









« يا أهل خراسان من جاء به، فله ألف درهم. » قال: وكان معي قوم بخارية فزنّوه، فقالوا:
« نقتلك ونأخذ مالك. » وبرز من عسكر عليّ بن عيسى العباس بن الليث مولى المهدي، فشدّ عليه طاهر وجمع يديه على مقبض السيف فضربه فصرعه. وشدّ داود سياه على عليّ بن عيسى، فصرعه وهو لا يعرفه. فقال داود:
« تازى ايشان كشتم. » فعرفه رجل يعرف بطاهر الصغير بن الناجي فقال:
« أنت عليّ بن عيسى؟ » فقال: « نعم أنا عليّ بن عيسى. » وظنّ أنّه يهاب فلا يقدم عليه، فشدّ عليه فذبحه بسيفه وكانت ضربة طاهر هي الفتح فسمّى يومئذ: ذا اليمينين، لأنّه أخذ السيف بيديه جميعا.
التسليم على المأمون بالخلافة
ولمّا بشّر طاهر بن الحسين بقتل عليّ بن عيسى أعتق من كان بحضرته من غلمانه شكرا ثم جاءوا بعليّ بن عيسى وقد شدّ الأعوان يديه إلى رجليه وحمل على خشبة مدهق كما يحمل الحمار الميّت فأمر به فلفّ في لبد وألقى في بئر.
وكتب بالبشارة إلى ذي الرئاستين فسارت الخريطة، وبين مرو وذلك الموضع نحو من خمسين ومائتي فرسخ، ليلة الجمعة وليلة السبت وليلة الأحد ووردت عليهم يوم الأحد. ولمّا ورد الكتاب بالفتح على ذي الرئاستين فضّه فإذا فيه:
« أطال الله بقاءك وكبت أعداءك وجعل من يشنأك فداءك. كتابي إليك، ورأس عليّ بن عيسى بين يديّ، وخاتمه في اصبعى، والحمد لله ربّ العالمين. » فدخل به على المأمون حتى قرأه، فأمر بإحضار أهل بيته وقوّاده ووجوه الناس فدخلوا، فسلّموا عليه بالخلافة، ثم ورد رأس عليّ يوم الثلاثاء وطيف به في خراسان.
فحكى عن واحد أنّه لمّا جاء نعيّ عليّ بن عيسى إلى محمد بن زبيدة، كان في وقته ذلك على الشطّ يصيد السمك مع خادمه كوثر، فقال للذي أخبره:
« ويلك دعني فإنّ كوثرا قد اصطاد سمكتين وأنا بعد ما صدت شيئا. » ولمّا نهض من مجلسه ذلك، بعث إلى الفضل ومحمد فأنفذ إلى وكيل المأمون ببغداد وقيّمه في أهله وولده فأخذا منه المائة ألف الدرهم التي كان الرشيد وصل بها المأمون، وقبض ضياعه وغلّاته، ووجّه عبد الرحمن بن جبله الأبناوى بالعدة والقوّة فنزل همذان.
ذكر الحيلة التي احتال بها ذو الرئاستين حتى اختار محمد لحربه علي بن عيسى دون غيره
كانت كتب ذي الرئاستين ترد إلى دسيسة الذي كان الفضل بن الربيع يشاوره في أمره: إن أبي القوم إلّا عزمة الخلاف، فالطف لأن يجعلوا أمره لعليّ بن عيسى. وإنّما خصّ عليّا بذلك لسوء أثره في أهل خراسان، واجتماع رأيهم على ما كرهه وأنّ العامّة ترى حربه.
فلمّا شاور الفضل ذلك الرجل الذي كان يشاوره قال عليّ بن عيسى:
« إن فعل فلم ترمهم بمثله في بعد صوته وسخائه ومكانه من بلاد خراسان في طول ولايته عليهم وكثرة صنائعه فيهم. ثم هو شيخ الدعوة. » فاجتمعوا على توجيه عليّ، فكان من أمره ما كان.
وروى أنّ الأمين لمّا عزم على خلع المأمون أشار عليه نصحاؤه أن يكاتبه ويسأله القدوم عليه، فإنّ ذلك أبلغ وأحرى أن يبلغ فيما يوجب طاعته واجابته فكتب إليه:
كتاب الأمين إلى المأمون
« من عبد الله الأمين محمد أمير المؤمنين إلى عبد الله بن هارون أمير المؤمنين أمّا بعد، فإنّ أمير المؤمنين ردّا في أمرك والموضع الذي أنت فيه من ثغرك وما يؤمّل في قربك من المعاونة والمكانفة على ما حمله الله وقلّده من أمور عباده وبلاده، فكّر فيما كان أمير المؤمنين الرشيد أوجب لك من الولاية، وأمر به من إفرادك بها وإقرارك على ما صيّر إليك منها.
فرجا أمير المؤمنين ألّا يدخل عليه وكف في دينه ولا نكث في يمينه، إذ كان إشخاصه إيّاك فيما يعود على المسلمين نفعه ويصل إلى عامّتهم صلاحه وفضله. وعلم أمير المؤمنين أنّ مكانك بالقرب منه أسدّ للثغور وأصلح للجنود وأدّر للفيء وأردّ على العامّة من مقامك ببلاد خراسان منقطعا عن أهل بيتك مغيّبا عن أمير المؤمنين وما يحبّ الاستمتاع به من رأيك وتدبيرك. وقد رأى أمير المؤمنين أن يولى ابنه موسى فيما يقلّده من خلافتك ما يحدث إليه من أمرك ونهيك، فاقدم على أمير المؤمنين على بركة الله وعونه بأبسط أمل وأفسح رجاء وأحمد أثر وأنفذ بصيرة، فإنّك أولى من استعان به أمير المؤمنين على أموره، واحتمل عنه النصب فيما فيه صلاح لأهل ملّته وذمّته، والسلام. » ودفع الكتاب إلى العبّاس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن عليّ - وإلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر، وإلى محمد بن عيسى بن نهيك وإلى صالح صاحب المصلّى، وأمرهم أن يخرجوا إلى المأمون وألّا يدعوا وجها من الرفق، إلّا بلغوه وسهّلوا الأمر عليه، فيه وحمل معهم من الألطاف والهدايا والبرّ شيئا كثيرا وذلك في سنة أربع وتسعين ومائة.
فتوجّهوا بكتابه، فلمّا وصلوا إلى عبد الله أذن لهم، فدفعوا إليه كتاب محمد وما كان بعث معهم من الأموال والهدايا. ثم تكلّم العبّاس بن موسى بن عيسى فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
http://mgtrben.net/viewimages/e69639c596.jpg
مطلوب للأنتربول الدولي خرج تسلموني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)