









بن بديل يعصى مالكا ويقتل وقال عبد الله بن بديل لأصحابه: « استقدموا بنا، رحمكم الله! » فأرسل إليه الأشتر أن: « لا تفعل، أثبت للناس، وقاتل، فإنّه خير لهم، وأبقى لك ولأصحابك. » فعصاه ومضى كما هو نحو معاوية، وحوله كأمثال جبال الحديد، وفي يده سيفان، وقد خرج. فهو أمام أصحابه. فأخذ كلما دنا منه رجل قتله، حتى قتل تسعة، ودنا من معاوية، فنهض إليه الناس من كلّ جانب، وأحيط به حتى قتل ناس من أصحابه، ورجعت طائفة قد خرجوا منهزمين.
فبعث الأشتر ابن جهمان، فحمل على أهل الشام الذين يتّبعون من كان نجا من أصحاب ابن بديل، حتى نفّسوا عنهم، وانتهوا إلى الأشتر. فقال لهم: « ألم يكن رأيي خيرا لكم من رأيكم لأنفسكم؟ ألم آمركم أن تثبتوا مع الناس؟ » وكان معاوية لما رأى عبد الله بن بديل يضرب قدما، قال: « أترونه كبش القوم! » فلما قتل أرسل إليه لينظر: من هو؟ فلم يعرفه أحد. فأقبل إليه حتى وقف عليه، فقال: « بلى، هذا عبد الله بن بديل، هذا والله كما قال »:
أخو الحرب إن عضّت به الحرب عضّها ** وإن شمّرت يوما له الحرب شمّرا
ثم إنّ الأشتر حمل حملة أزال أهل الشام عن موقفهم، حتى ألحقهم بالصفوف الخمسة المعقّلة بالعمائم حول معاوية، ثم شدّ عليهم شدّة أخرى، فصرع الصفوف الأربعة المعقّلين، حتى انتهوا إلى الخامس حول معاوية. فدعا معاوية بفرسه، فركبه.
وكان يقول: « أردت أن أنهزم فذكرت قول ابن الإطنابة:
أبت لي عفّتى، وأبي بلائي ** وأخذى الحمد بالثمن الربيح
وإجشامي على المكروه نفسي ** وإقدامى على البطل المشيح
وقولي كلّما جشأت وجاشت ** مكانك، تحمدي، أو تستريحي
فمنعني من الفرار. » وإنّ عليّا لما رأى ميمنته قد عادت إلى مواقفها ومصافّها، وكشفت من بإزائها، أقبل حتى انتهى إليهم، فقال: « إني قد رأيت جولتكم، وانحيازكم عن صفوفكم، تحوزكم الجفاة الطغام، وأعراب الشام، وأنتم لهاميم العرب، والسنام الأعظم، وعمّار الليل بتلاوة القرآن، وأهل دعوة الحق إذ ضلّ الخاطئون. فلو لا إقبالكم بعد إدباركم، وكرّكم بعد انحيازكم، وجب عليكم ما وجب على المولّى يوم الزحف دبره، وكنتم من الهالكين، ولكن هوّن وجدي، وشفى بعض أحاح نفسي أنّى رأيتكم بأخرة حزتموهم، كما حازوكم، وأزلتموهم عن مصافّهم كما أزالوكم، تحسّونهم بالسيوف، يركب أولاهم أخراهم، كالإبل المطرودة إليهم. فالآن، فاصبروا، نزلت عليكم السكينة وثبّتكم الله باليقين وإنّ الفارّ لا يزيد في عمره ولا يرضى ربّه، فموت المرء محقّا قبل موجدة الله، والذلّ اللازم، والعار الباقي، واغتصاب الفيء من يده، وفساد العيش، خير من الرضا بالتأنيس لهذه الخصال، والإقرار عليها. » فصبر القوم، وقتل الفرسان من الجانبين. فقتل ذو الكلاع وعبيد الله بن عمر، وتنادت ربيعة - حيث انتهى إليها عليّ - بينها: « إن أصيب عليّ فيكم، وقد لجأ إليكم، افتضحتم آخر الدهر، وتشاءم بكم المسلمون. » وقال لهم شقيق بن ثور: « يا معشر ربيعة، لا عذر لكم في العرب إن وصل إلى عليّ فيكم ومنكم رجل حيّ. » فقاتل القوم قتالا شديدا حين جاءهم عليّ، لم يكونوا قاتلوا مثلها. ففي ذلك قال عليّ:
لمن راية سوداء يخفق ظلّها ** إذا قيل: قدّمها حضين، تقدّما
يقدّمها في الموت حتى يردّها ** حياض المنايا تقطر الموت والدّما
أذقنا ابن هند ضربنا وطعاننا ** بأرماحنا حتى تولّى وأحجما
جز الله قوما قاتلوا في لقائهم ** لدى الموت، قوما ما أعفّ وأكرما
متل عمار بن ياسر
قال: وسمعت عمارا يقول: « والله، إني لأرى قوما يضربونكم ضربا يرتاب منه المبطلون، وأيم الله، لو ضربونا حتى يبلّغونا سعفات هجر، لعلمنا أنّا على الحقّ، وأنّهم على الباطل. » ثم حمل حتى وصل إلى عمرو بن العاص، فقال له: « لقد قاتلت هذه الراية ثلاثا مع رسول اللهوهذه الرابعة، ما هي بأبّر ولا أتقى. » قال: ورأيت عمارا جاء إلى هاشم بن عتبة، وهو صاحب راية عليّ، فقال: « يا هاشم، الجنة تحت ظلال السيوف، اليوم، ألقى الأحبة، محمدا وحزبه. » فحملا، ولم يرجعا.
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 5 (0 من الأعضاء و 5 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)