









حينما بلغنا المتجر المقصود ، و هو متجر للملابس ، و كان يعج بالكثيرين، دخلته و توجهت نحو زاوية معينة ...
التفت إلى الخلف فوجدت وليد واقفا في الخارج ينظر من خلال زجاج المتجر ...
عدت أدراجي إليه بسرعة ... ثم قلت :
" ألن تدخل معي ؟؟ "
وليد بدا مترددا حائرا ... ربما هو غير معتاد على ارتياد الأسواق !
لذا تحرك ببطء ...
لأنني قمت بزيارة المتجر يوم أمس فأنا أعرف ما يوجد و ما يناسب ، لذا لم استغرق سوى دقائق حتى اشتريت فستانا مختلفا عن فستاني المحروق !
إنه أجمل و أغلى !
حينما هممت بالمحاسبة أخرج وليد محفظته ، و دفع الثمن !
كم أنا خجلة منه ! آمل ألا يفعل ذلك في متجر المجوهرات !
لم يكن وليد يتحدث ، بل كان يسير على مقربة مني بصمت و اضطراب ...
أنا أيضا كنت خرساء جدا !
أقبلنا نحو متجر المجوهرات ، و كان الآخر مزدحما بالناس ، و معظمهم سيدات
دخلناه و أخذت عيناي تفتشان عن الطقم الجميل الذي أغرمت به يوم أمس ... لم يكن موجودا في مكانه فخشيت أن تكون سيدة ما قد سبقتني بشرائه !
جلت ببصري في المتجر حتى وجدت ضالتي ، التفت للوراء فلم أجد وليد ...
تلفت يمنة و يسرة و لم أجده ...
أقبل صاحب المتجر يسألني :
" ماذا أعجبك سيدتي ؟ "
أسرعت مهرولة نحو الباب و نظرت من حولي فوجدت وليد واقفا يتأمل بعض التحف المعروضة في متجر مجاور ...
" وليد "
نادينه و أنا مقبلة إليه أحث الخطى ...
التفت إلي :
" هل انتهيت ؟ "
" لا "
تعجب ! و قال :
" إذن ؟؟ "
قلت :
" لا تبتعد عني "
بقى متعجبا برهة ثم أقبل معي و عدنا لذلك المتجر ...
اشتريت الطقم الباهظ الثمن و حين سمع وليد بالسعر اضطرب قليلا
فتح محفظته ليلقي بنظرة على ما بداخلها إلا أنني أسرعت بإخراج النقود من حقيبتي و دفعتها إليه
قبل أن نغادر المتجر قال وليد :
" أي شيء يصلح هدية صغيرة لدانة ؟ فأنا لا أعرف ماذا تحب ! "
أما أنا فاعرف ماذا تحب !
اعتقد أن الرجال لا يحتارون كثيرا في اختيار هدية لامرأة ! لأن المجوهرات موجودة دائما ... و تتجدد دائما ... و غالية دائمة ... و نعشقها دائما !
اخترت شيئا جميلا و بسيطا ، و معتدل السعر ، فاشتراه وليد دون تردد
خرجنا بعد ذلك من المتجر متجهين نحو البوابة ، و أثناء ذلك عبرنا على أحد محلات الأحذية الرجالية فقال وليد :
" سألقي نظرة "
و سار خطى سريعة نحو المدخل ...
كان في المتجر عدد من الرجال و الأطفال ...
و أنا أرى وليد يبتعد ... و يهم بدخول المتجر ... و المسافة بيننا تزداد خطوة بعد خطوة ... و الناس يتحركون من حولي ... ذهابا و إيابا ...
و رجال يدخلون ... و رجال يخرجون ... و وليد يكاد يختفي بينهم ، ناديت بصوت عال :
" وليد "
و رغم الازدحام و الضوضاء الصادرة من حركة الناس و كلامهم ، سمعني وليد فالتفت إلي ...
أنا أسرعت الخطى المضطربة باتجاهه ... و هو اقترب خطوتين ... و حين أصبحت أمامه قلت :
" لا تتركني وحدي "
وليد يعلوه الاستغراب ، قال مبررا :
" سألقي نظرة سريعة فحسب ... لدقيقة لا أكثر "
عدت أقول :
" لا تتركني وحدي "
عدل وليد عن فكرة إلقاء تلك النظرة ، و قال :
" هل تريدين شيئا آخر ؟؟ "
قلت :
" كلا "
قال :
" إذن ... هيا بنا "
عندما عدنا إلى المنزل ، و قبل أن يفتح لنا الباب بعد قرع الجرس ، التفت إليه و قلت :
" شكرا ... وليد "
لكن أذهلني الوجوم المرسوم على وجهه !
كأنه مستاء أو أن مرافقتي قد أزعجته
إنني لم أطلب منه ذلك بل هو من عرض المساعدة !
دخلنا إلى الداخل ، فتوجه هو تلقائيا نحو المطبخ ، فسرت خلفه ...
والدتنا كانت لا تزال منهمكة في العمل ، حين رأتنا بادرت بسؤالي :
" هل وجدت ما أردت ؟؟ "
و أخذت تنظر إلى الكيس الذي أحمله ...
" نعم "
و فتحت الكيس ، و أخرجت منه كيسا آخر صغير يحتوي على علبة المجوهرات ...
ما أن رأتها أمي حتى هزت رأسها اعتراضا و استنكارا ... فهي لم تكن تشجعني على شراء المزيد ، فقلت بسرعة مبررة :
" إنه طقم رائع جدا ! انظري ... "
و قربته منها فتأملته و قالت :
" نعم رائع و لكن ... "
لم تتم الجملة ، بل قالت :
" و لكنك اشتريته على أية حال ! "
ابتسمت ابتسامة النصر !
و التفت نحو وليد الذي كان يتابع حديثنا و قلت :
" أليس رائعا ؟ ما رأيك ؟؟ "
وليد بدا مضطربا بعض الشيء ، ثم قال :
" لا أفهم في هذه الأمور ، لكن ... نعم رائع "
و توجه نحو أحد المقاعد و جلس باسترخاء ...
أمي قالت :
" بني ... اذهب و استرخ في غرفة سامر لبعض الوقت ! إنك مجهد "
الآن وليد ينظر باتجاه والدتي ، و لا أقع أنا في مجال الرؤية لديه ... باستطاعتي أن ادقق النظر في أنفه المعقوف دون أن يلاحظ !
ما حكاية هذا الأنف يا ترى !؟
أخذت أتخيل شكل وليد قبل أن يسافر ... كم يبدو مختلفا الآن !
" رغد ألن تستعدي ؟؟ "
انتبهت على صوت والدتي تكلمني ، أجبت باضطراب و كلي خشية من أن تكون شاهدتني و أنا أتأمل ذلك الأنف !
" حاضر ، نعم سأذهب "
و انطلقت نحو غرفتي ...
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 9 (0 من الأعضاء و 9 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)