة، وعلى كرمان والسند هشام بن عمرو، وعلى أفريقية يزيد بن حاتم، وعلى مصر محمد بن سعيد.
    ثم دخلت سنة سبع وخمسين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    فمما كان فيها من ذلك ابتناء المنصور قصره الذي على شاطئ دجلة؛ الذي يدعى الخلد وقسم بناءه على مولاه الربيع وأبان بن صدقة.
    وفيها قتل يحيى أبو زكريا المحتسب؛ وقد ذكرنا قبل سبب قتله إياه.
    وفيها حول المنصور الأسواق من مدينة السلام إلى باب الكرخ وغيره من المواضع، وقد مضى أيضًا ذكرنا سبب ذلك قبل.
    وفيها ولى المنصور جعفر بن سليمان على البحرين، فلم يتم ولايته، ووجه مكانه أميرًا عليها سعيد بن دعلج؛ فبعث سعيد ابنه تميمًا عليها.
    وفيها عرض المنصور جنده في السلاح والخبل على عينه في مجلس اتخذه على شط دجلة دون قطربل، وأمر أهل بيته وقرابته وصحابته يومئذ بلبس السلاح، وخرج وهو لابس درعًا وقلنسوة تحت البيضة سوداء لاطئة مضربة.
    وفيها توفي عامر بن إسماعيل المسلى، بمدينة السلام، فصلى عليه المنصور، ودفن في مقابر بني هاشم.
    وفيها توفي سوار بن عبد الله وصلى عليه ابن دعلج، واستعمل المنصور مكانه عبيد الله بن الحسن بن الحصين العنبري.
    وفيها عقد المنصور الجسر عند باب الشعير، وجرى ذلك على يد حميد القاسم الصيرفي، بأمر الربيع الحاجب.
    وفيها عزل محمد بن سعيد الكاتب عن مصر، واستعمل عليها مطر مولى أبي جعفر المنصور.
    وفيها ولي معبد بن الخليل السند، وعزل عنها هشاط بن عمرو، ومعبد يومئذ بخراسان؛ كتب إليه بولايته.
    وغزا الصائفة فيها يزيد بن أسيد السلمي، ووجه سنانًا مولى البطال إلى بعض الحصون، فسبى وغنم.
    وقال محمد بن عمر: الذي غزا الصائفة في هذه السنة زفر بن عاصم.
    وحج بالناس في هذه السنة إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس.
    قال محمد بن عمر: كان على المدينة - يعني إبراهيم هذا.
    وقال غيره: كان على المدينة في هذه السنة عبد الصمد بن علي، وكان على مكة والطائف محمد بن إبراهيم، وعلى الأهواز وفارس عمارة بن حمزة، وعلى كرمان والسند معبد بن الخليل، وعلى مصر مطر مولى المنصور.
    ثم دخلت سنة ثمان وخمسين ومائة

    ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
    ذكر الخبر عن تولية خالد بن برمك الموصل

