









تأخذ وتر كل حرف بعد ضربه في أسوس أوتاد الفلك الأربعة كما تقدم. و احذر ما يلي الأوتاد. و كذلك السواقط لأن نسبتها مضطربة. و هذا الذي يخرج لك هو أول مراتب السريان. ثم تأخذ مجموع العناصر و تحط منها أسوس المولدات يبقى أس عالم الخلق بعد عروضه للمدد الكونية. فتحمل عليه بعض المجردات عن المواد و هي عناصر الإمداد، يخرج أفق النفس الأوسط. و تطرح أول رتب السريان من مجموع العناصر يبقى عالم التوسط. و هذا مخصوص بعوالم الأكوان البسيطة لا المركبة. ثم تضرب عالم التوسط في أفق النفس الأوسط يخرج الأفق الأعلى. فتحمل عليه أول رتب السريان. ثم تطرح من الرابع أول عناصر الإمداد الأصلي يبقى ثالث رتبة السريان. ثم تضرب مجموع أجزاء العناصر الأربعة أبدا في رابع رتب السريان يخرج أول عالم التفصيل، و الثاني في الثاني يخرج ثاني عالم التفصيل، و كذلك الثالث و الرابع، فتجمع عوالم التفصيل و تحط من عالم الكل، تبقى العوالم المجردة، فتقسم على الأفق الأعلى يخرج الجزء الأول. و من هنا يطرد العمل في التامة. و له مقامات في كتب ابن وحشية و البوني و غيرهما. و هذا التدبير يجري على القانون الطبيعي الحكمي في هذا الفن و غيره من فنون الحكمة الإلهية، و عليه مدار وضع الزيارج الحرفية و الصنعة الإلهية و النيرجات الفلسفية. و الله الملهم و به المستعان و عليه التكلان، و حسبنا الله و نعم الوكيل. الفصل الثلاثون: في علم الكيمياء و هو علم ينظر في المادة التي يتم بها كون الذهب و الفضة بالصناعة و يشرح العمل الذي يوصل إلى ذلك فيتصفحون المكونات كلها بعد معرفة أمزجتها و قواها لعلهم يعثرون على المادة المستعدة لذلك حتى من العضلات الحيوانية كالعظام والريش و البيض و العذرات فضلا عن المعادن. ثم يشرح الأعمال التي تخرج بها تلك المادة من القوة إلى الفعل مثل حل الأجسام إلى أجزائها الطبيعية يالتصعيد والتقطير و جمد الذائب منها بالتكليس و إمهاء الصلب بالقهر و الصلابة و أمثال ذلك. و في زعمهم أنه يخرج بهذه الصناعات كلها جسم طبيعي يسمونه الإكسير. و أنه يلقى منه على الجسم المعدني المستعد لقبول صورة الذهب أو الفضة بالاستعداد القريب من الفعل مثل الرصاص و القصدير و النحاس بعد أن يحمى بالنار فيعود ذهبا إبريزا. و يكنون عن ذلك الإكسير إذا ألغزوا في اصطلاحاتهم بالروح و عن الجسم الذي يلقى عليه بالجسد. فشرح هذه الاصطلاحات و صورة هذا العمل الصناعي الذي يقلب هذه الأجساد المستعدة إلى صورة الذهب و الفضة هو علم الكيمياء. و ما زال الناس يؤلفون فيها قديما و حديثا. و ربما يعزى الكلام فيها إلى من ليس من أهلها. و إمام المدونين فيها جابر بن حيان حتى إنهم يخصونها به فيسمونها علم جابر و له فيها سبعون رسالة كلها شبيهة بالألغاز. و زعموا أنه لا يفتح مقفلها إلا من أحاط علما بجميع ما فيها. و الطغرائي من حكماء المشرق المتأخرين له فيها دواوين و مناظرات مع أهلها و غيرهم من الحكماء. و كتب فيها مسلمة المجريطي من حكماء الأندلس كتابه الذي سماه رتبة الحكيم و جعله قرينا لكتابه الآخر في السحر و الطلسمات الذي سماه غاية الحكيم. و زعم أن هاتين الصناعتين هما نتيجتان للحكمة و ثمرتان للعلوم و من لم يقف عليهما فهو