وجد أبو الوفاء لأبي الحسين أحمد بن عبيد الله خارج البلد غلاما كان مقيما في ضيعة له فراسله به ورفق بالغلام ووصله ثم جعله وليجة إلى صاحبه ولم يزل به حتى استجاب للطاعة فأخذ العهد والميثاق على أهل البلد سرّا، فنمى خبره إلى القاضي الذي ذكرناه فسعى في الفتك به وكاد يتم له ذلك لولا أنّ أهل البلد حاموا عليه ومنعوا منه ولم يزل أمره يقوى وأهل البلد يجتمعون إليه وقد ملّوا الحصار والضيق حتى استظهر بهم.
فلمّا كان يوم الجمعة لليلتين خلتا من جمادى الأولى سنة ثمان وستّين وثلاثمائة ثاروا مشغبين على أصحاب أبي تغلب فالتجأ مونس ومن معه إلى منازلهم وقبض أحمد بن عبيد الله على القاضي ابن أبي إدريس وعلى جميع من كان في حصن ميّافارقين من أصحاب بختيار وحاشيته وفيهم غلام أهوج معروف بالتهور والجهل كان قد داخل بختيار على طريق المنادمة التي تليق بمثله يعرف بابن الطبري، فساعد القاضي على سيرته وجهله في ذكر الملوك وبسط اللسان فيهم ووجّه إلى مونس الحمداني يلتمس مفاتيح الباب منه ويتهدده متى أخرها وساعدته الجماعة على ذلك فأنفذها والتمس الأمان.
فكتب أحمد بن عبيد الله إلى أبي الوفاء يعرفه ما عمله ويلتمس الأمان لمونس ومن معه من الحمدانية فآمنه واستثنى بهذا القاضي وبالمعروف بابن الطبري وأنفذ أبا الفتح المظفر بن محمد الحاجب في قطعة من الجيش فدخل إلى البلد وملكه وأحسن أبو الوفاء إلى أهله وفرّق فيهم أموالا وتصدق على ضعفائهم بأمر عضد الدولة إياه. وحمل إلى حضرته القاضي وابن الطبري فأمر بضرب رقابهما، وقلبهما وصلبهما من السور على البرج الذي كان يظهر منه ويسيء أدبه فيه.
فتح آمد

كان أبو الوفاء أنفذ إليها في أول الأمر أبا على التميمي الحاجب لافتتاحها فتعذرت عليه لحصانتها ووثاقة سورها الذي هو أشد من سور ميّافارقين، فرجع عنها ثم عاد إليها أبو تغلب من بلاد الروم على ما ذكرنا وظنّ أنّه يقيم فيها ويمتنع بها.
فلمّا فتحت ميّافارقين علم أنّ الجيش سائر إليه وأنّه لا يثبت مع الحصار ومع ما استمر عليه من الجوائح فأنفذ أخواته سوى جميلة مستأمنات إلى أبي الوفاء وتبيّن أصحابه ضعفه فالتاثوا عليه فهرب إلى الرحبة ومعه أخته جميلة ومن يمسه أمره من حرمه.
وقعد عنه المعروف بأنجوتكين وهو من نجباء الأتراك المعروفين بالشدة والثبات في المعارك وله قوة على حمل لتّ له ثقيل يعجز عنه غيره وإذا حمل به لم يثبت له أحد وقعد معه جماعة من الأتراك وقصدوا حضرة عضد الدولة مستأمنين إليه. ثم تتابع الناس الذين كانوا مع أبي تغلب من الغلمان والجند والكتاب والولاة والأتباع. وسلك حينئذ أهل آمد بعد انصراف أبي تغلب عنها سبيل أهل ميافارقين ففتحوها سلما وطوعا.
واشتمل أبو الوفاء على ديار بكر بأسرها وعاد إلى الموصل ومعه الأسارى بعد أن رتّب في الحصون من يحفظها من ثقات عضد الدولة ورتّب في البلدان عمال الخراج والمعاون.
ذكر ما عمله أبو تغلب بعد مسيره من آمد

