









وتذكَّر ربَّ الخورنق إذ فكَّ
ر يوماً وللهدى تفكير سرَّه ملكه وثرة ما يم
لك والبحر معرضاً والسّدير فارعوى جهله فقال: وما غب
طة حيٍّ إلى الممات يصير؟ والسُّكر محرَّمٌ في كلِّ الملل، ويقال:إنّ الهند لا يملِّكون عليهم رجلاً يشرب مسكراً، لأنّهم يرونه منكراً، ويقولون: يجوز أن يحدث في المملكة نبأٌ الملك سكران، فإذا الملك المتبع هكران.
لعنت القهوة، فكم تهبط بها رهوةٌ؛ لا خيرة في الخمر، توطىء على مثل الجمر. من اصطبح فيهجاً،فقد سلك إلى الدّهية منهجاً. من اغتبق أمَّ ليلى، فقد سحب في الباطل ذيلاً. من غري بأمَّ زنبق، فقد سمح بالعقل الموبق. من حمل بالرّاحة راحاً، فقد أسرع للرّشد سراحاً. من رضي بصحبة العقار فقد خلع ثوب الوقار. من أدمن قرقفاً، فليس على الواضحة موقفاً. من سدك بالخرطوم، رجع إلى حال المفطوم. المواظبة على العانِّي، تمنع بلوغ الأماني. الخيبة لسبيئةٍ، تخرج من سرٍّ كلَّ خبيئةٍ. لا فائدة في الكميت، جعل حيَّها مثل الميت. من بلي بالصَّرخديّ، لم يكن من الفاضحة بالمفديّ. ما أخون عهود السُّلاف، تنفض مرير الأحلاف. أمّا السُّلافة، فسلٌّ وآفة. كم شابٍّ في بني كلابٍ، مات غبطةً،وما بلغ من الدّنيا غبطة؟! رماه بسحافٍ قاتلٍ، إدمان المعتقَّة ذات المخاتل. من بكر إلى الشَّمول، فرأيه ينظر بطرف مسمول. أقلُّ عنتاً من كرينة، ليثٌ زأر في العرينة. كم بربطٍ، عصف بجعد وسبط! كم مزهرٍ، أوقع هاجداً في السَّهر! وهو يعرف أبيات المتنخِّل:
ممّا أقضِّي ومحار الفتى
للضبع والشيبة والمقتل إن يمس نشوان بمصروفةٍ
منها بنيءٍ، وعلى مرجل لا تقه الموت وقيّاته
خطَّ له ذلك في المحبل وينبغي أن يزِّهده في الصّهباء الصّافية، أن نداماه الأكرمين أصبحوا في الأجداث العافية، كم جلس مع فتيانٍ، أتى عليهم الزّمن كلَّ الإتيان، فكان كما قال الجعديُّ:
تذكّرت والذّكرى تهيج لي الهوى
ومن حاجة المحزون أن يتذكّرا نداماي عند المنذر بن محرِّقٍ
فأصبح منهم ظاهر الأرض مقفرا وهو يعرف الأبيات التي أوّلها:
خليليَّ هبَّا طال ما قد رقدتما
أجدّكما لا تقضيان كراكما؟ وهل يعجز أن يكون كما قال الآخر:
أمّا الطّلاء فإنّى لست ذائقها
حتى ألاقي بعد الموت جبَّارا كأنّه كان نديمه على الطِّلاء، فلمّا رماه التّلف من غير بلاء، حرَّم عليه شربها، حتى تسكنه الرّاكدة تربها.
وسرَّتني فيئة الدّنانير إليه، فتلك أعوانٌ، تشتبه منها الألوان، ولها على النّاس حقوقٌ، تبرُّ إن خيف عقوق.
