









الأسرى وفداؤهم
كان فداء الأسرى أربعة آلاف إلى ما دون ذلك، فكان يفادي بهم على قدر أموالهم. وكان أهل مكة يكتبون وأهل المدينة لا يكتبون فمن لم يكن له فداء دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة فعلمهم فإذا حذقوا فهو فداؤه، فكان زيد بن ثابت ممن علم.
وكان من بين الأسرى العباس عم النبي ص وصنو أبيه يكنى أبا الفضل بابنه الفضل، وكان أسن من رسول الله بسنتين، وقيل: بثلاث سنين، وكان في الجاهلية رئيسا في قريش وإليه كانت عمارة المسجد الحرام والسقاية في الجاهلية، خرج مع المشركين يوم بدر فأُسِر وشُدّ وثاقه فسهر النبي ص تلك الليلة ولم ينم، فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا نبي الله؟ فقال: «أسهر لأنين العباس» فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه فقال له رسول الله ص «ما لي لا أسمع أنين العباس»، فقال الرجل: أنا أرخيت من وثاقه، فقال رسول الله ص «فافعل ذلك بالأسرى كلهم»، قال له رسول الله ص «افد نفسك يا عباس وابني أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بمائة أوقية وكل واحد بأربعين أوقية»، فقال للنبي ص تركتني فقير قريش ما بقيت، فقال له رسول الله ص «فأين المال الذي دفعته لأم الفضل وقلت لها إن أصبت فهذا لبنيّ الفضل وعبد الله وقثم؟»، فقال: والله إني أشهد أنك رسول الله، إن هذا شيء ما علمه إلا أنا وأم الفضل، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك عبده ورسوله.
وفي رواية قال للنبي ص «لقد تركتني فقير قريش ما بقيت»، فقال له: «كيف تكون فقير قريش وقد استودعت بنادق الذهب أم الفضل - زوجته - وقلت لها: إن قتلت فقد تركتك غنية ما بقيت»، فقال: أشهد أن الذي تقوله قد كان وما اطلع عليه إلا الله، ونطق بالشهادتين، بحضرة رسول الله ص
وقد قيل: إن العباس كان قد أسلم، وكان يكتم إسلامه لديون له كانت متفرقة في قريش، وكان يخشى إن أظهر إسلامه ضاعت عندهم، وقد جاء في بعض الروايات: أن العباس رضي الله عنه قال: علامَ يؤخذ منا الفداء وكنا مسلمين؟ وفي رواية: وكنت مسلما ولكن القوم استكرهوني، فقال النبي ص «الله أعلم بما تقول إن يك حقا فإن الله يجزيك»، ولكن ظاهر أمرك أنك كنت علينا، وقد أنزل الله تعالى في العباس رضي الله عنه: {يَأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لّمَن فِى أَيْدِيكُم مّنَ الاْسْرَى إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرا يُؤْتِكُمْ خَيْرا مّمَّآ أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (الأنفال: 70)، وعند نزول هذه الآية قال العباس للنبي ص وددت أنك كنت أخذت مني أضعاف ما أخذت، وقد صدق الله وعده له فأعطاه الله مالا عظيما حتى كان عنده مائة عبد في يد كل عبد مال يتجر فيه، وبلغ ما دفعته قريش فداء للأسرى أكثر من 20.000 درهم.
وكان من الأسرى: النضر بن الحارث العبدري وكان من أشد الناس عداوة للنبي ص وكان يقول في القرآن إنه أساطير الأولين، ويقول: لو نشاء لقلنا مثل هذا وغير ذلك من الأقاويل. فأمر النبي ص عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فضرب عنقه، فلما بلغ الخبر أخته قتيلة، وقيل: إنما هي بنته، رثته بأبيات ثم أسلمت، في «أسد الغابة» أنها قتيلة بنت النضر، قال الواقدي: هي التي قالت الأبيات التالية في رسول الله ص لما قتل أباها النضر بن الحارث يوم بدر وهي:
يا راكبا إن الأثيل مظنة ** من صبح خامسة وأنت موفق
أبلغ بها ميتا بأن تحية ** ما إن تزالُ بها النجائب تخفقُ
مني إليك وعبرة مسفوحة ** جادت بواكفها وأخرى تخنق
ظلت سيوف بني أبيه تنوشه ** لله أرحام هناك تشقق
قسرا يقاد إلى المنية معتبا ** رسف المقيَّد وهو عان موثَق
أمحمد أو لست صفوَ نجيبة ** من قومها والفحلُ فحلٌ معرِق
ما كان ضرك لو مننت وربما ** منّ الفتى وهو المغيظ المحنق
فالنضر أقرب من أسرت قرابة ** وأحقهم إن كان عتق يعتق
وحين سمع ذلك ص بكى وقال: «لو بلغنى هذا الشعر قبل قتله لمننت عليه».
وكان من الأسرى أيضا عقبة بن أبي معيط بن ذكوان المكنى بأَبي عمرو بن أمية بن عبد شمس وكان من أشد الناس عداوة للنبي ص ومن المستهزئين به، جاء عن ابن عباس أن عقبة لما قدم للقتل نادى: يا معشر قريش ما لي أُقتل بينكم صبرا؟ فقال له النبي ص «بكفرك واجترائك على الله ورسوله»، وعقبة هذا هو الذي وضع سلا الجزور على ظهر النبي ص وهو ساجد بمكة.
فالنضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط هما الأسيران اللذان أمر ص بقتلهما، أما سائر الأسرى فقد استشار رسول الله ص في أمرهم، فاستشار أبا بكر وعمر وعليّا رضي الله عنهم فيما هو الأصلح من الأمرين القتل أو أخذ
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)