









عَقْلُه ولا دينَ لمن لا عَقْل له. وإذا كان العَقْل أشرَفَ أَعلاق النَّفس وكان بقَدْر تمكُّنه فيها يكونُ سُمُوُّها لطَلَب الفضائل وعلوُّها لابتغاء المَنازل كانت قِيمةُ كلّ امرىء عقلَه وحِلْيَتُه التي يَحْسُن بها في أَعُين الناظرين فَضْلَه. ولعَبْد اللهّ بن محمَّد: تأَمَّل بعَيْنَيْكَ هذا الأنام وكُنْ بعضَ مَن صانه نُبْلُهُ فحِليةُ كلَّ فتىً فَضْلُه وقِيمة كلَّ آمرىءٍ عقْله ولا تتكل في طِلاب العُلا على نَسَب ثابتٍ أَصلُه فما من فتىً زانَه أهلُه بشيءٍ وخاًلَفه فِعْلُه ويُقال: العَقْلُ إدْراك الأشياء على حَقائقها فَمَن أدرَك شيئاً على حقيقته فقد كَمُل عَقْله. وقيل: العقْل مِرآه الرَّجُل. أَخذه بعضُ الشعراء فقال: فإذا كانَ عليها صَدَأ فَهْوَ جَهالَه وإذا أَخْلَصه الل ه صِقالاً وصَفَا له فَهْي تُعْطِي كُلَّ حيٍّ ناظرٍ فيها مِثَاله ولآخر: لا تَراني أَبداً أُك رِمُ ذَا المالَ لمالهِ لا ولا تزْرِي بمَنْ يع قل عِنْدِي سُوءُ حالهِ إنما أَقضي عَلَى ذَا كَ وهذا بِفِعَاله أنا كاْلمِرآةِ أَلْقَى كل وجهٍ بِمثاله كيفما قَلَّبني الَدهرُ يَجدْني مِنْ رِجَاله ولبعضهم: إذا لم يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ فإنَّه وإن كان ذا نُبْلٍ على النَّاس هَين وإن كان ذا عقْل أُجِلَّ لعَقْله وأَفضلُ عَقْل عقْلُ مَنْ يتَدَيَّن وقال آخر: ويُقال: إنّ العَقْل عينْ القَلْب فإذا لم يَكُن للمرء عقْل كان قَلْبه أكمه. وقال صالح بنُ جَنَاح: ألاَ إنَّ عقْل المرء عَيْنَا فُؤادِه وإنْ لم يكن عقْل فلا يُبْصِر القَلبُ وقال بعضُ الفلاسفة: الهَوَى مصاد العَقْل. ولعبد الله بن ميحمد: ثلاث مَنْ كنَّ فيه حَوَى الفضلَ وإن كان راغباً عن سِواها: صِحَّة العَقْل والتَّمسُّك بالعَدْل وتَنزيه نَفسه عن هَوَاها. ولمحمد بن الْحَسن بن دُريد: وآفةُ العقل الهَوَى فمنْ عَلا على هَوَاهُ عقلُه فَقد نَجَا وقال بعضُ الحُكماء: ما عبد الله بشيء أحبَّ إليه من العقل وما عُصي بشيءِ أحبَّ إليه من السَّتْر. وقال مَسْلمة بن عبد الملك: ما قرأتُ كتاباً قطُّ لأحد إلا عرفتُ عقله منه. وقال يحيى بن خالد: ثلاثةُ أشياء تدلُّ على عُقول أرْبابها: الكتاب يدُل على عقل كاتبه والرسولُ يَدُل على عقل مُرْسِله والهديَّةُ تدل على عقل مُهديها. واستعمل عمرُ بن عبدِ العزيز رجلاً فقيل له: إنه حَدِيث السنّ ولا نراه يَضْبط عملَك فأخذ العهدَ منه وقال: ما أُراك تَضبِط عملَك لحداثتك فقال الفَتى: وليس يَزيد المرءَ جهلاً ولا عَمىً إذا كان ذا عَقْل حداثةُ سِنَهِ فقال عمرُ: صدق ورَدَّ عليه عهدَه. وقال جَثّامة بن قَيْس يَصِف عاقلاً: بَصِيرٌ بأَعْقاب الأمور كأئما تُخاطِبه من كلّ أمرٍ عواقبُهُ ولغيره في المعنى: بَصِير بأَعقاب الأمُور كأنّما يَرَى بصَواب الرأْي