وقدس وآرة والأشعر والأجرد. وأنشد للبيد:ة وهو أعظم جبال العرب وأذكرها فإنه أقبل من ثغرة اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فسمته العرب حجازا لأنه حجز بين الغور وهو هابط وبين نجد وهو ظاهر ومبدؤه من اليمن حتى بلغ أطراف بوادي الشام فقطعته الأودية حتى بلغ ناحية نخلة فكان منها حيض ويسوم وهما جبلان بنخلة ثم طلعت الجبال بعد منه فكان منها الأبيض جبل العرج وقدس وآرة والأشعر والأجرد. وأنشد للبيد: مرية حفت بفيد وجاورت ** أرض الحجاز فأين منك مرامها وقد أكثرت شعراء العرب من ذكر الحجاز واقتدى بهم المحدثون وسأورد منه قليلا من كثير من الحنين والتشوق. قال بعض الأعراب:
تطاول ليلي بالعراق ولم يكن ** علي بأكناف الحجاز يطول
فهل لي إلى أرض الحجاز ومن به ** بعاقبة قبل الفوات سبيل
إذا لم يكن بيني وبينك مرسل ** فريح الصبا مني إليك رسول وقال أعرابي آخر:
سرى البرق من أرض الحجاز فشاقني ** وكل حجازي له البرق سائق
فواكبدي مما ألاقي من الهوى ** إذا جن إلف أو تألق بارق وقال آخر:
كفى حزنا أني ببغداد نازل ** وقلبي بأكناف الحجاز رهين
إذا عن ذكر للحجاز استقزني ** إلى من بأكناف الحجاز حنين
فو الله ما فارقتهم قاليا لهم ** ولكنا ما يقضى فسوف يكون وقال الأشجع بن عمرو السلمي:
بأكناف الحجاز هوى دفين ** يؤرقني إذا هدلت العيون
أحن إلى الحجاز وساكنيه ** حنين الإلف فارقه القرين
وأبكي حين ترقد كل عين ** بكاء بين زفرته أنين
أمر على طبيب العيس نأي ** خلوج بالهوى الأدنى شطون
فإن بعد الهوى وبعدت عنه ** وفي بعد الهوى تبدو الشجون
فأعذر من رأيت على بكاء ** غريب عن أحبته حزين
يموت الضب والكتمان عنه ** إذا حسن التذكر والحنين
الحجائز: كأنه جمع حاجز وهو المانع بالزاي، من قلات العارض باليمامة.
حجبة: بالفتح ثم السكون والباء موحدة وهاء من قرى اليمن من بلاد سنحان.
الحجر: بالكسر ثم السكون وراء وهو في اللغة ما حجز عليه أي منعته من أن يوصل إليه وكلما منعت منه فقد حجرت عليه والحجر العقل واللب والحجر بالكسر والضم الحرام لغتان معروفتان فيه والحجر، اسم ديار ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام قال الإصطخري الحجر قرية صغيرة قليلة السكان وهو من وادي القرى على يوم بين جبال وبها كانت منازل ثمود. قال تعالى: وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين الشعراء: 149، قال: ورأيتها بيوتا مثل بيوتنا في أضعاف جبال وتسمى تلك الجبال الأثالث وهي جبال إذا راها الرائي من بعد ظنها متصلة فإذا توسطها رأى كل قطعة منها منفردة بنفسها يطوف بكل قطعة منها الطائف وحواليها الرمل لا تكاد، ترتقي كل قطعة منها قائمة بنفسها لا يصعدها أحد إلا بمشقة شديدة وبها، ثمود التي قال الله فيها وفي الناقة: لها شرب ولكم شرب يوم معلوم، الشعراء: 155، قال جميل:
أقول لداعي الحب والحجر بيننا ** ووادي القرى لبيك لما دعانيا
فما أحدث النأي المفرق بيننا ** سلها ولا طول اجتماع تقاليا
والحجر أيضا حجر الكعبة وهو ما تركت قريش في بنائها من أساس إبراهيم عليه السلام وحجرت على الموضع ليعلم أنه من الكعبة فسمي حجرا لذلك لكن فيه زيادة على ما فيه البيت حدة وفي الحديث من نحو سبعة أذرع وقد كان ابن الزبير أدخله في الكعبة حين بناها فلما هدم الحجاج بناءه صرفه عما كان عليه في الجاهلية وفي الحجر قبر هاجر أم إسماعيل عليه السلام. والحخر أيضا، قال عرام بن الأصبغ وهو يذكر نواحي المدينة فذكر الرحضية ثم قال وحذاءها قرية يقال لها الحجر وبها عيون وآبار لبني سليم خاصة وحذاءها جبل ليس بالشامخ يقال له قنة الحجر.
