









وحج بالناس في هذه السنة هارون بن محمد بن إسحاق بن موسى بن عيسى الهاشمي الكوفي.
ثم دخلت سنة خمس وستين ومائتين
ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث
ذكر الوقعة بين أحمد بن ليثويه وسليمان قائد الزنج
فمن ذلك ما كان من وقعة كانت بين أحمد بن ليثويه وسليمان بن جامع قائد صاحب الزنج بناحية جنبلاء.
ذكر الخبر عن هذه الوقعة وسببها
ذكر أن سليمان بن جامع كتب إلى صاحب الزنج، يخبره بحال نهر يعرف بالزهيري، ويسأله الإذن له في النفقة على إنفاذ كريه إلى سواد الكوفة والبرار، ويعلمه أن المسافة في ذلم قريبة، وأنه متى أنفذه تهيأ له بذلك حمل كل ما بنواحي جنبلاء وسواد الكوفة من الميرة. فوجه الخبليث بذلك رجلًا يقال له محمد بن يزيد البصري، وكتب إلى سليمان بإزاحة علله في المال والإقامة معه في جيشه إلى وقت فراغه، مما وجه له، فمضى سليمان بجميع جيشه حتى أقام بالشريطية نحوًا من شهر، وألقى الفعلة في النهر؛ وخلال ذلك ما كان سليمان يتطرق ما حوله من أهل خسر سابور؛ وكانت الميرة تتصل به من ناحية الصين وما والاها إلى أن واقعه ابن ليثويه عامل أبي أحمد على جنبلاء، فقتل له أربعة عشر قائدًا.
قال محمد بن الحسن: قتل سبعة وأربعين ائدًا وخلقًا من الخلق لا يحصى كثرة، واستبيح عسكره، وأحرقت سفنه، وكانت مقيمة في هذا النهر الذي كان مقيمًا على إنفاذه، فمضى مفلولًا حتى وافى طهيثًا، فأقام بها، ووافى الجبائي في عقب ذلك، ثم أصعد فأقام بالموضع المعروف ببرتمرتا، واستخلف على الشذوات الاشتيام الذي يقال له الزنجي بن مهربان، وقد كان السلطان وجه نصيرًا لتقييد شامرج، وحمله إلى الباب، وتقلد ما كان يتقلده، فوافى نصير الزنجي بن مهربان بعد حمله شامرج مقيدًا بنهر برتمرتا، وأخذ منه تسع شذوات، واسترد الزنجي منها ستًا.
قال محمد بن الحسن: أنكر جباش أن يكون الزنجي بن مهربان استرد من الشذوات شيئًا، وزعم أن نصيرًا ذهب بالشذوات أجمع، وانصرف إلى طهيثًا، وبادر بالكتاب إلى سليمان، ووافاه. فأقام سليمان بطهيثا إلى أن اتصل به خبر إقبال الموفق.
وفيها وقع أحمد بن طولون بسيما الطويل بأنطاكية، فحصره بها، وذلك في المحرم منها، فلم يزل ابن طولون مقيمًا عليها حتى افتتحها، وقتل سيما.
وفيها وثب القاسم بن مماه بدلف بن عبد العزيز بن أبي دلف بأصبهان، فقتله، ثم وثب جماعة من أصحاب دلف على القاسم، فقتلوه ورأسوا عليهم أحمد بن عبد العزيز.
وفيها لحق محمد المولد يعقوب بن الليث، فصار إليه، وذلك في المحرم منها، فأمر السلطان بقبض أمواله وعقاراته.
وفيها قتلت الأعراب جعلان المعروف بالعيار بدمما، وكان خرج لبذرقة قافلة، فقتلوه؛ وذلك في جمادى الأولى؛ فوجه السلطان في طلب الذين قتلوه جماعة من الموالي، فهرب الأعراب، وبلغ الذين شخصوا في طلبهم عين التمر، ثم رجعوا إلى بغداد، وقد مات منهم في البرد جماعة؛ وذلك أن البرد اشتد في تلك الأيام ودام أيامًا، وسقط الثلج ببغداد.
وفيها أمر أبو أحمد بحبس سليمان بن وهب وابنه عبيد الله، فحبسا وعدة من أسبابهم في دار أبي أحمد، وانتهب دور عدة من أسبابه، ووكل بحفظ داري سليمان وابنه عبيد الله، وأمر بقبض ضياعهما وأموالها وأموال أسبابهما وضياعهم خلا أحمد بن سليمان. ثم صولح سليمان وابنه عبيد الله على تسعمائة ألف دينار، وصيرا في موضع يصل إليها من أحبا.
