









نزار يقول : إنّ صناعة دمشق الأساسية هي العروبة :
نزار في زيارة لسد الفرات
ولكن قبل السادس من تشرين1973م كانت صورة نزار مشوشة وغائمة ، وقبيحة , وفي 6 تشرين يعلن ميلاده كما يعلن أن صناعة دمشق الأساسية هي العروبة وفيها ينشد أبياته :
" ترصيع بالذهب على سيف دمشقي "جاء تشرينُ..إن وجهكِ أحلى بكثيرٍ.. ما سـرّه تشرينُ؟
إنّ أرضَ الجولانِ تشبه عينيكِ فماءٌ يجري..ولوزٌ.. وتينُ
رضي الله والرسول عن الشام ... فنصر آتٍ وفتحٌ مبين
كتب الله أنْ تكوني دمشقاً بكِ يبدأ وينتهي التكويـنُ
علمينا فقه العروبـةِ يا شامُ فأنتِ البيـانُ والتبيـيـنُ
نحن عكا ونحن كرمل حيفا ... وجبالُ الجليلِ واللطرون
اركبي الشمس يا دمشق حصانا ... ولك الله حافظ و أمين" القصيدة الدمشقية "هذي دمشقُ .. وهذي الكأسُ والرّاحُ إنّي أحبُّ.. وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي لسـالَ منهُ عناقيدٌ.. وتفـّاحُ
ولو فتحتُم شراييني بمديتكم سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني و للمآذنِ .. كالأشجارِ.. أرواحُ
للياسمـينِ حقـوقٌ في منازلنـا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
كم من دمشقيةٍ باعتْ أساورها حتى أغازلها ... والشعر مفتاحُنزار في قصائده بين أوتار القومية العربية يكتب الموال الدمشقي والسيمفونية الجنوبية :
نزار في إحدى أمسياته يغني الشعر
" موال دمشقي "يا شامُ.. يا شامةََ الدنيا ، ووردتَها يا من بحُسنِكِ أوجعتِ الأزاميلاوما الموال الدمشقي إلاّ أوبرا القومية العربية التي تصدح في السيمفونية الجنوبية الخامسة فترددها فلسطين لتغدو الحجارة النوتة للغد المشرق وفي ذلك ينشد نزار :
وددتُ لو زرعُوني فيك مِئذَنةً أو علقوني على الأبواب قنديلا
يا بلدةَ السبعةِ الأنهارِ يا بلدي ويا قميصاً بزهرِ الخوخِ مشغولا
يا شامُ إنْ كنتُ أخفي ما أكَابده فأجمَلُ الحبِّ حـبٌّ ـ بعدَ ما قيلا
" السيمفونية الجنوبية الخامسة "سَمَّيتُكَ الجنوب ... يا لابساً عباءةَ الحسينوفي عام 1978م صدرت مجموعة له "إلى بيروت الأنثى مع حبي"
وشمسَ كربلاء ...
يا شجرَ الوردِ الذي يحترفُ الفداء
يا ثورةَ الأرضِ التقتْ بثورةِ السماء
يا جسداً يطلعُ من ترابهِ
قمحٌ وأنبياء
نزار في حلب مرتجلاً : كل دروب الحب توصل إلى حلب
وأمام شموخ الكلمة وعظمتها يتواضع الشاعر مرتجلاً ليقدم اعتذاره لمدينة حلب عام 1979م في أمسية في صالة الأسد الشعرية تم تحويلها تلفزيونياً ومنها نختار
كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
وكل دروب الحب توصل إلى حلب
صحيح أن موعدي مع حلب تأخر ربع قرن ...
كل هذا صحيح ولكن النساء الجميلات وحلب
واحدة منهن
يعرفن أيضاً أن الرجل الذي يبقى صامداً في نار العشق
خمساً وعشرين سنة ويجيء ولو بعد خمس وعشرين سنة
هو رجل يعرف كيف يحب ويعرف من يحب
ربما لم أضع حلب على خريطتي الشعرية
وهذه إحدى أكبر خطاياي ولكن حلب كانت دائماً
على خريطة عواطفي وكانت تختبئ في شراييني
فلا أعرف من أين يبدأ الشعر ومن أين
يبدأ النبيذ ومن أين تبتدئ الشفة
ومن أين تبتدئ القبلة ... ومن أين تبتدئ دموعي
ومن أين تبتدئ حلب
كل ما أريد أن أقوله إن حب النساء ... وحب المدن قضاء وقدر
وها أنا ذا في حلب
لأواجه قدراً من أجمل أقداري:نزار قباني يتجول في الشوارع عارياً :
ولكن عندما تبكي الكلمة لتواجه قدرها ندخلُ منزل نزار نعزي بأول فاجعة تلقاها برحيل شقيقته "وصال" التي تركت أثراً في نفسه فنفر لشعر الحب بكل طاقته كما يقول , ثم وفاة والده "توفيق" أبو المعتز فكتب له يرثيه " أبي " , ولكن مع وفاة والدته " فائزة " 1976م تموت الكلمات فيرثيها في قصيدته "أم المعتز" .
