وقال‏:‏ أصلحك الله قل ما بيدي فما أطيق العيال إذ كثروا أناخ دهر ألقى بكلكله فأرسلوني إليك وانتظروا فقال خالد‏:‏ أرسلوك وانتظروا والله لا تنزل حتى تنصرف إليهم بما يسرهم وأمر له بجائزة عظيمة وكسوة شريفة‏.‏ عدي بن حاتم دخل عليه ابن دارة فقال‏:‏ إني مدحتك قال‏:‏ أمسك حتى آتيك بمالي ثم امدحني على حسبه فإني أكره ألا أعطيك ثمن ما تقول لي ألف شاة وألف درهم وثلاثة أعبد وثلاث إماء وفرسي هذا حبس في سبيل الله فامدحني على حسب ما أخبرتك‏.‏ فقال‏:‏ تحن قلوصى في معد وإنما تلاقي الربيع في ديار بني ثعل وأبقى الليالي من عدي بن حاتم حساماً كنصل السيف سل من الخلل أبوك جواد لا يشق غباره وأنت جواد ما تعذر بالعلل قال له عدي‏:‏ أمسك لا يبلغ مالي أكثر من هذا‏.‏
أصفاد الملوك على المدح

سعيد بن مسلم الباهلي قال‏:‏ قدم على الرشيد أعرابي من باهلة وعليه جبة حبرة ورداء يمان قد شده على وسطه ثم ثناه على عاتقه قد عصها على فوديه وأرخى لها عذبة من خلفه‏.‏ فمثل بين يدي الرشيد‏.‏ فقال سعيد‏:‏ يا أعرابي‏.‏ خذ في شرف أمير المؤمنين‏.‏ فاندفع في شعره‏.‏ فقال الرشيد‏:‏ يا أعرابي أسمعك مستحسناً وأنكرك متهماً فقل لنا بيتين في هذين - يعني محمداً الأمين وعبد الله المأمون ابنيه وهما عن حفافيه - فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين حملتني على الوعر القردد ورجعتني عن السهل الجدد روعة الخلافة وبهر الدرجة ونفور القوافي على البديهة فأرودني تتألف لي نوافرها ويسكن روعي‏.‏ قال‏:‏ قد فعلت‏:‏ وجعلت اعتذارك بدلاً من امتحانك‏.‏ قال‏:‏ يا أمير المؤمنين نفست الخناق وسهلت ميدان السباق فأنشأ يقول‏:‏ بنيت لعبد الله ثم محمد ذرى قبة لإسلام فاخضر عودها هما طنباها بارك الله فيهما وأنت أمير المؤمنين عمودها فقال الرشيد‏:‏ وأنت يا أعرابي بارك الله فيك فسل ولا تكن مسألتك دون إحسانك‏.‏ قال‏:‏ الهنيدة يا أمير المؤمنين‏.‏ فأمر له بمائة ناقة وسبع خلع‏.‏ وقال مروان بن أبي حفصة‏:‏ دخلت على المهدي فاستنشدني فأنشدته الشعر الذي أقول فيه‏:‏ طرقتك زائرة فحي خيالها بيضاء تخلط بالحياء دلالها قادت فؤادك فاستقاد ومثلها قاد القلوب إلى الصبا فأمالها حتى انتهيت إلى قولي‏:‏ شهدت من الأنفال آخر آية بتراثهم فأردتم إبطالها أوتجحدون مقالة عن ربكم جبريل بلغها النبي فقالها هل تطمسون من السماء نجومها بأكفكم أو تسترون هلالها قال‏:‏ وأنشدته أيضاً شعري الذي أقول فيه‏:‏ يا بن الذي ورث النبي محمداً دون الأقارب من ذوي الأرحام الوحي بين بنى البنات وبينكم قطع الخصام فلات حين خصام ما للنساء مع الرجال فرضية نزلت بذلك سورة الأنعام إني يكون وليس ذاك بكائن لبني البنات وراثة الأعمام ظفرت بنو ساقي الحجيج بحقهم وغررتم بتوهم الأحلام قال مروان بن أبي حفصة‏:‏ فلما أنشدت المهدي الشعرين قال‏:‏ وجب حقك على هؤلاء - وعنده جماعة من أهل البيت - قد أمرت لك بثلاثين ألفاً وفرضت على موسى خمسة آلاف وعلى هارون مثلها وعلى علي أربعة آلاف وعلى العباس كذا وعلى فلان كذا‏.‏ فحسبت سبعين ألفاً‏.‏ قال‏:‏ فأمر بالثلاثين ألفاً فأتي بها ثم قال‏:‏ اغد على هؤلاء وخذ ما فرضت لك فأتيت موسى فأمر لي بخمسة آلاف وأتيت هارون فأمر لي بمثلها وأتيت علياً قال‏:‏ قصر بي دون إخوتي فلن أقصر بنفسي فأمر لي بخمسة آلاف فأخذت من الباقين سبعين ألفاً‏.‏ ودخل أعشى ربيعة على عبد الملك بن مروان وعن يمينه الوليد وعن يساره سليمان‏.‏ فقال له عبد الملك‏:‏ ماذا بقي يا أبا المغيرة قال‏:‏ مضى ما مضى وبقي ما بقي وأنشأ يقول‏:‏ وما أنا في حقي ولا في خصومتي بمهتضم حقي ولا قارع سني ولا مسلم مولاي من سوء ما جنى ولا خائف مولاي من سوء ما أجني وفضلى في الأقوال والشعر أنني أقول الذي أعني وأعرف ما أعني وأن فؤادي بين جنبي عالم بما أبصرت عيني وما سمعت أذني وإني وإن فضلت مروان وابنه على الناس قد فضلت خير أب وابن العتبي قال‏:‏ دخل الفرزدق على عبد الرحمن الثقفي بن أم الحكم فقال له عبد الرحمن‏:‏ أبا فراس دعني من شعرك الذي لا يأتي آخره حتى ينسى أوله وقل في بيتين يعلقان أفواه الرواة وأعطيكها عطية لم يعطكها أحد قبلي‏.‏ فغدا عليه وهو يقول‏:‏ وأنت ابن بطحاوي قريش فإن تشأ تكن في ثقيف سيل ذي حذب