حجر: بالفتح يقال حجزت عليه حجرا إذا منعته فهو محجور والحجر بالكسر بمعنى واحد وحجر، هي مدينة اليمامة وأم قراها وبها ينزل الوالي وهي شركة - إلا أن الأصل لحنيفة وهي بمنزلة البصرة والكوفة لكل قوم منها خطة إلا أن العدد فيه لبني عبند من بني حنيفة. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى خرجت بنو حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل يتبعون الريف ويرتادون الكلأ حتى قاربها اليمامة على السمت الذي كانت عبد القيس سلكته لما قدمت البحرين فخرج عبيدبن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة منتجعا بأهله وماله يتبع مواقع القطر حتى هجم على اليمامة فنزل موضعا يقال له قارات الحبل وهو من حجر على يوم وليلة فأقام بها أياما ومعه جار من اليمن من سعد العشيرة ثم من بني زبيد فخرج راعي عبيد حتى أتى قاع حجر فرأى القصور والنخل وأرضا عرف أن بها شأنا وهي التي كانت لطسم وجديس فبادها كما يذكر إن شاء الله تعالى في اليمامة فرجع الراعي حتى أتى عبيدا فقال والله إني رأيت اطاما طوالا وأشجارا حسانا هذا حملها وأتى بالتمر معه مما وجده منتثرا تحت النخل فتناول منه عبيد وكل وقال هذا والله طعام طيب وأصبح فأمر بجزور فنحرت ثم قال لبنيه وغلمانه اجتزرها حتى اتيكم وركب فرسه وأردف الغلام خلفه وأخذ رمحه حتى أتى حجرا فلما رآها لم يحل عنها وعرف أنها أرض لها شأن فوضع رمحه في الأرض ثم دفع الفرس واحتجر ثلاثين قصرا وثلاثين حديقة وسماها حجرا وكانت تسمى اليمامة. فقال في ذلك:
حللنا بدار كان فيها أنيسها ** فبادها وحلها ذات شيد حصونها
فصارها قطينا للفلاة بغربة ** رميما وصرنا في الميار قطينها
فسوف يليها بعدنا من يحلها ** ويسكن عرضا سهلها وحزونها ثم ركز رمحه في وسطها ورجع إلى أهله فاحتملهم حتى أنزلهم بها فلما رأى جاره الزبيدي ذلك قال يا عبيد الشرك قال لا بل الرضا فقال ما بعد الرضا إلا السخط فقال عبيد عليك بتلك القرية فأنزلها القرية بناحية حجر على نصف فرسخ منها فأقام بها الزبيدي أياما ثم غرض فأتى عبيدا فقال له عوضني شيئا فإني خارج وتارك ما ههنا فأعطاه ثلانين بكرة فخرج ولحق بقومه. وتسامعت بنو حنيفة ومن كان معهم من بكر بن وائل بما أصاب عبيد بن ثعلبة فأقبلها فنزلها قرى اليمامة وأقبل زيد بن يربوع عم عبيد حتى أتى عبيدا فقال أنزلني معك حجرا فقام عبيد وقبض على ذكره وقال: والله لا ينزلها إلا من خرج من هذا يعني أولاده فلم يسكنها إلا ولده وليس بها إلا عبيدي وقال لعمه عليك بتلك القرية التي خرج منها الزبيدي فانزلها فنزلها في أخبية الشعر وعبيد وولده في القصور بحجر فكان عبيد يمكث الأيام ثم يقول لبنيه انطلقها إلى باديتنا يريد عمه يخمضون يتحدثون هنالك ثم يرجعون فمن ثم سميت البادية وهي منازل زيد وحبيب وقطن ولبيد بني يربوع بن ثعلبة بن الدؤل بن حنيفة. ثم جعل عبيد يفسل النخل فيغرسها فتخرج ولا تخلف ففعل أهل اليمامة كلهم ذلك. فهذا هو السبب في تسميتها حجرا وقد كثرت الشعراء من ذكرها والتشوق إليها فروي عن نفطويه. قال قالت أم موسى الكلابية وكان تزوجها رجل من أهل حجر اليمامة ونقلها إلى هنالك:
قد كنت أكره حجرا أن ألم بها ** وأن أعيش بأرض ذات حيطان
لاحبذا العرف الأعلى وساكنه ** وما تضمن من مال وعيدان
أبيت أرقب نجم الليل قاعدة ** حتى الصباح وعند الباب علجان
لولا مخافة ربي أن يعاقبني ** لقد دعوت على الشيخ ابن حيان
وكان رجل من بني جثم بن بكر يقال له جشم بن بكر يقال له جحدر يخيف السبيل بأرض اليمن وبلغ خبره الحجاج فأرسل إلى عامله باليمن يشدد عليه في طلبه فلم يزل يجد في أمره حتى ظفر به وحمله إلى الحجاج بواسط فقال له ما حملك على ما صنعت فقال كلب الزمان وجراءة الجنان فأمر بحبسه فحبس فحن إلى بلاده.
وقال:
لقد صدع الفؤاد وقد شجاني ** بكاء حمامتين تجاوباني
تجاوبتا بصوت أعجمي ** على غصنين من غرب وبان
فأسبلت الدموع بلا احتشام ** ولم أك باللئيم ولا الجبان
فقلت لصاحبي دعا ملامي ** وكفا اللوم عني واعذراني