وفيها عسكر موسى بن أتامش وإسحاق بن كنداجيق وبنغجور بن أرخوز والفضل بن موسى بن بغا بباب الشماسية، ثم عبروا جسر بغداد، فصاروا إلى السفينتين، وتبعهم أحمد بن الموفق، فلم يرجعوا، ونزلوا صرصر.
وفيها استكتب أبو أحمد صاعد بن مخلد؛ وذلك لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الآخرة، وخلع عليه، فمضى صاعد إلى القواد بصرصر، ثم بعث أبو أحمد ابنه أحمد إليهم، فناظرهم فانصرفوا معه فخلع عليهم.
وفيها خرج - فيما ذكر - خمسة من بطارقة الروم في ثلاثين ألفًا من الروم إلى أذنة، فصاروا إلى المصلى.
وأسروا أرخوز - وكان والي الثغور - ثم عزل، فرابط هناك فأسر، وأسر معه نحوٌ من أربعمائة رجل، وقتلوا ممن نفر إليهم نحوًا من ألف وأربعمائة رجل، وانصرفوا اليوم الرابع، وذلك في جمادى الأولى منها.
وفي رجب منها عسكر موسى بن أتامش وإسحاق بن كنداجي وبنغجور بن أرخوز بنهر ديالي.
وفيها غلب أحمد بن عبد الله الخجستني على نيسابور، وصار الحسين بن طاهر عامل محمد بن طاهر إلى مرو، فأقام بها وأخو شركب الجمال بين الحسين والخجستاني أحمد بن عبد الله.
وفيها أخربت طوس.
وفيها استوزر إسماعيل بن بلبل.
وفيها مات يعقوب بن الليث بالأهواز وخلفه أخوه عمرو بن الليث؛ وكتب عمرو إلى السلطان بأنه سامع له ومطيع؛ فوجه إليه أحمد بن أبي الأصبغ في ذي القعدة.
وفيها قتلت جماعة من أعراب بني أسد علي بن مسرور البلخي بطريق مكة قبل مصيره إلى المغيثة، وكان أحمد ولي محمد بن مسرور البلخي طريق مكة، فولاه أخاه علي بن مسرور.
وفيها بعث ملك الروم بعبد الله بن رشيد بن كاوس الذي كان عامل الثغور فأسر، إلى أحمد بن طولون مع عدة من أسراء المسلمين وعدة مصاحف هدية منه له.
وفيها صارت جماعة من الزنج في ثلاثين سميرية إلى جبل، فأخذوا أربع سفن فيها طعام، ثم انصرفوا.
وفيها لحق العباس بن أحمد بن طولون مع من تبعه ببرقة، مخالفًا لأبيه أحمد، وكان أبوه أحمد استخلفه - فيما ذكر - على عمله بمصر لما توجه إلى الشأم؛ فلما انصرف أحمد عن الشأم راجعًا إلى مصر حمل العباس ما في بيت مال مصر من الأموال، وما كان لأبيه هناك من الأثاث وغير ذلك. ثم مضى إلى برقة، فوجه إليه أحمد جيشًا، فظفروا به ورده إلى أبيه أحمد، فحبسه عنده، وقتل لسبب ما كان منه جماعةٌ كانوا شايعوا ابنه على ذلك.
وفيها ذخل الزنج النعمانية، فأحرقوا سوقها، وأكثر منازل أهلها، وسبوا، وصاروا إلى جرجرايا، ودخل أهل السواد بغداد.
وفيها ولي أبو أحمد عمرو بن الليث خراسان وفارس وأصبهان وسجستان وكرمان والسند، وأشهد له بذلك، ووجه بكتابه إليه بتوليته ذلك مع أحمد ابن أبي الأصبغ، ووجه إليه مع ذلك العهد والعقد والخلع.
وفي ذي الحجة منها صار مسرور البلخي إلى النيل، فتنحى عنها عبد الله بن ليثويه في أصحاب أخيه، وقد أظهر الخلاف على السلطان، فصار ومن معه إلى أحمد أباذ، فتبعهم مسرور البلخي يريد محاربتهم؛ فبدر عبد الله بن ليثويه ومن كان معه، فترجلوا المسرور، وانقادوا له بالسمع والطاعة، وعبد الله بن ليثويه نزع سيفه ومنطقته فعلقهما في عنقه، يعتذر إليه، ويحلف أنه حمل على ما فعل، فقبل منه، وأمر فخلع عليه وعلى عدة من القواد معه
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)