ونحن نورد من روائع أقواله وأمثاله بعضا مما جاء في شعره: ففي صرعى الحب يقول:

لا تعــذل المشــتاق فــي أشـواقه
حــتى يكـون حشـاك فـي أحشـائه

إن القتيـــل مضرجــا بدموعــه
مثــل القتيــل مضرجــا بدمائـه


ويقول فيما عاناه من نوائب الزمان:

لـم يـترك الدهـر فـي قلبي ولا كبدي
شــيئا تتيمــه عيــن ولا جــيد

يــا سـاقيي أخـمر فـي كئوسـكما
أم فــي كئوســكما هــم وتسـهيد

أصخــرة أنــا مـا لـي لا تتيمنـي
هــذي المــدام ولا تلـك الأغـاريد

إذا أردت كــميت اللــون صافيــة
وجدتهــا وحــبيب النفس مفقــود


وفي العفة مع الحبيب يقول:

وأشــنب معسـول الثنيـات واضـح
ســترت فمـي عنـه فقبـل مفـرقي

وأجيــاد غــزلان كجـيدك زرننـي
فلــم أتبيــن عـاطلا مـن مطـوق

ومـا كـل مـن يهـوى يعف إذا خلا
عفـافي ويـرضي الحب والخيل تلتقي


وفي وداع الأحبة يقول:

ولــم أر كالألحــاظ يـوم رحـيلهم
بعثـن بكـل القتـل مـن كـل مشفق

أدرن عيونـــا حــائرات كأنهــا
مركبــة أحداقهــا فــوق زئــبق

عشــية يغدونـا عـن النظـر البكـا
وعـن لـذة التـوديع خـوف التفـرق


وفي آلام الحب والهوى يقول:

أرق عـــلى أرق ومثــلي يــأرق
وجــوى يزيــد وعــبرة تـترقرق

جـهد الصبابـة أن تكـون كمـا أرى
عيــن مســهدة وقلــب يخــفق

مــا لاح بــرق أو تــرنم طـائر
إلا انثنيــت ولــي فــؤاد شــيق

جـربت مـن نـار الهـوى ما تنتطفي
نــار الغضـى وتكـل عمـا تحـرق

وعــذلت أهـل العشـق حـتى ذقتـه
فعجـبت كـيف يمـوت مـن لا يعشق

وعــذرتهم وعــرفت ذنبـي أننـي
عــيرتهم فلقيــت فيـه مـا لقـوا.


وفي فتنة العيون يقول:

وفتانــة العينيــن قتالــة الهـوى
إذا نفحــت شــيخا روائحهـا شـبا


وفي مفارقة الأحباب يقول:

لـولا مفارقـة الأحبـاب مـا وجـدت
لهــا المنايــا إلـى أرواحنـا سـبلا


وفي نوائب الأيام يقول:

عــرفت نــوائب الحدثــان حـتى
لــو انتســبت لكــنت لهـا نقيبـا


وفي التبرم بالحياة وتمني الموت لندرة الصديق يقول:

كـفى بـك داء أن تـرى الموت شافيا
وحســب المنايــا أن يكـن أمانيـا

تمنيتهـــا لمـــا تمنيــت أن أرى
صديقــا فأعيــا أو عـدوا مداجيـا


وفي الفخر بنفسه يقول:

ومــا أنــا إلا ســمهري حملتــه
فــزين معروضــا وراع مســددا

ومـا الدهـر إلا مـن رواة قصـائدي
إذا قلـت شـعرا أصبـح الدهـر منشدا

فســار بـه مـن لا يسـير مشـمرا
وغنــى بـه مـن لا يغنـي مغـردا


وفي ذلك يقول:

لا بقـومي شـرفت بـل شـرفوا بـي
وبنفســـي فخــرت لا بجــدودي

وبهــم فخــر مـن نطـق الضـاد
وعــوذ الجــاني وغـوث الطريـد

إن أكــن معجبــا فعجـب عجـيب
لــم يجـد فـوق نفسـه مـن مزيـد


وفي علو الهمة وتمجيد الكرامة:

أعطـى الزمـان فمـا قبلـت عطـاءه
وأراد لـــي فــأردت أن أتخــيرا


وفي حال الدنيا يقول:

وقــد فـارق النـاس الأحبـة قبلنـا
وأعيــا دواء المــوت كـل طبيـب

سـبقنا إلـى الدنيـا فلـو عـاش أهلها
منعنــا بهــا مـن جيئـة وذهـوب

تملكهــا الآتــي تملــك ســالب
وفارقهــا المــاضي فـراق سـليب


وقوله:

لحـا اللـه ذي الدنيـا مناخـا لـراكب
فكــل بعيــد الهــم فيهـا معـذب


وقوله:

أبــى خــلق الدنيـا حبيبـا تديمـه
فمــا طلبــي منهــا حبيبـا تـرده


ونراه يندب حظه فيقول:

مــاذا لقيــت مـن الدنيـا وأعجبـه
أنــي بمـا أنـا بـاك منـه محسـود

أمســيت أروح مــثر خازنـا ويـدا
أنــا الغنــي وأمــوالي المواعيـد


وفي حظ الجهال في الحياة يقول:

تحــلو الحيــاة لجــاهل أو غـافل
عمــا مضــى منهـا ومـا يتـوقع

ولمــن يغـالط فـي الحقـائق نفسـه
ويســومها طلــب المحـال فتطمـع


المال والحظ لا يجتمعان وفي ذلك يقول:

ومـا الجـمع بيـن الماء والنار في يدي
بـأصعب مـن أن أجـمع الجد والفهما


وفي مفارقة الصديق المتغير يقول:

إذا صـــديق نكـــرت جانبـــه
لــم تعنــي فــي فراقـه الحـيل

فــي ســعة الخـافقين مضطـرب
وفــي بــلاد مــن أختهـا بـدل


ونراه يمتدح شعره بقوله:

ومـا قلـت مـن شـعر كـأن بيوتـه
إذا كـتبت يبيـض مـن نورهـا الحبر

كـأن المعـاني فـي فصاحـة لفظهـا
نجــوم الثريــا أو خـلائقك الزهـر