ما هو واقعُ وقال شَبِيبُ بن شَيْبة لخالد بنِ صَفْوان: إني لأَعْرف أمراً لا يتلاقى فيه اثنان إلا وَجب النُّجح بينهما قال له خالد: ما هو قال العقل فإن العاقل لا يسأل إلا ما يجوز ولا يردّ عما يُمكن. فقال له خالد: نعَيتَ إليَّ نفسي إنّا أهل بَيْت لا يموتُ منّا أحدٌ حتى يرى خَلفه. وقال عبدُ اللهّ بن الحُسن لابنه محمد يا بني احذَر الجاهل وإن كان لك ناصحاً كما تَحْذر العاقلَ إذا كان لك عدوًا ويُوشِك الجاهلُ أن توَرطَك مَشورته في بعض اغترارك فيَسْبِقَ إليك مكْر العاقل وإِيَّاكَ ومُعاداة الرّجال فإنك لا تَعْلَمَنّ منها مَكْرَ حَلِيم عاقل أو مُعاندة جاهل. وقال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلواتُ الله عليه: لا مالَ أعودُ من عقل ولا فَقر أضرُّ من جَهل. ويُقال: لا مرُوءة لمن لا عَقلَ له. وقال بعضُ الحًكماء: لو استغنى أحدٌ عن الأدب لاستَغْنى عنه العاقل ولا يَنتَفع بالأدب مَن لا عَقل له كما لا ينتَفع بالرّياضة إلا النِّجيب. وكان يُقال: بالعقل تُنَال لذَّة الدنيا لأنّ العاقل لا يَسْعَى إلا في ثلاث: مَزِية لمَعاش أو مَنْفعة لمَعاد أو لذة في غير مُحرم. ولبعضهم: إذا أحببتَ أقواماً فلاصِقْ بأهْل العَقل منهم والحَيَاء فإنّ العقلَ ليس له إذا ما تفاضلت الفضائل من كفاء لمحمّد بن يزيد: وأفضَل قَسْم الله للمَرْء عقلًه وليس منَ الخَيراتِ شيءٌ يُقارِبهُ إذا أكمل الرحْمن للمرء عقلَه فقد كَمُلت أخلاقُه ومآربُه يَعِيش الفتَى بالعقلِ في النَاس إنّه على العقل يَجْري عِلْمهُ وتجَاربهً فَزَينُ الفتَى في النًاس صِحَّةُ عقله وإن كان مَحْصوراً عليه مَكاسِبه وشَين الفَتى في النَّاس قِلّة عقله وإن كَرُمت أعراقهُ ومَناسِبهُ ولبَعْضهم: العقْلُ يأمر بالعَفاف وبالتُّقَى وإليه يَأْوِي الحِلْمُ حين يؤولُ فإن استطعتَ فخُذْ بفَضلك فَضْلَه إنَّ العُقول يُرى لها تَفضيل ولبعضهم: إذا جمُع الآفاتُ فالبُخْل شَرها وشرَ منَ البُخل المواعيدُ والمَطلُ ولا خَيرَ في عقل إذا لم يَكًن غنىً ولا خَيْر في غِمْدٍ إذا لم يكًن نَصْل وإن كان للإنسان عقل فعَقْلُه هُو النَصْل والإنسانُ مِن بعده فَضْل ولبَعضهم: يُمَثَل ذو العقل في نَفْسه مصائبَه قبْل أن تنْزِلا فإن نزلت بَغْتةً لم ترعه لِما كان في نفسه مَثَلا رأى الهمَّ يُفْضي إلى آخِرٍ فَصيَّرَ آخرَه أوَّلا الحكمة قال النبي: ما أخلصَ عبدٌ العملَ لله أربعين يوماً إلا ظهرت يَنابيعُ الحِكْمة من قَلْبه على لسانه. وقال عليه الصلاةُ والسلام: الحِكْمة ضالّة المُؤْمن يأخذها ممَن سَمِعها ولا يبالي من أيَ وعاء خَرجت. وقال عليه الصلاةُ والسلام: لا تَضَعوا
سأكِونكالِوُرد
كِلما ينجرحُ "بزخِات مِطِر " يفِوٌحُ عِطِراً ..!
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
مواقع النشر (المفضلة)