








الباب الثامن والخمسون
من كتاب تفسير الأحلام لابن سيرين
في ذكر أنواع شتى في التأويل لا يشاكل بعضها بعضاً
الهدية: خطبة، فمن رأى أنّه أهدى إلى أحد هدية، أو أُهدي إليه شيء، خطبت إليه ابنته أو امرأة من أقربائه، وحصل النكاح لقوله تعالى: (وإنِّي مُرْسَلَةٌ إلَيْهِمْ بهَدِيّةٍ فَنَاظِرةٌ بِمَ يَرْجِعُ المُرْسَلُون). فكانت بلقيس مرسلة بالهدية، وكان سليمان خاطباً لها. وقيل إنَّ الهدية المحبوبة تدل على وقوع صلح بين المهدي والمهدى إليه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تهادوا تحابوا " .
وأما استراق السمع: فهو كذب ونميمة، لقوله تعالىيُلْقُونَ السّمْعَ وأكْثَرَهُمْ كَاذِبُون). ويقتضي أن يصيب مسترق السمع مكروه من جهة السلطان، لقوله تعالى: (إلاً مَنْ اسْتَرَقَ السّمعَ فأتْبَعَهً شِهَابٌ مبين).
وأما الاستماع: فمن رأى كأنّه يستمع فإنّه إن كان تاجراً استقال من عقدة بيع، وإن كان والياً عزل، لقوله تعالى: (إنّهُمْ عَنِ السّمَعَ لمَعْزُولُون). فإن رأى كأنّه يتسمع على إنسان، فإنّه يريد هتك ستره وفضيحته. ومن رأى كأنّه يسمع أقاويل ويتبع أحسنها، فإنّه ينال بشارة، لقوله تعالى: (فَبَشِّرْ عِبَادَ الّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فيَتّبِعُون أحْسَنَهُ). فإن رأى كأنّه يسمع ويجعل نفسه أنّه لا يسمع، فإنّه يكذب ويتعود ذلك، لقوله تعالى: (يَسْمَعُ آياتَ الله تُتْلَى عَلَيْهِ ثمَّ يصر مُسْتَكْبِراً كَأنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أليم).
وأما الاختيار: فمن رأى كأنّه مختار في قومه، فإنّه يصيب رياسة، لقوله تعالى: (وَرَبُّكَ يَخُلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ).
وأما إخراج الرجل: من مستقره فإنّه يدل على نجاته من الهموم. وحكي أنّ رجلاً أتى بعض المعبرين فقال: رأيت كأنّ جيراني أخرجوني من داري. فقال له المعبر: ألك عدو؟ قال: نعم. قال: وهل أنت في حزن؟ قال: نعم. قال: البشارة، فإنّ الله تعالى ينجيك من شر كل عدو، ويفرج عنك كل همِ وحزن، لقوله تعالى في قوم لوط: (أخْرِجُوا آلَ لُوطٍ منْ قَرْيَتِكُمْ إنّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهّرُون فَأنْجَيْنَاهُ وَأهْلَه).
وأما البرهان: فمن رأى في منامه كأنّه يأتي ببرهان على شيء، فإنّه في خصومة مع إنسان، والحجة له عليه فيها، لقوله تعالى: (هَاتُوا بُرْهَانَكًمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِين(.
وأما التدلي: فمن رأى كأنّه تتدلى من سطح إلى أرض بحبل، فإنّه يتورع في جميع أحواله، ويترك طلب حاجاته استعمالاً للورع. فإن رأى أنّه يسقط من سطح إلى أرض، فإنّه يقنط من رجل كان يأمله، أو يسقط من مرتبته بسبب كلام يتكلم به. فإن رأى كأنّه في سقوطه وقع في وحل، فإنّه يترك أمراً من أمور الدين أو أمور الدنيا.
وأما التعزية: فمن رأى كأنّه عزى مصاباً نال أمناً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من عزى مصاباً فله مثل أجره " وإن رأى كأنّ عزى نال بشارة، لقوله تعالى: (وَبَشِّرْ الصَّابِرين).