لما انصرف من آمد وقصد الرحبة أنفذ من طريقه أبا عبد الله الحسين ابن ناصر الدولة وسلامة البرقعيدى وهو من كبار الحمدانية إلى عضد الدولة برسالة تتضمن الاستعطاف ويسأله الصلح والاصطناع ووصل إلى الرحبة وأقام بها على انتظار الجواب.
فورد أبو عبد الله وسلامة البرقعيدى الموصل وأدّى أبو عبد الله ما تحمله فتلقاه عضد الدولة بالجميل وقبل منه تنصّله وبذل له إقطاعا وفضلا على أن يطأ بساطه ويدخل في ذمامه. وتبيّن أبو عبد الله حزم عضد الدولة وذاك أنّه مع إحسانه إليه وتوسعته عليه منع [ الناس ] من الوصول إليه فلم يشاهد بعينه إلّا الموكلين به فقط وعرف من أخيه أنّه لا يستجيب لما دعاه إليه عضد الدولة فأخذ بالحزم لنفسه وتعلق بعصمة باطنة اختص بها واعتقد أن يفارق أخاه ويعود إلى حضرة عضد الدولة فمضى إليه فأعاد الجواب عليه.
فكان الأمر على ما ظنّه من مخالفته أخيه لمرسوم عضد الدولة فتوجه إلى الشام لاجئا إلى صاحب المغرب وسار معه أخوه الحسين إلى بعض الطريق ثم فارقه قبيل تدمر على غير استئذان فأنفذ خلفه من يتتبعه فشعّث سواده ولم يلحقه في نفسه فنجا وحصل بحضرة عضد الدولة على حال جليلة.
فتح ديار مضر

كان الوالي عليها سلامة البرقعيدى فأنفذ إليه سعد الدولة وهو ابن سيف الدولة جيشا لينزله عنها فجرت بين الفريقين حرب. وكان سعد الدولة هذا قد كاتب عضد الدولة وعرض نفسه وتعلّق منه بعصمة، فأنفذ عضد الدولة أبا أحمد الموسوي النقيب إليها فسلّمها بعد حرب ودخل أهلها في الطاعة. ولما استولى عليها سلطان عضد الدولة استصفى منها الرقّة وأعمالها خاصة وفوّض باقيها إلى سعد الدولة وجرت مجرى سائر ما في يده من أطراف الشام.
فتح الرحبة

