









وحدثني عبيد الله، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا سيف - وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: لما مات رسول الله، وفصل أسامة ارتدت العرب عوام أو خواص؛ وتوحى مسيلمة وطليحة، فاستغلظ أمرهما؛ واجتمع على طليحة عوام طيئ وأسد، وارتدت غطفان إلى ما كان من أشجع وخواص من الأفناء فبايعوه، وقدمت هوازن رجلًا وأخرت رجلًا أمسكوا الصدقة إلا ما كان من ثقيف ولفها؛ فإنهم اقتدى بهم عوام جديلة والأعجاز؛ وارتدت خواص من بني سليم؛ وكذلك سائر الناس بكل مكان.
قال: وقدمت رسل النبيمن اليمن واليمامة وبلاد بني أسد ووفود من كان كاتبه النبي
، وأمر أمره في الأسود ومسيلمة وطلحة بالأخبار والكتب؛ فدفعوا كتبهم إلى أبي بكر، وأخبروه الخبر، فقال لهم أبو بكر: لا تبرحوا حتى تجئ رسل أمرائكم وغيرهم بأدهى مما وصفتم وأمر؛ وانتقاض الأمور. فلم يلبثوا أن قدمت كتب أمراء النبي
من كل مكان بانتفاض عامة أو خاصة، وتبسطهم بأنواع الميل على المسلمين، فحاربهم أبو بكر بما كان رسول الله
حاربهم بالرسل. فرد رسلهم بأمره، وأتبع الرسل رسلًا؛ وانتظر بمصادمتهم قدوم أسامة؛ وكان أول من صادم عبس وذبيان، عاجلوه فقاتلهم قبل رجوع أسامة.
حدثني عبيد الله، قال: أخبرنا عمي، قال: أخبرنا سيف - وحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، قال: حدثنا سيف - عن أبي عمرو، عن زيد بن أسلم، قال: مات رسول اللهوعماله على قضاعة، وعلى كلب امرؤ القيس بن الأصبغ الكلبي من بني عبد الله، وعلى القين عمرو بن الحكم، وعلى سعد هذيم معاوية بن فلان الوائلي.
وقال السري الوالبي: فارتد وديعة الكلبي فيمن آزره من كلب، وبقي امرؤ القيس على دينه، وارتد زميل بن قطبة القيني فيمن آزره من بني القين وبقي عمرو، وارتد معاوية فيمن آزره من سعد هذيم. فكتب أبو بكر إلى امرئ القيس بن فلان - وهو جد سكينة ابنة حسين - فسار لوديعة، وإلى عمرو فأقام لزميل، وإلى معاوية العذري. فلما توسط أسامة بلاد قضاعة، بث الخيول فيهم وأمرهم أن ينهضوا من أقام على الإسلام إلى من رجع عنه؛ فخرجوا هرابًا؛ حتى أرزوا إلى دومة، واجتمعوا إلى وديعة، ورجعت خيول أسامة إليه؛ فمضى فيها أسامه. حتى أغار على الحمقتين، فأصاب في بني الضبيب من جذام، وفي بني خيليل من لخم ولفها من القبيلين؛ وحازهم من آبل وانكفأ سالمًا غانمًا.
فحدثني السري، قال: حدثنا شعيب، عن سيف، عن سهل بن يوسف، عن القاسم بن محمد، قال: مات رسول الله؛ واجتمعت أسد وغطفان وطيئ على طليحة؛ إلا ما كان من خواص أقوام في القبائل الثلاث؛ فاجتمعت أسد بسميراء، وفزارة ومن يليهم من غطفان بجنوب طيبة، وطيئ على حدود أرضهم. واجتمعت ثعلبة بن سعد ومن يليهم من مرة وعبس بالأبرق من الربذة، وتأشب، إليهم ناس من بني كنانة؛ فلم تحملهم البلاد؛ فافترقوا فرقتين؛ فأقامت فرقة منهم بالأبرق، وسارت الأخرى إلى ذي القصة، وأمدهم طليحة بحبال فكان حبال على أهل ذي القصة من بني أسد ومن تأشب من ليث والديل ومدلج. وكان على مرة بالأبرق عوف بن فلان بن سنان، وعلى ثعلبة وعبس الحارث ابن فلان؛ أحد بني سبيع، وقد بعثوا وفودًا فقدموا المدينة، فنزلوا على وجوه الناس، فأنزلوهم ما خلا عباسًا فتحملوا بهم على أبي بكر؛ على أن يقيموا الصلاة؛ وعلى ألا يؤتوا الزكاة؛ فعزم الله لأبي بكر على الحق، وقال: لو منعوني عقالا لجاهدتهم عليه - وكانت عقل الصدقة على أهل الصدقة مع الصدقة - فردهم فرجع وفد من يلى المدينة من المرتدة إليهم، فأخبروا عشائرهم بقلة من أهل المدينة، وأطمعوهم فيها؛ وجعل أبو بكر بعد ما أخرج الوفد على أنقاب المدينة نفرًا: عليًا والزبير وطلحة وعبد الله بن مسعود؛ وأخذ أهل المدينة بحضور المسجد، وقال لهم: إن الأرض كافرة؛ وقد رأى وفدهم منكم قلة؛ وإنكم لا تدرون أليلًا تؤتون أم نهارًا! وأدناهم منكم على بريد. وقد كان القوم يأملون أن نقبل منهم ونوادعهم؛ وقد أبينا عليهم، ونبذنا إليهم عهدهم، فاستعدوا وأعدوا. فما لبثوا إلا ثلاثًا حتى طرقوا المدينة غارة مع الليل، وخلفوا بعضهم بذي حسي، ليكونوا لهم ردءًا، فوافق الغوار ليلا الأنقاب؛ وعليها المقاتلة، ودونهم أقوام يدرجون، فنبهوهم؛ وأرسلوا إلى أبي بكر بالخبر، فأرسل إليهم أبو بكر أن الزموا أماكنكم، ففعلوا. وخرج في أهل المسجد على النواضح إليهم، فانفش العدو، فاتبعهم المسلمون على إبلهم؛ حتى بلغوا ذا حسي؛ فخرج عليهم الردء بأنحاء قد نفخوها، وجعلوا فيها الحبال، ثم دهدهوها بأرجلهم في وجوه الإبل؛ فتدهده كل نحي في طوله، فنفرت إبل المسلمين وهم عليها - ولا تنفر الإبل من شيء نفارها من الأنحاء - فعاجت بهم ما يملكونها؛ حتى دخلت بهم المدينة؛ فلم يصرع مسلم ولم يصب؛ فقال في ذلك الخطيل بن أوس أخو الحطيئة ابن أوس:
فدى لبني ذبيان رحلى وناقتي ** عشية يحذى بالرماح أبو بكر
ولكن يدهدى بالرجال فهبنه ** إلى قدر ما إن يزيد ولا يحرى
ولله أجناد تذاق مذاقه ** لتحسب فيما عد من عجب الدهر!
وأنشده الزهري: ((من حسب الدهر)).
وقال عبد الله الليثي؛ وكانت بنو عبد مناة من المرتدة - وهم بنو ذبيان - في ذلك الأمر بذي القصة وبذي حمى:
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)