    فمما كان فيها من ذلك توجيه المنصور ابنه المهدي إلى الرقة وأمره وإياه بعزل موسى بن كعب عن الموصل وتولية يحيى بن خالد بن برمك عليها وكان سبب ذلك - فيما ذكر الحسن بن وهب بن سعيد عن صالح بن عطية - قال: كان المنصور قد ألزم خالد بن برمك ثلاثة آلاف ألف، ونذر دمه فيها، وأجله ثلاثة أيام بها، فقال خالد لابنه يحيى: يا بني، إني قد أوذيت وطولبت بما ليس عندي، وإنما يراد بذلك دمي؛ فانصرف إلى حرمتك وأهلك، فما كنت فاعلًا بهم بعد موتي فافعله. ثم قال له: يا بني لا يمنعنك ذلك من أن تلقى إخواننا، وأن تمر بعمارة بن حمزة وصالح صاحب المصلى ومبارك التركي فتعلمهم حالنا.
    قال: فذكر صالح بن عطية أن يحيى حدثه، قال: أتيتهم فمنهم من تجهمني وبعث بالمال سرًا إلي، ومنهم من لم يأذن لي، وبعث بالمال في إثري. قال: واستأذنت على عمارة بن حمزة، فدخلت عليه وهو في صحن داره، مقابل بوجههه الحائط؛ فما انصرف إلي بوجهه، فسلمت عليه، فرد علي ردًا ضعيفًا، وقال: يا بني؛ كيف أبوك؟ قلت: بخير، يقرأ عليك السلام ويعلمك ما قد لزمه من هذا الغرم، ويستسلفك مائة ألف درهم. قال: فما رد علي قليلًا ولا كثيرًا، قال: فضاق بي موضعي، ومادت بي الأرض. قال: ثم كلمته فيما أتيته له. قال: فقال: إن أمكنني شيْ فسيأتيك، قال يحيى: فانصرفت وأنا أقول في نفسي: لعن الله كل شيء يأتي من تيهك وعجبك وكبرك! وصرت إلى أبي، فأخبرته الخبر، ثم قلت له: وأراك تثق من عمارة بن حمزة بما لا يوثق به! قال: فوالله إني لكذلك؛ إذ طلع رسول عمارة بن حمزة بالمئة ألف. قال: فجمعنا في يومين ألفي ألف وسبعمائة ألف، وبقيت ثلاثمائة ألف بوجودها يتم ما سعينا له، وبتعذرها يبطل. قال: فوالله إني لعلى الجسر ببغداد مارًا مهمومًا مغمومًا؛ إذ وثب إلي زاجر فقال: فرخ الطائر أخبرك! قال: فطويته مشغول القلب عنه، فلحقني وتعلق بلجامي، وقال لي: أنت والله مهموم، ووالله ليفرجن الله همك، ولتمرن غدًا في هذا الموضع واللواء بين يديك. قال: فأقبلت أعجب من قوله. قال: فقال لي: إن كان ذلك فلي عليك خمسة آلاف درهم؟ قلت: نعم - ولو قال خمسون ألفًا لقلت نعم، لبعد ذلك عني من أن يكون - قال: ومضيت. وورد على المنصور انتقاض الموصل وانتشار الأكراد بها. فقال: من لها؟ فقال له المسيب بن زهير - وكان صديقًا لخالد بن برمك: عندي يا أمير المؤمنين رأي، أرى أنك لا تنتصحه؛ وأنك ستلقاني بالرد، ولكني لا أدع نصحك فيه والمشورة عليك به، قال: قل، فلا أستغشك، قلت: يا أمير المؤمنين ما رميتها بمثل خالد، قال: ويحك! فيصلح لنا بعد ما أتينا إليه! قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ إنما قومته لذلك وأنا الضامن عليه، قال: فهو لها والله، فليحضرني غدًا. فأحضر، فصفح له عن الثلاث مائة ألف الباقية، وعقد له.
    قال يحيى: ثم مررت بالزاجر، فلما رآني قال: أنا هاهنا أنتظرك منذ غدوة، قلت: امض معي، فمضى معي، فدفعت إليه الخمسة الآلاف. قال: وقال لي أبي: إلي بني؛ إن عمارة تلزمه حقوق، وتنوبه نوائب فأته، فأقرئه السلام، وقل له: إن الله قد وهب لنا رأي أمير المؤمنين، وصفح لنا عما بقي علينا، وولاني الموصل؛ وقد أمر برد ما استسلفت منك. قال: فأتيته فوجدته على مثل الحال التي لقيته عليه. فسلمت فما رد السلام عليه، ولا زادني على أن قال: كيف أبوك؟ قلت: بخير ويقول كذا وكذا وقال: فاستوى جالسًا، ثم قال لي: ما كنت إلا قسطارًا لأبيك؛ يأخذ مني إذا شاء، ويرد إذا شاء! قم عني لا قمت! قال: فرجعت إلى أبي فأعلمته، ثم قال لي أبي: يا بني، هو عمارة ومن لا يعترض عليه! قال: فلم يزل خالد على الموصل إلى أن توفي المنصور ويحيى على أذربيجان، فذكر عن أحمد بن محمد بن سوار الموصلي أنه قال: ما هبنا قط أمير هيبتنا خالد بن برمك من غير أن تشتد عقوبته، ولا نرى منه جبرية؛ ولكن هيبة كانت له في صدورنا.