من قصيدة " أبي "أبي يا أبي .. إن تاريخ طيب ٍ
وراءك يمشي , فلا تعتب ..
على اسمك نمضي , فمن طيب ٍ
شهي المجاني , إلى أطيب ِ
حملتك في صحو عيني .. حتى
تهيأ للناس أني أبي ..
من قصيدة " أم المعتز "بموتِ أمّي ..
يسقطُ آخرُ قميصِ صوفٍ أغطّي بهِ جسدي
آخرُ قميصِ حنانْ ..
آخرُ مظلةِ مَطَرْ ..
وفي الشّتاءِ القادمْ ..
ستجدونَني أتجوّلُ في الشوارعِ عارياً ..نزار قباني يسقط في شِباك زهراء آقبيق :
وفي عام 1946م قرر نزار دخول الحياة الزوجية مع ابنة عمه زهراء آقبيق ابنة القاضي محمد آقبيق النائب في مجلس النواب السوري في فترة الخمسينات , فأنجبت له ياسمينتين دمشقيتين "هدباء1947م التي توفيت عام 2009 إثر أزمة قلبية , و توفيق 1950م الذي توفي 1972م " , فرثاه بقصيدةٍ "إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني" .
إلاّ أنّ صراع الماضي مع الحاضر انتهى بالانفصال بين نزار و زهراء عام1952م التي توفيت مؤخراً.
يقال أنه ارتبط في عقد الخمسينات بقصة حب مع الأديبة كوليت خوري حفيدة رئيس الوزراء السابق في عهد الاستقلال فارس الخوري , ومن خلال روايتها" أيام معه" نقرأ أن بطل الرواية الحقيقي هو نزار قباني وأن ما جاء في فصولها ما هو إلا سيرة ذاتية للكاتبة .
زواج للمرة الثانية وحب على عرش المرأة العراقية " بلقيس الراوي " :
وكلما نظر نزار في المرآة كان يرى بلقيس حبه الأخير , فبعد أخذ ورد تزوج نزار "بلقيس الراوي" عام 1969م وهو في سن السادسة والأربعين وهي في سن الثلاثين أنجبت له طفلين "عمر, زينب" لكنّ الموت كان على موعدٍ معها عام 1981م حين لقيت حتفها في حادثة تفجير السفارة العراقية في بيروت.
فتنزف قصائد نزار قباني دماً عليها ويرثيها بقصيدته الشهيرة "بلقيس" , وقصيدة "خمس وعشرون وردة في شعر بلقيس" .
" من قصيدة "بلقيس "بلقيسُ ..
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشي.. ترافقُها طواويسٌ..
وتتبعُها أيائِلْ .. بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..من قصيدة " خمس وعشرون وردة في شعر بلقيس "أسست معها في 5 آذار 1962
أول مدرسة للعشق في بغداد
وعندما سقطت بلقيس في 15/12/1981
استقال المعلمون والمعلمات
وهرب التلاميذ
وتأجلت دراسة الحب ..
إلى أجـلٍ غير مسمى ..وبالرغم من سوداوية تلك الظروف فالشاعر لا يتوقف عن سقاية ياسمينته الدمشقية من شعره فيفجّر مكنوناته الداخلية في كتابات إبداعية مشتعلة , حيث سطّر بمسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية منها : " قصائد متوحشة 1970م , كل عام وأنتِ حبيبتي 1978م , أشهد أن لا امرأة إلا أنتِ 1979م , قصائد مغضوب عليها 1986م , تزوجتك أيتها الحرية 1988م , لا غالب إلا الحب 1990م , قصائد عربية 1993م , متى يعلنون وفاة العرب 1994م , ... أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء " .
نزار قباني قي دبي أثناء تسلمه لجائزة سلطان العويس في عام 1994م
جنازة يتيمة نزار قباني يتساءل متى يعلنون وفاة العرب ؟ وأين هي مقبرتهم ؟
أمام هذا المخزون الشعري الهائل يدوي الشاعر كبركانٍ ثائرٍ على ما آلت إليه أوضاع الوطن العربي متسائلاً في رعشة شبه جنونية :
" متى يعلنون وفاة العرب "أحاولُ رسمَ بلادٍ
تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ
رسمتُ بلون الشرايينِ حيناً .. وحيناً رسمتُ بلون الغضبْ.
وحين انتهى الرسمُ ، ساءلتُ نفسي:
إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...
ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟ ومَن سوف يبكي عليهم؟
وليس لديهم بناتٌ... وليس لديهم بَنونْ ...
وليس هنالك حُزْنٌ ،
وليس هنالك مَن يحْزُنون!!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)