خبر أليس الصغرى

قال أبو جعفر: كتب إلى السري بن يحيى، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر، عن محمد بن نويرة وطلحة وزياد وعطية، قالوا: وخرج جابان مراد انشاه حتى أخذا بالطريق، وهم يرون أنهم سيرفضون ولا يشعرون بما جاء ذا الحاجب من فرقة أهل فارس، فلما ارفض أهل فارس. وخرج ذو الحاجب في آثارهم، وبلغ المثنى فعله جابان ومردانشاه؛ استخلف على الناس عاصم بن عمرو، وخرج في جريدة خيل يريدهما، فظنا أنه هارب، فاعترضاه فأخذهما أسيرين، وخرج أهل أليس على أصحابهعما، فأتوه بهم أسراء؛ وعقد لهم بها ذمة وقد مهما، قال: أنتما غررتما أميرنا، وكذبتماه واستفززتماه. فضرب أعناقهما، وضرب أعناق الأسراء؛ ثم رجع إلى عسكره وهرب أبو محجن من أليس؛ ولم يرجع مع المثنى؛ وكان جرير بن عبد الله وحنظلة بن الربيع ونفر استأذنوا خالدًا من سوى، فأذن لهم، فقدموا على أبي بكر، فذكر له جرير حاجته، فقال: أعلى حالنا؟ وأخره بها، فلما ولى عمر دعاه بالبينة؛ فأقامها، فكتب له عمر إلى عماله السعادة في العرب كلهم: من كان فيه أحد ينسب إلى بجيلة في الجاهلية، وثبت عليه في الإسلام يعرف ذلك فأخرجوه إلى جرير. ووعدهم جرير مكانًا بين العراق والمدينة. ولما أعطى جرير حاجته في استخراج بجيلة من الناس فجمعهم فأخرجوا له، وأمرهم بالموعد ما بين مكة والمدينة والعراق، فتتاموا، قال لجرير: اخرج حتى تلحق بالمثنى، فقال: بل الشأم، قال " بل العراق، فإن أهل الشأم قد قووا على عدوهم، فأبى حتى أكرهه؛ فلما خرجوا له وأمرهم بالموعد عوضة إكراهه واستصلاحًا له، فجعل له ربع خمس ما أفاء الله عليهم في غزاتهم هذه له ولمن اجتمع إليه، ولمن أخرج له إليه من القبائل، وقال: اتخذونا طريقًا، فقدموا المدينة، ثم فصلوا منها إلى العراق ممدين للمثنى، وبعث عصمة بن عبد الله من بني عبد الحارث الضبي فيمن تبعه من بني ضبة؛ وقد كان كتب إلى أهل الردة، فلم يواف شعبان أحد إلا رمى به المثنى.
البويب

كتب إلى السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وزياد بإسنادهم، قالوا: وبعث المثنى بعد الجسر فيمن يليه من الممدين، فتوافوا إليه في جمع عظيم، أو بلغ رستم والفيرزان ذلك، وأتتهم العيون به بما ينتظرون من الإمداد، واجتمعا على أن يبعثا مهران الهمذاني؛ حتى يريا من رأيهما، فخرج مهران في الخيول وأمرأه بالحيرة، وبلغ المثنى الخبر وهو معسكر بمرج السباخ بين القادسية وخفان في الذين أمدوه من العرب عن خبر بشير وكنانة - وبشير يومئذ بالحيرة - فاستبطن فرات بادقلي، وأرسل إلى جرير ومن معه: إنا جاءنا أمر لم نستطع معه المقام حتى تقدموا علينا، فعجلوا اللحاق بنا، وموعدكم البويب.
وكان جرير ممدًا له، وكتب إلى عصمة ومن معه، وكان ممدًا له بمثل ذلك، وإلى كل قائد أظله بمثل ذلك، وقال: خذوا على الجوف، فسلكوا القادسية والجوف، وسلك المثنى وسط السواد، فطلع على النهرين ثم على الخورنق، وطلع عصمة على النجف، ومن سلك معه طريقه، وطلع جرير على الجوف ومن سلك معه طريقه، فانتهوا إلى المثنى، وهو على البويب، ومهران من وراء الفرات بإزائه، فاجتمع عسكر المسلمين على البويب مما يلي موضع الكوفة اليوم؛ وعليهم المثنى وهم بإزاء مهران وعسكره. فقال المثنى لرجل من أهل السواد: ما يقال للرقعة للتي فيها مهران وعسكره؟ قال: بسوسيا. فقال: أكدى مهران وهلك نزل منزلًا هو البسوس؛ وأقام بمكانه حتى كاتبه مهران: إما أن تعبروا إلينا، وإما أن نعبر إليكم؛ فقال المثنى: اعبروا؛ فعبر مهران، فنزل على شاطئ الفرات معهم في الملطاط، فقال المثنى لذلك الرجل: ما يقال لهذ الرقعة التي نزلها مهران وعسكره؟ قال: شوميا - وذلك في رمضان - فنادى الناس: انهدوا لعدوكم، فتناهدوا، وقد كان المثنى عبى جيشه، فجعل على مجنبتيه مذعورًا والنسير، وعلى المجردة عاصمًا، وعلى الطلائع عصمة، واصطف الفريقان؛ وقام المثنى فيهم خطيبًا؛ فقال: إنكم صوام؛ والصوم مرقة ومضعفة؛ وإني أرى من الرأي أن تفطروا ثم تقووا بالطعام على قتال عدوكم. قالوا: نعم فأفطروا؛ فأبصر رجلًا يستوفز ويستنتل من الصف، فقال: ما بال هذا؟ قالوا: هو ممن فر من الزحف يوم الجسر؛ وهو يريد أن يستقتل، فقرعه بالرمح، وقال: لا أبالك؟ الزم موقفك، فإذا أتاك قرنك فأغنه عن صاحبك ولا تستقتل، قال: إني بذلك لجدير، فاستقر ولزم الصف.
