ابن سماعة عن محمد بن الحسن عن القاسم بن معن أن أبا حنيفة قام ليلة يردد قوله تعالى " بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر " القمر 46 ويبكي ويتضرع إلى الفجر وقد روي من غير وجه أن الإمام أبا حنيفة ضرب غير مرة على أن يلي القضاء فلم يجب قال يزيد بن هارون ما رأيت أحدا أحلم من أبي حنيفة وعن الحسن بن زياد اللؤلؤي قال قال أبو حنيفة إذا ارتشى القاضي فهو معزول وإن لم يعزل وروى نوح الجامع عن أبي حنيفة أنه قال ما جاء عن الرسول فعلى الرأس والعين وما جاء عن الصحابة اخترنا وما كان من غير ذلك فهم رجال ونحن رجال
قال وكيع سمعت أبا حنيفة يقول البول في المسجد أحسن من بعض القياس وقال أبو يوسف قال أبو حنيفة لا ينبغي للرجل أن يحدث إلا بما يحفظه من وقت ما سمعه وعن أبي معاوية الضرير قال حب أبي حنيفة من السنة قال إسحاق بن إبراهيم الزهري عن بشر بن الوليد قال طلب المنصور أبا حنيفة فأراده على القضاء وحلف ليلين فأبى وحلف إني لا أفعل فقال الربيع الحاجب ترى أمير المؤمنين يحلف وأنت تحلف قال أمير المؤمنين على كفارة يمينه أقدر مني فأمر به إلى السجن فمات فيه ببغداد وقيل دفعه أبو جعفر إلى صاحب شرطته حميد الطوسي فقال يا شيخ إن أمير المؤمنين يدفع إلي الرجل فيقول لي اقتله أو اقطعه أو اضربه ولا أعلم بقصته فماذا أفعل فقال هل يأمرك أمير المؤمنين بأمر قد وجب أو بأمر لم يجب قال بل بما قد وجب قال فبادر إلى الواجب وعن مغيث بن بديل قال دعا المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فامتنع فقال أترغب عما نحن فيه فقال لا أصلح قال كذبت قال فقد حكم أمير المؤمنين علي أني لا أصلح فإن كنت كاذبا فلا أصلح وإن كنت صادقا فقد أخبرتكم أني لا أصلح فحبسه وروى نحوها إسماعيل بن أبي أوليس عن الربيع الحاجب وفيها قال أبو حنيفة والله ما أنا بمأمون الرضى فكيف أكون مأمون الغضب فلا أصلح لذلك قال المنصور كذبت بل تصلح فقال كيف يحل أن تولي من يكذب وقيل إن أبا حنيفة ولي له فقضى قضية واحدة وبقي يومين ثم اشتكى ستة أيام وتوفي وقال الفقيه أبو عبد الله الصيمري لم يقبل العهد بالقضاء فضرب وحبس ومات في السجن وروى حيان بن موسى المروزي قال سئل ابن المبارك مالك أفقه أو أبو حنيفة قال أبو حنيفة وقال الخريبي ما يقع في أبي حنيفة إلا حاسد أو جاهل وقال يحيى بن سعيد القطان لا نكذب الله ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة وقد أخذنا بأكثر أقواله
وقال علي بن عاصم لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه لرجح عليهم وقال حفص بن غياث كلام أبي حنيفة في الفقه أدق من الشعر لا يعيبه إلا جاهل وروي عن الأعمش أنه سئل عن مسألة فقال إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت الخزاز وأظنه بورك له في علمه وقال جرير قال لي مغيرة جالس أبا حنيفة تفقه فإن إبراهيم النخعي لو كان حيا لجالسه وقال ابن المبارك أبو حنيفة أفقه الناس وقال الشافعي الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة قلت الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام وهذا أمر لا شك فيه
وليس يصح في الأذهان شيء * إذا احتاج النهار إلى دليل
وسيرته تحتمل أن تفرد في مجلدين رضي الله عنه ورحمه توفي شهيدا مسقيا في سنة خمسين ومئة وله سبعون سنة وعليه قبة عظيمة ومشهد فاخر ببغداد والله أعلم وابنه الفقيه حماد بن أبي حنيفة كان ذا علم ودين وصلاح وورع تام لما توفي والده كان عنده ودائع كثيرة وأهلها غائبون فنقلها حماد إلى الحاكم ليتسلمها فقال بل دعها عندك فإنك أهل فقال زنها واقبضها حتى تبرأ منها ذمة الوالد ثم افعل ما ترى ففعل القاضي ذلك وبقي في وزنها وحسابها أياما واستتر حماد فما ظهر حتى أودعها القاضي عند أمين توفي حماد سنة ست وسبعين ومئة كهلا له رواية عن أبيه وغيره حدث عنه ولده الإمام إسماعيل بن حماد قاضي البصرة