    وذكر أحمد بن معاوية بن بكر الباهلي، عن أبيه، قال: كان أبو جعغر غضب على موسى بن كعب - وكان عامله على الجزيرة والموصل - فوجه المهدي إلى الرقة لبناء الرافقة، وأظهر أنه يريد بيت المقدس، وأمره بالمرور والمضي على الموصل، فإذا صار بالبلد أخذ موسى بن كعب فقيده، وولي خالد بن برمك الموصل مكانه، ففعل المهدي ذلك، وخف خالدًا على الموصل، وشخص معه أخوا خالد: الحسن وسليمان ابنا برمك، وقد كان المنصور دعا قبل ذلك يحيى بن خالد، فقال له: قد أردتك لأمر مهم من الأمور، واخترتك لثغر من الثغور؛ فكن على أهبة؛ ولا يعلم بذلك أحد حتى أدعو يحيى بن خالد! فقام فأخذه بيده، فأدخله على المنصور، فخرج على الناس وأبوه حاضر واللواء بين يديه على أذربيجان، فأمر الناس بالمضي معه، فمضوا في موكبه، وهنئوه أباه خالدًا بولايته، فاتصل عملهما.
    وقال أحمد بن معاوية: كان المنصور معجبًا بيحيى، وكان يقول ولد الناس ابنًا وولد خالد أبًا.
    وفي هذه السنة نزل المنصور قصره الذي يعرف بالخلد.
    وفيها سخط المنصور على المسيب بن زهير وعزله عن الشرطة، وأمر بحبسه وتقييده، وكان سبب ذلك انه قتل أبان بن بشير الكاتب بالسياط، لأمر كان وجد عليه فيما كان من شركته لأخيه عمرو بن زهير في ولاية الكوفة وخراجها، وولى مكان المسيّب الحكم بن يوسف صاحب الحرب، ثم كلم المهدي أباه في المسيب، فرضى عنه بعد حبسه إياه أيامًا، وأعاد إليه ما كان يلي من شرطه.
    وفيها وجه المنصور نصر بن حرب التميمي واليًا على ثغر فارس.
    وفيها سقط المنصور عن دابته بجر جرايا، فانشج ما بين حاجبيه؛ وذلك أنه كان خرج لما وجه ابنه المهدي إلى الرقة مشيعًا له، حتى بلغ موضعًا يقال له جب سماقا، ثم عدل إلى حولايا، ثم أخذ على النهروانات فانتهى فيما ذكر إلى بشق من النهروانات يصب إلى نهر ديالى، فأقام على سكره ثمانية عشر يومًا، فأعياه، فمضى إلى جرجرايا، فخرج منها للنظر إلى ضيعة كانت لعيسى بن علي هناك، فصرع من يومه ذلك عن برذون له ديزج فشج في وجهه، وقدم عليه وهو بجرجرايا أسارى من ناحية عمان من الهند، بعث بهم إليه تسنيم بن الحواري مع ابنه محمد، فهم بضرب أعناقهم، فسألهم فأخبروه بما التبس به أمرهم عليه؛ فأمسك عن قتلهم وقسمهم بين قواده ونوابه.
    وفيها انصرف المهدي إلى مدينة السلام من الرقة فدخلها في شهر رمضان وفيها أمر المنصور بمرمة القصر الأبيض، الذي كان كسرى بناه، وأمر أن يغرم كل من وجد في داره شيء من الآجر الخرسواني، مما نقضه من بناء الأكاسرة، وقال: هذا فيء المسلين، فلم يتم ذلك ولا ما أمر به من مرمة القصر.
    وفيها غزا الصائفة معيوف بن يحيى من درب الحدث، فلقى العدو فإقتتلوا ثم تحاجزوا.

  • صفحة 1 من 4 123 ... الأخيرةالأخيرة

    معلومات الموضوع

    الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

    الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

    المواضيع المتشابهه

    1. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 80
      آخر مشاركة: 08-15-2010, 11:10 PM
    2. تاريخ الرسل والملوك(الجزء السادس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 72
      آخر مشاركة: 08-14-2010, 11:05 PM
    3. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الخامس)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 107
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 09:12 PM
    4. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الرابع)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الثقافة و الأدب و الشعر و القصص والروايات
      مشاركات: 49
      آخر مشاركة: 08-05-2010, 05:26 PM
    5. تاريخ الرسل والملوك(الجزء الثاني)
      بواسطة عاشق الوطنية في المنتدى ملتقى الطلاب السوريين المغتربين في مجال الطب Medical Students
      مشاركات: 130
      آخر مشاركة: 07-25-2010, 03:00 AM

    الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

    مواقع النشر (المفضلة)

    مواقع النشر (المفضلة)

    ضوابط المشاركة

    • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
    • لا تستطيع الرد على المواضيع
    • لا تستطيع إرفاق ملفات
    • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
    •  
    Untitled-1