









ذكر من قال ذلك
حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا حجاج بن المنهال، قال: حدثنا حماد - يعني ابن سلمة -، عن أبي جمرة، عن ابن عباس، قال: أقام رسول الله ص بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه.
حدثني محمد بن خلف، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا أبو جمرة الضبعي، عن ابن عباس، قال: بعث رسول الله ص لأربعين سنة، وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة.
حدثني محمد بن معمر، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا زكرياء ابن إسحاق، قال: حدثنا عمر بن دينار، عن ابن عباس، قال: مكث رسول الله ص بمكة ثلاث عشرة سنة.
حدثني عبيد بن محمد الوراق، قال: حدثنا روح، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا عكرمة، عن ابن عباس، قال: بعث النبي ص لأربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة.
قال أبو جعفر: وقد وافق قول من قال: بعث رسول الله ص لأربعين سنة، وأقام بمكة ثلاث عشرة سنة قول أبي قيس صرمة بن أبي أنس، أخي بني عدي بن النجار، في قصيدته التي يقول فيها، وهو يصف كرامة الله إياهم بما أكرمهم به من الإسلام، ونزول نبي الله ص، عليهم:
ثوى في قريشٍ بضع عشرة حجةً ** يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا!
ويعرض في أهل المواسم نفسه ** فلم ير من يؤوى، ولم ير داعيا
فلما أتانا أظهر الله دينه ** فأصبح مسرورًا بطيبة راضيا
وألفى صديقًا وأطمأنت به النوى ** وكان له عونًا من الله باديا
يقص لنا ما قال نوحٌ لقومه ** وما قال موسى إذ أجاب المناديا
وأصبح لا يخشى من الناس واحدا ** قريبًا، ولا يخشى من الناس نائيا
بذلنا له الأموال من جل مالنا ** وأنفسنا عند الوغى والتآسيا
ونعلم أن الله لا شيء غيره ** ونعلم أن الله أفضل هاديا
فأخبر أبو القيس في قصيدته هذه أن مقام رسول الله ص في قومه قريش، كان بعدما استنبىء وصدع بالوحي من الله بضع عشرة حجة.
وقال بعضهم كان مقامه بمكة خمس عشرة سنة:
ذكر من قال ذلك
حدثني بذلك الحارث، عن ابن سعد، عن محمد بن عمر، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس؛ واستشهد بهذا البيت من قول أبي قيس صرمة بن أبي أنس، غير أنه أنشد ذلك:
ثوى في قريشٍ بضع عشرة حجةً ** يذكر لو يلقى صديقًا مواتيا!
قال أبو جعفر: وقد روى عن الشعبي أن إسرافيل قرن برسول الله ص قبل أن يوحى إليه ثلاث سنين.
حدثني الحارث، قال: حدثنا ابن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي، قال: حدثنا الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي - قال: وحدثنا إملاءً من لفظه منصورٌ عن الأشعث، عن الشعبي - قال: قرن إسرافيل بنوة رسول الله ص ثلاث سنين، يسمع حسه، ولا يرى شخصه. ثم كان بعد ذلك جبريل عليه السلام.
قال الواقدي: فذكرت ذلك لمحمد بن صالح بن دينار، فقال: والله يا بن أخي لقد سمعت عبد الله بن أبي بكر بن حزم، وعاصم بن عمر بن قتادة يحدثان في المسجد ورجل عراقي يقول لهما هذا، فأنكراه جميعًا، وقالا: ما سمعنا ولا علمنا إلا أن جبريل هو الذي قرن به، وكان يأتيه بالوحي من يوم نبىء إلى أن توفي ص.
حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن عامر، قال: أنزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشيء، ولم ينزل القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل عليه السلام، فنزل القرآن على لسانه عشر سنين بمكة وعشر سنين بالمدينة.
قال أبو جعفر: فلعل الذي قالوا: كان مقامه بمكة بعد الوحي عشرًا عدوا مقامه بها من حين أتاه جبريل بالوحي من الله عز وجل، وأظهر الدعاء إلى توحيد الله. وعد الذين قالوا: كان مقامه ثلاث عشرة سنة من أول الوقت الذي استنبىء فيه؛ وكان إسرافيل المقرون به وهي السنون الثلاث التي لم يكن أمر فيها بإظهار الدعوة.
