على العداوة مثل قول الأخطل‏:‏ إن الضغينة تلقاها وإن قدمت كالعرق يكمن حيناً ثم ينتشر وقد أشار الحسن بن هانئ إلى هذا المعنى فأجاده حيث يقول‏:‏ وابن عم لا يكاشفنا قد لبسناه على غمره كمن الشنآن فيه لنا ككمون النار في حجره وشبهوا العدو إذا كان هذا فعله بالحية المطرقة‏.‏ قال ابن أخت تأبط شراً‏:‏ مطرق يرشح موتاً كما أطرق أفعى ينفث السم صل وقال عبد الله بن الزبير لمعاوية - ويقال‏:‏ بل معاوية قالها لعبد الله بن الزبير -‏:‏ مالي أراك تطرق إطراق الأفعوان في أصول السخبر وفي كتاب الهند‏:‏ إذا أحدث لك العدو صداقة لعلة ألجأته إليك فمع ذهاب العلة رجوع العداوة كالماء تسخنه فإذا أمسكت عنه عاد إلى أصله بارداً‏:‏ والشجرة المرة لو طليتها بالعسل وقال دريد بن الصمة‏:‏ وما تخفى الضغينة حيث كانت ولا النظر المريض من الصحيح وقال زهير‏:‏ وما يك في صديق أو عدو تخبرك العيون عن القلوب وقيل لزياد‏:‏ ما السرور قال‏:‏ من طال في العافية والكفاية عمره حتى يرى في عدوه ما يسره‏.‏
باب من أخبار الأزارقة

كان أول من خرج من الخوارج بعد قتل علي رضي الله عنه‏:‏ حوثرة الأقطع فإنه كان خرج إلى النخيلة واجتمع إليه جماعة من الخوارج ومعاوية بالكوفة وقد بايعه الحسن والحسين وقيس بن سعد بن عبادة‏.‏ ثم خرج الحسن يريد المدينة فوجه إليه معاوية وقد تجاوز في طريقه يسأله أن يكون المتولي لمحاربتهم‏.‏ فقال الحسن عليه السلام‏:‏ والله لقد كففت عنك لحقن دماء المسلمين وما أحسب ذلك يسعني فكيف أن أقاتل قوماً أنت أولى بالقتال منهم فلما رجع الجواب إليه وجه إليهم جيشاً أكثره من أهل الكوفة ثم قال لأبي حوثرة‏:‏ تقدم فاكفني أمر ابنك‏.‏ فسار إليه أبوه فدعاه إلى الرجوع فأبى فداوره فصمم‏.‏ فقال له‏:‏ أي بني أجيئك بابنك لعلك تراه فتحن إليه فقال له‏:‏ يا أبت أنا والله إلى طعنة نافذة أتقلب فيها على كعوب الرمح أشوق مني إلى ابني‏.‏ فرجع إلى معاوية فأخبره‏.‏ فقال‏:‏ يا أبا حوثرة عتا هذا جداً‏.‏ فلما نظر حوثرة إلى أهل الكوفة قال‏:‏ يا أعداء الله أنتم بالأمس تقاتلون معاوية لتهدوا سلطانه واليوم تقاتلون معه لتشدوا سلطانه‏.‏ ثم جعل يشد عليهم ويقول‏:‏ احمل على هذي الجموع حوثرة فعن قريب ستنال المغفره وكان مرداس أبو بلال قد شهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأنكر التحكيم وشهد النهروان ونجا فيمن نجا فلما خرج من حبس ابن زياد ورأى شدة الطلب للشراة عزم على الخروج فقال لأصحابه‏:‏ إنه والله ما يسعنا المقام مع هؤلاء الظالمين تجرى علينا أحكامهم مجانيين للعدل مفارقين للفصل‏.‏ والله إن الصبر على هذا لعظيم وإن تجريد السيف وإخافة السبيل لشديد ولكنا ننتبذ عنهم ولا نجرد سيفاً ولا نقاتل إلا من قاتلنا‏.‏ فاجتمع إليه أصحابه زهاء ثلاثين رجلاً منهم‏:‏ حريث بن حجل وكهمس ابن طلق الصريمي فأرادوا أن يولوا أمرهم حريثاً فأبى‏.‏ فولوا أمرهم مرداساً‏.‏ فلما مضى بأصحابه لقيهم عبد الله بن رباح الأنصاري وكان له صديقاً فقال له‏:‏ يا ابن أخي أين تريد فقال‏:‏ أريد أن أهرب بديني ودين أصحابي من أحكام هؤلاء الجورة‏.‏ قال‏:‏ له‏:‏ أعلم أحد بكم قال‏:‏ لا قال‏:‏ فارجع‏.‏ قال‏:‏ أو تخاف علي مكروها قال‏:‏ نعم وأن يؤتى بك‏.‏ قال‏:‏ فلا تخف فإني لا أجرد سيفاً ولا أخيف أحداً ولا أقاتل إلا من قاتلني‏.‏ ثم مضى حتى نزل آسك‏.‏ فمر به مال يحمل إلى ابن زياد وقد بلغ أصحابه الأربعين‏:‏ فحط ذلك المال فأخذ منه عطاءه وأعطيات أصحابه وترك ما بقى وقال‏:‏ قولوا لصاحبكم‏:‏ إنما أخذنا أعطياتنا‏.‏ فقال له أصحابه‏:‏ لماذا تترك الباقي قال‏:‏ إنهم يقسمون هذا الفيء كما يقيمون الصلاة فلا تقاتلوهم ما داموا على الصلاة‏.‏ فوجه إليهم ابن زياد أسلم بن زرعة الكلابي في ألفين‏.‏ فلما وصل إليهم قال له مرداس‏:‏ اتق الله يا أسلم فإنا لا نريد قتالاً ولا نروع أحداً وإنما هربنا من الظلم ولا نأخذ من الفيء إلا أعطياتنا ولا نقاتل إلا من قاتلنا‏.‏ قال‏:‏ لا بد من ردكم إلى ابن زياد‏.‏ قال‏:‏ وإن أراد قتلنا‏.‏ قال‏:‏ وإن أراد قتلكم‏!‏ قال‏:‏ فتشرك في دمائنا‏.‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فشدوا عليه شدة رجل واحد فهزموه وقتلوا أصحابه‏.‏ ثم وجه إليهم ابن زياد عباداً‏.‏ فقاتلهم يوم الجمعة حتى كان وقت الصلاة فناداهم أبو بلال‏:‏ يا قوم هذا وقت الصلاة فوادعونا حتى نصلي‏.‏ فوادعوهم فلما دخلوا في الصلاة شدوا عليهم فقتلوهم وهم بين راكع وساجد وقائم في الصلاة وقاعد‏.‏ فقال عمران بن