ثم فتح الرحبة فتفرّغ لفتح قلاع أبي تغلب. وهذه القلاع هي في جانب دجلة الشرقي وهي عدّة كثيرة:
فمنها أردمشت، ومنها الشعبانى وقلعة أهرور وقلعة مليصى وقلعة برقى.
وكانت أردمشت خاصة مملوءة بالأمتعة الفاخرة من أصناف الثياب والفرش والجواهر والصياغات والحلي وسائر أصناف العدد. وكان أبو تغلب رتب فيها رجلا من الأكراد بينه وبينه قربى من جهة والدته فاطمة بنت أحمد الكردية يعرف بابن بادويه وضمّ إليه مملوكا له كان من غلمان أبيه يثق به يقال له طاشتم، فأنفذ إليه عضد الدولة أبا العلاء عبيد الله بن الفضل بن نصر النصراني لمنازلة القلعة والاحتيال في فتحها. وأنفذ أبو القاسم سعد بن محمد الحاجب إلى الشعبانى وأنفذ صاحبا لأبي نصر خرشيد يزديار الخازن إلى أهرور، فعرف أبو العلاء حال أقارب لأبن بادويه الكردي خارج القلعة فدعاهم إلى خدمة عضد الدولة ورغّبهم فيها وعرّفهم اضمحلال أمر أبي تغلب ووقوع اليأس منه. وكاتبهم عضد الدولة بمشورة أبي العلاء فرغبوا في الخدمة وصاروا على ثقة مما وعدوا به ثم حملوا على مكاتبة صاحب القلعة وأشاروا عليه بالقبض على طاشتم وتسليم القلعة وذلك أنّ طاشتم كان شديد الطمع في عود صاحبه ويحب أن تظهر أمانته عنده ففعل ابن بادويه ذلك وبذل للحراس وسائر من يحفظ القلعة البذل الكثير وحكّموا فتم القبض على طاشتم والتقييد وحصلت القلعة بما فيها وظهرت نجابة أبي العلاء واجتهاده وحسن تلطفه وكان قيمة ما في القلعة على ما حررناه - وكنت فيمن أخرج إليها لنقل ما فيها مما يصلح للخزانة - ومع ما يباع وتبقية ما يبقى في القلعة نحو عشرين ألف ألف درهم.
قال صاحب هذا الكتاب.
كان عضد الدولة أمرنى أن أصير مع خواشاذه الى هذه القلعة وأحضر إحصاء ما فيها ثم أتسلّم طاشتم مقيدا وأحمله على بغل بإكاف مجردا لا وطاء عليه ومعه أصحابه الذين قيدوه وسلّموا القلعة بالخلع والدواب والمراكب التي حملوا عليها وبين أيديهم البدر والثياب التي حبوا بها ثم أطوف به تحت القلاع الممتنعة التي لم تفتح بعد لينظر من فيها إلى حال طاشتم فيحذروا مثلها ويروا أحوال الباقين فيطمعوا في مثلها ففعلت ذلك وتحملت رسائل إلى أصحاب تلك القلاع.
وجرت أحوال يطول شرحها إلّا أنّ جملتها أنّ القوم لما نظروا إلى هيئة طاشتم وأصحابه دخلهم الرعب من جانب وتجددت لهم الرغبة من جانب، وكانوا قبل ذلك لا يصدقون الرسل بأنّ هذه القلعة التي كان فيها طاشتم فتحت. فلمّا رأوه عيانا وخاطبوه عرفوا وهاء أمر أبي تغلب وقوة عضد الدولة وسلّموا القلاع بعد مدة.
ورأيت أنا من طاشتم هذا في طريقي حصافة وإقبالا على الصلوات ودعاء كثيرا وقد كان أومن على روحه فقط فسألنى في الطريق المعونة وحسن المحضر عند عضد الدولة. فلما عدنا إلى الموصل وفرغنا من استقراء القلاع على ما وصفت نبت عن طاشتم هذا بحضرة عضد الدولة وعرّفته سداده وأنّه يصلح لخدمته فقال: « هو كما تقول ولكن السياسة لا توجب اصطناعه. »
فقلت: « وكيف؟ » قال: « لأنّه مانعنا ثم تقرب به إلينا غيره، فإن وقع إحسان إليه سوّينا بينه وبين من خدمنا بالقبض عليه فخبثت نيّات من يخدمنا في أعدائنا وظنّوا أنّا لا نميّز في الإحسان بين الوليّ والعدوّ وبين المجيب والممتنع، ومع ذلك فإنّ بين أيدينا قلاعا ما فتحت بعد وإن بلغ أصحابها الممتنعين فيها إحساننا إلى هذا زالت الرهبة عن قلوبهم وطمعوا في مثل عاقبة هذا بعد حصولهم في أيدينا إن حصلوا وسلامتهم في مواضعهم إن سلموا. » ثم قال:
« ولأنّ لي فيه رأيا وهو أن أنفذه إلى صاحبه أبي تغلب فإنّه سيموّه على صاحب مصر به وبقلعته ويدّعى أنّها في يده وفيها ذخائره وثقاته وأنّ ماله في هذه القلاع يفي بمؤونته إن أمدّ بالرجال ولا تزال مخاريقه مشتبهة وجائزة هناك إلى أن يطلع عليه هذا وتتقدمه الأخبار بما جرى عليه فحينئذ تبطل تمويهاته وتظهر فاقته وأنّه طريد سيوفنا وإنّما أفلت بحشاشته وليس وراءه عدّة ولا ذخيرة ولا قلعة. » فلمّا سمعت هذا الجواب علمت أنّه صواب في سياسة الوقت وأنّ معارضته فيه خطأ فأمسكت.
وبلغ طاشتم ما عزم عليه من تسييره إلى صاحبه مقيدا بحالته تلك فقلق جدّا وراسلني يسئلنى المصير إلى محبسه فصرت إليه تذمما فوجدته كثير البكاء لا يستقرّ على الأرض قلقا فقلت:
« ما شأنك؟ » فقال: « إنّ الملك كان آمنني على نفسي وأراه الآن قد بذلنى لمن لا يبقى عليّ. » وأطال هذا المعنى وسألنى معاودة عضد الدولة ومخاطبته في الأمان الذي معه فحملت نفسي على معاودته فلم يرجع عن رأيه الأول وقال:
« إنّما آمنته على نفسه منى وألّا أصيبه بمكروه وأنا له على ذلك ولست أضمن ألّا يصيبه صاحبه بمكروه. » وتبرّأ مما يجرى عليه من صاحبه وتقدم بالإسراع به. فلمّا بلغ أبا تغلب خبره من موضع يقرب منه تلقّاه بمن قتله. والله أعلم بصحة ذلك إلّا أنّ موته شاع بعد زمان قليل.
ذكر ما دبره عضد الدولة من أمر هذه الممالك وعوده إلى بغداد

