









يناير سنة 624م
بدر بلدة بالحجاز إلى الجنوب الشرقي من الجار، وهو ساحل البحر بينهما نحو مرحلة ويسمونها بدر حنين، وهي في سهل يليه من الشمال إلى الشرق جبال وعرة من الجنوب آكام صخرية ومن الغرب كثبان رملية.
كانت غزوة بدر الكبرى، يوم الجمعة في شهر رمضان في السابع عشر على رأس تسعة عشر شهرا من الهجرة - يناير سنة 624 م - وكان سببها قتل عمرو الحضرمي الذي قتل في سرية عبد الله ابن جحش وإقبال أبي سفيان بن حرب من الشام في عير لقريش عظيمة وفيها أموال كثيرة تبلغ - 20.000 جنيه تقريبا - ومعها ثلاثون أو أربعون رجلا من قريش منهم مخرمة بن نوفل الزهري بن العاص.
فلما سمع بهم رسول الله ندب المسلمين إليهم وقال: هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله أن ينفلكموها، فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم لأنهم ظنوا أن الرسول لا يلقى حربا.
وكان أبو سفيان قد سمع أن رسول الله ص يريد فحذِره، واستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري بعشرين مثقالا وبعثه إلى مكة يستنفر قريشا ويخبرهم الخبر، فسار وألقى فيهم النفير فخرجوا مسرعين ومن تخلف أرسل مكانه آخر، ولم يتخلف أحد من أشراف مكة إلا أبو لهب وبعث مكانه العاص بن هشام نظير أجر قدره 4000 درهم؛ وكان السبب في خروجهم حماية العير وإنقاذها.
[ قوة قريش
كان الذين خرجوا من قريش نحو 1000 منهم 600 دارع ومعهم 100 فرس عليها 100 درع سوى دروع المشاة.
وكان حامل لوائهم السائب بني يزيد ثم أسلم رضي الله عنه وهو الأب الخامس للإمام الشافعي رضي الله عنه، وكان معهم أيضا 700 بعير، وخرجوا ومعهم القيان - وهن الإماء المغنيات - يضربن بالدفوف ويغنين بهجاء المسلمين وهم في غاية البطر والخيلاء حين خروجهم اعتمادا على كثرة عددهم وعُددهم، قال تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَرِهِم بَطَرا وَرِئَآء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (الأنفال: 47).
وكان المطعمون لهذا الجيش اثني عشر رجلا وكان كل واحد منهم ينحر كل يوم عشرة جزر، وهؤلاء الإثنا عشر هم: أبو جهل، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وحكيم بن حزام، والعباس بن عبد المطلب، وأبو البَختري، وزمعة بن الأسود، وأُبي بن خلف، وأمية بن خلف، والنضر بن الحارث، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وفيهم أنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْولَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} (الأنفال: 36).
قوة المسلمين
كان عدة الذين خرجوا مع رسول الله ص 313، وقيل: لما عد ص أصحابه فوجدهم ثلاثمائة وثلاثة عشر فرح وقال: عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر، وخرجت الأنصار ولم تكن قبل ذلك خرجت معه، وكان عددهم 207 وسائرهم من المهاجرين وكانت الإبل 70 والأفراس خمسة، ولما أراد رسول الله ص الخروج لبس درعه ذات الفضول وتقلّد سيفه العضب ورد رسول الله ص من استصغر فكان ممّن ردّه أسامة بن زيد ورافع بن خديج والبراء بن عازب وأسيد بن ظهير وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت ورد عمير بن أبي وقاص فبكى فأجازه.
وتخلف ثمانية من أصحابه ص بسهامهم وأجورهم: ثلاثة من المهاجرين: عثمان بن عفان خلفه رسول الله ص على امرأته رقية بنت رسول الله ص وكانت مريضة فأقام عليها حتى ماتت، وطلحة بن عبيدالله، وسعيد بن زيد بعثهما يتجسسان خبر العير وخرجا في طريق الشام، وكان أبو أمامة بن ثعلبة الأنصاري أجمع الخروج إلى بدر وكانت أمه مريضة فأمره ص بالمقام على أمه.
وخمسة من الأنصار: أبو لبابة بن عبد المنذر الأوسي خلفه على المدينة، وعاصم بن عدي العجلاني خلفه على أهل العالية، والحارث بن حاطب العمري رده من الروحاء إلى بني عمرو بن عوف لشيء بلغه عنهم، والحارث بن الصمة كسر بالروحاء، وخوات بن جبير كسر أيضا، وهؤلاء ثمانية لا اختلاف فيهم.