كتب إلي السري عن شعيب، عن سيف، عن أبي إسحاق الشيباني بمثله.
كتب إلي السري عن شعيب، عن سيف، عن عطية. وعن سفيان الأحمري، عن المجالد، عن الشعبي، قالا: قال عمر حين استجم جمع بجيلة: اتخذونا طريقًا، فخرج سروات بجيلة ووفدهم نحوه، وخلفوا الجمهور، فقال: أي الوجوه أحب إليكم؟ قالوا: الشأم فإن أسلافنا بها فقال: بل العراق؛ فإن الشأم في كفاية؛ فلم يزل بهم، ويأبون عليه حتى عزم على ذلك؛ وجعل لهم ربع خمس ما أفاء الله على المسلمين إلى نصيبهم من الفئ، فاستعمل عرفجة على من كان مقيمًا على جديلة من بجيلة، وجريرًا على من كان من بني عامر وغيرهم؛ وقد كان أبو بكر ولاه قتال أهل عمان في نفر، وأقفله حين غزا في البحر، فولاه عمر عظم بجيلة، وقال: اسمعوا لهذا، وقال للآخرين: اسمعوا لجرير، فقال جرير لبجيلة: تقرون بهذا - وقد كانت بجيلة غضبت على عرفجة في امرأة منهم - وقد أدخل علينا ما أدخل علينا ما أدخل فاجتمعوا فأتوا عمر، فقالوا: أعفنا من عرفجة، فقال: لا أعفيكم من أقدمكم هجرة وإسلامًا، فقالوا: اعفنا من عرفجة فقال: لا أعفيكم من أقدمكم هجرة وإسلامًا، وأعظمكم بلاء وإحسانًا، قالوا: استعمل علينا رجلًا منا، ولا يستعمل علينا نزيعًا فينا، فظن عمر أنهم ينفوفنه من نسبه، فقال: انظروا ما تقولون قالوا: نقول ما تسمع؛ فأرسل إلى عرفجة، فقال: إن هؤلاء استعفوني منك، وزعموا أنك لست منهم؛ فما عندك؟ قال: صدقوا، وما يسرني أني منهم. أنا امرؤ من الأزد، ثم من بارق، في كهف لا يحصى عدده، وحسب غير مؤتشب. فقال عمر: نعم الحي الأزد؟ يأخذون نصيبهم من الخير والشر. قال عرفجة: إنه كان من شأني أن الشر تفاقم فينا، ودارنا واحدة؛ فأصبنا الدماء، ووتر بعضنا بعضا، فاعتزلتهم لما خفتم، فكنت في هؤلاء أسود وأقودهم، فحفظوأ على لأمر دار بيني وبين دهاقينهم، فحسدوني وكفروني. فقال: لا يضرك فاعتزلهم إذ كرهوك. واستعمل جريرًا مكانه، وجمع له بجلية، وأرى جريرًا وبجيلة أنه يبعث عرفجة إلى الشأم، فجبب ذلك إلى جرير العراق، وخرج جرير في قومه ممدًا للمثنى بن حارثة، حتى نزل ذا قار، ثم ارتفع حتى إذا كان بالجل والمثنى بمرج السباخ، أتى المثنى الخبر عن حديث بشير وهو بالحيرة. فأرسل المثنى إلى قد بعثوا مهران، ونهض من المدائن شاخصًا نحو الحيرة. أن الأعاجم جرير وإلى عصمة بالحث، وقد كان عهد إليهم عمر ألا يعبروا بحرًا ولا جسرًا إلا بعد ظفر، فاجتمعوا بالبويب فاجتمع العسكران على شاطئ البويب الشرقي وكان البويب مغيضًا للفرات أيام المدود، وأزمان فارس، يصب في الجوف، والمشركون بموضع دار الرزق، والمسلمون بموضع السكون.
كتب إلي السري بن يحيى، عن شعيب بن إبراهيم، عن سيف بن عمر، عن عطية والمجالد بإسنادهما، قالا: وقدما على عمر غزاة بني كنانة والأزد في سبعمائة جميعًا، فقال: أي الوجوه أحب إليكم؟ قالوأ: الشأم، أسلافنا أسلافنا؟ فقال: ذلك قد كفيتموه؛ العراق العراق ذروا بلدة قد قلل الله شوكتها وعددها، واستقبلوا جهاد قوم قد حووا فنون العيش، لعل الله أن يورثكم بقسطكم من ذلك فتعيشوا مع من عاش من الناس. فقال غالب بن عبد الله الليثي وعرفجة البارقي، كل واحد منهما لقومه، وقاما فيهم يا عشيرتاه أجيبوا أمير المؤمنين إلى ما أرى وأراد. فدعا لهم عمر بخير وقاله لهم، وأمر على بني كنانة غالب بن عبد الله وسرحه، وأمر على الأزد عرفجة بن هرثمة وعامتهم من بارق، وفرحوا برجوع عرفجة إليهم. فخرج هذا في قومه، وهذا في قومه، حتى قدما على المثنى.
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وعمرو بإسنادهما، قالا: وخرج هلال بن علفة التيمي فيمن اجتمع إليه من الرباب حتى أتى عمر، فأمره عليهم وسرحه، فقدم على المثنى وخرج ابن المثنى الجشمى؛ جشم سعد، حتى قدم عليه، فوجهه وأمره على بني سعد، فقدم على المثنى.