وقد روى عن قتادة غير القولين اللذين ذكرت؛ وذلك ما حدثت عن روح بن عبادة، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: نزل القرآن على رسول الله ص ثماني سنين بمكة وعشرًا بعدما هاجر، وكان الحسن يقول: عشرًا بمكة وعشرًا بالمدينة.
ذكر الوقت الذي عمل فيه التأريخ
قال أبو جعفر: ولما قدم رسول اللهالمدينة، أمر بالتأريخ فيما قيل. حدثني زكرياء بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن أبي سلمة، عن ابن شهاب، أن النبي
لما قدم المدينة - وقدمها في شهر ربيع الأول - أمر بالتأريخ.
قال أبو جعفر: فذكر أنهم يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه إلى أن تمت السنة.
وقد قيل أول من أمر بالتأريخ في الإسلام عمر بن الخطاب رحمه الله.
ذكر الأخبار الواردة بذلك
حدثني محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا حبان ابن علي العنزي، عن مجالد، عن الشعبي، قال: كتب أبو موسى الأشعري إلى عمر: إنه تأتينا منك كتب ليس لها تأريخ. قال: فجمع عمر الناس للمشورة، فقال بعضهم: أرخ لمبعث رسول الله ص. وقال بعضهم: لمهاجر رسول الله ص، فقال عمر: لا بل نؤرخ لمهاجر رسول الله ص، فإن مهاجره فرق بين الحق والباطل.
حدثني محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا خالد بن حيان أبو زيد الخراز، عن فرات بن سلمان، عن ميمون بن مهران، قال: رفع إلى عمر صكٌ محله في شعبان، فقال عمر: أي شعبان؟ الذي هو أت، أو الذي نحن فيه؟ قال: ثم قال لأصحاب رسول الله ص: ضعوا للناس شيئًا يعرفونه، فقال: بعضهم: اكتبوا على تأريخ الروم، فقيل: إنهم يكتبون من عهد ذي القرنين؛ فهذا يطول. وقال بعضهم: اكتبوا على تأريخ الفرس؛ فقيل: إن الفرس كلما قام ملك طرح من كان قبله؛ فاجتمع رأيهم على أن ينظزوا: كم أقام رسول الله ص بالمدينة؟ فوجدوه عشر سنين؛ فكتب التأريخ من هجرة رسول الله ص.
حدثت عن أمية بن خالد وأبي داود الطيالسي، عن قرة بن خالد السدوسي، عن محمد بن سيرين، قال: قام رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: أرخوا، فقال عمر: ما أرخوا؟ قال: شيء تفعله الأعاجم، يكتبون في شهر كذا من سنة كذا، فقال عمر بن الخطاب: حسنٌ، فأرخوا.
فقالوا: من أي السنين نبدأ؟ قالوا: من مبعثه، وقالوا: من وفاته؛ ثم أجمعوا على الهجرة. ثم قالوا: فأي الشهور نبدأ؟ فقالوا: رمضان، ثم قالوا المحرم، فهو منصرف الناس من حجهم؛ وهو شهرٌ حرام، فأجمعوا على المحرم.
حدثني محمد بن إسماعيل، قال: حدثني سعيد بن أبي مريم. وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا أبي، قالا جميعًا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل ابن سعد، قال: ما أصاب الناس العدد؛ ما عدوا من مبعث رسول الله ص، ولا من وفاته، ولا عدوا إلا من مقدمه المدينة.
حدثني محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن عبد الله بن عباس، قال: كان التأريخ في السنة التي قدم فيها رسول الله ص المدينة، وفيها ولد عبد الله بن الزبير.
حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: حدثنا يعقوب ابن إسحاق بن أبي عباد؛ قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو ابن دينار، عن ابن عباس، قال: كان التأريخ في السنة التي قدم رسول الله ص فيها، فذكر مثله.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 3 (0 من الأعضاء و 3 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)