خلف أبا الوفاء بالموصل لتهذيب المعاملات وترتيب العمال في الأعمال وتقنين القوانين وتدوين الدواوين وعاد إلى مدينة السلام يوم السبت انسلاخ ذي القعدة سنة ثمان وستّين وثلاثمائة.
وخرج الطائع لله في تلقّيه مع جماعة الجيش والمقيمين وسائر الخواصّ والعوامّ ودخل يوم الأحد لليلة خلت من ذي الحجة واجتاز في الجانب الغربي على تعبئة من الجيش وبعد أن ضربت له القباب متصلة منتظمة بين عسكره من باب حرب وبين الموضع الذي ينزله من آخر البلد وهو البستان المعروف بالنجمى وعبر في يوم الاثنين له إلى داره فاستقرّ فيها.
ما أكرم به عضد الدولة من جهة الطائع لله

خرج أمر الطائع لله إلى خلفائه على الصلاة في جوامع مدينة السلام بأن يقيموا لعضد الدولة الدعوة تالية لإقامتها له على منابرها ونفذت به الكتب إليهم ورسم أن يضرب على بابه بالدبادب في أوقات الصلوات.
وهذان الأمران من الأمور التي بلغها عضد الدولة واختصّ بها دون من مضى من الملوك على قديم الأيام وحديثها.
ودخلت سنة تسع وستين وثلاثمائة

ومن مآثر عضد الدولة
وفي هذه السنة ورد الحضرة أخ لسقلاروس الرومي المعروف بورد وقد ذكرنا خبر هزيمته عن جيوش قسطنطينية. وكان صار إلى ديار بكر وأنفذ أخاه هذا إلى عضد الدولة مستنصرا ومستنجدا وباذلا من نفسه الطاعة والمعاهدة ولما كان الملكان الأخوان اللذان بقسطنطينية عرفا ما فعله أنفذا رسولا وجيها إلى عضد الدولة لنقض ما شرع فيه ورد، واجتمع هذان الرسولان على بساطه خاضعين يتنافسان فيه ويتزايدان في التقرب إليه ويستبقان إلى التماس الذمام منه ولم ينصرفا إلى أن انسلخت سنة تسع وذلك ما لم يكن مثله قطّ وهو من مآثر عضد الدولة.
موت عمران بن شاهين