قال عمرو بن العاص لمعاوية: رأيت في النّوم أن القيامة قد قامت وجيء بك وقد ألجمك العرق. فقال معاوية: هل رأيت ثمَّ من دنانير مصر شيئاً؟ وهذه لا ريب من دنانير مضر لم تجيء من عند السُّوق، ولكن من عند الملوك، ولم تكن مهر هلوك، فالحمد لله الذي سلَّمها إلى هذا الوقت ولم تكن كذهبٍ مخزونٍ، صار إلى الخمّارة مع الموزون، كما قال:
وخمَّارةٍ من بناتٍ المجوس
ترى الزِّقَّ في بيتها شائلا وزنَّا لها ذهباً جامداً
فكالت لنا ذهباً سائلا ولا ألغز عنها هذا البيت:
دنانيرنا من قرن ثورٍ، ولم تكن
من الذهب المضروب بين الصّفائح لو رآها المرقِّش لعلم أنّها أحسن من وجوه حبائبه، لمَّا غدا الظّاعن بربائبه، فقال:
النَّشر مسكٌ، والوجوه دنا
نيرٌ، وأطراف الأكفِّ عنم وإنها لأحسن من الوجوه التي ذكرها الجعدي، وزعم أن حسنها بديّ، فقال:
في فتوٍ شمّ العرانين أمثا
ل الدّنانير شفن بالمثقال أخذت من جوائز كرامٍ صيدٍ، تارةً بالخدمة وتارة بالقصيد، ولم تكن في العيدية مرهناتٍ، ولا عند الغرض موهناتٍ، كما قال ردَّادٌ الكلابيُّ:
يطوي ابن سلمى بها عن راكبٍ بعراً
عيديَّة، أرهنت فيها الدّنانير وهي عند البله والكيس، أجود من الخاتم الذي ذكره ابن فيسٍ، فقال:
إن ختمت جاز طين خاتمها
كما تجوز العبديّة العتق أراد بالعبدية دنانير نسبها إلى عبد الملك بن مروان، ويقال إنّه أول من ضرب الدّنانير في الإسلام،وجلتّ عن نقد الصّيرفي، وهي الرّواجح لدى الميزان الوفّي، حاش الله أن تكون كما قال الفرزدق:
تنفى يداها الحصى في كلّ هاجرةٍ
نفي الدّنانير تنقاد الصّياريف وهذا البيت ينشد على وجهين: الدّنانير والدّارهيم،ولا هي من دنانير أيلة، باع بها البائع نخيله، وإنمّا ذكروا دنانير أيلة لأنهّا كانت في حيّز الرّوم فتأتيها الدَّنانر من الشام، قال:
وما هبرزي من دنانير أيلةٍ
بايدي الوشاة مشرقاً يتأكَّل لوشاة: النقاشون الذين يشونه ولو رآها الضبيّ محرزٌ، لشهد أنهّا حين تبرز، أجلُّ من تلك القسمات وإن كانت في أوجه ذي سماتٍ، قال:
كأن دنانيراً عى قسماتهم
وإن كان قد شفّ الوجوه لقاء ومعاذ الله أن نقرن بحوذان وادٍ، سقته روائح وغوادٍ، حتى إذا القيظ وهج، تمزّق ما لبس وانهج، قال الشاعر:
وربَّ وادٍ سقاه كوكب أمر
فيه الأوابد والأدم اليعافير هبطته غادياً والشّمس شارقة
كأن حوذانه فيه الدّنانير ولو أخذ مثلها النّادم على بيع كميته، لأسكنت البهجة في خلده وبيته، ولم يأسف أن عوض حماراً من فرس، ولوجد على الشّكوى ذا خرسٍ، ولم يقل:
ندمت على بيع الكميت، وأنمّا
حياة الفتى هم له وخسار وامّا أتاني بالدنّانير سائمي
أصاخت وهشت للبياع نوار وقالت: أتم البيع واشتر غيره
فحولك في المشتى بنون صغار فأنفقت فيهم ما أخذت، ولم يزل
لدي شراب راهن وقتار إلى أن تداعى الجند بالغزو وانجلت
غوم شتاء سحبهن غزا وأعوزني مهر يكون مكانه
كأن ليس ين العالمين مهار وسار على الخل المغذَّة صحبتي
وسرت وتحتي للشقاء حمار ولله المنّة كما نجّاها بالقدر من بكورٍ، ليس من بكره بالمشكور، يحمل معه دنانير، ولا يصحب من القوم صنانير، أي بخلاء فيقيم بهم في الدَّسكرة أيامّاً، أيقاظاً في السكر أو نياماً، فتفني الذَّهب أقداح، كأنّها جزور الميسر وهي القداح قال الجعدي:
ود سكرةٍ صوت أبوابها
كصوت المواتح في الحوأب سبقت إليها صياح الدّيوك
وصوت نواقي لم تضرب وقال آخر:
وقبضةٍ من دنانير غ*** بها
للدّسكري وحولي فتية مح ولم يزل ثمّ يسقينا ويأخذها
حتى استقلَّ بما في الصّرَّة القدح ولو كان الشيخ أدرك من تقدم من الملوك، لكن كلّ واخد منها كالذي قال فيه القائل:
وأصفر من ضرب دار الملوك
يلوح على وجهه جعفر يزيد على مائة واحداً
إذا ناله معشرٌ أيسروا
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)