وأما تغيير الاسم: فمن رأى كأنّه يدعى بغير اسمه، فإن دعي باسم قبيح فإنّه يظهر به عيب فاحش، أو مرِض فادح. فإن دعي باسم حسن مثل محمد أو علي أو حسن أو سعيد، نال عزاً وشرفاً وكرامة على حسب ما يقتضيه معنى ذلك الاسم.
وأما تزكية المرء نفسه: فإنها تدل على اكتسابه إثماً، لقوله تعالى: (فَلا تُزَكّوا أنْفْسَكُمْ هُوِ أعْلَمُ بِمَنْ اتّقى). فإن رأى كأنّ شاباً مجهولاً يزكيه، فإنّه يصيب ذكراً حسناً جميلاً في عامة الناس. وإن كان الشيخ والشاب معروفين، نال بسببهما رياسة وعزاً.
وأما الملق: فمن رأى كأنّه يتملق إنساناً في شيء من متاع الدنيا فذلك مكروه. وإن رأى كأنّه يتملق له في علم يريد أن يعلمه إياه، أو عمل من أعمال البر يستعين به عليه، فإنّه ينال شرفاً ويصح دينه ويدرك طلبته، لما روي في الآثار أنّ الملق ليس من أعمال المؤمن إلا في طلب العلم. وقيل أنّ الملق لمن تعود ذلك في أحواله غير مكروه في التأويل، ولمن لم يتعود ذلك ذلة ومهانة.
وأما التوديع: فمن رأى كأنّه يودع امرأته فإنّه يطلقها. وقيل إنَّ التوديع يدل على مفارقة المودع المودع بموت أو غيره من أسباب الفراق. ويدل على افتراق الشريكين، وعزل الوالي، وخسران التاجر. وقال بعضهم إنَّ التوديع محبوب في التأويل، وهو يدل على مراجعة المطلقة، ومصالحة الشريك، وربح التاجر، وعود الولاية إلى الوالي، وبرء المريض، وذلك لأنّه من الوداع، ولفظه يتضمن الودع وهو الدعة والراحة وأيضاً فإنّ الوداع إذا قلب صار عادوا وأنشد:
إذا رأيت الوداع فافرح ... ولا يهمنك البعاد
وانتظر العود عن قريب ... فإن قلب الوداع عادوا
وأما التواري: فقد اختلفوا في تأويله، فمنهم من قالت إنَّ رأى أنّه توارى فإنّه تولد له بنت، لقوله تعالى: (يَتَوَارَى مِنَ القَوْم). وقال بعضهم من رأى كأنه توارى في بيت فإنّه يفر، لقوله تعالى: (إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وما هي بِعَوْرةٍ إنْ يُرِيدُونَ إلا فِرَارَاً).
وأما النورة: فقد حكي أنّ قتيبة بن مسلم رأى بخراسان كأنّه نور جسده، فحلقت النورة الشعر حتى انتهت إلى عورته، فلم تحلقها فرفعت رؤياه إلى ابن سيرين فقال: أنّه يقتل ولا يوصل إلى عورته، يعني حرمه. فكان الأمر كما عبره.
والتنور: في موضع السنة إذا ذهب بشعر العانة دليل الفرج، فإذا لم يذهب بشعر العانة فدليل ركوب الدين وزيادة الحزن.
وأما التهاون: فمن رأى في منامه كأنّه تهاون بمؤمن، فإنّ دينه يختل ويقنط من رجل يرجوه، وتستقبله ذلة. ومن رأى كأنّ غيره تهاون به وكان شاباً مجهولاً، ظفر بعدوه. وإن تهاون به شيخ مجهول افتقر، لأنهّ جده.
وأما التمطي: فملالة من أمر أو كسل في عمل.