وكانت الإبل سبعين بعيرا يتعاقب النفر البعير، وكانت الخيل فرسين: فرس للمقداد بن عمرو، وفرس لمرثد بن أبي مرثد الغنوي، وكان اللواء مع مصعب بن عمير، وكان أمام رسول الله ص رايتان سوداوان إحداهما مع عليّ بن أبي طالب يقال لها العقاب وكانت من مرط عائشة أي ثوبها وكان عمر عليّ يومئذ عشرين سنة والأخرى مع بعض الأنصار، وجعل على الساقة - المؤخرة - قيس بن أبي صعصعة الأنصاري فكانت قوة المسلمين قليلة بالنسبة لقوة عدوهم.
واستعمل ص أبا لبابة واليا على المدينة ورده، واستعمل ابن أم مكتوم على الصلاة بالناس بالمدينة.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير أصحابه
كان رسول الله ص بعث رجلين يتجسسان أخبار عِير أبي سفيان وهما بَسبَس بن عمرو وعدي بن أبي الزغباء فمضيا حتى نزلا بدرا فأناخا إلى تل قريب من الماء وأخذا يستقيان من الماء فسمعا جاريتين تقول إحداهما لصاحبتها: إن أتاني العير غدا أو بعد غد أعمل لهم، أي أخدمهم، ثم أقضيك الذي لك، فانطلقا حتى أتيا رسول الله ص فأخبراه بما سمعا.
فاستشار النبي ص أصحابه في طلب العير وفي حرب النفير، يعني أن النبي ص خير أصحابه بين أن يذهبوا للعير أو إلى محاربة النفير وأخبرهم بمسير قريش، وقال لهم: «إن الله وعدكم إحدى الطائفتين: إما العير وإما قريش»، وكانت العير أحب إليهم ليستعينوا بما فيها من الأموال على شراء الخيل والسلاح، وقال بعضهم: هلا ذكرت لنا القتال حتى نتأهب له إنّا خرجنا للعير، وفي رواية: يا رسول الله عليك بالعير ودع العدو، فتغير وجه رسول الله ص
وتكلم المهاجرون فأحسنوا ثم استشارهم فقام أبو بكر فقال فأحسن، ثم قام عمر فقال فأحسن.
وكان ص يخشى أن تكون الأنصار لا ترى وجوب نصرته عليها إلا ممن دهمه فجأة من العدو بالمدينة فقط وأن ليس عليهم أن يسير بهم من بلادهم إلى عدو، فلما قال لهم: «أشيروا عليّ»، قال له سعد بن معاذ رضي الله عنه، وهو سيد الأوس، بل هو سيد الأنصار، وكان فيهم كالصديق رضي الله عنه في المهاجرين، قال: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل، قال: قد آمنا بك، وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودا ومواثيق على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت لنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، فسرّ رسول الله ص لقوله ونشطه ذلك للقاء الكفار، ثم قال رسول الله: «سيروا على بركة الله وأبشروا فإن الله وعدني إحدى الطائفتين إما العير وإما النفير».
الخلاف بين أبي سفيان وأبي جهل
كان أبو سفيان قد ساحل وترك بدرا يسارا ثم أسرع فنجا فلما رأى أنه قد أحرز عيره أرسل إلى قريش وهم بالجحفة أن الله قد نجى عيركم وأموالكم فارجعوا.
فقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نرد بدرا - وكانت بدر موسما من مواسم العرب تجتمع لهم بها سوق كل عام - فنقيم بها ثلاثا فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقي الخمر فتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا، ويقال كان أبو جهل وقتئذ يبلغ من العمر سبعين سنة ولكنه كان لا يزال قوي الجسم.
فلما بلغ أبا سفيان كلام أبي جهل قال: هذا بغي والبغي منقصة وشؤم لأن القوم إنما خرجوا لنجاة أموالهم وقد نجاها الله، ولما قال أبو جهل ما قال رجع من قريش بنو زهرة وكانوا نحو المائة وقيل: ثلاثمائة، فلذا قيل لم يقتل أحد منهم ببدر، وكان قائد بني زهرة الأخنس بن شريق الثقفي وكان حليفا لهم، فقال لهم: يا بني وهرة قد نجّى الله أموالكم وخلص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل فإنه كان في العير وإنما نفرتم لتمنعوه وماله فارجعوا فإنه لا حاجة لكم أن تخرجوا في غير منفعة، دعوا ما يقول هذا، يعني أبا جهل، وكذلك لم يخرج من قريش بنو عدي بن كعب فلم يشهد بدرا من هاتين القبيلتين أحد، لكن هذا الخلاف لم يمنع نشوب الحرب.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)