وفيها توفى عمران بن شاهين صاحب البطيحة فجأة يوم الخميس لثلث عشرة ليلة بقيت من المحرم وكان ركب في غداة هذا اليوم للتنزه على عادة كانت له فلما عاد إلى داره تشكّى دون ساعة وفاظت نفسه بعد أن نصبت له الأرصاد أربعين سنة وأنفقت على حروبه الحرائب وبعد أن أذلّ الجبابرة وأرباب الدول وطواهم أولا أولا وقدّمهم أمامه على غصص يتجرعونها وذحول يتحملونها وهو ممنوع الحريم محصّن الساحة محمى من غوائلهم ومكايدهم، فلمّا أطرقه الله لم يكن له مستقدم ولا مستأخر.
عضد الدولة يجرد جيشا لطلب بنى شيبان

وفيها جرّد عضد الدولة جيشا مع صاحبه وثقته أبي القاسم علي بن جعفر الواذارى وضم إليه أبا العلاء النصراني لطلب بنى شيبان.
ذكر السبب في ذلك

كانت هذه القبيلة أعنى بنى شيبان مستعصين قد تعوّدوا النهب والغارة والتلصص وأعيت الحيلة في طلبهم. وذاك أنّ لهم خيولا جيادا يعوّلون عليها في الهرب إذا طلبوا فكانت سراياهم تبلغ في الليلة الواحدة ثلاثين فرسخا وربما زادوا على ذلك فيمسون بموضع ويصبحون على هذه المسافة البعيدة وكذلك يصبحون في مكان ويمسون منه على مثل ذلك، ولا يصح للسلطان خبرهم ولا يتأتى له طلبهم.
وكان لهم رئيس يعرف... وكانوا مع ذلك قد عقدوا بينهم وبين أكراد شهرزور المتغلبين عليها مصاهرات وأذمّة. وشهرزور هذه لم تزل ممتنعة على السلطان لا يذعن أهلها لحصانة المدينة ولأنّهم في أنفسهم عتاة ذوو بأس وجلد.
فأراد عضد الدولة أن يبدأ بشهرزور ليقطع بين أعراب بنى شيبان وأكرادها. فاتفق شخوص أبي القاسم الواذارى وهو عقيب علّة طالت عليه ولحقته نكسة في طريقه فمات. وورد خبره على عضد الدولة وكاتب أبا العلاء وأقامه مقامه وأمره باستكمال الخدمة فيما توجّه له. ففعل ووفى وظهرت نجابته المعروفة منه ونهض نهوضا كفى المهم به وشفى الصدور. ولما وصل إلى شهرزور وعسكر على ظاهرها فتحت له فدخلها في عدة يسيرة على موادعة لأهلها وقبول الطاعة منهم ولم يكن القصد الأول إليهم ولا المراد بلدهم. فهرب بنو شيبان في البرّ مصعدين إلى نواحي الزوابي على رسمهم في الإجفال إذا طلبوا.
ذكر ما دبره أبو العلاء من أمرهم حتى ظفر بهم

سار أبو العلاء إلى دقوقا وأقام بها أربعة أشهر وكسرا يعمل ضروبا من الحيل والمكايد والمكاتبات المتصلة بضروب من الاستمالة والرفق والإطماع حتى سكنوا إليه وأنسوا به ولم يعجل مع ذلك حتى قربوا بأحيائهم منه فأسرى حينئذ إليهم وأوقع بهم وقعة عظيمة أتت على نفوسهم وأموالهم وذراريّهم وأعزتهم وغنم غنيمة عظيمة وقتل من مقاتلتهم خلقا كثيرا وانصرف بمائتي رأس من رؤوس القتلى وثمانمائة رجل من الأسرى فيهم جماعة من وجوههم ورؤسائهم.