وأما الحراسة: فإن رأى أن غيره يحرسه، فإنّه يقع في محنة، لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم ما دام أصحابه يحرسونه كان في محنة، فلما فرج الله تعالى عنه قال لأصحابه: " ارجعوا فقد عصمني الله " .. فإن رأى كأنّه يحرس غيره كيلا يظلم، فإنّه يأمن شر الشيطان. لما روي أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاثة أعين لا تمسها النار: عين حرست في سبيل الله " والنار في التأويل سلطان، وقيل أنَّ حارس الغير يرزق الجهاد لهذا الخبر الذي رويناه.
وأما الحطب: فمن رأى أنّه يحتطب في الأرض، فإنّه يكون مكثاراً تماماً، لقوله تعالىوامرأتهُ حَمّالَةَ الحَطَب). يعني النميمة. وروي عنه عليه السلام أنّه قال: المكثار كحاطب الليل.
وأما الحفر: فمن حفر أرضاً وكان التراب يابساً، نال قدره مالاً. وإن كان رطباً، فإنّه يمكر بإنسان لأجل ما يناله، ويناله من ذلك المكان تعب بقدر رطوبة التراب.
وأما الحلف: فمن الأصل دليل الغرور والخداع، لقوله تعالىوَقَاسَمَهُمَا إنيِّ لَكُمَا لَمِنَ النّاصِحِين. فَدَلاهمَا بِغرُورِ. وقوله
فيَحْلَفُونَ له كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ). والحلف الصادق ظفر وقول حق، لقوله تعالى
وإنّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُون عَظِيم). والحلف الكاذب خذلان وذلة وارتكاب معصية وفقر، لقوله تعالى
وَلا تُطِعْ كُلّ حًلاّفٍ مهين). ولما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه قال: اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع.
وأما الدغدغة: فمن رأى كأنّه يدغدغ رجلاً، فإنّه يحول بينه وبين حرفته.
وأما الذرع: فمن ذرع ثوباً بشبره أو أرضاً أو خيطاً، فإنّه يسافر سفراً بعيداً فإنّ مسحه بعقد إصبع، فإنه يتحول من محلة إلى محلة.
وأما رعي النجوم: فإنّه يدل على ولاية.
وأما الرحمة: فمن رأى كأنّه يرحم ضعيفاً، فإنّ دينه يقوى ويصح لقوله صلى الله عليه وسلم: " من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا فليس منا " . فإن رأى كأنّه مرحوم فإنّه يغفر الله له. فإن رأى كأنّ رحمة الله تنزل عليه، نال نعمة لقوله تعالىوَلَوْلا فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرحْمَتهُ)، وهي النعم. فإن رأى كأنّه رحيم فرح، فإنّه يرزق حفظ القرآن، لقول تعالى: (قُلْ بِفَضْل الله وبرحمته فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحوا). قالوا الرحمة هنا القرآن.
وأما السؤال: فمن رأى أنّه يسأل فإنّه يطلب العلم ويتواضع لله ويرتفع.
وأما الشغل: فمن رأى كأنّه مشغول، فإنّه يتزوج بكراً ويفترعها لقوله تعالى: (إنَّ أصحَابَ الجنّةِ اليَوْمَ في شغل فَاكِهُون). قالوا هو افتضاض الأبكار.
والشفاعة: قيل إنها تدل على غش، وقيل إنّها تدل على عز وجاه. فإنّه لا يشفع من لا جاه له.
ليست مشكلتي إن لم يفهم البعض مااعنيه؟! وليست مشكلتي .. إن لم تصل الفكرة لأصحابها ؟! فهذه قناعاتي .. وهذه افكاري .. وهذه كتاباتي بين يديكم .. أكتب مااشعر به .. وأقول ماأنا مؤمن به .. انقل هموم غيري بطرح مختلف .. وليس بالضرورة ماأكتبه يعكس حياتي ..الشخصية .. هي في النهاية .. مجرد رؤيه لإفكاري مع كامل ووافر الحب والتقدير لمن يمتلك وعياً كافياً يجبر قلمي على أن يحترمه ..
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)