فاقد ثمرة العلم و الحكمة أجمع. و كلامه في ذلك الكتاب وكلامهم أجمع في تآليفهم هي ألغاز يتعذر فهمها على من لم يعان اصطلاحاتهم في ذلك. و نحن نذكر سبب عدولهم إلى هذه الرموز و الألغاز. و لابن المغيربي من أئمة هذا الشأن كلمات شعرية على حروف المعجم من أبدع ما يجيء في الشعر ملغوزة كلها لغز الأحاجي و المعاياة فلا تكاد تفهم. و قد ينسبون للغزالي رحمه الله بعض التآليف فيها و ليس بصحيح لأن الرجل لم تكن مداركه العالية لتقف عن خطأ ما يذهبون إليه حتى ينتحله. و ربما نسبوا بعض المذاهب و الأقوال فيها لخالد بن يزيد بن معاوية ربيب مروان بن الحكم و من المعلوم البين أن خالدا من الجيل العربي و البداوة إليه أقرب فهو بعيد عن العلوم و المهناج بالجملة فكيف له بصناعة غريبة المنحى مبنية على معرفة طبائع المركبات و أمزجتها و كتب الناظرين في ذلك من الطبيعيات و الطب لم تظهر بعد و لم تترجم أللهم إلا أن يكون خالد بن يزيد آخر من أهل المدارك الصناعية تشبه باسمه فممكن. و أنا أنقل لك هنا رسالة أبي بكر بن بشرون لأبي السمح في هذه الصناعة و كلاهما من تلاميذ مسلمة فيستدل من كلامه فيها على ما ذهب إليه في شأنها إذا أعطيته حقه من التأمل قال ابن بشرون بعد صدر من الرسالة خارج عن الغرض: و المقدمات التي لهذه الصناعة الكريمة قد ذكرها الأولون و اقتص جميعها أهل الفلسفة من معرفة تكوين المعادن و تخلق الأحجار و الجواهر و طباع البقاع و الأماكن فمنعنا اشتهارها من ذكرها و لكن أبين لك من هذه الصنعة ما يحتاج إليه فتبدأ بمعرفته فقد قالوا: ينبغي لطلاب هذا العلم أن يعلموا أولا ثلاث خصال: أولها هل تكون ؟ و الثانية من أي تكون ؟ و الثالثة من أي كيف تكون ؟ فإذا عرف هذه الثلاثة و أحكمها فقد ظفر بمطلوبه و بلغ نهايته من هذا العلم و أما البحث عن وجوبها و الاستدلال عن تكونها فقد كفيناكه بما بعثنا به إليك من الإكسير. و أما من أي شيء تكون فإنما يريدون بذلك البحث عن الحجر الذي يمكنه العمل و إن كان العمل موجودا من كل شيء بالقوة لأنها من الطبائع الأربع منها تركبت ابتداء و إليها ترجع انتهاء و لكن من الأشياء ما يكون فيه بالقوة و لا يكون بالفعل و ذلك أن منها ما يمكن تفصيلها تعالج و تدبر و هي التي تخرج من القوة إلى الفعل و التي لا يمكن تفصيلها لا تعالج و لا تدبر لأنها فيها بالقوة فقط و إنما لم يمكن تفصيلها لاستغراق بعض طبائعها في بعض و فضل قوة الكبير منها على الصغير. فينبغي لك وفقك الله أن تعرف أوفق الأحجار المنفصلة التي يمكن فيها العمل و جنسه و قوته و عمله و ما تدبر من الحل و العقد و التنقية و التكليس و التنشيف و التقليب فإن من لم يعرف هذه الأصول التي هي عماد هذه الصنعة لم ينجح و لم يظفر بخير أبدا. و ينبغي لك أن تعلم هل يمكن أن يستعان عليه بغيره أو يكتفى به وحده و هل هو واحد في الابتداء أو شاركه غيره فصار في التدبير واحدا فسمي حجرا. و ينبغي لك أن تعلم كيفية عمله و كمية أوزانه و أزمانه و كيف تركيب الروح فيه و إدخال النفس عليه ؟ و هل تقدر النار على تفصيلها منه بعد تركيبها ؟ فإن لم تقدر فلأي علة و ما السبب الموجب لذلك ؟ فان
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)